رئاسيات لبنانيةسياسة

لماذا فشل القادة العسكريون على رأس الدولة في الإصلاح ؟(عماد عكوش)

 

بقلم د. عماد عكوش – الحوارنيوز

منذ الاستقلال تعاقب على سدة رئاسة الجمهورية خمسة رؤساء من القادة العسكريين، ابتداء من الرئيس فؤاد شهاب عام 1958 الى   الرئيس جوزف عون اليوم ،وعلى الرغم من ذلك فإن التجارب السابقة لم يكتب لها النجاح في عملية الإصلاح، والتي بدأت مع الرئيس شهاب الذي أسس للكثير من مؤسسات الرقابة، منها ديوان المحاسبة ، مجلس الخدمة المدنية ، التفتيش المركزي ، لكن هذه المبادرة الاصلاحية فشلت لنفس الاسباب التي فشل فيه خلفاؤه من القادة العسكريين ، فما هي هذه الاسباب ؟

– هيمنة النظام الطائفي الذي عززه اتفاق الطائف، والذي أعاد توزيع السلطة بين الطوائف ، وحافظ على مبدأ التحاصص، لكنه في الوقت نفسه أخذ بعض الصلاحيات من الرئيس ما حدّ من قدرته على اتخاذ القرار، وهذا الامر عزّز من عجز الرئيس عن اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب .

– التدخلات السياسية من قبل الطبقة السياسية، والتي تملك نفوذا كبيرا لها لدى المؤسسات الرقابية ، ما جعل الهيئات الرقابية شكلية، وزاد من هذه المشكلة الانقسام السياسي الحاد بعد اتفاق الطائف بسبب فرض وجود توازن بين الاحزاب ما شلّ عملية الاصلاح بشكل كامل. هذا التوازن أعاق قدرة القادة العسكريين على العمل بحرية، لأن كل قرار كان يتطلب توافقاً صعب المنال بين القوى السياسية المختلفة.

– الفساد السياسي والإداري المستشري لدى النخب السياسية على المؤسسات ، واعتماد نظام الزبائنية ، جعل محاولات الإصلاح شبه مستحيلة. حتى إذا حاول القائد العسكري تطبيق نهج صارم، اصطدم بمنظومة فساد عميقة الجذور.

– غياب الخبرة السياسية لدى القادة العسكريين، حيث انهم غالباً ما يفتقرون إلى الخبرة السياسية والإدارية، ما يجعلهم أقل قدرة على التفاعل مع التعقيدات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. هذا النقص جعلهم عرضة للتأثيرات والضغوط من القوى السياسية الأخرى.

– الضغوط الإقليمية والدولية على لبنان نتيجة المشاكل الجيوسياسية في المنطقة. فلبنان بلد يعاني من تدخلات إقليمية ودولية مستمرة، ما يجعل رئيس الجمهورية، سواء كان قائداً عسكرياً أم مدنياً، في موقع ضعيف أمام هذه التأثيرات التي تعرقل أي خطة إصلاحية.

– الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتراكمة ، مثل الديون ، تراجع العملة ، البطالة ، وانهيار البنية التحتية ،كلها فرضت تحديات ضخمة على الرؤساء العسكريين ، وجعلت قدرتهم على النجاح محدودة للغاية.

– التوقعات الشعبية غير الواقعية، ذلك ان وصول قادة عسكريين للرئاسة غالباً كان يُعتبر رمزاً للقوة والنظام. لكن غياب الإمكانات والصلاحيات جعل الجمهور يشعر بخيبة أمل بعدم قدرتهم على تحقيق وعودهم أو تطلعات الشعب.

هذه العوامل الهيكلية والسياسية والاجتماعية جعل القادة العسكريين يواجهون تحديات مستعصية ، أدت في النهاية إلى فشلهم في تحقيق إنجازات ملموسة أثناء توليهم الرئاسة  ، فهل الرئيس جوزيف عون سيستطيع ان يتجاوز هذه العوائق ؟

 لا شك ان هذه العملية صعبة، ويمكن ان يسميها البعض لصعوبتها بأنها عملية انتحارية .

ولكن ننتظر الوقت ونأمل التوفيق للرئيس الجديد في عمله .

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى