لبنان :أزمة كيان على طريق المحرقة (حسن عماشا)
كتب حسن عماشا- الحوار نيوز
يجري ترويج ممنهج يطال مستويات اجتماعية مختلفة. تبدأ بطرفة خبيثة،ولا تنتهي بتقارير اعلامية ممولة وتحت مسمى “ابحاث علمية” ودراسات يتم ترويجها بمقالات.
تتناول النزوح السوري والمخاطر التي تتهدد الكيان اللبناني من جرائه.وهذا ينتشر كالنار بالهشيم وينساق به من كل حدب وصوب كتاب وسياسيون واعلاميون وحتى البسطاء والمساكين ايا كانت ميولهم السياسية والطائفية،بحيث اصبحت أزمة النازحين تشكل الخطر الوجودي على الكيان اللبناني.
واذا ما توسعت مقاربة ما للازمة العامة التي يتخبط فيها الكيان اللبناني لتتناول “ازمة النظام” وازمة انتخاب رئيس للجمهورية وعناوين لا حصر لها من الفساد وسوء الإدارة والانهيار المالي الخ..
تبقى جميعها في دائرة الحدود الكيانية وتغيب بالكامل عوامل الصراع في المنطقة والتدخلات الخارجية والاهداف المعلنة تحديدا من قبل اميريكا ومخططاتها تجاه المنطقة وعبر ادواتها المختلفة سواء من دول الغرب او الدول العربية المنخرطة خضوعا للارادة الاميريكية.
فضلا عن الادوات الداخلية من قوى سياسية وجمعيات الانجي اوز ووسائل اعلامية واعلاميين.
يضاف اليها الغالبية العظمى من الحركة السياسية اللبنانية التي تنساق بالموجة والدعاية فتمسي منخرطة بمشروع التفتيت كاداة مجانية،ما ادى الى حالة من الياس السائد لدى كل الشرائح الاجتماعية في لبنان، سواء بين اللبنانيين او المقيمين فيه فلسطينين وسوريين.
قد نجد العذر للناس الذين يرزحون تحت وطأة الازمات في ابسط اسباب العيش في ظل التخلي عن المسؤلية تجاههم من قبل المنوط بهم ايجاد الحلول لازماتهم.في حين يعيشون حالة من الإحباط واليأس.
ولكن هل هذا مقبول تجاه من عليهم تفسير اسباب الازمات والحث على ايجاد الحلول لما يمكن منها من دون الانسياق خلف الدعاية المضلله وفضح مفاتيح تفعيل هذه الازمات الداخلية، وحث المسؤولين عن حلها من خلال حملات منظمة تاخذ اشكالا مختلفة سياسية واعلامية وشعبية. وبمواجهة القضايا بشكل ملموس بعيدا عن الحراك الموظف الذي دأبت عليه منظمات الانجي اوز التي تفتعل قضايا للتغطية على القضايا الحقيقية.
ان كل محاولة للفصل بين الازمات التي يتخبط فيها الكيان اللبناني من ازمة النزوح والصراع في المخيمات إلى الازمات الخدماتية الاقتصادية والمالية والسياسية، عن الاستهداف الاميريكي سواء عبر “قانون قيصر” الموجه عموما الى سوريا ويطال لبنان في كل مندرجاته، او من خلال طروحات وشروط سبق واعلنها اكثر من مسؤول اميريكي ومبعوث اوروبي وهي توطين اللاجئين الفلسطينيين ودمج النازحين السوريين. هذه الشروط ليست سوى مقدمات لشروط ومطالب اخرى لا تهدد الكيان اللبناني وحسب بل لتجعله بؤرة لتصدير الارهاب وحاضنة لكل ادوات التخريب في المنطقة.
وهنا السؤال الاساسي الذي يطرح نفسه هل يمكن التصدي لهذا المشروع؟ وكيف؟.
نسارع هنا بالاجابة نعم. ان الوقائع جميعها حتى ما يظهر منها راهنا انها تشكل اختراقا اميريكيا هي في النتيجة اوراق تحرقها الاحداث وغير قابلة للصرف.
الا ان البحث هنا في السبل الايلة إلى التخفيف من فاتورة احراقها من جهة والحد من الازمات التي ترمي بثقلها على الناس.
ومن هنا ان مقاربة ازمة النزوح السوري من دون التنسيق الكامل بين سوريا ولبنان هي مقاربة تجعل السوريين واللبنانيين اوراقا في محرقة المشروع الاميريكي.
كما ان مقاربة ازمة الوجود الفلسطيني من الباب الامني والسلاح تصب تماما في خدمة تصفية القضية الفلسطينية واللاجئين ولو كانت بتوقيع فلسطيني رسمي. والنتيجة جعل الفلسطينيين واللبنانيين اوراقا ايضا في المحرقة الاميريكية.
اما الأزمة العميقة والوجودية في لبنان الكيان هي نتاج انتهاء الدور الوظيفي له والذي تاسس لاجله وبمعزل عن القصائد والخزعبلات عن دور وهمي كمساحة تعايش وتفاعل حضاري ورسالة نمذج إلى العالم. يثبت كل تاريخة انها كانت دجلا ونفاقا تتغطى فيه زمر مرتزقة وتتعيش من خلال ما تقدمه في هذا الكيان من خدمات لقوى الاستعمار، مرة كموطئ قدم لاستهداف عمق المنطقة العربية ومرة كمتراس للدفاع عن الكيان الصهيوني وامنه، ومرات كحاضنة للادوات الاميريكية والاستعمارية لرموز وفعاليات تستهدف العمق العربي.
ففقدان لبنان هذا الدور ولاسباب موضوعية وذاتية هو مكمن ما يتخبط فيه من ازمات في اسسها وجوهرها.
ولا سبيل امامه للخروج مما يتخبط فيه الا بالقدر الذي يتحرر فيه من السطوة الاميريكية والخضوع لاملاءاتها بكل المياديين.
يعرف الاميريكون وادواتهم الاقليميون ان اللبنانيين على اختلاف اتجاهاتهم لن يستطيعوا تسويق مسالتي التوطين والدمج حتى في البيئات التي تمثل حاضنة لادواتهم السياسية، ولكنها تريد توظيف هذه الادوات الداخلية في جعل هذه المسالة حلبة صراع لبناني – سوري ولبناني – فلسطيني. وبالنتيجة تريد للجميع ان يدخل المحرقة.