كلمة الرئيس عون: استجابة منحازة ل “تسويات المنطقة”.. وهجوم واسع بيافطة انذار وحوار(علي يوسف)
كتب علي يوسف:
يمكن توقع أن كلمة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ستكون المرجع للكلمة التي سيلقيها رئيس التيار الوطني الحر الوزير السابق جبران باسيل ،والتي يتوقع أيضاً أن تكون أكثر وضوحاً في ما ترمي إليه وفي التسميات.
ويمكن ملاحظة أن كلمة الرئيس عون جاءت في نفس اليوم الذي أصدرت فيه المحكمة العليا في العراق قرارها بتثبيت نتائج الانتخابات النيابية التي شكلت بما تضمنته من خروقات بات معترف بها هجوماً على الحشد الشعبي وفصائل المقاومة في العراق .
ومع أن البعض سيحاول عدم ربط الحدثين ببعضهما، إلاّ أن الحدثين يتشاركان في مضامينهما، ويبرر هذا التشارك الحديث عن تسويات خارجية أشار إليها الرئيس عون من جهة ،ومن جهة ثانية التقت كل التحليلات على اعتبار أن قرار المحكمة الدولية في العراق كان من نتاجها.
إلاّ أن ما يجب الإشارة إليه ،أن الحدثين يأتيان في إتجاه واحد لهذه التسويات غير الحقيقية والتي حملت في مضمونها نوايا وأهداف الجهة المعادية لمحور المقاومة، مستخدمة “بروباغندا” إعلامية عن تسوية لم يتم التوصل إليها ،وهي ما زالت بعيدة المنال ،وهي بالتأكيد ستكون محدودة المفاعيل وليس لها المفعول العام الذي يطال المنطقة والذي لا يمكن أن يحصل إلاّ بتعديلات واضحة لموازين القوى وهي ما تزال غير واضحة رغم وضوح إتجاهها.
في العراق تم تثبيت نتائج الانتخابات وبدأ الحديث عن حكم الغالبية لاستكمال محاولة ضرب الحشد الشعبي وقوى المقاومة.
وفي لبنان حملت كلمة الرئيس عون مضامين ومواقف في نفس الأتجاه يجب التوقف عندها:
1- اعتبر المقربون من الرئيس عون أن كلمته اعلان “حملة بناء الدولة” لتبرير المواقف الحاسمة التي تضمنها من دون الإنتباه إلى أن اعلان “حملة لبناء الدولة” قبل أشهر عدة من انتهاء ولاية الرئيس هو طرح نكتفي بوصفه أنه طرح لا يستند الى أي ركيزة منطقية تلافياً لاستخدام وصفات أخرى.
2- ان الكلمة وإن حملت على “المنظومة” إلا انها كانت وعبر الاتهام بتعطيل القضاء ومجلس الوزراء ومجلس النواب موجهة إلى “الثنائي الشيعي”، وخصوصاً الى الرئيس بري وعبره الى حزب الله. إلاّ أن ما فات الرئيس عون أنه عطل انتخابات رئاسة الجمهورية وبمساعدة من حزب الله وحلفائه لمدة سنتين حتى حصل على تسويات لانتخابه رئيساً. ولم يعتبر حينها أن هذا التعطيل هو قضاء على الدولة اللبنانية بل اعتبره موقفا محقا لاعتبارات سياسية ودفاعاً عن الحقوق ؟!
3- استهدف الرئيس عون في كلمته “الثنائي الشيعي” في 3 طروحات: أولاً الدعوة لعقد اجتماع لمجلس الوزراء بغض النظر عن موقف الثنائي ، وثانياً الدعوة الى وقف الممارسات التي تؤدي الى توتير العلاقات مع الدول العربية وخصوصاً الخليجية من دون أن يتوقف عند الموقف الوطني المطلوب ازاء اقدام السعودية وبعض دول الخليج على اتهام مُكّون لبناني أساسي موجود في مجلس النواب والحكومة بأنه ارهابي. وبما يشكل اعلاناً عن تغيير واضح في موقفه في هذا الشأن. وثالثاً الاتهام بتعطيل الدولة والمؤسسات وبالتالي تحمل مسؤولية استمرار الأزمة.
4- رغم أن الدعوة الى الحوار هي دعوة ايجابية، الا ان جدول اعمال الحوار كما تضمنته الكلمة يشكل هجوماً كبيراً في مضمونه وتوقيته وفي إطار مضمون مجمل الكلمة.
فإذا كانت اللامركزية الإدارية هي بند من بنود اتفاق الطائف، الا أن طرحها كبند على جدول الأعمال جاء تحت تسمية “لامركزية إدارية ومالية موسعة” وكحّل للتناقضات والنزاعات بما يشبه الفدرالية المقنعة ،وليس من باب تسهيل أمور المواطنين وتفعيل النشاط التنموي المستدام. وهو طرح مستجد ومستغرب ويمكن وصفه بالخطير.
وإذا كانت الاستراتيجية الدفاعية هي شعار مطروح وكانت جزءاً من بنود الحوار في المراحل السابقة، إلاّ أن وضعها مع اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة ومع خطة معالجة الوضعين الاقتصادي والمالي، التي هي من صلاحيات الحكومة، تأخذ بعدين: الأول هو “زكزكة” تحمل طابع الانذار غير المباشر بأخذ الموضوع الى مكان آخر ،والثاني هو ربطها ببند اللامركزية “الفدرالية” مع ما يحمل هذا الطرح من مخاطر تحويل الحوار الى مشروع تقسيم وليس الى مشروع حوار.
أضف إلى ان الدعوة الى الحوار قبل اشهر من نهاية العهد تحمل على التساؤل أين كانت هذه الدعوة طيلة الفترة السابقة من العهد ..!! وهل هي صيغة ملطفة لاعلان الهجوم؟ أو هل هي للإشارة الى أن هذا الهجوم هو بمثابة إنذار قابل للتحول الى هجوم؟
5- وإذا كان الرئيس عون وعبر التخفيف من هجومه الواضح أكد أنه لا يريد الصدام مع أحد، وأن الهدف هو الحوار، فإن هذا يجعلنا نميل الى الاعتقاد ان هجومه ما يزال عند مرحلة الإنذار مع التهديد بتحويل هذا الانذار الى هجوم؟
وكلمة باسيل المنتظرة ستوضح الغايات …