كيف يمكن أن تقنع اللبناني بغير لغة “نحن” و “أنتم”؟(أحمد عياش)
د.أحمد عياش – الحوار نيوز
خمس وأربعون سنة وانا احكي جارنا جمال وجارنا جمال يحكيني واسمعه ويسمعني ونتبادل السلام والكلام والأخبار، ورغم انّه يعرف ان معظم اصحابي يساريون قدامى ويساريون مرتدون حاليا ويساريون اصيلون لم تغيّر مبادئهم الاقدار، و رغم انه والجيران البيارته جميعا يعرفون ان لا علاقة لي لا بالادب ولا بالسلوك ولا بالتصريحات ،بالطائفيين على مختلف اشكالهم والوانهم، إلا ان ناصر ما زال مصرّاً ان يحكيني بصفة الجمع، لا احتراما( فأنا لا اكبره الا بأربع سنوات) ولا بصفتي طبيبا ولا بصفتي جارا لطيفا.. لا،ما زال مصرّاً رغم كل التوضيحات له ان يطلب مني بصفة الجمع ،اي كواحد من الجماعة غير جماعته.. اي “انتم الشيعة”.
اليوم وانا ادخل الشارع،شارع بني أُمية و من شماله باتجاه جنوبه، ناداني اخوه خالد وبقربه ابن عمّه وليد ،ليسألني عند اية ساعة سيحكي السيّد؟
وحقيقة لا اعرف.اخبرته انني لم أكن ادري انّ اليوم سيحكي.. احسست انهم تظاهروا بالاقتناع بإجابتي مسايرة لي، فكيف لي انا الشيعي في الحيّ ولا اعرف مواعيد اطلالات السيد.
خمس واربعون سنة و حديثي وطني لا طائفي ،وما زال الجميع هنا عند حديثهم معي يحكونني بالجمع ،لا لاني اكبر منهم بالعمر، ولا احتراما لاني طبيب، بل لأني بالنسبة لهم”انتم الشيعة”.
انا “انتم الشيعة”.
في مدينة “مونترجي” قرب باريس، تعرفت على طبيب لبناني لطيف يدعى جيلبير من بلدة رائعة الجمال من بلدات بشري.اخبرته مرات عدة ان لا علاقة تنظيمية تربطني بحركة “امل” وب”حزب الله”، واني لا امثل طائفتي، وأني لست الناطق الرسمي بإسم جماعتي، ورغم ذلك كان ينسى حديثنا وما اتفقنا عليه، ليعود في اليوم التالي وعند اوّل خبر سياسي على ال”واتس اب” يتوجه اليّ بالكلام:
“انتم”!
أستوضحه ككل مرّة بمن يعني ب “انتم”، ولا يوجد غيري وغيره نتناول القهوة في بهو المستشفى ليرد ببراءة:
“ولوو يا احمد،انتم الشيعة”🙂
قرب مستشفى بهمن جلسنا انا وطبيب زميل اسمه عماد نحتسي القهوة حول طاولة على رصيف الشارع،وقد نسينا وللامانة اننا في شهر رمضان، وان اليوم يوم جمعة. ولانهماكنا بالحديث لم ننتبه ان المؤمنين من اخواننا الشيعة قبالتنا يؤدون الصلاة حتى في منتصف الشارع .
عند انتهائهم من الصلاة تقدّم موظف في المستشفى وهمس لنا:
“كيفكم انتم”..
قال لي عماد:
-يبدو انهم قرروا طردنا!و ضحك…😏
من نحن؟
الله اعلم…
للجميع: نحن أنتم…
صعب جدا ان تكون لبنانيا وتقنع اللبناني الآخر، ان لا علاقة لك ب”انتم” وب”نحن”.. والعلم عند الله😃 .
لا أمل بالتغيير ولا بالتحوّل…