لم يعُدْ اهلنا خائفين علينا في الغربة.. نحنُ نخاف عليهم في الوطن(جواد الهنداوي)
د. جواد الهنداوي – الحوارنيوز – خاص
العنوان مُقتبسْ من رسالة مُغترب الى اهله في العراق . ويجسّدُ بحق واقع حال وشعور متبادل بين المُغترب وذويه وابناء شعبه ، ويبدو أنَّ هذه الحال وهذا الشعور بالخوف ، والذي صاحبنا في زمن الدكتاتورية والحروب والحصار، يصاحبنا الآن ونحن في عهد يدّعي الديمقراطية و الدستور وتعّدد الاحزاب وتداول السلطة والحريات، الامر الذي يستدعي التوقف و الاستفهام.
نتوقف ونتساءل هل هذا ما كُنّا ننتظره ونتمناه من النظام الديمقراطي؟ وهل نظامنا السياسي ديمقراطي ؟ وهل الفوضى والفساد المالي و الادراي ( وحسب آخر كشف رسمي وردَ في رسالة السيد وزير المالية وصاحبَ استقالته ) تعني الديمقراطية؟
بعد ما يقارب عقدين من الزمن على تطبيق النظام السياسي ، والذي وُلِدَ من رحمْ الدستور ، اصبحت الاحزاب السياسيّة تعملُ ،ليس في اجواء ” عدم ثقة “، وانما في اجواء يسودها التهديد والعداء ، بعضها يرفض الحوار ، واخرى تشارك من اجل الحضور ويائسة من الوصول الى حل ، والشارع، وليس السلطات وارادة فرض الامن ، هو سيد الموقف والقرار .
الموقف والمشهد في حالة استعصاء ، والارادة المنقسمة للشارع ،والمتمثلّة في تظاهرات و اعتصامات وتهديد هي السائدة والحاكمة، والوطن الدولة بمكانتها وهيبتها ، والمواطن برزقه وأمنه ،هم المتضررين من الواقع والمشهد.
لا أحدَ ينكر حقيقة ،الا وهي انحسار التدخل العربي و الاقليمي والدولي ،في احداث المشهد السياسي الحالي في العراق ، لا امريكا و لا ايران ولا غيرهما ،لهم ترف الانغماس في الشأن العراقي المستعصي ، والذي اصبح ” كيساً من الفحم ” تتسّخ اليد عند ملامسته . أصبحَ عدم استقرار العراق وخطر انزلاقه ( لا سمح الله) نحو حرب اهلية يهدد الامن النفطي لامريكا وللغرب ،ويهدد الامن القومي لايران . وكلا البلدين يترددان في فرض حلْ ، لا تودُّ ايران سماع هتافات ” ايران برّه برّه “، ولا تريد امريكا التدخل ووضع العراق في هذه الدرجة من الانقسام والانعدام السلطوي. وربما دولة عظمى اخرى متكفلّة الآن في أمر العراق ، وتتابع عن قرب وبتنسيق مجريات الاحداث والامور، وسيكون تدخلها في الوقت المناسب ، وتحت شعار منع البلد من الانزلاق نحو حرب اهلية.
استمرار التيار في المقاطعة وتعطيل عمل مجلس النواب ، وتهديده بالتصعيد ، ورفضه الحوار ، وترّدد الاطار في تشكيل حكومة مؤقتة لاخذ زمام الامور و فرض سلطة القانون ،جميع هذه المواقف تثير ريبة وشكوك المواطن بقدرة الاطار والتيار والحكومة ؛ جميعهم عاجزون او لايريدون ايجاد حلْ او حسم الموقف، كل طرف يخشى من الإقدام وكأنه في وجلٍ او في حذرٍ من شيئ او أشياء …
لاذَ المواطن بالصبر وقادر على تحمّل الصبر ، ولكن المواطن يخشى من امرٍ لا يُحمدْ عقباه.
*سفير عراقي سابق ورئيس المركز العربي الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات- بروكسل