رأي

لبنان قبلة المغتربين .. لا تخونوه ولا تعطلوا لغة الحوار(نبيه الشرتوني)

 

نبيه شرتوني*  – الحوارنيوز خاص
مؤلم المشهد اللبناني من زوايا الأرض المختلفة.
انقسام عامودي سياسي معطوف على لبوس طائفي. غياب الحوار الوطني الهاديء والعاقل الذي تستدعيه تحديات مصيرية داخلية وإقليمية.
انهيار شبه كلي لبنية الدولة الراعية. تعطل المؤسسات الدستورية العاملة بالحد الأدنى، فيما المطلوب العمل بالحد الأقصى لوقف التمادي في الانهيار وبدء عملية نهوض شاملة.
هذا المشهد إنما هو إنعكاس لحال التحلل فما هو المطلوب كي يستعيد لبنان رونقه وتستعيد مؤسساته الدستورية ثقة اللبنانيين في الداخل والخارج ( جناحا لبنان)؟
– اولا: الحوار، ثم الحوار، ثم الحوار. ليست دعوة طوباوية وليست دعوة للمزايدة. إنها دعوة نابعه من تجاربنا اللبنانية على مدى تاريخ كياننا اللبناني. وتاريخ الشعوب حول العالم التي مرت بتجارب شبيهة من حروب وانقسامات.
والحوار يكون إما داخل المؤسسات الدستورية وإما خارجها. المهم أن نقرّ بأن صيغة لبنان هي صيغة حوار ولبنان لا يكون بغير الحوار.. أما تطبيق الدستور بأحكامه التي نصت عليها تعديلات “وثيقة الوفاق الوطني” المعروفة بإتفاق “الطائف” فهي بدورها، أو غاليتها الإصلاحية على الأقل، محكومة بالحوار.
فلماذا العناد والتمسك بالنص الدستوري في قضايا وتعليق النص في قضايا أخرى؟
لماذا لا نبدأ من القضايا الأكثر إلحاحية، ولنقل، المفتاحية إذا جاز التعبير، كإنتخاب رئيس توافقي، يتمتع بقدرته على إدارة حوار وطني يتناول مختلف القضايا الخلافية بما فيها تطبيق تعديلات “الطائف” كمقدمة لبنان دولة المواطنة والقانون التي سعى إليها المشترع في “الطائف”.
لماذا لا يرى البعض الظروف الاستثنائية التي تمر بها منطقتنا من تحولات ديمغرافية فيقترب اللبناني من شقيقه اللبناني لنحتمي ببعض ونتظلل الدولة الراعية.
ثانيا: لا بديل عن الحوار مع الدولة السورية، للبت في مصير الأخوة النازحين. فلبنان وفق تعبير الباحث الدكتور علي فاعور يتحول تدريجا إلى أكبر مخيم للنازحين في العالم.
ووزير الشؤون الاجتماعية فيكتور حجار كشف مؤخرا بأنه التقى مسؤولين أوروبيين وقالوا أمامه أن مصير السوريين في لبنان كمصير الأخوة اللاجئين الفلسطينيين!!
ألا يكفي ذلك ليكون سبباً للحوار مع الجانب السوري، بعيدا عن المواقف السياسية من النظام…
العرب أعادوا سورية إلى حاضنتهم والى جامعة الدول العربية ومؤسساتها ونحن أصحاب مصلحة بحوار ينهي أزمة النازحين وتفلّت الحدود، فلماذا رفض الحوار من دولة لدولة؟
ثالثا: في الأزمة الاقتصادية. أجزم أن الاغتراب اللبناني قادر على إعادة تعويم الاقتصاد وإقامة التوازن في الواقع اللبناني ومالية الدولة والمصرف المركزي ضمناً. لكن ذلك يتطلب أن يطمئن اللبناني المغترب إلى أن في بلده إدارة رشيدة ومؤسسات دستورية تعمل وقضاء حقيقي وهيئات رقابية محترمة وذات هيبة.
المغترب يريد أن يرى خطة خمسية أو عشرية اقتصادية مالية شاملة. تكون مقرة بقانون وملزمة لمختلف العهود. وهذا يعني بالضرورة “حوار وطني” يتجاوز المجلس النيابي ليشمل مختلف المكونات والخبراء وأصحاب الاختصاص.
المغترب يريد أن يتلمس دورا جديا للدولة في ضبط مسار عمل المصارف ويضع حدا لهروبها من مسؤولياتها تجاه المودعين… دولة تبادر لتحمل المسؤولية مع المصارف وتضع خطة وحلول من شأنها أن تعيد ثقة الناس بهذا القطاع الحيوي والضروري لدورة اقتصادية متكاملة.
إذن وحده الحوار كفيل ببلورة حلول، ومن دونه، أخشى أن نرى عودة المتاريس البغيضة وخطابها.
*رئيس سابق للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم (ترخيص نيويورك)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى