دولياتسياسة

قمّة الناتو : الرجل المريض والقادة المهزومون.. وداعمو حرب الإبادة (جواد الهنداوي)

 

د.جواد الهنداوي – الحوار نيوز

أفتتحها الرئيس بايدن ( الرجل المريض ) ،يوم الثلاثاء و الموافق 2024/7/9 ، في واشنطن ، و أُختتمت أعمالها يوم الخميس الموافق 2024/7/11 ، وكانت قمة مرور 75 عاما على تأسيس منظمة حلف شمال الاطلسي ( الناتو ) .

 

        شاءت الأقدار ان تمّرُ الذكرى التأسيسية و ظروف المنظمة ودولها كما وصفناها في العنوان : قمة رئيس مريض و قادة مهزومين سياسياً ساهموا في دعم كيان محتل في ارتكابه جرائم حرب وابادة وضّد الانسانية ، في غزّة ، كما شهدها الواقع و الرأي العام الدولي وسيذكرها التاريخ .

          قادة مهزومون سياسياً بعد فشلهم في انتخابات البرلمان الأوروبي وغيرها .فالرئيس ماكرون فشلَ اوروبياً ، ولم يتصدر في الانتخابات البرلمانية الفرنسية ،كذلك الحال في المانيا وفي بريطانيا ، وقد يعزّز الخطر المحدق بمستقبل او بفاعلية منظمة الناتو نجاح الرئيس الأمريكي السابق و المرشح للانتخابات القادمة ترامب بالفوز والعودة إلى كرسي الرئاسة الأمريكية ، و هو الذي سعى  و يسعى إلى تقليص دور الناتو .

       قمّة عناوينها الأساسية ثلاثة اهداف لم ولن تتحققْ : الدفاع عن أوكرانيا ، الردع والدفاع ، وتحقيق الامن الدولي .

     يوما بعد يوم ، يتقدّم الجيش الروسي و يتوغل ويسيطر على مناطق واراض في أوكرانيا ، وتفشل دول الناتو في الدفاع عن أُوكرانيا ، و ذلك بالرغم من حجم الدعم العسكري الذي قدمته دول الناتو وما تزال لأوكرانيا ، ويبلغ مقدار 40 مليار دولار سنوياً ، ومنذ اندلاع الحرب في شباط عام 2022 ، وحسب تصريح الامين العام للحلف للصحفيين خلال التغطيات الإعلامية للقمّة . روسيا لم تتأخر عن مشاركتها في قمة الناتو ،ولكن بطريقتها الخاصة ، حيث وفي افتتاحية القمة ،أمطرت كييف بوابل من الصواريخ ،أدت إلى مقتل العشرات . ارادت روسيا توجيه رسالة إلى قادة الناتو ،والذين ادرجوا في مقدمة جدول أعمال القمة تعّهد دول الناتو بدعم عسكري كبير وطويل الأمد لأوكرانيا من اجل الدفاع عن سيادتها ، مثلما صرّحوا .

   لم تنجح دول الناتو في تثبيت قاعدة الردع .

   هل ما تزال قاعدة الردع العسكري ،التي تبنّتها الدول واحتمت خلفها فاعلة في الوقت الحاضر  ؟

  ها هي روسيا ضمّت القرم في آذار عام 2014 ، و شّنت حربا على أوكرانيا عام 2022 .

ها همُ الحوثيون ، وفي اطار دعمهم لغزّة ، ينجحون في استهداف السفن و البواخر المُبحرة إلى الكيان المحتل ،لم تردعهم لا امريكا و لا دول الناتو .

و ها هي إسرائيل ، وفي مواجهة مقاتلي حزب الله ،جنوب لبنان ، تتردّد في شّنْ حرب ،لأنَّ عدوها يمتلك أيضاً قوّة الردع .

 أصبحَ مبدأ الردع لدول الناتو سياسيا وليس عسكريا ، و فائدته هو تعزيز ميزانية الحلف ،لإلزام دول الحلف بمشاركة مالية سنوية قدرها 2 ونصف بالمائة من الانتاج القومي لكل دولة ،وتصنّف  هذه المساهمة تحت باب ” الردع والدفاع ” .

 أمّا عن الهدف الثالث لقمّة الناتو وهو تحقيق الامن العالمي ، فهو بالحقيقة أكذوبة قرون وليس ” كذبة نيسان ” . منذ تأسيس حلف الناتو عام 1949 , والذي تزامن مع نهاية الحرب العالمية الثانية ،ومع تأسيس التجمعًات والاتفاقات الاممية و القانونية و الدولية ، ونحن نسمع و نقرأ عزم امريكا و دول الغرب و العالم على سعيها الدؤوب للحفاظ على الامن و السلم العالميين او تحقيقهما ، ولكن لا أمن ولا سلمْ حلاّ في العالم ،الذي شهد حروبا و احتلالا و قمعا وظلما ، وما يزال .

و من المؤسف ان نسمع الامين العام لحلف الناتو ،في مؤمره الصحفي ليوم الاثنين ( يوم واحد قبل انعقاد القمة في واشنطن ) وهو يقول ” اتّباع الناتو لنهج 360 درجة نحو الامن العالمي ” ، ويقول أيضاً ” على الرغم من ان الناتو لايريد ان يصبح شرطياً عالمياً ،فإنَّ مفهوم الامن اصبح عالمياً اكثر فأكثر ” . يقولها في الوقت الذي تدعم فيه امريكا و دول الناتو حرب ابادة ترتكبها اسرائيل ضد شعب بالكامل .

 و تحت ذريعة سعي الحلف لنشر الامن ، وجّه الامين العام للحلف دعوته إلى قادة استراليا واليابان و كوريا الجنوبية و نيوزلندا للمشاركة في القمة ، قائلا :” وهذا دليل على ان أمننا ليس إقليمياً بل عالمي ” .

مثلما أخذت روسيا دورها في المشاركة في افتتاحية القمة ، وبطريقتها ، كما  ذكرنا أعلاه ،كذلك الصين لم تتأخر ،هي الأخرى عن المشاركة ،حيث سارعت بكين إلى ادانة تصريحات الامين العام لحلف الناتو ، ووصفتها بأنها ” افتراء ” ، وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية: ” ما يسمى بأمن الناتو هو على حساب أمن الدول الأخرى ، و يدعي الناتو انه منظمة امنية اقليمية ،فيما يواصل توسيع  قواته خارج حدوده …” .

ما يعزّز ” اكذوبة أمن العالم ” ، والذي يدرج حلف الناتو الامن  هدفاً استراتيجياً ، هو تطبيق ” ازدواجية المعايير ” . فالحلف مستقتل في دعم أوكرانيا ” للدفاع عن نفسها ضد المحتل الروسي ” ، ولكن الحلف مستقتل لدعم كيان محتل و متمرد على القوانين و الشرعية الدولية،ومجرم حرب، بحق شعب مُحتَلْ و مقاوم ويطالب بحقوقه ! أليس في هذه المواقف ” ازدواجية معايير ” ؟

سؤال إلى الرئيس الفرنسي ماكرون ،الذي صّرّح يوم امس ،وعلى هامش حضوره ومشاركته قمة الناتو ،برفضه اتهام دول الغرب بازدواجية المعايير تجاه أوكرانيا وتجاه غزّة ، وقال بقدر اهتمامنا بأوكرانيا ،مهتمون ايضاً بالأوضاع في غزّة .

كلام الرئيس الفرنسي صحيح جداً ،ولكن اهتمام “يفرق” عن اهتمام .

 

 *رئيس المركز العربي الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات في بروكسل / 2024/7/14 .

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى