لا حلّ في لبنان وميشال شيحا حيٌ فينا
طارق مزرعاني -الحوارنيوز- خاص
"بابور بدّو ..بحر ما بدّو"
هكذا اختصر أحد ظرفاء الأرمن بيت المتنبي والذي يختصر بدوره وضع لبنان حيث تتناقض رغبات الناس مع الواقع الموجود.وأنا وكثيرون غيري نتمنّى تغييراً جذرياً يُطيح طبقة الفساد بمجملها ويبني وطناً جديداً عصرياً لطالما حلمنابه،ولكن هذه الرغبات تصطدم بجدار الواقع المرير الذي نعيشه.
وسبب صعوبة التغيير في لبنان يكمن في تعدد طوائفه ووجود توازن قوى بينها داخلياً وخارجياً. وهذه الطوائف تتبع- بشكل أعمى تقريباً -زعماءها الذين يدّعون حمايتها من الطوائف الأخرى ومن كل شر،وهناك حولهم جوقة من رجال الأعمال ورجال الدين والبلطجية وبعض الإعلاميين اضافة الى الأموال والقدرة على التوظيف وشبكة علاقات اجتماعية وسياسية وتاريخ من التبعية معمّد بالدم والنار. وهذه الأجواء تُستنفر عند كل استحقاق للجم التغيير ويتم تبادل الادوار وتوزيعها بين هذه الزعامات ، فهم في السلطة وفي المعارضة في آنٍ واحد..
وقد جرّب لبنان أن يُحقّق "ربيعه العربي"في السبعينات، وبدأ بمظاهرات غندور وصيادي الأسماك ورأينا أين انتهى ولا أعتقد أنّ تجريب المجرب فيه رجاحة عقل.
إنطلاقاً ممّا ورد أعلاه ومن تجربتنا بعد حرب أربعين سنة لم تستطع التقدّم بالوطن قيد أنملة،
وانطلاقاً من أنّه حتى الآن ما زال الشعب مخدّرا ولم "يقطع "فيه لا هيركات ولا كورونا ولا اي شيء ،
وبما أنّه حتى الآن لم تسطع الانتفاضة تحريك قوّة شعبية ضاغطة ووازنة بمواجهة حيتان المال والطوائف ،
فإنّ الواقعية السياسية تتطلّب التفكير بالحل الممكن وليس المأمول. وهنا نستحضر مقولة ميشال شيحا التي اختصر بها الدستور اللبناني حين قال "إنّ لبنان لا يُحكم إلّا بالتسويات وأنصاف الحلول".وهكذا فوجهة الحل يجب أن تكون مؤتمرا وطنيا عاما بمراقبة دولية وعربية يُشبه الطائف ،ولكن ليس نسخة عنه ،ويكون فيه هذه المرّة مشاركة لممثلي الشعب ودعاة الإصلاح والشخصيات والاحزاب العلمانية وهيئات المجتمع المدني والنقابات وخبراء الإقتصاد الخ.. و تتضافر فيه جهود الجميع لإيجاد حل لما نحن فيه، ووضع الخطوط العامة للإصلاحات المنشودة، وتشكيل حكومة إنقاذية يُشارك فيها الجميع وتكون مهمّتها الإصلاح الإقتصادي والسياسي والتشريعي الخ…
طبعاً حتى هذا ممكن أن يكون حلماً، ولكنه على الأقل حلم ممكن تحقيقه…..