رأي

قرار محكمة العدل الدولية.. سياسي لا قضائي (جواد الهنداوي)

 

    د.جواد الهنداوي – الحوار نيوز

 

 و اقصد القرار الذي اصدرته محكمة العدل الدولية في لاهاي ،بخصوص شكوى جمهورية جنوب أفريقيا ضّدْ إسرائيل لارتكاب الأخيرة جرائم ابادة ضّدَ الشعب الفلسطيني في غزّة . المحكمة ، وبعد استماعها لمطالعات المدعي ( جنوب أفريقيا ) والمدعي عليه ( إسرائيل ) اتخذت قراراً مُخيّبا لآمال الشعب الفلسطيني وآمال الشعوب الحرّة ،والتي عبّرت عن مواقفها و آرائها ،عبر مسيرات لم تتوقف في كافة مدن العالم ،مُندّده بالجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في قطاع غزّة  ، والتي هي ،بحق ،جرائم ابادة .  

قراءة سريعة لبنود القرار تكفي لإدراك ماهيّة القرار وحال المحكمة : قرار سياسي ولم يأتْ بجديد ، و قضاة في حيرة من اجل اخراج صيغة لقرار توافقي يُرضي امريكا و الصهيونية و اسرائيل ، ويرضي ( ليس الفلسطينين وأبناء غزّة ) ،وانما الرأي العام الدولي الغاضب .

اذاً هو ليس قرار انصاف وعدل ،وانما هو قرار إرضاء !

وقرار ارضاء للمجرم و حلفائه ،و ارضاء للرأي العام الدولي الغاضب !

لم يكْ في وارد ارادة القضاء حتى ارضاء الضحيّة او اهل الضحية ، الشعوب العربية و الإسلامية .

لم تجرأؤ المحكمة على ادانة اسرائيل بالوصف القانوني للجريمة التي ارتكبتها في غزّة ،وهي الابادة الجماعية، لانها تدرك التداعيات السياسية و القانونية الجسيمة ،والخطيرة ،ليس فقط على حاضر ومستقبل الكيان المحتل ،و انما حتى على الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية التي زوّدته ،و لا تزال، بالدعم العسكري والمالي والسياسي .

ما ذكرته المحكمة في قرارها هو سرد معلومات لما جرى في غزّة وتوصيات ،لا تختلف عما تطلبه  الولايات المتحدة الأمريكية من إسرائيل، بتجنب قتل المدنيين .

فما هو الجديد في قرار المحكمة عندما ينّصُ ” نقّرُ بحق الفلسطينيين في غزة في الحماية من أعمال الابادة الجماعية “؟ او ” الشعب الفلسطيني هو مجموعة محميّة بموجب اتفاقية الابادة الجماعية ” ؟

المحكمة ،كما هو واضح ، تلّوح بوقوع جريمة الابادة ،او تحذّر من وقوع الجريمة ، ولكنها لا تريد ان تقّر بوقوعها فعلاً !

عبارات وردت في القرار ليس لها ضرورة ، مثل ” لايمكن رفض دعوى جنوب أفريقيا بالكامل “، او جاءت لتوثيق معلومات ،مثل ” المعلومات تشير إلى مقتل ٢٥ الف شخص و تهجير ٢ مليون …” ، او ” الوضع الإنساني في غزّة يمكن ان يتدهور ” .

قرار المحكمة لم يكْ حاسماً وعُرضة لتفسيرات متباينة ، ولكنه ،من المؤكد لم يدنْ إسرائيل ولم يتحدث القرار عن وقف الحرب ، لمنع استمرار إسرائيل من ارتكاب ابادة جماعية ،كما أكّدَ القرار في متنه على حماية الفلسطينيين من الابادة الجماعية .

تشعر إسرائيل بالارتياح على ما جاء في القرار ، وتشعرُ الآن بأن لديها مطلق الحرية في الاستمرار في ممارسة القتل والتجويع والتشريد والتهجير .

ويشعرُ الفلسطينيون في غزّة و في الضفة ،والذين يحملون السلاح ويقاتلون ،بأنَّ لا حول ولا قوّة لهم الاّ بالله و بسلاحهم .

للأسف ، من دروس هذا القرار هو لا اعتماد على القضاء الدولي في نزاع تكون فيه إسرائيل طرفاً ، وهذا الاستنتاج يرسّخ ،مرّة اخرى ، القول والتطبيق بأنَّ مصلحة إسرائيل فوق القانون الدولي .

 *        سفير عراقي سابق.رئيس المركز العربي الأوربي للسياسات وتعزيز القدرات ،بروكسل .

 

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى