قرقماز للحوار نيوز: لهذه الأسباب فشلت المحكمة الخاصة في مهمتها ..
حكمت عبيد – الحوارنيوز
"على الدولة اللبنانية أن تقوم بمراجعة جدّية فيما يتعلق بموضوع المحكمة الخاصة بلبنان ودراسة الفائدة من بقائها، بعد الحكم الذي أصدرته غرفة الدرجة الأولى وتبّين بموجبه أن لا مضمون حقيقي للإتهام وأن الحكم الذي صدر بحق سليم عياش هو لحفظ ماء وجه المحكمة وهو بمثابة جائزة ترضية للمدعي العام، ولزوم الضرورة لبقاء عمل المحكمة في القضايا المتلازمة".
بهذه العبارة أجاب المحامي اللبناني – الفرنسي – الدولي أنطوان قرقماز على سؤال ل "الحوارنيوز" بشأن تقييمه لقرار غرفة البداية 1 في قضية إغتيال الرئيس رفيق الحريري (قضية سليم عياش وآخرون).
كلام المحامي قرقماز يكتسب أهميته نظرا إلى كون قرقماز واكب عمل المحكمة منذ تأسيسها وكان رئيسا لفريق الدفاع المكلف من قبل المحكمة لحماية حقوق ومصالح المتهم الراحل مصطفى بدرالدين، إلى جانب خبرته الواسعة وغناه في القوانين الدولية والمصداقية والمهنية اللتين ميّزتا آدائه.
المحامي قرقماز رأى في معرض أجوبته "أن غرفة الدرجة الأولى أنقذت المحكمة الخاصة بلبنان في قضية الرئيس رفيق الحريري حيث أدانت سليم عياش رغم المقدمات والكثير من المعطيات التي أوردتها الغرفة في متن قرارها والتي تجعل من عياش بريئاً".
ويوضح قرقماز:" لقد وجّهت الغرفة انتقادات كبيرة للمدعي العام واتهمته بإخفاقات موصوفة، ومثل هذه الانتقادات العنيفة أمرٌ غير عادي على الإطلاق في المحاكم الدولية ".
ونتيجة لحجم وجدية الإنتقادات، يعتبر المحامي قرقماز أنه " من المُعيب عدم إقالة المدعي العام من منصبه أوعدم التجديد له، ومن المُعيب أيضا أن لا تطالب الدولة اللبنانية بإقالته بعد أن أخفق في مهمته ولم يقدم أي دليل جدي في قضيته حسب أعلى المعايير الدولية المتبعة واستند في عمله على "خبراء" افتقدوا إلى المهنية والكفاءة، وفقا لقرار الغرفة الأولى".
ويضيف:" لم يقدم المدعي العام أي دليل ذات موثوقية، وأهمل واقعة مادية هامة هي واقعة أحمد أبو عدس، لا بل لم يعمل جديا على استدعاء والدة ابو عدس وشقيقته للشهادة أمام الغرفة لأسباب واهية وعلى حساب الحقيقة والعدالة، ثم بنى نظريته على أقوال شاهد ملك كاذب، ورغم اكتشاف كذبه لم يلاحق"!
"لقد دفعت أموال طائلة لنحو 134 "خبير" من قبل المدعي العام، بينهم عشرين خبير فقط استند عليهم المدعي العام، ويكفي للدلالة على ما نقول الإشارة إلى أن الميتسوبيتشي التي ظهرت في النفق لم تقتنع الغرفة بأنها شوهدت بالقرب من مكان الهجوم قبل وقوعه وهذا يعني أنها لم تكن هي التي انفجرت في موكب الحريري، وبالمحصلة، لم يشر قرار الغرفة إلى من هو أو هم الأشخاص الذين خططوا ودبروا لإغتيال الرئيس الحريري، بغض النظر عن إدانتها لسليم عياش الذي حسب رأينا أنه من غير الممكن أن يكون وحده من قام بتخطيط وتنفيذ عملية اغتيال بهذا الحجم".
