قلت في نهاية العام 2019: نحن على أبواب الجحيم..وهذه هي الأسباب(ناجي أمهز)
بقلم ناجي امهز*
منذ فترة يسألونني لماذا لا اكتب او اضع تصورا لما سيحدث في لبنان والى اين تتجه الامور، وكنت كل مرة اقول لننتظر ربما يتغير شيء ما يغير بما اشاهد انه قادم على لبنان والشعب اللبناني، ولكن للأسف يبدوا ان النهاية اصبحت واضحة بصورتها المرعبة والمؤلمة للغاية، ان لم اقل بانه لم يحدث مثيل لها، منذ النشوء الكياني لمفهوم الدول والجماعات (القبائل) بسبب تعقيداتها وتداخل المصالح وتصادمها في آن واحد.
وعندما اتكلم عن صورة مرعبة انما اتكلم عن مشهد يحاكي الأم وهي تنظر الى ولدها يقتل بدم بارد في حضنها، او ان تجد الاب وهو يركع على ركبتيه وفي صمته السكتة القلبية والدماغية معا على ضياع كل ما جناه طيلة حياته، بالإضافة الى انهيار الامن الاجتماعي وحدوث عمليات سطو مسلح وخطف واغتصاب، وانتشار للمجاعة التي ستكون نتيجة طبيعية، بالإضافة الى تداعيات لا يمكن حصرها او وصفها، لانك عندما تقرأ السرد القادم ستشاهد بعينك ان لبنان قد ضربه زلزال قلبه راسا على عقب، اعقبته موجة تسونامي جرفت اسس بنيانه، اتبعها اعصار اقتلع ودمر كافة ثوابت استمراره، لتكون الخاتمة بثورة براكين تحرق الاخضر واليابس.
يعني ان المشهد الذي حصل ويحصل في العراق وسوريا لا يمكن مقارنته بما سيحدث في حال انهار الوضع في لبنان لعدة عوامل.
اولا: لان ما حصل في سوريا كان مقدمة او “بروفا” لما سيحصل في لبنان. فسوريا استهدفت بسبب احتضانها ورفضها ضرب المقاومة في لبنان وفلسطين اذن المقدمة هي سوريا والنهاية هي لبنان، وعلينا الا ننسى ان في سوريا دولة، أقامت بنى تحتية، ولديها اكتفاء ذاتي من الحبوب، وشبه صناعة متقدمة وزراعة تعتبر الافضل في الشرق الاوسط، كما ان الدولة السورية مازالت رغم ما حدث تقدم الطبابة والتعليم بالمجان مع الحفاظ على اسعار السلع الاساسية، وايضا لا توجد على الدولة السورية ديون داخلية او خارجية، اذا لا يمكن المقارنة بين الوضع السوري الصلب المتين وبين الدولة اللبنانية الهشة الغارقة بالديون وجنون الاسعار وغياب الخدمات الاجتماعية.
اضافة الى ان الدور السوري العالمي لم ينته بعد، بعيدا عمن هو مع النظام السوري ومن هو ضده، بمعنى اوضح ان كافة الدول لها مصالح مع سوريا بينما لم يعد هناك اي مصالح للدول مع لبنان.
ثانيا: لا يمكن مقارنة ما حصل في العراق بما سيحصل في لبنان رغم فظاعة ما حدث ويحدث بالعراق، لاسباب عديدة وكثيرة لا يتسع المجال لذكرها، ولكن يمكن تلخيصها بان العراق حاجة عالمية، وهو عائم على بحر من النفط والاموال والاثار، بالاضافة الى حقبة تاريخية ستكون حجر الزاوية في بناء النظام العالمي الجديد.
ثالثا: وكما كتبنا اكثر من مرة ان لبنان فقد دوره اي علة وجوده…
لبنان كان حاجة عالمية عندما كان رئة الشرق التي تتنفس منها النخبة التحررية العربية، من خلال صناعة الاعلام السياسي الراقي المهني والانتاج الفني والإذاعي بالإضافة للتسويق الاعلاني، فالأعلام اللبناني كان قادرا على خلق وانتاج انظمة سياسية وفكرية بالمنطقة، وللاسف نشاهد اعلامنا بفي اي مرتبة اصبح.
ايضا لبنان فقد دوره الخدماتي ان كان بالسياحة او الخدمات المصرفية، اولا لان غالبية الدول امتلكت اسواقها التجارية (مولات) ومعالمها السياحية بالاضافة الى السياحة البيضاء(الجنس والخمر والقمار)، كما ان الخدمات المصرفية تطورت كثيرا بغالبية البلدان المجاورة بعد هجرة الكفاءات اللبنانية اليها.
حتى على مستوى السياسة فقد لبنان دوره العميق بسبب فقدان رجالاته التاريخيين.
مثلا كان وجود كمال جنبلاط، في المنظومة الاشتراكية العالمية لا يقل اهمية او تأثيرا عن دور الاتحاد السوفياتي وجمال عبد الناصر، ما يعني ان لبنان رغم مساحته الصغيرة الا انه كان شريكا عالميا.
وايضا كان سامي الصلح الآمر الناهي في كافة مفاصل الشرق الاوسط وتأثيره اعظم من تأثير بريطانيا بسياسات المنطقة، كما كانت كل الدول العربية مجتمعة لا تستطيع ان تتجاوزه او ترفض له طلبا لانه كان عرابها ومهندس علاقاتها مع الدول الغربية، لذلك كانت الدول العربية تتسابق الى دعم لبنان والاستثمار فيه وتفويضه برسم سياستها الخارجية واستشارته بوضع دساتيرها وقوانينها الداخلية ومنح شركاته ومؤسساته وافراده كافة التسهيلات وتكليفه باعتمادات مالية مفتوحة لبناء المشاريع والقصور وشق الطرقات، حتى المصاهرة بينها وبينه كانت تعتبر مكسبا لهذه الدول العربية.
وايضا كان هناك الرئيس كميل شمعون الذي لا يقل مكانة عن سامي الصلح، وتشهد قصة كساد موسم التفاح عندما استدعى شمعون ماكلنتوك السفير الامريكي في لبنان وقال له: “سعادة السفير قررنا أن نبيعكم موسم التفاح اللبناني”. فردّ السفير: “ولكن عفوا يا فخامة الرئيس، نحن بلد مصدّر للتفاح”. فقال شمعون: “يمكنكم أخذ التفاح الى الأسطول السادس في المتوسط”. وردّ السفير: “عذراً فخامة الرئيس”. عند انتهاء المقابلة وقبل أن يخرج ماكلنتوك من الباب قال شمعون لمرافقه: “أطلب لي السفير السوفياتي”. عندها استدار ماكلنتوك وعاد قائلاً: “فخامة الرئيس قرّرنا أن نشتري التفاح اللبناني”.
وايضا كان هناك شارل مالك الذي استطاع ان يؤثر بالسياسة العالمية اكثر من الرئيس الامريكي ترومان ،وحتى ايزنهاور لم يستطع ان يتجاوزه بالامم المتحدة، والرئيس كيندي كان يستشيره بقضايا الشرق الاوسط.
وعلى راس جميع هذه الشخصيات التاريخية، كانت الكنيسة المارونية القادرة على فرض رؤيتها للمنطقة، بسبب موقعها المتميز في الشرق الاوسط وصداقتها بفرنسا ومكانتها وقدسية قديسيها في حاضرة الفاتيكان.
حتى الامام موسى الصدر، كان له دور اممي ،وهو اول من دعا الى حوار الاديان، وكان سباقا بقراءة المتغير الديني القادم على المنطقة، ودعوته ورفضه للاقتتال الطائفي، كان لفهمه العميق ان ما يعد للبنان هو اكبر من حرب طائفية، بل هو انهاء لدور لبنان التاريخي من خلال منعه من خلق شخصيات قادرة ان تحمي لبنان، ومع حماية لبنان بالتأكيد ستتم حماية المنطقة برمتها، وهذا هو السبب وراء اخفاء وتغييب الامام السيد موسى الصدر.
اذا كان لبنان ضرورة عالمية بفضل نخبته كما كانت المنطقة وتحديدا دول مجلس التعاون الخليجي، تحتاج الى خبراته ومهاراته لتنهض وتزدهر، وهذه الضرورة انتفت مع وضعه السياسي والاجتماعي وخاصة بعد الاجتياح الاسرائيلي عام 1982 واحتلالها لأجزاء كبيره منه والحرب الاهلية التي دمرته وانهكت اقتصاده بعد ان ارست مفاهيم جديدة، ساهمت بإنتاج طبقة سياسية طائفية انتقلت من قيادة المليشيات الى قيادة السلطة، وهذه الطبقة التي كانت متحاربة على المعابر وخطوط التماس، نقلت حروبها الى مؤسسات الدولة تحت عنوان المحاصصة الطائفية، وتقاسم المغانم بطريقة افقدت الثقة بشرعية الوطن.
