بقلم د.أيمن عمر*- الحوارنيوز
في أحدث تقدير للحكومة الإسرائيلية للأضرار التي لحقت بمنطقة الحدود الشمالية، بما في ذلك الأضرار التي لحقت بالمنازل والشركات، تبلغ الخسائر حوالي 1.35 مليار دولار. وقدرت وزارة المالية الإسرائيلية تكلفة العمليات العسكرية 246 مليون دولار يوميا. وقد لحقت أغلب الأضرار بالمناطق المجاورة للحدود اللبنانية، وإن حوالي 55 ألف فدان من الغابات والمحميات الطبيعية والحدائق والأراضي المفتوحة في شمال الكيان الإسرائيلي ومرتفعات الجولان قد احترقت منذ بدء الحرب.
وفي ما يلي خسائر أهم القطاعات الاقتصادية في الكيان الإسرائيلي:
السياحة
من أكثر القطاعات تضررًا هو القطاع السياحي حيث انخفض عدد الوافدين بشكل حاد هذا العام، فقد استمر الاتجاه النزولي خلال الأشهر الستة الأولى بين يناير ويونيو من هذا العام، حيث بلغ عدد الزوار 501,100 زائر فقط مقارنة بـ 2.1 مليون زائر في نفس الفترة من العام الماضي. وبعد ما يقرب من عام من اندلاع الحرب، أعلنت وزارة السياحة الإسرائيلية أن الكيان الإسرائيلي تكبّد خسارة صافية قدرها 18.7 مليار شيكل (4.973 مليار دولار) من الإيرادات المفقودة من السياحة الدولية وخسارة قدرها 756 مليون شيكل (201.063 ألف دولار) من السياحة الداخلية بسبب الحرب وانخفاض عدد السوّاح الناجم عن ذلك. وفي عام 2023، انخفض من حوالي 1.4 مليار دولار في الربع الثالث إلى حوالي 464 مليون دولار في الربع الأخير، وفقًا لبيانات المكتب المركزي الإسرائيلي للإحصاء. ووفقًا لتقرير نشرته جمعية الفنادق الإسرائيلية في يوليو، فإن حوالي 10٪ من الفنادق في الكيان الإسرائيلي تواجه انهيارًا ماليًا وشيكًا بسبب الانخفاض الحاد في معدلات الإشغال.
الزراعة والأمن الغذائي
إن حوالي 30٪ من الأراضي الزراعية في الكيان الإسرائيلي تقع في مناطق الصراع مع حوالي 22٪ في منطقة حدود غزة و 10٪ على الحدود الشمالية مع لبنان، وقد أدى الوصول المحدود إلى الأراضي الزراعية ونقص العمال إلى انخفاض الناتج الزراعي الإسرائيلي. ففي 7 أكتوبر 2023، تكبّد المزارعون في جنوب الكيان خسائر تزيد عن 500 مليون دولار في الدخل، وتدمير أكثر من 100 ألف فدان من الأراضي الزراعية والجرارات والمحاريث والحصادات والبنية التحتية العامة وأنظمة الري. وكشفت دراسة صادرة حديثًا عن “ليكيت” أو بنك الغذاء الوطني وهي مؤسسة خيرية مسجلة، عن زيادة كبيرة في أسعار المواد الغذائية مما ألقى بظلاله على عطلة رأس السنة اليهودية، فقد ارتفعت أسعار الفاكهة والخضروات بنسبة 9٪ مقارنة بالعام الماضي، مع ارتفاع أسعار اللحوم بنسبة 7٪، والدجاج بنسبة 6٪، ومنتجات الألبان بنسبة 4٪، وارتفع سعر المنتجات الطازجة بنسبة تصل إلى 18٪ خلال الأشهر الستة الأولى من الحرب، بينما ارتفعت أسعار الفاكهة بنسبة تصل إلى 12٪. وفي ظل وضع اقتصادي ومالي منهار، فإن هذه الزيادة الحادة في الأسعار تعني أن العديد من الإسرائيليين سيعانون من مشكلة في الأمن الغذائي وصعوبة في الحصول على متطلبات الغذاء الريسية.فقد استبدلت العديد من الأسر الإسرائيلية وبفعل الوضع المالي المتردي، الفواكه والخضروات ببدائل أرخص وأقل تغذية، وهذا ما يضغط على النظام الصحي الإسرائيلي، مما يزيد من تكاليف الرعاية الصحية. وقد وجدت الدراسة أن زيادة هدر الغذاء نتيجة للحرب كلّفت الاقتصاد حوالي 275 مليون دولار، بما في ذلك 185 مليون دولار من الطعام المهدر.
قطاع التكنولوجيا
يعتبر قطاع التكنولوجيا الفائقة محرك النمو الاقتصادي الرئيسي في الكيان الإسائيلي، فهو يساهم ب 20% من الناتج المحلي الإجمالي، ويمثّل 16% من العمالة، وأكثر من نصف الصادرات الإسرائيلية، وثلث ضرائب الدخل. وقد شهدت الاستثمارات الأجنبية والإسرائيلية في قطاع التكنولوجيا العالية انخفاضًا كبيرًا بنسبة 30٪ خلال الحرب، وفقًا لتقرير أصدرته صناعات التكنولوجيا المتقدمة الإسرائيلية (IATI) ومعهد (RISE) للأبحاث والسياسات الإسرائيلية، هذا الانخفاض الحاد مقارنة بالعام السابق يشير إلى التأثير الكبير للحرب على أهم قطاع اقتصادي في الكيان الإسرائيلي. وبلغت قيمة عمليات الدمج والاستحواذ 9.6 مليار دولار هذا العام، بانخفاض مليار دولار عن العام السابق. وقد أظهر تقرير حكومي في 23 سبتمبر أن قطاع التكنولوجيا يواجه حالة من عدم اليقين بشأن التمويل قد تضر بالاقتصاد الأوسع. وأفادت 49% من شركات التكنولوجيا الفائقة الإسرائيلية بخسارة استثمارات منذ بداية الحرب على غزة في 7 أكتوبر، بينما يتوقع 48% من المستثمرين انخفاض الأسهم العام المقبل، وفقًا لتقرير صادر عن (Start-Up Nation Central). وأشار التقرير إلى أن الوضع صعب بشكل خاص في شمال البلاد، حيث تتمركز 69% من شركات التكنولوجيا الفائقة، ووجد مسح منفصل لنحو 60 شركة تكنولوجيا مقرها الشمال أن 45% فقط تعمل بكامل طاقتها، وأن 41% نقلت أنشطتها إلى وسط الكيان وأن 20% تعلم بالفعل أنها لن تعود إلى الشمال.
في تقرير اقتصادي لجريدة “هآرتس” الإسرائيلية في أكتوبر الماضي أظهر أن الكيان الإسرائيلي يواجه خسائر اقتصادية جسيمة بسبب استمرار الحرب في قطاع غزة وسوء إدارة الحكومة للسياسات المالية، وأن الواقع الاقتصادي يظهر أن الكيان يعاني من ركود اقتصادي قد يستمر لفترة طويلة. وذكرت الجريدة أنه رغم الأمل في انتهاء الحرب قريبًا فإن التحديات الاقتصادية ستظل قائمة لفترة طويلة، وهو ما يجعل من الصعب تحقيق استقرار اقتصادي قريب في ظل الظروف الحالية ، وأن الحقائق الاقتصادية تشير إلى أن النصر قد يكون مكلفًا للغاية.
*أكاديمي وباحث اقتصادي