كلام كاتس ..و”الهدوء المهتزّ” في الجليل !(واصف عواضة)

كتب واصف عواضة – خاص الحوارنيوز

صرح وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس ب “أننا لن نوقف الهجمات في لبنان، ولن نخرج من الحزام الأمني، وقد حققنا هدوءا في الجليل لم نره في 20 سنة”. وقال: “أبلغت المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس أنه إذا تم إطلاق النار على أي بلدة إسرائيلية فسنهاجم في بيروت”، مضيفًا: “أميركا تشكل ضغطا على الحكومة اللبنانية لنزع سلاح حزب الله ، ونحن نمنح ذلك فرصة”.
لا بأس من نقاش هادئ وغير مباشر مع وزير الحرب الإسرائلي:
صحيح جدا كل ما قاله الوزير الإسرائيلي. فالهدوء في الجليل لم يشهده الكيان الصهيوني منذ ما قبل حرب تموز عام 2006 .لكن كاتس يعرف ،ويعرف رئيس حكومته والإسرائيليون عامة ،وسكان المستوطنات الشمالية خاصة ،أن هذا الهدوء رهن ب “حكمة المقاومة” التي تتفادى حتى الآن تفجير الوضع من جديد والذهاب إلى الحرب .فماذا لو قررت المقاومة التخلي مضطرة عن هذه الحكمة ؟
يعرف الإسرائيليون جيدا أن مسيّرة واحدة أو صاروخا عشوائيا ،يمكن أن ينسف هذا الهدوء في الجليل ،ويعيد الوضع إلى ما كان عليه خلال العشرين عاما الماضية.
ومثلما يعرف الإسرائيليون ذلك ،يعرف اللبنانيون أيضا أن كاتس قادر ساعتئذ على مهاجمة بيروت وكل نقطة في لبنان بواسطة سلاحه الجوي المتفوق ،وتكبيد لبنان أثمانا باهظة ،لكنه لن يكون قادرا على حصر السلاح عندها بيد الدولة اللبنانية أو القضاء على حزب الله .
كان كاتس واضحا جدا في تأكيده الإعتماد على الولايات المتحدة الإميركية للضغط على لبنان من أجل نزع سلاح الحزب ،ولم يقصّر صاحبه توم برّاك في ذلك خلال اليومين الماضيين ،ولا “صاحبة العصمة ” مورغان أورتاغوس في التعالي على الجراح اللبنانية.
ونحن أيضا في لبنان ،مسؤولين وعامة ،ما زلنا نراهن على قليل من الحكمة وكثير من التعقل الأميركي ،للقيام على الأقل بوساطة شبه عادلة بيننا وبين إسرائيل. فالهدوء على الجبهة الجنوبية في هذه المرحلة هو مصلحة لبنانية، مثلما هو مصلحة إسرائيلية بالنسبة لسكان الجليل.ولا نعرف ما إذا كان ذلك في مصلحة كاتس ورئيس حكومته.
إن الهدوء المستدام في الجليل في تقديرنا ليس مستداما ولا مضمونا .وهذا ليس تهديدا ولا إنذارا ،بل هو أمر منطقي في ظل الأثمان الباهظة والمكلفة التي يدفعها حزب الله يوميا من خيرة رجاله نتيجة حرب الإستنزاف من جانب واحد .فالرهان على استمرار “حكمة المقاومة” إلى ما شاء الله ليس في محله ،ولا يعرف أحد متى يتغلب “الجنون” على الحكمة عند حزب الله!!
لذلك،
إذا كانت إسرائيل تريد استمرار الهدوء في الجليل كما كان قبل عشرين عاما ،فإن ذلك يتطلب:
أولا: الإنسحاب الإسرائيلي الكامل من جنوب لبنان، ووقف الإعتداءات على الأراضي اللبنانية بصورة كاملة.
ثانيا: إفساح المجال للجيش اللبناني وقوات “اليونيفيل” بالسيطرة الكاملة على منطقة جنوب الليطاني وتحويلها إلى منطقة آمنة .
ثالثا: البدء بحوار لبناني داخلي حول مصير سلاح المقاومة.
رابعا : إفساح المجال أمام إعادة الإعمار وعودة أهالي الجنوب إلى بلداتهم بأمان.
هكذا فقط يضمن كاتس الهدوء المستدام في الجليل .وإذا كانت الإدارة الأميركية جادة في تحقيق السلام في لبنان والمنطقة، فإنها قادرة على “إقناع” إسرائيل بهذا البرنامج .وإلا فلا أحد يضمن الهدوء ،لا في الجليل ولا في لبنان ..والسلام!


