كورونا والمخيمات الفلسطينية:بين الأونروا ووزارة الصحة
محمد هاني شقير:
لم توفر جائحة كورونا أحدًا، فاللبناني كما الفلسطيني وكما كل المقيمين على الارض اللبنانية، هم في عين هذه العاصفة المرضية الفتاكة. وفي تقريرنا الحالي فإننا سنحاول الاطلاع على ما يصيب اللاجئين الفلسطينيين من تداعيات صحية بخاصة وأنهم يعيشون في مخيمات صغيرة وتجمعات هي أصلاً لا تتمتع بالمعايير الصحية والبيئية السليمة.
الدكتور عبد الحكيم شناعة رئيس دائرة الصحة في وكالة الانروا، قال ان لدى الوكالة 27 عيادة منتشرة في المخيمات والتجمعات الفلسطينية على جميع الاراضي اللبنانية، ولدينا أدوية للامراض المزمنة والمستعصية التي تعطى مجانًا للمرضى الفلسطينيين تكفي لمدة ستة أشهر، وسوف نستلم أدوية أخرى قريبًا تكفي حتى نهاية السنة المقبلة.
وأضاف ان الوكالة متعاقدة مع جميع المستشفيات الحكومية في لبنان وبعض المستشفيات الخاصة التي تقدم الخدمه لمرضى جائحة كورونا. وسنجري المزيد من العقود مع أي مستشفى تقبل التعاقد معنا وفقاً لتسعيرة وزارة الصحه اللبنانيه. وهناك فرق طبية تابعه للأونروا تتابع المخالطين والمرضى في كل المناطق بغية اخذ الاجراءات اللازمة لمعالجتهم وتقديم كل ما يلزم لهم.
واكد شناعة ان عدد المصابين الفلسطينيين هم 1777 شخصًا بينهم 909 داخل المخيمات و 868 خارجها. وللأسف فقد توفي 46 شخصًا منهم، غالبيتهم من الكبار بالسن وتحديدًا ما فوق السبعين عامًا، بينهم 29 من داخل المخيمات و 17 من خارجها. وان معظمهم يعانون من امراض مزمنة وفشل كلوي وتليف رئوي وارتفاع بالضغط والسكري وغيرها من الامراض المستعصية والمزمنة. وان من بين الذين توفوا سيدة في العقد الثاني من العمر كانت تعاني ايضًا من المشاكل الصحية ذاتها ،وقد فاقمت إصابتها بفايروس كورونا وضعها الصحي الذي أدى الى وفاتها. وبالنسبة لموضوع بدء العام الدراسي فقد جرى تأجيله لمدة 15 يومًا وذلك لتأمين كل المستلزمات المطلوبه وفق ما تقوم به وزارة التربية اللبنانية، والعمل جارٍ في المدارس والثانويات الفلسطينية لتأمين ظروف صحية جيدة وتباعد اجتماعي بغية تخفيف احتمال وقوع اصابات بالكورونا.
وختامًا أشاد شناعة بالعلاقة مع وزارة الصحة اللبنانية التي لم تتأخر في أي مساعدة ممكنة لمكافحة جائحة كورونا فلسطينيًا.
الناشط الاجتماعي فؤاد ضاهر، يروي تجربته كأحد المصابين بالكورونا، فيقول :عندما شعرت بالعوارض حجرت نفسي، وبعد ثلاثة أيام اجريت الفحص وتبين انني مصاب، حيث أبلغت طبيب وكالة الانروا الذي سألني ان كنت قد خالطت أحدًا، وأخبرته انني أعاني من تليف رئوي، فقال: اذا شعرت بضيق تنفس اذهب الى مستشفى الحكومي ولم يعد يتصل بي.
واضاف :اشتريت الادوية اللازمة التي وصفها لي هو ذاته قبل اجراء الفحص، ولكنه ابلغني بعد النتيجة ان الدواء يجب ان اتناوله لمدة ثلاثة ايام وهو متوفر عند الانروا. لكني اشتريته على حسابي لانه كان يوم عطلة الانروا. علمًا ان ثمنه مرتفع جدًا قياسًا مع ظروف الحياة والازمة الاقتصادية التي نمر بها نحن واللبنانيون على حد سواء. وبعد ايام تواصلت معي مرشدة نفسية من قبل الانروا من مدينة صيدا وسألتني عن وضعي النفسي وهل احتاج اي شيء، بصراحة استغربت كون مكان سكني أقرب الى مدينة بيروت المعنية بملفي. وفي آخر يومين من الحجر اتصلت مندوبة الانروا من بيروت وهو اتصال متأخر جدًا ولم تقدم تبريرًا يقنعني بذلك.
