لن يتفق اللبنانيون..كالعادة:لا وقت للمناكفات السخيفة(حيدر شومان)
بقلم حيدر شومان – خاص الحوار نيوز
من المفترض عندما يواجه الوطن، أي وطن، وضعاً سيادياً مصيرياً استراتيجياً يمسُّ أمنه واقتصاده وحتى كيانه، أن يتوحّد الشعب بأكمله للتصدي لهذا التهديد بأي قوة يمتلكونها ويستطيعون استخدامها كواجب يطال كل المجالات الإنسانية.
ولبنان في هذا المقام هو أكثر من يجب أن يتوحّد فيه شعبه للقيام بهذا الواجب أمام عدو يهدد أمنه ويسعى في أقرب الفرص لسرقة ثرواته في البحر. ويتجلّى ذلك بقوة عندما يُدرس لبنان بوضعه الاقتصادي المنهار ،وقد انهار معه كل سبيل للعيش الطبيعي، وباتت غالبية المواطنين ترزح تحت خط الفقر الذي لا يُستبعد عنده وقوع مجاعة عامة… هذا الأمر لم يحدث لهذا الكيان منذ تأسيسه ووجوده كدولة وما تمثّل من أركان وعناصر.
لقد اعتاد اللبنانيون على الاختلاف والافتراق في كل مفترق يمس أي مجال من مجالات الحياة العامة، وعدم الاتفاق سمة تميّز اللبنانيين منذ عقود، خصوصاً كلما تعلّق الأمر بالسيادة والأمن والصداقة والعداوة والاحتلال وقضايا السياسة والاقتصاد والاجتماع والدين والدنيا و…، وخصوصاً كلما كان الأمر أكثر حساسية وخطورة. ولن نضيع الوقت بضرب الأمثلة إذ كل ما عشناه ونعيشه من تجارب مختلفة في هذا البلد يؤكد حقيقة ما نقول.
إن إسرائيل على مشارف حدودنا البحرية ،ولا يشكُ عاقل أنها ستنال من ثروتنا من النفط والغاز، كما لا يشكُ أحد أن الغرب يدعمها بشكل مباشر، خصوصاً من يدعي تمثيل الوساطة ويرسل من يعزز فرص العدو لابتلاع ثرواتنا ومنعنا حتى من التصرف بما نملكه فعلاً، ولا خلاف حدودية عليه من أجل تجويعنا وتفقيرنا لغايات سياسية واضحة. كذلك فإن الدول العربية بمجملها (ونقصد الحكومات والزعامات) تؤيد توجهات العدو في امتلاك البحر والبر وحتى الجو، وكل التجارب غير البعيدة من التخوين والتطبيع والعمالة الرخيصة تؤكد ما نقول. كذلك فإن في لبنان جيشاً أُريد له ألا يكون قوياً للدفاع عن أرضه ضد العدو المتربص ويُمنع من إمكانية امتلاكه السلاح المجدي إلا ما يحقق شيئاً من أمنه الداخلي. وأخيراً وليس آخراً، فإن اللبنانيين، كل اللبنانيين، في هذه المرحلة الراهنة هم بأمس الحاجة لهذه الثروة البحرية دون امتلاكهم ترف الوقت للتفاوض وتسوّل القرارات والوساطات من مجلس الأمن والولايات المتحدة والغرب، فإنهم لا يمتلكون سوى سبيل واحد فقط، ألا وهو سبيل المقاومة الذي أثبت للصديق والعدو أنه فعال قوي واثق حكيم ويستطيع أن يحقق الغايات الكبرى المنشودة. ولقد اعترف الإسرائيليون بذلك وطالبوا بأخذ تهديد سيد المقاومة على محمل الجد وعدم التسرّع في كل ما قد يؤدي إلى نزاع عسكري قد يشعل المنطقة بأسرها.
لا نملك الوقت للمناكفات الداخلية السخيفة، والعنتريات الصبيانية التي يقوم بها البعض لشد الانتباه نحوه، كما يجب أن نقف بحزم أمام مؤامرات الداخل التي تؤازر العدو بشكل واضح سافر ووقح، كما آزرته من قبل عند اعتدائه على لبنان وشعبه، فهذه المرحلة تبلغ من الخطورة شأواً كبيراً لا يُستهان به، وما سُكت عنه فيما خلا لا يمكن السكون عنه راهناً….
إن قوة المقاومة لن تكون لتحرير الجنوب واستفاده أهله منه فقط، ولن تكون عند الحدود السورية لاقتلاع التكفيريين في منطقة محدودة فقط، إن قوتها اليوم موجودة لخير لبنان واللبنانيين جميعاً، حتى من الكثيرين الذين لا يستحقون هذا الخير.
وأخيراً، فإننا نعلم أن البعض سينتقد المقاومة سواءً تدخلت أو لم تتدخل، إن دافعت أو لم تدافع، وما نسمعه في هذه الأيام من هؤلاء من تهويل وتخوين وشماتة وتجريح، يثبت بأن اللبنانيين لم يتفقوا على شيء من قبل ولن يتفقوا أيضاً هذه المرة كما في كل مرة…