قيادتا محور المقاومة .. وسياسة اسرئيل
الدكتور جواد الهنداوي -بروكسل*
مشهد محور المقاومة في المنطقة ، وكما أراه، يمضي في مساره الجهادي والنضالي بقيادتيّن: إقليمية ممُثلة بايران ومُرشدها السيد خامئني، و قيادة عربية ممُثلة بسوريا و رئيسها بشار الأسد. وكلا القيادتيّن ، تتكئان ،في المشورة والميدان بسيد المقاومة حسن نصر الله و بحزب الله في لبنان.
قيادة إقليمية و بهوية إسلامية وبهدف دعم حركات التحرر من الاحتلال و محاربة الإرهاب و حماية الامن القومي للجمهورية الإسلامية الإيرانية .
قيادة عربية (سوريا) وبهوية قومية عربية، وبهدف دعم حركات وفصائل المقاومة ضّدْ الاحتلال الصهيوني الاسرائيلي وضَدْ الإرهاب والرجعية ، والدفاع عن سيادة وتراب الدولة السورية .
تحت ظل القيادتيّن، الإسلامية والعربية للمقاومة، تجّمعتْ كل حركات و فصائل المقاومة، وبمختلف عناوينها وجنسياتها وافكارها السياسية (فلسطين ،اليمن ، لبنان ، سوريا والعراق ) ، الجميع ، و إنْ اختلفت الانتماءات و المتبينات ، تجمعهم هوية المقاومة و وحدة المصير . تجربة محور المقاومة بقيادتيّه برهّنت على أنَّ الانتماء الى المقاومة أقوى من ايّ انتماء آخر، وأثبتتْ توافق وتعايش هوية المقاوم مع هوياته وانتمائاتهِ الاخرى (هوية الدولة أو الطائفة او الدين ) أصبح المقاوم ، و بعنوان أو بجواز المقاومة، وبغض النظر عن جنسيته، يتنقل من جغرافية الى آخرى ، و من بلد لآخر ، دفاعاً عن ارضه او عن مبادئه او دعماً لنضال حركة التحرر في فلسطين أو في سوريا أو في لبنان أو في اليمن.
لم يعدْ ميدان محور المقاومة الحرب والسلاح و الدفاع و الاستشهاد ، وانماّ تعداه ليشمل جميع مجالات الحياة ، ابتداء بالفكر و منظومة القيم وتطبيقاً في الاقتصاد و الثقافة والفن.
تعزّزَ و ترسّخ محور المقاومة بفضل إطاره السياسي و بتمثيله الشعبي و بمشاركته الدستورية والنيابية و الحكومية . بدأت شرعية المقاومة بدماء الشهداء وبميادين الوغى و نمت و تعززت شرعية المقاومة بنيلها ثقة الشعب وتمثيلها ( واقصد المقاومة ) لارادة الشعب ،من خلال المشاركة في الحياة السياسية و النيابية .
نفهمْ إذاً اسباب مخاوف ومواقف اسرائيل و المربع الصهيوني ( أميركا ،اسرائيل ، الإرهاب ، العملاء ) .
إنْ كانت اسرائيل ، في القرن الماضي ، تواجه مواقف وتصريحات معادية و حروب مبرمجة من الدول العربية، ساهمت في توّسع اسرائيل، فانها ( واقصد اسرائيل ) في مواجه اليوم مع مقاومتيّن : إسلامية واقليمية بقيادة ايران، وعربية بقيادة سوريا.
المقاومة حررّت جنوب لبنان، ودحرت الإرهاب ، و أحبطت مشاريع هيمنة اسرائيلية و أميركية على المنطقة ، ولكن المفاوضات الفلسطينية مع اسرائيل و مواقف وتصريحات ومبادرات الدول العربية سمحت لاسرائيل بالتمدد وبالتوسع ، وها هي اسرائيل اليوم تستعد لضّم أجزاء من الضفة و من غور الأردن ، وتروّج وتعمل لمشروع " الأردن الوطن البديل ".
نفهمْ كذلك دور أميركا وبالتعاون مع اسرائيل وحفاظا على مصالحها في الحيلولة دون تواصل جغرافي لمحور المقاومة، بقطع الطريق من طهران الى لبنان، من خلال تواجد عسكري أميركي مباشر في شرق الفرات في سوريا، وتواجد ارهابي في وادي حوران في العراق، و قوات كردية مواليه لهما ( لأميركا ولاسرائيل ) في سوريا.
كيف حاربت وتحارب اسرائيل ، وبدعم أميركي ، محور المقاومة بهويته او بقيادته الإسلامية ( ايران ) ، و بهويته او بقيادته العربية ( سوريا )؟
بقدر توّسع محور المقاومة جغرافياً و سياسياً، حرصت اسرائيل وبدعم أميركي على توسيع مُربعهما الصهيوني ليشمل ( أميركا، اسرائيل ،الإرهاب ،العملاء) .
استخدمت اسرائيل سلاح الدين والطائفية لمحاربة القيادة الإسلامية او الهوية الإسلامية لمحور المقاومة، وسعت وتسعى بالتمييز و بإثارة واستيقاض النعرّة الطائفية بين مسلمي المنطقة وبين شعوب المنطقة .
وفرضت وتفرض عقوبات على إيران باعتبارها القيادة الإسلامية لمحور المقاومة ، و تسعى لأن تكون ايران، و ليس اسرائيل ،هو العدو في المنطقة.
كذلك ، استخدمت اسرائيل، وبدعم أميركا ، سلاح التطبيع لمنع تبلّور و توّسع محور عربي للمقاومة، وهذا ما يفسّر استهداف سوريا بالإرهاب وبالاحتلال الأميركي و بالاعتداء الاسرائيلي العسكري المتكرر على اراضيها، بإعتبار سوريا الآن تمثّل القيادة العربية لمحور المقاومة.
صمود سوريا و نجاحها في حرب الإرهاب عزّزَ دور محور المقاومة في المنطقة، وساهمَ في توسّع المحور، وفي استطاب دعم ايران و روسيا. ولولا صمود القيادة السورية والجيش العربي السوري لما استمرَ الدعم الإيراني والدعم الروسي لسوريا.
*سفير عراقي سابق ورئيس المركز العربي الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات-بروكسل