وتابع المصاب :انا استطعت ان اشتري كل حاجياتي واجريت الفحص على حسابي الخاص لكن هناك الكثير ممن لا يملكون المال الكافي، فماذا يفعلون؟ ومن يتابعهم بالشكل المطلوب؟
من جهته الدكتور احمد ابو ريا ناشط في الجمعيات غير الحكومية لصالح اللاجئين الفلسطينيين في لبنان قال: أنشئت لجنة طوارئ برئاسة وكالة الأنروا وعضوية مؤسسات المجتمع المدنى لدراسة الخطط ووضع البرامج لمكافحة هذا الوباء.
وأضاف: انتشرت الكورونا فى المخيمات، كما هو في المحيط وللأسف الناس لم يلتزموا بالأرشادات الصحية المطلوبة. هناك أهمال على المستوى السياسى إذ أن المسؤولين لم يبذلوا جهدًا كافيًا لحماية الناس. لقد تبنت الأنروا المسؤولية فى ايجاد حلول ومتابعة المصابين من خلال تقديم مراكز الحجر الصحى المجاني. وهناك الكثير من المصابين لم يجروا فحص الكورونا بسبب التكلفة المرتفعة (150000 ل ل) فضلاً عن رفض بعض المصابين الالتزام بالحجر الصحي وعدم اكتراثهم بخطورة الكورونا، وهم بذلك ينشرون العدوى بين الناس في تصرف غير مبال.
وقال: الانروا لا تغطي تكلفة الفحص، ولم نلمس فى المخيمات وانا واحد من المصابين، أي بروتوكول لعلاج الكورونا من قبل الأنروا، ولم يعرض علينا أحد أى دواء، واكتفوا بالمتابعة الهاتفية، وقد طلبنا دواءً ومنظفات ولم نحصل عليها. وكذلك لم يتلق كثير من المصابين المحجورين فى بيوتهم أي مساعدة تذكر، ويتم فى بعض الأحيان توزيع مساعدات عليهم ولكن ليس بشكل كافٍ.
وتابع: لمسنا عملية تنمر من الجيران والمعارف نحو المصابين حيث ينعتوهم بمواصفات غير أخلاقية، ويبتعدون عنهم حتى بعد شفائهم . لا يوجد الوعي الكافي من الناس حول هذا الموضوع للتخفيف عن المصاب.
وتحدث عن حالة سيئة عاشوها "حيث كان يجب نقل مسّن 82 سنة مصاب بالوباء للمستشفى، اتصلنا بالصليب الأحمر اللبنانى وأعطيناهم العنوان، وانتظرنا ساعة ولم يحضروا، عاودنا الاتصال عدة مرات، ولما ساءت حالة نقلته فى سيارتي الخاصة فاصبحنا كلنا معرضين للخطر .
واضاف: تركت في المخيم عدة حالات لأنه غير مسموح للدفاع المدنى الفلسطينى ان ينقل المصابين بالكورونا . لم نلمس من المسؤولين الفلسطينين أى أهتمام فى موضوع الكورونا في المخيمات، وهناك فوضى بين الناس، والمخيمات متروكة بدون أى أدارة سياسية . فقط الأنروا وبعض المؤسسات تقوم بمساعدة المصابين حسب قدرتها وأمكانياتها .
وشكر الانروا على المجهود المبذول "ولو تعاون معهم السياسيون لكان الوضع افضل كثيرا". وتوقع ان عدد المصابين فى المخيمات اكثر بكثير من الأرقام المعلنة لأن الناس أصبحت تعرف العوارض خاصة عند فقدان حاسة الشم والتذوق .
من جهتها مصادر وزارة الصحة اللبنانية قالت انها تقوم بما يلزم لجهة معالجة المصابين الفلسطينيين، وانها تتعاون مع جميع المعنيين في المخيمات والمجمعات الفلسطينية بغية الحد من انتشار هذه الجائحة بين صفوف الفلسطينيين.
*أعد هذا التقرير خصيصاً للموقع الايطالي infopal الذي يعنى بالقضية الفلسطينية والفلسطينيين في العالم.