وللأسف الشديد، ان غالبية الطبقة السياسية شوهت صورة لبنان التاريخية كما حطمت صورته المستقبلية، بسبب اصل كيان منشئها وشعورها بالضعف بعد ان خسرت دورها نتيجة خياراتها ورهاناتها الخاطئة تاريخيا، مما دفعها لانتاج نفسها بطريقة جديدة من خلال بيع مواقفها السياسية لدولة هنا او او ارضاء زعيم دولة او ملك هناك على حساب البعد الوطني، وهذا النمط بالتعاطي السياسي مع الدول اوجد الية جديدة، رسمت ملامح انهيار لبنان، وارست قواعد واعراف لم تعهدها اي دولة او كيان على مر التاريخ.
واصبحت اي دولة لها اهداف ضد فئة معينة او تريد تمرير مشروع معين يخدم مصالحها واجندتها الاقليمية او تزمع انشاء تقاطع مصالح بالمنطقة، قادرة ان تستدعي احد اركان المحاور السابقين وتمده بالقليل من المال الذي ينفق جزء ضئيل منه على محازبيه، ويخرج صارخا الطائفة الطائفة حتى يتجمهر خلفه ابناء طائفته، ودون اي حس وطني او شعور بالانتماء الاجتماعي او وعي لخطورة الاخلال بالتوازن السياسي الطائفي وتداعياته الكارثية على الوطن والشعب، يبدا بازار البيع والشراء وقذف التهم والتحريض الطائفي ونشر الفتن، وهكذا انتقلت العدوى من فريق الى اخر ومن طائفة الى طائفة حتى غرقنا بلعنة الطائفية، ووصلنا الى ما حذر منه الامام موسى الصدر الذي قال ان الطوائف نعمة والطائفية نقمة.
وكما هو معلوم بالأعراف الاممية، ان الدول الكبرى لا تحترم تجار الاوطان وان كانوا باعلى المناصب السلطوية، لذلك هي تنظر الى هذه الفئة على انها ادوات رخيصة الثمن وتافهة ومأجورة لمن يدفع اكثر، وان كان هناك من يتبعهم من الشعب فحتما ان هذه الدولة تفتقد الى المواطنة، بمعنى اوضح ان لبنان كوطن لم يعد موجود بنظر صناع القرار العالميين كقيمة بحد ذاته.
واذا اردنا مقارنة الوضع اللبناني او مقاربته فاننا نجد بجنوب افريقيا الصورة الاقرب الى واقعنا المؤلم، وكما عانى جنوب افريقيا مما يعرف بالتفرقة العنصرية، ايضا يعاني لبنان من التفرقة الطائفية والعنصرية معا، فان الشعب اللبناني رغم فقره وتعتيره ووضعه الاجتماعي المذري على كافة الصعد، الا انه ينظر الى طائفته بطريقة عنصرية على انها الافضل والاطهر والاعظم، وهو مستعد ان يدمر الوطن في سبيل طائفته دون ان يعلم انه بحال فقد الوطن فقد نفسه وحتى طائفته، فالفرد يحتاج الى وطن كي يعيش (ليس طائفة).
وبالرغم ان شعب جنوب افريقيا الذي كانت تحكمه قيادات هي صورة طبق الاصل لغالبية القيادات التي تحكم لبنان، مثلا كنت تجد في جنوب افريقيا القائد الفلاني يتبع لامريكا بينما السياسي الفلاني هو امتداد للفرنسي والاخر بريطاني، وعند تضارب مصالح هذه الدول كانت تلتهب المنطقة ويسقط مئات القتلى لاتفه الاسباب، الا انه تميز عن لبنان بعامل اساسي، انقذه من الاضمحلال وهو الايمان بوجود شخصية نضالية اسمها نيلسون مانديلا، الذي كان يشكل بارقة امل لانقاذ هذا الوطن.
بمعنى اوضح ان طيلة اربعة عقود لم تستطيع كل هذه القوى السياسية المأجورة في جنوب افريقيا المدعومة من كافة القوى العالمية ان تبني وطنا، ولكن استطاع شخص اسمه نيلسون مانديلا ان يبني وطن جنوب افريقيا.
اذا نحن اللبنانيين اقله بحاجة كشعب ان نتفق على شخصية نلتف حولها تنقذنا من هذا الكم الماجور من السياسيين وتبني لنا وطنا، والا سندخل بمنعطف من الحروب مختلف تماما عن الحرب الاهلية التي امتدت طيلة 15 عاما والتي ستكون نزهة امام الحرب الجديدة، لاسباب عديدة منها:
اولا: المتغير الاقتصادي الذي طرا على العالم الحديث بظل انقلاب المشهد السياسي والخلل بالتوازنات التي كانت تحكم العالم منذ مائة عام تقريبا، بمعنى اوضح قبل ان يعتقد البعض بان الحرب قد تحولهم لامراء حرب، هل يملكون اسم دولة واحدة مستعدة ان تدفع بحال حصول اقتتال داخلي.
ثانيا: هو التمازج الديمغرافي الذي اندثر بعد الحرب الاهلية في لبنان، حيث اصبحت لكل طائفة عاصمتها وصبغتها الطائفية الفاقعة وكيانها الخاص، مما يعني بان الذي سيقصف لن يفكر للحظة بان ابو الياس يسكن بقرب ابو حسين او ابو عمر.
ثالثا: هو اختلاف صورة المنطقة تاريخيا، مع متغيرات سياسية ادت الى اختفاء دول مثل ليبيا وخروج مصر من المعادلة الاقليمية اقله بالمدى المنظور، وبروز كيانات وتحالفات جديدة بالمنطقة منها الاعتراف الامريكي بالقدس عاصمة الكيان الاسرائيلي الغاصب وتطبيع بعض الدول العربية معه، ونشوء الحكم الكردي المستقل بالعراق بظل سيطرة سياسية امريكية واضحة عليه، بالاضافة الى ابار النفط التي تحتلها واشنطن ضمن الاراضي السورية وما رافقها من تدخل عسكري تركي في بعض المناطق الحدودية السورية التركية، وايضا الحرب السعودية الامارتية على اليمن…. وهناك ما هو اخطر من كل هذا هو بروز المجموعات التكفيرية الارهابية التي ارعبت الشرق الاوسط والعالم بإجرامها.
وبظل هذا المشهد الواضح المعالم والنتائج عن خريطة العالم العربي نجد بان كل وطن عربي غارق بمشاكله الداخلية الخاصة ( صراعات حروب انهيارات اقتصادية) فاضحت هذه الدول عاجزة عن انقاذ نفسها واعجز من ان تمد يد العون الى البلدان المجاورة. بمعنى اوضح علينا ان نفهم انه في حال دخل لبنان نفق الاقتتال الداخلي فلن نجد دولة عربية واحدة قادرة على القيام بأية مبادرة تشابه مبادرة الطائف، بل سنجد المزيد من تدخل القوى الكبرى التي ستصب الزيت على النار، وهي مستعدة ان تنهي لبنان ان كان هذا الامر سيؤدي الى انهاء المقاومة من اجل امن الكيان الاسرائيلي الغاصب.
وما زاد الوضع تعقيدا في لبنان هو انتصار 25 ايار عام 2000 الذي اعتبرته المنظومة العالمية العميقة خروجا عن القواعد المتبعة في لعبة السيطرة على العالم، وهو بالنسبة اليها يعادل ارتكاب جرم لا يغتفر الا بتدمير لبنان وابادة هذه الفئة التي تجاوزت حدودها واخلت بموازين القوى العالمية، لانها كسرت القيد المحرم، ( لانه في نظر هذه المنظومة ان انتصار مقاومة قليلة العدد والعتاد سيفتح الباب على مصراعيه امام تحرك المقاومين بالعالم، ما يعتبر تهديدا حقيقيا للنظام العالمي القائم على الابتزاز وتجاذب مصالح ونهب ثروات الشعوب وفرض الشروط على دول العالم)، وهنا قرر النظام العميق وضع لبنان في سلم اولويات استهدافه، وكان اول ما قام به هذا النظام هو ارسال ادواته الامريكية الى الرئيس الاسد في عام 2003 ،وقد قال الرئيس الاسد في أحد مقابلاته: اتى كولن باول في ذلك الوقت وكان مزهوا بنفسه ويتحدث عن كيف دخلت القوات الأمريكية خلال أسابيع إلى بغداد.. ويلمح إلى أن الكونغرس الأمريكي يحضر لقانون آخر لمحاسبة سورية.. أكثر شدة وقسوة من القانون السابق.. وكل الكونغرس ينتظر عودة كولن باول لكي يقرر ما الذي سيفعله مع سورية، وقال لي إنه لم يبق لكم صديق أو أمل سوى أنا وزيارتي.. وهي الزيارة الأخيرة.. ومبنية على عدة مطالب.. وهي بشكل أساسي إخراج الفصائل الفلسطينية أو قياداتها ،حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية، خارج سورية، وإيقاف التعامل مع حزب الله والمقاومة في لبنان ووقف كل أشكال الدعم”.. وبعد ان رفض بشار الاسد المطالب الامريكية بشكل قاطع، انطلق النظام العميق العالمي بتنفيذ مشروعه وهو تهديم لبنان وسوريا وايران من اجل سحق حزب الله اللبناني.
اذا في عام 2003 رفض الرئيس بشار الاسد القرارات الامريكية بوقف التعامل مع المقاومة وعزلها تمهيدا لضربها.
عام 2004 صدر القرار الدولي 1559 الذي ينص على انسحاب سوريا من لبنان،
عام 2005 اغتيل الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ومن نفس العام خرجت القوات السورية من لبنان،
عام 2006 حصل الاعتداء الاسرائيلي المدمر على لبنان،
عام 2007 ارتفعت موجة الاغتيالات في لبنان وحدث اكثر من اشتباك مسلح بين ما عرف حينه قوى المولاة وقوى المعارضة وفي نفس العام وافق مجلس الامن على انشاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان،
عام 2008 استشهد القائد الحاج عماد مغنية، بعملية اغتيال، وفي نفس العام وقعت احداث سبعة ايار بسبب قرار الحكومة اللبنانية مصادرة شبكة اتصالات حزب الله السلكية،
عام 2009 وقعت اول مواجهة بين حزب الله ونظام حسني مبارك، وكانت اول مرة تتحرك فيها دولة عربية لمواجهة حزب الله،
عام 2010 وفي سابقة لم تحصل في امريكا ، وضع مركز الابحاث في الكونغرس الامريكي اول تقرير مفصل عن حزب الله يتضمن كافة التفاصيل المتعلقة بعتاده وعديده وبعده الايديولوجي والسياسي وعلاقته بسوريا وايران،
عام 2011 بدأت واشنطن بإشعال الفتنة ونشر الفوضى بسوريا،
عام 2012 اشتعلت سوريا وسقطت بعض القرى المحاذية للحدود اللبنانية بايدي المجموعات التكفيرية الارهابية، موجة هجرة كبيرة من السوريين واللبنانيين القاطنين بسوريا او بأراضي لبنانية داخل الجغرافيا السورية بدأت تصل لبنان،
عام 2013 بدأت التفجيرات الارهابية والعمليات الانتحارية تستهدف المناطق الشيعية في لبنان،
عام 2014 جبهة النصرة الارهابية تحتل اجزاء من لبنان، وتختطف عسكريين،
عام 2015 استهدف العدو الاسرائيلي ستة من عناصر حزب الله، بينهم القائد العسكري محمد عيسى، أحد مسؤولي ملفي العراق وسوريا، ونجل الحاج عماد مغنية، جهاد، وأيضا الجنرال محمد على الله دادى بالحرس الثورى الإيرانى، في مزارع حي الأمل في منطقة القنيطرة سوريا، وفي نفس الشهر رد حزب الله على عملية الغدر الاسرائيلية بعلمية نوعية انطلاقا من مزارع شبعا اسقط فيها العديد من القتلى والجرحى في صفوف العدو الاسرائيلي،
عام 2016 استشهاد السيد مصطفى بدر الدين،
دول مجلس التعاون الخليجي تصنف حزب الله اللبناني منظمة إرهابية،
عام 2017 تحرير جرود عرسال اللبنانية والقلمون الغربي من الإرهاب، ازمة احتجاز رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري في السعودية واعلان استقالته.
عام 2018 الولايات المتحدة وست دول خليجية تفرض عقوبات على قادة حزب الله اللبناني من بينهم الأمين العام السيد حسن نصر الله،
حصول الانتخابات النيابية،
عام 2019 حادثة قبرشمون، عدوان اسرائيلي بالطائرات المسيرة على الضاحية، حزب الله يستهدف قاعدة إسرائيلية ودورية للجيش الإسرائيلي داخل الأراضي المحتلة ،تخفيض تصنيف لبنان الائتماني، انتفاضة شعبية عارمة رفضا للضرائب والغلاء المعيشي وانتشار حالة البطالة والفساد، استقالة الحكومة اللبنانية، انعقاد مجموعة تنسيق إنفاذ القانون والتي تركز على مكافحة أنشطة حزب الله.
الخلاصة:
من كل ما تمت مطالعته منذ بداية هذه المقاربة بنتائج وتوصيفات وسرد بالاعوام حتى كتابة هذه الفقرة هو فقط لأخبركم بان لبنان منذ اعلان وعد بفلور، وهو مستهدف من قبل منظومة عميقة تشعر انه يشكل خطرا حقيقيا على مشروع الكيان الاسرائيلي بالمنطقة، ولكن هذه المنظومة كانت عاجزة عن تحقيق مآربها بسبب التوازنات الدقيقة التي كانت تحكم العالم انذاك ،وبسبب مكانة لبنان العالمية والدولية، وتواجد شخصيات تاريخية امثال الذين تناولتهم بالسرد التفصيلي، بعيدا عمن يتفق او يختلف معهم، ولكن هذه حقائق تاريخية.
ان الهدف من كل ما كتبته منذ بداية الكلمة الاولى حتى هذه الكلمة لأشرح بأن الذين يخبرونكم بان حزب الله هو السبب بما وصل اليه لبنان، هم يكذبون عليكم ويخدعونكم، لان حزب الله الذي انطلق بمقاومته مع بداية الثمانيات بعد اجتياح العدو الاسرائيلي للبنان حتى العاصمة بيروت لم يكن في ذهنه اية مكاسب او مناصب، لانها اصلا لم تكن موجودة، ولا احد كان يتوقع ان يعود لبنان معافى.
وحتى ان راجعتم السرد السنوي، ستجدون انه ما من مجموعة او فئة او طائفة تعرضت على مر التاريخ لهذا الكم من المؤامرات والاستهداف والعقوبات كالتي تعرض لها حزب الله على مدار السنوات، والتي لم يكن يمر عام الا وهناك مخطط سياسي او مؤامرة جهنمية وعدوان عسكري وتحرك دولي للنيل منه، اقله منذ عام 2003 حتى عامنا هذا.
كما لم توجد قوى عالمية او محلية او حتى جهة سياسية احترمت القوانين والاعراف والتزمت بما وعدت به مثل ما فعل حزب الله، الذي التزم القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الامن ارتباطا بالقرار 425 وما اقرته الحكومة اللبنانية ، وطيلة اربع سنوات لم يقم حزب الله باي عمل عسكري انطلاقا من جنوب لبنان او عمل سياسي في لبنان، حتى اخذ يعيب عليه خصومه بانه يحمي شمال فلسطين.
حزب الله لم يعتدي على امريكا او يقوم باي عمل ضد الكيان الاسرائيلي او ينتهك شروط وقف النار، بل ان امريكا هي التي جاءت عام 2003 لتمارس الارهاب والبلطجة على الحكومة السورية وتطالب بتصفية حزب الله بالقوة، انتقاما للكيان الاسرائيلي الغاصب الذي هزم ودحر عام 2000.
حزب الله لم يتجاوز الخطوط الحمر او يعرض الاستقرار الوطني اللبناني للزعزعة، بل العدو الاسرائيلي الذي اغتال عملاؤه غالب عوالي عام 2004 وهو الذي ادخل لبنان من جديد بدائرة الاستهداف وبدأت جولة جديدة من العنف استمرت حتى عدوان تموز 2006.
حزب الله منذ عام 2006 حتى هذا العام وهو يتعرض للاغتيالات والعقوبات والمؤامرات السياسية داخليا ودوليا،
حزب الله لم يذهب ويتدخل في سوريا الا بعد ان دخل الارهاب عمق الضاحية الجنوبية وروع وفجر وقتل واحتل جزءا من لبنان.
حتى استفحال الفساد في لبنان، لم يكن الا عملا منظما ومباركا من قبل جهات دولية كانت ترعاه وتحميه وتنميه على حساب البنية الاقتصادية والاجتماعية، تمهيدا لانهيار لبنان كي تلقى كل التهم على كاهل حزب الله.
وكل ما نشاهده اليوم ونسمعه من الجهات الدولية المانحة التي تتحفنا بنظريات الشفافية من خلال نشر التقارير عن فساد بعض منهم بالسلطة، ما هو الا ذر للرماد في العيون، لان هذه الجهات التي تقرض لبنان، هي نفسها التي تسيطر على البنوك، وهي التي تعلم كل دولار اين يذهب ولأي حساب يتم تحويله، ولو كانت جادة بحرصها وصادقة في مساعدة لبنان لكانت تابعت واشرفت بنفسها او انتدبت من يمثلها، قبل ان يصل لبنان الى ما وصل اليه.
ويمكن لأي متابع ان يلحظ من خلال الهجمة الاعلامية، بان الإدارة الامريكية تستغل ازمة لبنان الاقتصادية والنقدية، وتوظفها بأكثر من اتجاه، لإظهار صورة قبيحة عن لبنان، تعاكس الحقيقة التاريخية لدور لبنان الكبير، وبان لبنان مجرد دولة فاشلة وغالبية حلفاء حزب الله المتواجدين بالسلطة هم مجرد لصوص فاسدين.
ان هذه المقاربة تجعلنا بأحسن الاحوال، امام منعطف خطير للغاية، وخاصة ان كافة عوامل الانهيار اصبحت متوفرة بدء من انسداد الافق السياسي وفقدان الثقة بين الجميع، بسبب تضخم حجم الدين العام، الذي تنامى وتضاعف حتى اصبح اكبر من حجم لبنان النقدي بعشرات المرات ، ما جعل لبنان رهينة بايدي الولايات المتحدة الامريكية التي تبتز مكوناته السياسية، تارة بالعقوبات وطورا بالعزل في حال لم يرضخوا لشروطها، كما انها لا توارب بتهديد الشعب اللبناني انه في حال قرر ان ينتفض عليها سيكون مصيره الفقر.
وللأسف يبدوا ان السيناريوهات المرعبة التي تسوق لها واشنطن قابلة للتنفيذ، ليس لنفوذ امريكا القوي، ولا بسبب ضعف حزب الله الذي له رؤيته لانقاذ الوطن، بل لان الشعب اللبناني قد وصل الى مرحلة مخيفة من الطائفية الفوضى، وهو لم يعد قادرا على التمييز بين الاشياء، حتى على المستوى الشخصي، فالمواطن اللبناني اصبح غير قادر ان يعترض على زعيمه حتى وان قطع عنه الكهرباء والماء واحاطه بالنفايات،
المواطن اللبناني مستعد ان يدمر اقتصاده ويعطل صناعته ويوقف زراعته بسبب فرق دولار واحد،
مثلا الاستيراد لمواد يمكن ان ينتجها لبنان وان كانت بسعر اغلى قليلا.
المواطن اللبناني مستعد ان ينتخب غنيا لا يقدم له شيئا على ان ينتخب فقيرا مستعد ان يخدمه بكل شيء، مع العلم ان الغني جمع امواله من تعب الفقراء.
المواطن اللبناني مستعد ان يوقف اعماله واشغاله وان يقطع مسافات اميال ليهتف للزعيم، وغير قادر ان يهبط الشارع ليطالب بحقوقه من طبابة وضمان شيخوخة، يمنعها عنه الزعيم الذي يهتف باسمه.
المواطن اللبناني مستعد ان يقف طوابير طويلة وان يذل على ابواب السفارات وحتى ان يغير هويته ووطنه ولا يقبل ان يغير بالانتخابات زعيمه، الذي تركه يموت في الغربة خارج وطنه.
المواطن اللبناني يرضى العيش بالفقر والحرمان، ولا يقبل ان تقول كلمة حق عن زعيمه الذي يعيش حياة الترف والبذخ على حساب فقره.
المواطن اللبناني يرضى ان يتبهدل بحر الصيف وتحت مطر الشتاء وان يغرق بالفيضانات هو واولاده على الطرقات في ظل غياب نقل عام وانعدام البنى التحتية، ولا يقبل ان تعترض على زعيمه الذي يقطع الطرقات ليمر بموكبه المؤلف من مائة سيارة يدفع تكاليفها هذا المواطن التعس من خبز عياله.
المواطن اللبناني مستعد ان يتهجم على مقاومة استعادت الارض من الاحتلال بعد ثلاثة عقود دون ان تكلفه قرشا واحدا ومستعدة ان تدافع عنه وهي دافعت عنه دون ان تكلفه قرشا او قطرة دم واحدة، فقط ليرضي زعيمه الذي مستعد ان يبيعه هو والمقاومة والوطن من اجل مصلحه شخصية مع وطن ثاني يقدمها لعدو ثالث.
الشواهد كثيرة ولا تنتهي ولكن اقصد ان الشعب اللبناني فقد تقريبا كل مقومات وجوده، كشعب ووطن. لذلك فإن العالم عندما يشاهد هكذا عينة من الشعب يدرك بانها غير قابلة للإصلاح او التطوير.
حتى المؤسسات الكبرى التي يجب ان تكون صمام امان الوطن، واحد اهم عوامل التنمية والازدهار فيه، تجدها تتعامل مع المواطن اللبناني كانه سلعة.
البنوك مثلا لم تتعامل مع المواطن اللبناني كنظام تطوير اقتصادي. تجد البنوك لا تهتم لافلاس شركة وحتى ان كان افلاس هذه الشركة سيشرد مائة عائلة ويرميها على قارعة الطريق.
بل تجدها مستعدة ان تصادرها من اجل ان تزيد مكاسبها على حساب مكاسب الوطن ككل، وهذا ما وصلنا اليه، ونشاهده ونسمعه يوميا، فالشركات والمؤسسات الصغيرة التي كانت تكافح لتبق سقطت وتوقفت وافلست عند اول ازمة مالية اقتصادية، وخسرت كل شيء هي وموظفيها. وعندما نتكلم عن افلاس او تسكير مؤسسة، نتكلم عن عائلات فقدت حياتها وخسرت عمرها، وهناك من يقسط منزله او يعلم ابناءه وحتى من يبني مستقبله، وكل هذا حصل لان البنوك يمتلكها بعض منهم بالسلطة، ومن هم بالسلطة لا هم لهم الا انفسهم، وعندما تبحث عمن اوصل هؤلاء الى السلطة، تجد ان الشعب الجائع الفقير المنهار هو الذي اوصلهم الى السلطة كما هم اوصلوه الى الفقر والحرمان. اذن المشكلة هي في الشعب.وهكذا شعب بالتاكيد لن يكون قادرا ان يبني وطنا.
حتى الدولة عندما تفرض الضرائب وتقر معاشات النواب والوزراء تجدها لا تتخذ بالحسبان من اين سيدفع هذا المواطن الفقير المعدم الذي لا يجد قوت يومه او تامين ايجار منزله هذه الضرائب المرتفعة بظل الركود الاقتصادي وتفشي البطالة.
حتى انه لا توجد اي تسهيلات للمواطن كي يستمر وبه تستمر الدولة، فالمواطن اللبناني يجب عليه ان يدفع اغلى فاتورة هاتف بالعالم كي يستفيد بعض من هم بالسلطة.
المواطن اللبناني يجب ان يدفع فاتورة الكهرباء مرتين والماء ثلاث مرات ليستفيد بعض من هم في السلطة.
المواطن اللبناني مضطر ان يدفع اغلى فاتورة استشفائية او تعليمية ليستفيد بعض من هم في السلطة.
حتى المواطن مضطر ان يدفع اكثر من معاش لنفس الشخص الموجود بالسلطة.
ومن هم بالسلطة غير مستعدين ان يتنازلوا عن جزء من مرتباتهم، للشعب او الخزينة او اقله يوقفون الهدر.
وهكذا المواطن اللبناني مضطر ان يدفع ويدفع حتى وصلنا الى مكان لم يعد المواطن اللبناني قادرا ان يدفع اي شيء، فانهار كل شيء، ولم يبق الا بعض الاشخاص الموجودين بالسلطة، بينما انتهى تسعون بالمائة من الشعب.
اقصد الوضع اللبناني، ليس كما يشاع بل هو مأزوم اكثر بكثير مما يتصور حتى اصحاب الاختصاص،
فالشعب قادر اليوم ان يجد الطحين ولكن غدا كيف سيجده، وبماذا سيعمل ليدفع ثمنه.
الشعب اللبناني يشعر بان المواد الاساسية ارتفعت اسعارها، ولكن غدا من اين سيحصل عليها وبماذا سيشتريها.
الوضع معقد للغاية. فالعالم يعرف اننا اصبحنا بالنهاية، ولكن نحن لا نعرف اين اصبحنا.
ولم يبق لدينا من الحلول والمخارج الا ان نتبع حدسنا ونتجمهر كشعب حول شخصية تكون شبيهة نيلسون مانديلا، قادرة ان تنقذنا وتبني لنا وطنا، وتعيد المال المنهوب.
والشرط الاساسي لهذا الحل هو التحرر من الطائفية، كي يبق لنا وطن وهوية.
- كتبت هذه المقالة في 17 كانون الاول 2019