رأي

لبنان والتطبيع مع إسرائيل .. وقطف ثمار الحرب سياسيا !(نسيب حطيط)

 

د.نسيب حطيط – الحوارنيوز

 

 بدأت إسرائيل محاولات قطف ثمار حربها على لبنان سياسياً، في إستعادة لمحاولتها الأولى بعد إجتياح عام 1982 وإلزام لبنان بإتفاقية “إتفاق” 17 أيار”، وكان رائد التطبيع آنذاك حزب الكتائب بقيادة أمين الجميل الذي تم إنتخابه رئيسا للجمهورية بعد اغتيال أخيه  بشير ” المنسّق العسكري والسياسي مع آرييل شارون وزير الدفاع الإسرائيلي ، ضمن سلسلة التنسيق المسيحي-الإسرائيلي، منذ ما قبل تأسيس دولة إسرائيل وإغتصاب فلسطين!

 يعتقد التحالف الأميركي- الإسرائيلي  ان مشروع التطبيع والسلام مع إسرائيل ،صار ممكناً، بسبب ضعف المقاومة بعد الحرب المتوحشة والحصار المفروض عليها ، وإسقاط سوريا “حبل السرة” العسكري للمقاومة في لبنان، فبادر التحالف الأميركي لتكليف بعض النواب والشخصيات السياسية والقوى الحزبية ووسائل الإعلام لطرح المشروع ، لوضع حد نهائي للحرب والانتهاء من قضيه المقاومة وسلاحها، وحجّة هؤلاء أن العرب وأغلب المسلمين  قد طبّعوا ووقّعوا معاهدات سلام ،كذلك الفلسطينيون أو نصفهم ،بما يعرف بالسلطة الفلسطينية، ويسألون:

 لماذا على اللبنانيين أن يكونوا فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين انفسهم… طالما أن حماس أيضاً، تقبل بحل “الدولتين”، أي الإعتراف بدولة إسرائيل ، ما يؤمن إجماعاً فلسطينياً على الإعتراف بدولة إسرائيل !

  بدأ تضليل الرأي العام بموجبات التطبيع والسلام وفوائده الاقتصادية والأمنية،  وحتى على مستوى تحرير الأراضي اللبنانية المحتلة من بوابة ” مبادلة الأراضي” بين لبنان وإسرائيل، سواء مقابل مزارع شبعا (التي تنازل عنها الوزير جنبلاط وأهداها للجولاني)  الغنية بالمياه والموقع الإستراتيجي او بعض التلال الحاكمة في الجنوب ،ليكون ترسيم الحدود المُنجز سابقاً والمثبّت في الخط الأزرق، قابلاً لإعادة الرسم ، بما يؤمن المطالب الأمنية الإسرائيلية، وربما أعطى الإسرائيليون  جزرة “للشيعة” بإعادة بعض “القرى السبع” التي أحتلتها إسرائيل أو بعض التطمينات الورقية الوهمية.

كما يعتقد التحالف الأميركي-الإسرائيلي ان الفرصة ذهبية لإقرار التطبيع وتوقيع اتفاقية سلام مع العدو ،نتيجة الظروف التالية:

–  ضعف المقاومة وحصارها بعد الضربات القاسية التي تلقتها في حرب ال66 يوماً.

–  سقوط سوريا الذي أحدث زلزالاً في محور المقاومة، لا يمكن تعويضه.

–  موافقه أغلب الطوائف والأحزاب في لبنان على التطبيع ،إما جهاراً او صمتاً او حياداً ما عدا الطائفة الشيعية وبعض الاحزاب والشخصيات الوطنية.

– تعيين سلطة سياسية، تتمتع بأكثرية نيابية وحكومية، وتستطيع تقديم اي إقتراح للتطبيع مع العدو بشكل واضح او مخادع، وربما التطبيع بالمفرّق على طريقة” كاريش”، ثم ترسيم الحدود البرية ومناقشة موضوع المياه ثم التوطين، لتكون كل هذه الملفات مع الترتيبات الأمنية التي وردت في “إتفاق تشرين” والقرار 1701، بمثابة إتفاقية سلام تشابه اتفاق 17 أيار، بل أسوأ منه، لكن بملفات متفرقة وليست بملف واحد!

– إمتلاك اكثرية نيابية تتجاوز ال 70 نائباً وربما تصل الى 85 نائباً، وتقديم إقتراح قانون من كتلة الكتائب، لإقرار معاهدة سلام مع إسرائيل، او تسميتها بعنوان آخر في نفس المضمون، وقد بدأ بعض نواب الكتائب بالتصريح عن حقهم بالمطالبة باتفاقية سلام!

ان الواقع السياسي والأمني والإقتصادي في لبنان يسهّل مشروع التطبيع مع إسرائيل ويحمّل الشيعة وبعض الوطنيين مسؤولية مواجهته، ويبدو أنه مع انتهاء الهدنة والإنسحاب الإسرائيلي(غير الشامل) ستبدأ معركة سياسية كبرى في لبنان ،لنزع السلاح وإقرار التطبيع، تحت تهديد العودة الى الحرب. وَسيوضع الشيعة بين خيارات ثلاثة (  التطبيع او الحرب او الفتنة الداخلية المذهبية ). ويطرح بعضهم معادلة غريبة مفاده: نترك لكم السلاح الذي يحميكم …وأتركوا لنا اتفاقية التطبيع والسلام التي تحمينا ..!

لقد تم إستدراج “الثنائية” لخوض معركة ثانوية ،حول وزاره المالية والتي لم تمنع(عند إستلامهم لها)  سرقة الودائع ولم تلجم الدولار ولم تحفظ الرواتب ،بينما المعركة الرئيسية هي المعركة السياسية القادمة لمنع التطبيع والسلام مع إسرائيل وقبلهما نزع سلاح المقاومة ،فالمعركة وجودية على مستوى الديموغرافيا والسلاح ،أما بقية العناوين فهي تفاصيل لا تُسمن ولا تغني عن جوع، ومعارك عبثية ووهمية !

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى