رأي

لماذا تحتاج سوريا إلى سلام أهلي؟ (طلال الإمام)

 

طلال الامام – الحوارنيوز – السويد 

 

بعد أكثر من عقد من الصراع، تبدو الحاجة إلى السلام الأهلي في سوريا مسألة وجودية وليست مجرد خيار سياسي أو اجتماعي. فالمجتمع السوري المتنوع، الذي شكّل عبر التاريخ لوحة فريدة من الطوائف والأعراق والثقافات، تعرّض خلال السنوات الماضية لتصدّعات عميقة تهدد نسيجه ووحدته ومستقبل أجياله. من هنا تنبع أهمية العمل على تحقيق سلامٍ أهلي شامل يقوم على المصالحة والعدالة وإعادة بناء الثقة.

تحتاج سوريا إلى سلام اهلي من أجل : 

١- وقف معاناة المواطن  السوري.

 

لقد كان المواطن هو الخاسر الأكبر في الحرب. ملايين السوريين بين نازحين، لاجئين، مفقودين وجرحى، وما زال كثيرون يعيشون تبعات نفسية واجتماعية قاسية. إن تحقيق السلام الأهلي يعني أولاً إنهاء هذه المعاناة الطويلة، وفتح الطريق أمام عودة الاستقرار الشخصي والأسري ، وإعادة الأمان إلى الحياة اليومية.

 

٢- ترميم النسيج الاجتماعي المتصدّع!

 

ادى الصراع  إلى شرخ بين مكوّنات المجتمع السوري، وأنتج روايات متضاربة وأحكاماً مسبقة ومشاعر خوف وريبة. السلام الأهلي هو السبيل لإعادة بناء جسور الثقة، وتجاوز جميع تجليات  الانقسامات:  المناطقية ، العشائرية ، الطائفية  والسياسية، وخلق مساحة مشتركة يشعر فيها الجميع بالانتماء والاحترام المتبادل.

 

٣- إعادة إطلاق عجلة التنمية وإعمار البلاد

 

لن تتمكن سورية من النهوض اقتصادياً أو عمرانياً دون بيئة مستقرة وآمنة. فالمستثمرون، والمنظمات الدولية، وحتى الكفاءات السورية في الداخل والخارج، يحتاجون إلى ضمانات للاستقرار كي يشاركوا في إعادة الإعمار.  يفتح السلام الأهلي الباب أمام تنشيط الاقتصاد واعادة عجلة الإعمار  والإنتاج الزراعي ، الصناعي ، السياحي والتجاري ،  إلى خلق فرص عمل، وإعادة تأهيل البنية التحتية.

 

 

٤- ضمان عودة اللاجئين والنازحين

 

 ان العودة الآمنة والطوعية لملايين السوريين هي عنصر أساسي في استعادة سوريا طاقتها البشرية. ولن تتحقق هذه العودة دون مناخ اجتماعي وسياسي يشعر فيه العائد بالأمان والعدالة والقدرة على بناء حياة جديدة. إن تحقيق السلام الأهلي هو الشرط الأول لهذه العودة.

 

٥- حماية وحدة البلاد ومنع  تفككها 

 

غالباً ما تفتح الحروب الأهلية أبواب التقسيم أو الفوضى . السلام الأهلي في سوريا يشكّل حصناً يمنع التدخلات الخارجية، ويحافظ على وحدة الأراضي السورية، ويضمن وجود  دولة  قوية قادرة على خدمة جميع أبنائها.

 

٦- بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة

 

 يعتبر الأطفال والشباب والنساء  هم أكثر الفئات تضرراً من الحرب وغياب الاستقرار. إن السلام ليس مجرد لحظة وقف إطلاق نار، بل مشروع طويل لبناء تعليم جيد، وفرص عمل، ومجتمع قائم على العدالة والقانون. من دون سلام، يصعب تخيّل مستقبل مشرق للأجيال القادمة

 

 

أخيراً 

نزعم ان السلام الأهلي في سوريا ليس مجرد أمنية رومانسية، بل ضرورة وطنية ملحّة. انه الطريق إلى الاستقرار وإعادة الإعمار، وإلى إعادة بناء مجتمع قادر على التعايش والعمل المشترك. إنه شرط لعودة الحياة الطبيعية، ولحماية وحدة البلاد، ولمنح الأجيال الجديدة فرصة للعيش في دولة آمنة وعادلة. السلام الأهلي ليس نهاية الصراع فقط، بل بداية حياة جديدة.

ان تحقيق السلام  الاهلي هو مهمة الجميع: الحكومة، الاحزاب، المجتمع المدني  وجميع الشخصيات الوطنية المشتغلة بالشأن العام .

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى