سياسةمحليات لبنانية

لا تراهنوا على فقراء لبنان !

 

راهن كارل ماركس وفريدريك انجلس على العمال والفقراء بإعتبارهم طليعة قوة التغيير من أجل قيامة دولة العدالة والمجتمع الإشتراكي.

ماو تسي تونغ وكيم ايل سونغ وجدا في الفلاحين قوة للتغيير في مجتمعيهما.

انتبه هربرت ماركيوز لحراك الطلبة فشدّد على وجوب الرهان على حركة وطاقة طلاب الجامعات في تحريك الشارع لتقدم ولتطور المجتمع.

في لبنان راهن نيقولا الشاوي وفرج الله الحلو والحزب الشيوعي اللبناني وكمال جنبلاط والحزب التقدمي الاشتراكي ومحسن ابراهيم ومنظمة العمل الشيوعي وغيرهم من الشخصيات والتنظيمات على فقراء لبنان قياسا على قاعدة تقليد الآخرين وابداعهم في نقل تجارب الغير ما جعلهم ضحية شخصيتهم اللبنانية اسيرة النقل وعدم الابداع.

ما كان عليهم المراهنة على فقراء لبنان…

فقراء لبنان ليسوا بطبقة ثورية ولا بطبقة تعي مصالحها رغم كل محاولات الاحزاب اليسارية معهم في حملات الدعوة والتبشير بالاشتراكية وبالمساواة وبالتأميم لإقناعهم بمقولة القائد انطون سعادة:

"إن فيكم قوة لو فعلت لغيرت وجه التاريخ".

للأسف تركيبة شخصية وطبقة الفقراء في لبنان هي أسوأ بكثير من تركيبة شخصية وطبقة ومصالح أثرياء البلد الحاكمين.

نجاح اليسار بين فقراء لبنان، كان نجاحا بأفراد أبطال وشهداء عظام وبمجموعات نجحت بجعل كفررمان كفرموسكو الجنوب، لكن النجاح بقي محدوداً ولم يمتدّ ليفوز بجماهيرية الفقراء، بل كان الفقراء اول من حمل السلاح ضد اليسار عندما صاح المؤذن : الله أكبر.

…قلب فقراء لبنان عند لله وحده…


لأن قلق الموت متقد وركن اساسي في عجلة فكر وحياة فقراء لبنان، ولأن  الفقر ليس فقط عدم توفر المال، بل الفقر أيضا حالة نفسية شبه مرضية تجعل من الفقراء مسلوبي الارادة وكثيري الاحلام نتيجة لليأس من تغير الاحوال ، تجد فقراء لبنان عند السيّد رجل الدين الذي يداعب فكر الفقراء بجنة هنا ونهر من عسل هناك وبقصر وبحوريات.

فقراء لبنان عند من يؤمن لهم حاجاتهم المؤقتة والسريعة ومن يداعب أنفسهم بغنى وتحسين أحوال سريع، لذلك تجدهم عند السياسي المحنك الذي يعرف كيف يدغدغ امانيهم وكيف يحوّر عدوانيتهم الغرائزية في الانتقام، وتجدهم أقرب لنوح زعيتر من اي مناضل حقيقي من أجل الفقراء.


ان ما ارتكبه بعض قادة اليسار من فجور سياسي وما حصلوا عليه من مال حرام جعلهم كارثة اخلاقية على النضال ،وأثبت لمن راهن عليهم من الفقراء ان لا نجاة لهم الا في العودة الى الدين واحزابه والى من يحسن التجارة بالله…


الكراهية ومشاعر الغيرة والحسد والانتقام تسود أحياء وبيوت وعيشة فقراء لبنان بدل ان توحدهم الحاجة الى الالفة والتعاون، ولولا وصايا الدين ونار الله في جهنم لرأيت من نزاعاتهم العجب.

أغلب من نال منحاً للدراسة في الاتحاد السوفياتي وعاد واغتنى كان اول من خان طبقته الحقيقية، وكل من اغتنى من فقراء لبنان نتيجة هجرة الى المانيا مثلا باع بيته في الشياح وبرج حمود واشترى لنفسه شقة في فردان.

فقراء لبنان لا يصلحون كأداة تغيير، فكفوا عن المراهنة عليهم.  إنّ فيهم من العقد النفسية الموروثة والمكتسبة والذاتية والازمات ما يجعلهم لا يعون مصالحهم كطبقة، بل مقتنعون ان خلاصهم من الفقر خلاصا فرديا، تماما كمثولهم في يوم القيامة امام الرب، حيث "يوم يفرّ المرء من أخيه، وأمّه وأبيه وصاحبته وبنيه"*.


انظروا لآخر التظاهرات في الشارع، انظروا لتظاهرة الحزب الشيوعي اللبناني خاصة.  أغلب الذين حضروا وشاركوا هم من الناس الميسورة الحال بالحلال وليس بالحرام ولكنهم ليسوا بالفقراء الحقيقيين.

الفقراء الحقيقيون لم يحضروا جنازتهم المطلبية…

تجدهم كاملي العدّة والحضور في مجالس العزاء ومسيرات عاشوراء وفي المقاعد الخلفية في الكنيسة، وعند ابواب من يجود عليهم بحفنة من الدولارات.

ربما الميسورون بالحلال وليس بالحرام واصحاب النفس الأخلاقي العالي واصحاب الميول الحقيقية للعدالة ضد الظلم، ربما كانوا هم أداة التغيير الحقيقية من اجل عدالة ومساواة تخص كل الطبقات وليس الفقراء فقط.

أقول واكتب هذا لأني أحب الفقراء ولأني أدرك ان خلاصهم ليس بيدهم بل بأيدي ميسوري الحال بالحلال، أناس لم يخونوا طبقتهم الفقيرة وما زال الفقراء في وعيهم ضرورة نضالية.

"وللبحث تتمة فلا تغضبوا.. "


 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى