قمة جدة:تنازل رسمي عربي خطي عن فلسطين(حكمت عبيد)
حكمت عبيد – الحوارنيوز خاص
لطالما كان الموقف الرسمي العربي لبعض الأنظمة العربية التي ربطت مصير أنظمتها بمدى انخراطها بالمشروع الأميركي والرؤية الأميركية للمنطقة، متماهياً مع المساعي الأميركية لجهة ابرام صفقات ثنائية مع دولة الإحتلال والانفتاح عليها تمهيدا لعملية تطبيع شاملة.
هذا ما حصل عبر فترات زمنية سابقة متباعدة وتكثف في الآونة الأخيرة في ضوء “وجود التهديد الوجودي الفارسي”، على ما يزعم بعض هذه الدول.
لن ندخل في نقاش في طبيعة ومضمون “التهديد الفارسي” وعلاقته بالقضية الفلسطينية والموقف منها، ما يهمنا هو التركيز على الجانب الذي له علاقة بلبنان.
لقد خصصت القمة فقرة كاملة عن لبنان، وفيها تنويه بالمبادرة الكويتية لإعادة العلاقات الخليجية – اللبنانية إلى طبيعتها. وتحدثت الفقرة عن ضرورة الا يكون هناك سلطة في لبنان غير السلطة اللبنانية ولا سلاح في لبنان غير سلاح الشرعية اللبنانية.
وفي فقرته الرابعة تحدث البيان الرسمي عن التزام القمة بالعمل لإيجاد حل عادل “للصراع الفلسطيني – الاسرائيلي”.
مصطلح ” الصراع الفلسطيني- الاسرائيلي”، جديد في الادبيات الرسمية العربية، له دلالاته وأبعاده وتأثيراته الاستراتجية على فلسطين وقضيتها وعلى لبنان بطبيعة الحال.
مصطلح يعني بكثير من الوضوح:
١- أن لا صراع عربي – فلسطيني بعد الآن.. ويعني أيضا أن الأنظمة العربية المشاركة في القمة تنازلت خطياً عن فلسطين، وصار دورها انسانيا إسوة بوكالات الاغاثة الدولية.
لقد استقالت هذه الدول من مسؤوليتها تجاه قضية العرب المركزية. وتركت الفلسطينيين لمصيرهم.
٢- قفزت القمة عن مصالح لبنان والتهديدات والأطماع الإسرائيلية في لبنان. ولم تأت على ذكر الصراع اللبناني الإسرائيلي مثلا، أو الصراع السوري – الاسرائيلي….
٣- تأسيسا على ذلك، لم يعد من حق اللبنانيين أن يتحدثوا عن عودة اللاجئين الفلسطينيين وعن تنفيذ القرار الدولي ١٩٤. ولم يعد من حقهم المطالبة بإسترجاع جبل الشيخ ومزارعه ( شبعا وكفرشوبا). وصار التوطين أمرا نهائياً.
٤-إن بيان قمة جدة، يعزز القناعة بوجوب أن يتمسك لبنان بأوراق قوته الذاتية وفي مقدمها، ورقة المقاومة حتى لا يستفرد به كما تستفرد فلسطين، ولا تضيع حقوقه كما ضاعت حقوق فلسطين. ومن حسنات بيان “القمة”، في هذا الإطار، أنه أعطى مسوغاً للمقاومة وللبنانيين بأن يتمسكوا بخياراتهم التي أثبتت نجاعتها، بعد أن فشلت كل المساعي الدولية والمبادرات العربية.. ولم تتمكن الأمم المتحدة من تنفيذ أي من قراراتها ذات الصلة، إلا القرار ٤٢٥ جزئياً، وبفعل عظمة المقاومة وتضحياتها.
٦- لا بد من موقف وطني موحد حيال ما تضمنه بيان “القمة” وما تجاهله، وبالتحديد موضوع التوطين، وهنا لا بد وأن نتوقع موقفاً من سيد بكركي حتى لا يفسر صمته موافقة ضمنية على التوطين.
القمة انتهت ولم تنته… وعلينا انتظار نتائجها الفعلية في الأيام القليلة المقبلة في الساحتين الفلسطينية واللبنانية، وهما ساحتان مفتوحتان على تطورات هامة برا وبحرا، في السياسة كما في الأمن.