
كتبت زينب عوالي – خاص الحوارنيوز

توفي زياد الرحباني عن عمر ناهز الـ 69 عاماً بعد صراع مع المرض. رحل زياد وترك خلفه اساطير فنية خالدة في أذهان اللبنانيين. تفرّد بفنّه منذ انطلاقته في عمر السبعة عشر عاماً، وجمع بين الموسيقى الشرقية والجاز، ليولّد مزيجاً مختلفاً من الفن حافراً على جدران معاهد الموسيقى دروساً مبدعة تدرّس للأجيال المقبلة.
من أبرز أعمال الرحباني وأولها “سألوني الناس” عام 1973، التي غنّتها والدته فيروز، وكانت موجهة إلى والده عاصي الذي كان مريضًا حينها. وقد شكل هذا العمل بداية بروزه كموهبة استثنائية.
ثم كتب وأنتج أول مسرحية له عام 1973 بعنوان “سهرية،ثم كان إبداعه عام 1974 بعنوان ” نزل السرور”، وتبعتها أهم مسرحياته:
- “بالنسبة لبكرا شو؟” (1978)
- “فيلم أميركي طويل” (1980)
- “شي فاشل” (1983)
- “بخصوص الكرامة والشعب العنيد” (1993)
عُرف زياد بمواقفه السياسية التي لطالما انتقد فيها سياسة الدولة اللبنانية، وطالب بعدالة الشعب ونصرة المواطن المضطهَد. ولطالما انتقد في مسرحياته وأغانيه الطائفية السياسية، ومن أبرز أعماله النقدية السياسية والاجتماعية في العالم العربي، الأغاني السياسية والاجتماعية الساخرة مثل: “يا زمان الطائفية” و “قوم فوت نام”،”أنا مش كافر”، “عودك رنان”، “بما إنو” والعمل المسرحي “بالنسبة لبكرا شو؟”
رغم البصمة الفنية الَّتِي نقشهَا في تاريخِ الْمُوسِيقَى، لم تُكرّمه الدولة اللبنانية كما يليق، ما أثار جدلًا واسعًا حول موقف الدولة اللبنانية تجاه الرحباني، متجاهلةً الموهبة الكبيرة والإرث الذي خلّفه للبنان كرمز من أحد عمالقة الموسيقى.
ليس الرحباني أول فنان موسيقي رائد “تغتاله” الدولة اللبنانية، بل سبق واغتالت العديد من الفنانين الذين تركوا إرثاً يُحتذى به امام العالم وابرزهم: المطرب والملحن عمر الزعني، والفنانة التجريدية سلوى روضة شقير، والعديد العديد من الفنانين الذين لم تتبن الدولة اللبنانية فنّهم رغم كَوْنهمْ لُبنانِيين حَقيقيين في الإِبْدَاع والْهُوية.
فور إعلان الوفاة، سادت حالة من الصدمة في الأوساط الفنية والثقافية، وانهالت كلمات النعي من شخصيات سياسية وفنية، أبرزها:
رئيس الجمهورية جوزيف عون كتب على منصة “إكس”: “زياد الرحباني لم يكن مجرد فنان، بل كان حالة فكرية وثقافية متكاملة، وأكثر.. كان ضميرا حيا، وصوتا متمردا على الظلم، ومرآة صادقة”.
رئيس مجلس النواب نبيه بري نعى زياد بالقول:” لبنان من دون “زياد” اللحن حزين.. والكلمات مكسورة الخاطر …والستارة السوداء تُسدل على فصل رحباني إنساني ثقافي فني ووطني لا يموت .”
وقال رئيس الحكومة نواف سلام:”بغياب زياد الرحباني، يفقد لبنان فنانًا مبدعاً استثنائيًّا وصوتًا حرًّا ظلّ وفيًّا لقيم العدالة والكرامة. زياد جسّد التزامًا عميقًا بقضايا الإنسان والوطن. من على خشبة المسرح، وفي الموسيقى والكلمة، قال زياد ما لم يجرؤ كثيرون على قوله، ولامس آمال اللبنانيين وآلامهم على مدى عقود. بصراحته الجارحة، زرع وعيًا جديدًا في وجدان الثقافة الوطنية . أتقدّم من القلب بأحرّ التعازي لعائلته، ولكل اللبنانيين الذين أحبّوه واعتبروه صوتهم”.
كما كتب وزير الثقافة غسان سلامة: “كنا نخاف هذا اليوم لأننا كنا نعلم تفاقم حالته الصحية وتضاؤل رغبته في المعالجة. وتحولت الخطط لمداواته في لبنان أو في الخارج إلى مجرد أفكار بالية، لأن زياد لم يعد يجد القدرة على تصور العلاج والعمليات التي يقتضيها. رحم الله رحبانيا مبدعا سنبكيه بينما نردد أغنيات له لن تموت”.



