لبنان وغزة .. بين الفصل والوصل !(نسيب حطيط)
كتب د. نسيب حطيط – الحوارنيوز
تطوّرت حرب إسناد غزة التي أعلنتها المقاومة في الثامن من تشرين اول عام 2023 الى “الحرب الرابعة” التي تشنّها اسرائيل على لبنان براً وجواً، في أيلول عام 2024 بمجزرة “البايجر”، واتسمت بالتوحش وتدمير القرى واستطاعت إسرائيل اغتيال “السيد الشهيد” واغلب قيادات المقاومة وتهجير كل “الشيعة” من بيوتهم وقراهم ومدنهم.
ارسلت اميركا موفدها “هوكشتاين” بمهمة اساسية هدفها “فصل جبهتي لبنان وغزة ، بالإضافة الى تطبيق القرار 1701 ولم تنجح هذه المهمات جميعها، كما نجح اتفاق الغاز سابقاً.
إن ربط جبهة لبنان بجبهة غزة التي تصر عليه المقاومة واكّدت عليه “الثنائية” ولا تزال، وأيّده الوزير جنبلاط ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي وبعض القوى السياسية ، مقابل الطرح الاسرائيلي والاميركي والعربي وبعض اللبنانيين الذي يقول بضرورة فصل جبهة لبنان عن غزة وعدم الربط بينهما ، لما له تأثير على الساحة اللبنانية وقامت اسرائيل بتدعيم هذا الرأي، بالقصف الجوي اليومي ، حيث يتواجد اهل المقاومة ..هذا الأمر يطرح السؤال: لماذا يشكل ربط او فصل “الجبهتين” خلافاً مركزياً في هذه الحرب ؟
بالنسبة للمقاومة، فإن موجبات ربط الجبهتين للأسباب والأهداف الآتية:
– واجب ديني، بنصرة المظلومين الفلسطينيين رغم الإختلاف المذهبي والموقف المذهبي الحاد(حدود التكفير) ضد مذهب اهل المقاومة.
– تأسيس جبهه شاملة ضد العدو لمنعه من الاستفراد بحركات المقاومة .
– الخوف من توجّه العدو الى جبهة لبنان بعد الانتهاء من جبهة غزه والضفة الغربية .
– محو اثار الإنقسام المذهبي الذي اسّسه الربيع العربي .
– ابقاء الشراكة في القضية الفلسطينية وعدم حصرها بالفلسطينيين والعرب على المستوى الإسلامي.
– الإلتزام الادبي والتنظيمي،بما أطلقه “السيد الشهيد” ومحاوله عدم التراجع عنه بعد استشهاده!
اما بالنسبة للعدو الاسرائيلي والتحالف الأميركي_العربي، فإن موجبات فصل الجبهتين للأسباب والاهداف الآتية:
-إ استكمال خطة إستفراد الجبهات وعزل الساحات عن بعضها، للقضاء على حركات المقاومة في المنطقة.
– تأمين الأمن والسلام للعدو الاسرائيلي خاصة على جبهه لبنان التي تمثل التهديد الرئيسي على مستوى الامن وإستقرار ووجود الكيان.
-إسترجاع القضية الفلسطينية الى الحاضنة العربية ومنع التدخل الإيراني على المستوى السياسي والشيعة على المستوى المذهبي،لتثبيت ولاية العرب على الفلسطينيين وإلزامهم بالحل السلمي وفق الشروط الإسرائيلية لتسهيل التطبيع الشامل بين العرب وإسرائيل.
– فصل”الجبهتين” تعميق للانقسام المذهبي وتبرئة العرب والمسلمين من التقصير أو خذلان المقاومة الفلسطينية والتركيز على نفاق وخداع محور المقاومة الذي ترك “غزة” ، ما يفكك محور المقاومة ويجعله “محور مقاومة شيعي”.
إستغل التحالف الأميركي ربط “الجبهتين” بتكليف ذراعه العسكرية الإسرائيلية، لتنفيذ مشروعه المركزي بالقضاء على المقاومة في لبنان وتشريد اهلها وإحداث التغيير الديموغرافي واقامة الشريط العازل الفارغ من القرى والسكان، واستعادة اتفاق 17 ايار بنسخته الجديدة التي تلغي السيادة اللبنانية والاستقلال وتجعل لبنان مستوطنة إسرائيلية بإدارة أميركية.
نتيجة لتناقض الاسباب والاهداف وعدم التوافق على فصل الجبهتين، فإن وقف النار لن يكون قريبا وستزداد الحرب توحّشاً وفق نموذج غزة والإبادة الجماعية لأهل المقاومة والتدمير الشامل للمدن والقرى.
بعد إنقضاء شهر على النزوح الجماعي الذي يتزايد، وبما ان أهل المقاومة أعطوا “الثنائية” ولايتهم السياسية وبعضهم الفقهيه ايضا “، والتي اخذت قرار ربط “الجبهتين ولا تزال على موقفها ، فلابد ان تبادر “الثنائية” وببيان مشترك وواضح ان تضع أهلها في “موجبات” ربط الجبهتين وتبريرات عدم فصلها وماهي مصلحة الشيعة والقدرة على خوض الحرب وكذلك خسائر فصل الجبهتن !.
ان الاستمرار بربط الجبهتين ،يوجب على “الثنائية” و”إيران” تأمين موجبات الصمود والقتال،لاستيعاب تداعيات هذه الحرب التي تهدّد الوجود الشيعي في لبنان، والتي ليست كسابقاتها من التدمير والقتل والتوحش، وربما ايضا فترتها الزمنية التي يمكن ان تطول “لأشهر” او ربما “لسنة” او أكثر ،اذا لم تستطع المقاومة إنزال ضربات نوعية وكبرى بالعدو تجبره على وقف النار!
الدبلوماسية لن تعطينا وقفاً للنار،بل الإتكال على الله والميدان والمقاومين الاستشهاديين وصبر النازحين الشرفاء، ومشاركة “إيران” ميدانياً!
اذا قرّرتم الاستمرار في ربط الجبهتين، فبادروا لتأمين ،مقومات الصمود لأهل المقاومة الذين يعانون ،حتى لا ننتصر في الميدان وندفع مئات الشهداء وربما الآلاف (15 الف شهيد وجريح حتى الآن) ثم ننهزم في الجبهة الخلفية عبر الفتنة الداخلية او عدم تحمل الناس لعذابات ومصاعب النزوح والاستفزازات.
حتى الآن رعاية النازحين من قبل “الثنائية” ليست بالمستوى المطلوب، وجبهة النازحين توازي بأهميتها جبهة القتال فلا تهملوها!
الحرب ليست رصاصاً فقط ،بل رغيف خبز ودواء وغطاء…وصبر ودعاء.