لبنان أمام ثلاثة أسابيع دقيقة.. وغزارة الاتصالات لوقف النار تواجه ببرودة أميركية لافتة
ما يُطبخ في الخارج لأي تسوية يتجاوز القرار 1701.. وكلمة الفصل ستكون للميدان
الحوارنيوز – صحافة
كتب حسين زلغوط في صحيفة اللواء:
بالرغم من غزارة الاتصالات والمشاورات المحلية والخارجية التي تحصل في السر وفي العلن في أكثر من اتجاه لوقف اطلاق النار والتوجه الى إيجاد تسوية توقف همجية العدوان الإسرائيلي، فان كل ذلك لم يؤدِّ الى أي تقدّم ملموس في هذا الإتجاه، لا بل ان التطورات الدراماتيكية التي تحصل ان على مستوى المواجهات على حافة الحدود، أو على مستوى الغارات الإسرائيلية التي طالت مناطق واسعة لم تكن موضوعة في الحسبان، وما يرد عيها من سقوط للصواريخ والمسيّرات الانقضاضية التابعة لحزب لله في العمق الإسرائيلي تؤكد «فلتان الملق» وفق المثل الشعبي، بمعنى ان الحرب الدائرة بين لبنان وتل أبيب تفلّتت من كل الضوابط وبات كل شيء مباح، ولا سيما ان العدو الإسرائيلي قد استباح كل المحرّمات من خلال استهداف طائراته المدنيين ودور العبادة والقطاع الاستشفائي، والمسعفين، وكأن حكومة نتنياهو قد أعلنت الحرب على كل لبنان، بغية احداث أكبر قدر من الخراب والدمار.
على المدى الزمني كل شيء يؤكد ان أفق هذه الحرب مفتوح، وأن ما يقال عن إعطاء واشنطن لتل أبيب مدة زمنية محددة لوقف العدوان، هو مجرد كلام بكلام، وكأن إدارة بايدن تتبع مع لبنان السيناريو نفسه التي اتبعته في غزة، فهي تقول شيء وتعمل نقيضه، وهذا ما حمل أحد الوزراء الى التأكيد بأن الحرب التي تشنّ على لبنان هي حرب أميركية بامتياز، وان تل أبيب مجرد أداة لتنفيذ مشروع أميركي قديم جديد بدأ بحرب تموز من العام 2006 مرورا بما يسمّى الربيع العربي، وصولا الى الحرب على غزة، ومن ثم لبنان عنوانه الشرق الأوسط الجديد، وكما فشلت واشنطن في المرات السابقة في تحقيق هدفها ستفشل اليوم، في ظل مواجهة مستميتة من محور مقاوم رافض بالمطلق لهذه الغطرسة الأميركية في المنطقة.
وفي تقدير المصدر الوزاري أننا سنكون أمام ثلاثة أسابيع حسّاسة لا بل خطيرة، حيث يتوقع أن يرفع العدو الإسرائيلي من منسوب عدوانه الذي ربما يشمل مناطق جديدة وبعيدة تحت حجج مختلفة، فكلما رأى هذا العدو انه غير قادر على احداث خروقات مهمة في الميدان سيلجأ الى استخدام الجو للتعمية على فشله في الميدان الذي كفّته ما تزال تميل لصالح المقاومين الذين قرروا عدم ترك مواقعهم قيد أنملة والقتال ببسالة حتى النصر أو الاستشهاد.
ويؤكد المصدر ان هذه الحرب باتت معركة وجود، وهي بفعل ذلك تتجه الى المواجهة الكاملة والشاملة، فكل يوم يمرّ يعني ان العدو لم يحقق هدفه، وفي مقابل ذلك يسجل نصر للمقاومة، معربة عن ثقته بالميدان مئة بالمئة فالأخبار التي تأتي من الجبهة تبشّر بالخير، وتؤكد بأن العدو لن يكون قادرا على تثبيت قدميه في أي موقع، غير ان هذا ربما يؤدي به الى استخدام كل قوته لتحويل المنطقة الى أرض محروقة، في محاولة لفرض شروطه وتحقيق هدفه الأساس القائم على تغيير الواقع اللبناني، وهو لأجل ذلك يعتمد في موازاة عدوانه أسلوب النفخ بنار الفتنة الداخلية التي للأسف الشديد تتمادى معه بعض القوى السياسية التي تجاهر بأنها تراهن على إسرائيل لإنهاء «حزب لله» عسكريا وسياسياً.
وعما إذا كان يتوقع انطلاق حركة المساعي الخارجية لوقف النار، يؤكد المصدر الوزاري ان هذا الأمر ربما يبدأ بالظهور مع نهاية هذا الشهر، لأن كل طرف سيحاول استثمار الميدان في أية عملية تفاوضية، كاشفاً عن ان ما يطبخ في الخارج يتجاوز القرار الأممي 1701، وهو ما يرفضه لبنان، حيث أكد الرئيس نبيه بري، كما الرئيس نجيب ميقاتي لكل الموفدين والدبلوماسيين الأجانب تمسّك لبنان بمندرجات هذا القرار الذي هو سقف أي تفاوض، والاستعداد لنشر الجيش اللبناني بعد وقف النار.
ويعتبر المصدر الوزاري ان شكل الرد الإسرائيلي على إيران، وما سيتبعه حكما من رد إيراني سيحدّد معالم المرحلة المقبلة وما إذا كنا ذاهبون الى حرب واسعة، مع ان واشنطن أبلغت الحكومة الإسرائيلية بأنها مستعدة لتقديم المساعدات العسكرية والاستخباراتية، غير انها ليست في وارد الإنخراط بالحرب الشاملة التي قد تحوّل مصالحها وقواعدها العسكرية في المنطقة الى أهداف سهلة للصواريخ الإيرانية الدقيقة.
من هنا فان قابل الأيام سيحمل مستجدات وتطورات من شأنها أن تقلب صورة المشهد الراهن رأساً على عقب، وأن الأنظار شاخصة اليوم الى الميدان حيث هناك ترسم الخارطة السياسية والعسكرية للمرحلة القادمة.