رأي

لمراجعة نقدية وبناء “مجتمع مقاوم” على أسس جديدة (نسيب حطيط)

 

د.نسيب حطيط – الحوارنيوز

تعرّضت المقاومة في لبنان  لضربات قاسية واستراتيجية وأستطاعت ان تخرج منها غير مهزومة، خلافاً للمعادلات المادية التي تؤدي للهزيمة الحتمية لأي جيش او دولة او  أي حركة مقاومة لو أصابها ما أُصاب المقاومة  ،إبتداءً من تدمير اغلب مخزونها الصاروخي ثم أستشهاد قائدها “السيد الشهيد” واغلب قياداتها التاريخية الميدانية والحرب المتوحشة على مدى 60 يوماً، ثم كانت الضربة الأكثر قساوة منذ تأسيس المقاومة في لبنان في سقوط سوريا بيد الجماعات التكفيرية وإطباق الحصار على لبنان لأول مره منذ تأسيس “دولة  إسرائيل”!

إن واجب أي حركة مقاومة تجتاز هذه المرحلة الصعبة، مراجعة ما مضى ودراسة الحاضر بكل تفصيلاته وتعقيداته وخسائره والتخطيط للمستقبل، دون الرضوخ للضغوط  او المكابرة او المغالاة، ويمكن البدء بتأسيس المرحلة “الرابعة” او “النسخة الرابعة” من تنظيم “حزب الله” وذراعه العسكرية “المقاومة” بقيادة جديدة وإستراتيجية واساليب جديدة، دون مغادره الثوابت والمبادئ . فإذا كانت مرحلة التأسيس وما شابها من مآسٍ وتخبّط على المستوى السياسي والشعارات وفتن بقيادة الشيخ صبحي الطفيلي ثم المرحلة الثانية التي إتّسمت بالمصالحات والهدوء والتأسيس العقائدي واللوجستي للمقاومة، بقياده الشهيد السيد  عباس الموسوي، والمرحلة الثالثة الطويلة على مدى اكثر من 30 عاما  وتعتبر المرحلة الذهبية للمقاومة ،بقيادة “السيد الشهيد”، ومع بداية المرحلة الرابعة  بقيادة الشيخ نعيم قاسم، وقيادات جديدة، لكنها ليست دخيلة على المقاومة، بل في صلبها وعملت ما لا يقل عن 20 عاماً في الميدان.

ان “النسخة الرابعة ” يجب ان تكون بعنوان “المجتمع المقاوم” بناء على الإستفادة من تجربتها ، لحفظ نفسها اولا وحفظ أهلها والفكر المقاوم والإستفادة من تجارب الآخرين وفهم مخططات الأعداء التي لا تنحصر بجبهات القتال والقصف، وإنما تدخل من “نوافذ” الاقتصاد والتربية والإعلام والأمن الاجتماعي، ما يحتّم على المقاومة ان تلتفت لها ومواجهتها ،بالأطر والأساليب المتناسبة والمتماثلة والإستعانة بأهل الإختصاص.

ولا بد من اعاده النظر في كل محاور العمل المقاوم وفق التالي:

– إعادة مفهوم  ونهج “التطوع”، للعمل المقاوم وعدم حصره بالتفرّغ والتعاقد حتى بالعمل العسكري ،تحسّباً للمستقبل والحصار المالي او عدم وجود الداعم ولتعميم العمل المقاوم على كل الشرائح والإختصاصات .

-إعادة الإلتفات للأمن الاجتماعي في مناطق المقاومة لتحصين السلوكيات والأخلاقيات، ومنع مافيات “الخوّات” على الاهالي والتجار وبدء حملة على تجار المخدرات ، مهما كانت القوى التي تدعمهم   ورعاية وإرشاد الضحايا- المدمنين وإنقاذهم .

-إعادة النظر في الأداء الإعلامي القاصر والمقصّر والمحدود التأثير، خاصة وأن الإعلام يخوض المعارك بالنيابة عن الميدان وحتى اللحظة، فإن الإعلام المقاوم خارج إطار المنافسة لقصوره وعدم تطويره، فهو يخاطب جزءا من بيئته ولا يصل صوته الى الآخرين،إما بسبب الحصار أو بسبب الفراغ والأداء الضعيف.

– الإنفتاح على الطائفة ، وبقية الطوائف والأحزاب،لإعادة تعميم المقاومة على مستوى الساحة الوطنية وعدم حصرها بالطائفة الشيعية حتى لو أستنكف الآخرون عن المشاركة ميدانياً، فالكثيرون من الوطنيين في كل الطوائف جاهزون، للتعاون ويملكون الخبرات الإعلامية والثقافية والإقتصادية.

–  ترشيح الكفاءات على مستوى مجلس النواب والحكومة والبلديات وعدم حصر التأييد للمنتسبين حزبياً وإحتكار حصة الطائفة من قبل “الثنائية” وحرمان بقية أصحاب الحق بالوظيفة ،وإغتصاب حقوقهم عبر لوائح التزكية الحزبية، وهذا فيه “إشكال شرعي” واضح، خاصة بإختيار الأقل كفاءة وإلتزاماً مع وجود الأكفأ والأكثر تقوى وهو في خندق المقاومة، لكنه ليس منظّماً في الإطار الحزبي!

ليس عيبا دراسة ونقد التجربة وتصحيح الأخطاء وتجاوز الإهمال او القصور. فبعد 40 عاما من التأسيس والضربات وتغيّر الاوضاع المحلية والإقليمية والعلمية ،لابد من إعادة برمجة وهيكلة العمل المقاوم لبناء المجتمع المقاوم.

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى