كتب محمد هاني شقير:
تضرب الفوضى بقوة في المدن والشوارع والأحياء اللبنانية بشكل غير مسبوق، وتترنح الليرة اللبنانية أمام صعود متواصل للدولار المرشح وصوله بحسب “المنجمين اقتصاديين” الى حدود الثلاثين ألف ليرة للدولار الواحد.
وعلى وقع تلك الفوضى العارمة أقفلت المحال التجارية أبوابها ،خاصة الكبيرة منها، بانتظار وضوح الرؤية لديها لجهة مآلات صرف الدولار المقبلة. وفي هذه الحالة لم تهد أحزاب السلطة قادرة على منع مناصريها من التعبير عن رفضهم للواقغ المؤلم والإحتجاج على تدهور قيمة العملة الوطنية وتراجع الاوضاع المعيشية للغالبية العظمى من اللبنانيين، فهل قررت معظم القيادات التماهي مع حركة الناس والنزول الى الشارع؟
هذا ما حصل ويحصل منذ اسابيع فعلًا، في بيروت والمناطق من الشمال الى الجنوب مرورًا بالبقاع وجبل لبنان. وفيما كانت التطورات الاقتصادية الدراماتيكية تضرب بقوة ،فإن تصريحًا لوزير الداخلية السابق الجنرال مروان شربل احدث خرقًا في الجدار السياسي المغلق ،وهو ينقسم الى شقين؛ احدهما ايجابي والثاني سلبي وجاء فيه: “هناك 6 من أهم الشخصيات معرضين للإغتيال في لبنان ومن بينهم رؤساء أحزاب”. وقال “ان رئيس مجلس النواب نبيه بري ابلغني أن الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري قبِل بمبادرته بإنتظار زيارة اللواء عباس إبراهيم إلى بعبدا لطرح المبادرة على الرئيس عون”.
وفي سياق تحليله لاحتمال حصول عمليات اغتيال قال شربل ل”الحوار نيوز”، “إن اسرائيل اكثر المستفيدين من الفوضى العارمة في لبنان، بل تجد نفسها سعيدةً جدًا بأي اقتتال داخلي لبناني – لبناني، وهي مستعدة في أي لحظة من اللحظات، لتنفيذ عمليات اغتيال تطال شخصيات وطنية وازنة لتزيد لشرخ الداخلي وتدفع اللبنانيين الى رمي الاتهامات ضد بعضهم البعض، وبالتالي اشعال نار الفتنة في ما بينهم”
وسأل شربل: هل يوجد افضل من ذلك خدمة لاسرائيل ؟
ويضيف “ان افضل طريقة لإفشال المخطط الاسرائيلي في لبنان هو وجود دولة قوية وحكومة فاعلة على جميع الصعد. من هنا فإن ما اطلعني عليه الرئيس نبيه بري لجهة موافقة الرئيس سعد الحريري على تشكيل حكومة جديدة يعتبر امرًا ايجابيًا ولافتًا ولا سيما في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها لبنان.
وتابع “أن المعول عليه الآن، وبلا تردد، هو انتظار موافقة الرئيس العماد ميشال عون على الاقتراح الذي يتضمن تشكيل حكومة تتألف من 18 وزيرًا يسمي وزير داخليتها الجنرال عون على أن يوافق عليه الرئيس الحريري”.
ويضيف شربل “ان الجميع محرج اليوم أمام اللبنانيين، فهذا البلد ما عاد يحتمل المزيد من الأزمات وهو بحاجة الى انعاش سريع وبلا ابطاء؛ لذلك فمن المتوقع أن يصار الى تشكيل حكومة ترضي جميع القوى السياسية وبخاصة الحريري وعون”.
لكن يبقى السؤال الأساس: هل تسمح الظروف السياسية الخارجية بتشكيل حكومة لبنانية تتضمن وزراء يسميهم حزب الله؟ وهل الكلام الذي سيق في هذا الاطار سابقًا حول رفض المملكة العربية السعودية الاعتراف بأي حكومة يتمثل فيها حزب الله، لم يكن صحيحًا؟
الساعات المقبلة حاسمة، فإما فوضى شاملة لا يقدر أحد تقدير نتائجها خاصة بعد التصريحات التي أطلقها وزير الداخلية محمد فهمي، وإما حكومة تنتجها الطبقة السياسية ذاتها لا تملك إلا مشروعًا واحدًا هو منح الجسد اللبناني المريض بعض الاوكسيجين الذي يطيل عمره بعض الوقت ولا يشفيه كليًا. فالأزمة تحتاج الى قرارات جذرية تبدأ بشكل رئيس بإقرار قوانين بينها الـ “كابيتال كونترول” والـ ” هيركات” على جميع الودائع بحيث يتم توزيع الخسائر بشكل عادل بين المودعين، واستعادة الأموال المهربة في الأقل منه، والتدقيق الجنائي، وغيرها من القرارات التي لا يبدو أن الطبقة الساسية الحاكمة مستعدة للقيام بها كونها تصيب مكتسباتها التي حققتها خلال ثلاثين عامًا.
زر الذهاب إلى الأعلى