د.عماد عكوش
أن تراكم الأحداث خاصة منها الأخيرة وما يحصل في الشارع اليوم لا يوصل ألا ألى محل واحد وهو الأنهيار الكامل .والأنهيار الكامل هذه المرة سيتناول كل شيء في الدولة ولن يكون حكرا على مؤسسة أو قطاع وسيشمل كل القطاعات ، فبعض هذه القطاعات سيفلس كالصندوق الوطني للضمان الأجتماعي ، مرفأ بيروت ، طيران الشرق الأوسط ، كازينو لبنان ، مؤسسة كهرباء لبنان ، شركات الخليوي والأنترنت ، وبعضها سينهار بواقع عدم التحاق الموظفين بالخدمة ، كوزارات الخدمات ولا سيما وزارة المالية ، وزارة العمل ، وزارة الشؤون الأجتماعية ، والمصيبة الكبرى ونهاية الأنهيار سيكون بأنهيار المؤسسات الأمنية وظهور الميلشيات في كل الأحياء اللبنانية للدفاع عن أمنها ، أنه يوم القيامة اللبنانية .
الأحداث ستتلاحق بطريقة متدحرجة وكرة النار سوف تكبر ومقولة لن نجوع ستتحقق فقط على من يقبض بالدولار الأميركي فقط ، أما الناس ومن كل البيئات السياسية فستجوع حتما وفقا لأخر تقديراتنا اليوم ووفقا لتحركات الأحزاب الظاهرة حتى هذه الساعة .
أما السبب الحقيقي لما يحصل فإن كل ما يجري تداوله من أسباب كلها غير واقعية وأن كان لها طبعا تأثير واضح، ومنها عدم معالجة القطاع المصرفي ، التعميم 154 ، الأنكماش الكبير في الأقتصاد ، الحصار الإقتصادي للبنان من خلال قانون قيصر وفرض عقوبات على مؤسسات وأفراد ، كل هذه العوامل مؤثرة في كل ما يجري ، لكن في الواقع هناك سببان أساسيان لما يخص اليوم وهما :
– خيار مقاومة أسرائيل الذي أخذه لبنان الرسمي .
– الفساد الكبير للطبقة السياسية التي حكمت لبنان للثلاثين سنة الماضية .
واضح أن خيار المقاومة قد أدى الى عقوبات وتعاون بعض من هم في مراكز القرار المالي مع هذه العقوبات والتماهي معها ، هذا التماهي وهذه العقوبات كان لها كبير الأثر في ما يجري اليوم ، لكن أيضا ما يجري اليوم هو رسالة واضحة للشعب اللبناني من الطبقة السياسية الفاسدة أنه أذا ما حاولت أيها الشعب اللبناني محاسبتنا ومعاقبتنا سنجوعكم وسنحرق لبنان على رؤوسكم ، وواضح من هم القادة السياسيون الذين يوجهون هذه الرسالة ، هم أنفسهم من يمسك بورقة تشكيل الحكومة ، وهم أنفسهم من يمسك القوانين الأصلاحية ويمنع أقرارها . هؤلاء السياسيون يريدون ضمانة كضمانة حاكم مصرف لبنان بأنه لن يتم فتح أي ملف ، وأن التحقيق الجنائي هو من الماضي ويجب أن يكون من الماضي ولن نقبل بأن تفتح ملفاتنا في المصرف المركزي ، كما لن نقبل أن يفتح أي ملف في المجالس والوزارات .وعندما قلنا أن الطبقة السياسية يمكن أن تحرق البلد في حال الأصرار على محاسبتها ومعاقبتها ، فإن البعض لم يدرك هذه الحقيقة والتي خلقها النظام السياسي الطائفي وأصر على ذلك ، وقد طرحنا في حينها حلا وسطا للخروج من موضوع أعادة المال المنهوب ومحاكمة السياسيين وهو ضريبة الثروة حتى نعيد ولو جزء من هذه الأموال دون الدخول في معركة مباشرة مع هذه الطبقة التي لا يهمها الشعب ولا لبنان .
الحل الوحيد اليوم للخروج من الأزمة على مستوى الوطن هو تشكيل الحكومة بأسرع وقت، والذهاب سريعا نحو إقرار قانون “الكابيتال كونترول” والخطة الأقتصادية للخروج من الأزمة وفرض ضريبة الثروة وعفا الله عما مضى ، وألا فإن الأصرار على أعادة المال المنهوب ومحاكمة اللصوص سيودي بنا في ظل نظام طائفي ألى انهيار شامل لن نخرج منه .
أما بالنسبة لخيار المقاومة فإنه مخطئ من يظن أن هذه العقوبات يمكن أن يتم التراجع عنها في حال أقرار أستراتيجيا دفاعية تبقي على قوة لبنان في مقابل أسرائيل ، فالولايات المتحدة وأسرائيل لن ترضيا بوجود لبنان قوي يملك أسلحة أستراتيجية دفاعية تردع أسرائيل عن ممارسة سياسة التسلط وتمكنه من الدفاع عن نفسه مقابل الأطماع في بره وبحره .
ويبقى أن نقول إن عدم الأصلاح السياسي والخروج من النظام الطائفي إلى نظام المواطنة سيبقى فتيلا متفجرا في كل زمان وفي كل مكان في لبنان ، وسنحتاج دائما إلى تسويات عند كل تعثر في النظام اللبناني وسنبقى نعاني من هذا النظام ألى أن يأمر الله بالحل النهائي .
زر الذهاب إلى الأعلى