"على لبنان أن يقرأ جيدا قرار الغرفة لإستخلاص العبر واتخاذ القرارات المناسبة، ولا ضير في المطالبة بلجنة تحقيق محاسبية لمعرفة كيف هُدرت الأموال العامة التي تنفق من جيوب اللبنانيين".
يتابع قرقماز:" هناك تساؤولات مشروعة حيال بقاء المحكمة الخاصة وضرورة إستمرارها بعد أن تبيّن أن حزب الله ومصطفى بدرالدين الذي كان متهما بصفته العقل المدبر لا علاقة له بالجريمة، حتى أن الشبكة الخضراء بكاملها لا علاقة لهما بالجريمة"
– وفي هذه الحال لماذا أدانت الغرفة سليم عياش وعلى ماذا استندت؟
يجيب المحامي قرقماز:" انطباعي أنه جرى إدانة عياش لأن هناك قضايا متلازمة مطروحة أمام الغرفة الثانية، ولا بد من إيجاد عنصر التلازم، فلو برّأ عياش لسقط موضوع المحكمة في القضايا المتلازمة. الحكم بدا وكأنه خيار إلزامي وإجباري أمام قضاة الغرفة الأولى بداع ضمان استمرارعمل المحكمة وحفظ ماء وجهها بعد أن صرفت ملايين الدولارات دون نتيجة، وجائزة ترضية للمدعي العام".
– وهل لدى الدفاع في قضية عياش فرصة أمام غرفة الإستئناف؟
يقول قرقماز:" الطريق مفتوحة أمام الإستئناف وبتقديري فإن دحض حكم البداية بإدانة عياش أمر سهل ولدى الدفاع الكثير من النقاط القانونية والوقائع المادية التي يمكنه أن يستند عليها لإقناع قضاة الإستئناف بإلغاء قرار إدانة عياش. الأخطاء كبيرة وغرفة الإستئناف، كما تنص المادة 27 من قواعد الإجراءات والإثبات يجوز لها تصديق أو تعديل أو فسخ الحكم الابتدائي و/أو العقوبة أو إعادة النظر فيها".
وعما إذا كانت العدالة ممكنة في مثل هكذا محكمة؟
يقول قرقماز:" العدالة في مثل المحكمة الخاصة ممكنة ولكن ثمة مواد في قواعد الاجراءات والاثبات غريبة وغير منصفة ولا تساعد في الوصول الى الحقيقة وبالتالي العدالة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر المادة 111 ( ابلاغ التقارير والمذكرات وأية وثائق داخلية أخرىبموجب أحكام القواعد الحاضرة)، حيث تنص على أنه "لا يجوز الكشف عن التقارير والمذكرات أو أية وثائق أخرى داخلية أعدها أحد الفريقين أو مساعديهما أو ممثليهما وتتعلق بالتحقيق أو بإعداد الدعوى ولا يجوز تبليغها. ويشمل ذلك بالنسبة للمدعي العام، التقارير والمذكرات أو أية وثائق أخرى داخلية أعدتها لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة أو مساعديها أو ممثليها في إطار تحقيقاتها".
"عن أي عدالة يمكن أن نتوقعها والمحكمة محكومة بقواعد غير منصفة، غير شفافة ولا تحترح مبدأ الوجاهة"؟
ويشير قرقماز الى مسار نشأة المحكمة "لندرك حجم التدخلات السياسية والدولية بشؤونها، فإتهام سوريا في بداية الأمر كان بغرض إظهار أن الجريمة جاءت نتيجة تدخل أو إعتداء خارجي يشكل مبرر لخلق لجنة دولية للتحقيق ومحكمة خاصة ذات طابع دولي. وعندما انتهوا من القرار، غيروا الإتهام واتهموا أشخاص مقربين أو مناصرين لحزب الله، فيما الإتهام يجب أن يأتي بعد إنهاء تحقيق وجدي حسب اعلى المعايير الدولية المتبعة وليس قبل".
"المضحك المبكي – يختم المحامي قرقماز – "أن قرار غرفة البداية تركت أبواب الإجتهاد مفتوحة حيث انتهى إلى أنه من السهل الإتهام لكن الإدانة شيء آخر.