الحوارنيوز – صحافة
تحت هذا العنوان كتب نبيه البرجي في الديار يقول:
لو كان ألبرت اينشتاين هناك ـ من كانت رسالته الى فرنكلين روزفلت حول معادلته الفيزيائية وراء إطلاق مشروع مانهاتن لصناعة القنبلة النووية ـ ليشاهد ما يفعله اليمين الاسرائيلي بالفلسطينيين. هؤلاء الذين وصفهم، لدى زيارة فلسطين عام 1923، بـ”المهابيل” الذين لا يمتون بصلة، لا الى الحياة ولا الى المستقبل، بطقوسهم الغرائبية أمام حائط المبكى.
اينشتاين الذي رفض، ككائن كوني، أن يتولى رئاسة الدولة في اسرائيل، بدا، في كلامه وكأنه يتنبأ بوحشية هؤلاء الذين، على أيديهم ينتهي يهود فلسطين، بعدما كانت دعوته لكل يهودي “تذكّر أنك انسان، وانس أي شيء آخر”…
اليهودي ألآخر يوليوس روبرت أوبنهايمر (أبو القنبلة الذرية الأميركية) حين رأى كيف تنفجر القنبلة استعاد أبياتاً من الكتاب المقدس لدى الهندوس (البهاغافاد) “اذا انطلقت أشعة ألف شمس دفعة واحدة من السماء، فسيكون ذلك كبهاء القدير ـ الاله الأعلى فيشنو ـ الآن، أنا الموت، أنا مدمر العالم”. اذ بكى لدى رؤية مدينة هيروشيما وهي تتحول، خلال لحظات، الى جهنم، أعرب عن خيبته لأنه تأخر في صناعة القنبلة التي كان يحلم بالقائها على المانيا وهي بلده الأصلي، لا على اليابان.
المثير أكثر أته أبلغ حاييم وايزمان، العالم الانكليزي وأول رئيس لاسرائيل، أثناء لقائهما في مدينة برينستون الأميركية (ولاية نيوجيرسي) عام 1947، أي قبل قيام الدولة، بدعمه المشروع النووي اليهودي، ثم مساعدة وايزمان على اجتذاب العلماء العاملين في مشروع مانهاتن للعمل في المفاعل النووي الاسرائيلي لدى بنائه.
لم يكن للشيطان أن يفكر بتلك الطريقة التي لا علم للعرب بها (وهل من وجود للعرب؟). ابادة الفلسطينيين كأولوية حاسمة لإرساء الدولة اليهودية.
الآن، والجنون التوراتي في ذروته، يتذرع الأميركيون أمام العرب، والفلسطينيين، بأنهم يساندون اسرائيل، وهي التي يساورها هاجس البقاء واللابقاء، ان في الميدان أو بتزويدها بالسلاح وبالمال، لمنعها من الوصول الى “اللحظة النووية”، بعدما كانت غولدا مئير قد أمرت بالاستعداد لتوجيه الصواريخ النووية نحو مصر وسوريا خلال الأيام الأولى من حرب تشرين الأول 1973، وقبل اكتمال الجسر الجوي الأميركي، وقد سبقه الجسر الجوي الايراني الذي أقامه الشاه المخلوع محمد رضا بهلوي.
لن نسأل لماذا صنع الأميركيون والانكليز اسرائيل لتكون بمثابة حصان طروادة في قلب الشرق الأوسط، وبين البحر المتوسط والبحر الأحمر. آنذاك تردد أنه التقاطع بين الضرورة الاستراتيجية والضرورة الايديولوجية كما رأتها ادارة الرئيس هاري ترومان. وكان وزير خارجيته دين اتشيسون، الذي خلف جورج مارشال، قد خطط للحلول محل الأمبراطوريتين البريطانية والفرنسية، ما فعلته ادارة الرئيس دوايت ايزنهاور أثناء حرب السويس عام 1956.
الأن، الأرمادا البحرية والجوية الأميركية في المنطقة. حاملات طائرات، وغواصات للصواريخ الموجهة، وربما الغواصات النووية، لحماية الدولة العبرية من الضربة الايرانية، ومن ضربة “حزب الله”. الحجة “استيعاب الوضع العسكري”، وعدم ترك الأمور تذهب نحو الانفجار الكبير الذي يراه أركان اللوبي اليهودي أكثر من أن يكون ضرورياً لتفكيك الخرائط، واعادة تركبيها، وبالصورة التي تؤمن حماية اسرائيل الى الأبد.
مشروع برنارد لويس على الطاولة بعدما أقره الكونغرس عام 1993، والذي يرسم خرائط جديدة تتيح تحويل الدول المستحدثة الى قهرمانات للهيكل. فضلاً عن ترحيل ما تبقى من الفلسطينيين الى لبنان والأردن اللذين لا داعي لبقائهما على الخريطة بعدما استنفدا الغرض من وجودهما. حتماً بعد تفكيك سوريا والعراق، وربما اليمن والسعودية…
لا نشك، كلبنانيين خارج ثقافة التعليب، السياسي والطائفي، بأن قيادة “حزب الله” تفكر، في اطار الاعداد للضربة، برؤية بعيدة المدى، وبوعي تام للاحتمالات، ما دام قد بات جلياً أن حكومة بنيامين نتنياهو تريد استدراج الأرمادا الأميركية الى الحرب الكبرى.
حيال هذا المشهد الشديد الضبابية، هل الضربة ضرورية لاستعادة المعنويات التي لم تتراجع لكون الحرب العسكرية والاستخباراتية “شغالة”، ولكون ننتنياهو لن يتردد في الدخول الى الغرفة النووية، مستفيدأ من “الفراغ الرئاسي” ألأميركي، ومن وقوف الغرب، مع ملحقاته، الى جانبه حتى لو دقت الساعة النووية…