لمن يجيدون استقبالا يليق بعام جديد(أحمد عياش)
د. أحمد عياش – الحوار نيوز
تحية للذين ظنناهم اقوياء و وجدناهم مع العمر اتعس التعساء،الذين ظننا انّهم إن جار الزمان علينا كانوا سدّا منيعاً ومع العمر وجدناهم بحاجة لأجسادنا ولارواحنا لنقيهم البرد وغدر الايام…
تحية لمن عبروا،كانوا و رحلوا،ادّوا ادوار البطولة بأمانة امام اطفالهم و استقالوا من الحياة عند اوّل مفترق طرق القهر وخيانات الصحة و منعطفات الحاجة وتملّص الاطراف عن واجباتها حتى صار الرحيل دعاء لحفظ آخر نقاط ماء الوجه و آخر نقاط الضعف كي لا يفضح العمر اباء وامهات امام ابنائهم لأن هم مهما كبروا يبقون اطفالاً في قلوبهم وفي عيونهم وفي ذكرياتهم.
-كيف الصحة؟
–الحمدلله.
وهم يتهاوون ويترنحون عند حافة هاوية الاختفاء.
لا يقولون ولا يعبّرون عن آلامهم ولا عن اوجاعهم،يخافون إن عبّروا في النهار وفي الليل عن معاناتهم مع انفسهم ان يسببوا الخوف والقلق لاطفالهم الرجال والنساء.
سلام عليهم أينما كانوا،ترابا،عدَماً،ارواحا،اشباحا،وهماً،واقعا في جنّة ام سراب ذكرى و محض خيال.
سنة تمضي وسنة تأتي وسبحان مغيّر الأحوال، باق وجهه ذو الجلال والاكرام،ليس لنا غيره في زمان البؤس والقحط والغرق والاسئلة بلا اجابات.
ما زالوا،
مَن تسببوا بضياعنا وبتشتتنا،
يجيدون قنصنا واعدامنا ومطاردتنا من عام الى عام ومن فصل الى فصل ومن شارع الى شارع ومن دار الفناء الى دار البقاء.
لا نعبد الربّ نفسه،لا يمكن لإلهنا ان يكون الههم نفسه،ثمّة خطأ فادح في العنوان.
لن تبقى الامور هكذا،سيتساقط الاوغاد عاجلا ام آجلاً.
لنا في الدنيا احباب نعرفهم ولنا في الدنيا خصوم واعداء ادهشوا العالم بسحقنا.
تحية للذين ظنناهم اقوياء و وجدناهم مع العمر الرذيل أتعس التعساء،الذين ظننا إن جار الزمان علينا كانوا سدّاً منيعاً ومع العمر وجدناهم بحاجة لكرسي متحرّك ولفرشة ماء ولدواء ليتنفسوا وليبقوا على قيد الحياة.
من ظنّناهم وهبونا الوجود والحياة رايناهم يتركون كل ما لديهم من صور طفولتنا الغالية على قلوبهم ومن اوراق تثبت انتماؤنا ومن كتب و من حجابات ومن مسابح مباركة يستعينون بها لمخاطبة السماء ان نبقى نحن بخير وبصحة جيدة كي يحقق الله امنيتهم بالموت قبل موت ابنائهم كي لا يُفجعوا بمصائب الدهر .
الان عرفنا،
الآن فهمنا،
الآن ادركنا ما كنا نسخر منه،
الآن وعينا قيمة وجدوى عبارتهم الساحرة:
“يا تقبرني”.
كانوا يعلمون ان وجودهم من وجود ابنائهم فان مضى الابناء وهم احياء فلا معنى لوجودهم بالآلام الدائمة.
من هنا كانوا ان احبوك اكثر قالوا:
“يا تقبرني”.
مع بدء عام جديد لا تنسوا تلاوة سورة الفاتحة لعل ارواحهم ترقد اينما هي بسلام…
ابتسم وافرح لا حل آخر لك غير ان تصنع سعادتك كما تصنع خبزك في ايام الحرب والعزلة، لعل احدنا على الأقل يضحك ويضحك ويضحك ليجيد استقبالا يليق بعام جديد …