د.جواد الهنداوي – الحوار نيوز
صدر قبل قليل القرار ، بعد ان طال انتظاره ،وهو بكل تأكيد خطوة ،ولكن في اي تجاه ؟
صَدَرَ وبعد اكثر من خمسة شهور من حملة ابادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزّة ، وكما يقول المثل الدارج ” تمخّض الجبلُ فولد فأراً ” .
لم تستخدم الولايات المتحدة الامريكية حق النقض “الفيتو” ضد القرار كعادتها ومواقفها المعروفة في مجلس الامن ازاء القضية الفلسطينية ، وهي التي استخدمت ثلاث مرات حق النقض للحيلولة دون صدور قرار من مجلس الامن بوقف الحرب او الابادة الجماعية في غزّة .
لم و لن تتبنى امريكا موقفاً او سياسة تجاه القضية الفلسطينية او تجاه الحرب او الابادة في غزّة ما لم تتشاور مُسبقاً مع ربيبتها اسرائيل . موقف امريكا تجاه القرار وعدم استخدامها حق النقض تّمَ حتماً بعد التشاور مع الكيان الصهيوني .
تشعرُ الادارة الأمريكية بالحرج الكبير امام الرأي العام الدولي وأمام الرأي العام الأمريكي إنْ استخدمت مرّة اخرى حق النقض ،لا سيما و الرئيس بايدن يواجه صعوبات وانتقادات في حملته الانتخابية ، وان خصمّه ترامب بدأ يطالب اسرائيل بوقف الحرب في غزّة ،ومن اجل مصلحتها ، وحسب تصريحاته . ادركت الادارة الأمريكية أنَّ حرب غزّة ستدخل و بقوة كعامل مؤثر في توجيه اصوات الناخبين ، لذا من الصعب على الادارة الاستمرار في استخدام حق النقض .
لإسرائيل تاريخ طويل في التعامل بسلبية او بأهمال مع القرارات الصادرة من مجلس الامن او من الامم المتحدة او من المنظمات الاممية اوالدولية . ليس لميثاق الامم الامتحدة وللقانون الدولي والقانون الإنساني ايّ اعتبارات لدى الكيان المحتل ، لذلك علينا ان ننظر إلى القرار من زاويتيّن : زاوية صدور القرار و زاوية تطبيق القرار. و نتساءل هل هو قرار للتطبيق ام صدر كي يُحفظْ في الأرشيف ،ولكي لا تتهم امريكا بانها المعارض لوقف إطلاق النار امام الرأي العام الدولي والأمريكي .
جاء القرار عارياً من ايّ اجراءات عقابية في حالة عدم تنفيذه من قبل اسرائيل ،وهي الطرف المعتدي والمحتل ، والذي يرتكب كل يوم عشرات المجازر و جرائم حرب وابادة ، ثُمَ هل القرار يُلبي المطالب الشرعية للمقاومة الفلسطينية ،في حين وردَ في القرار وجوب الإفراج الفوري وغير المشروط عن كافة الرهائن المحتجزين في القطاع !
ينصُ القرار على وقف إطلاق نار خلال شهر رمضان ، ” على ان يؤدي إلى وقف اطلاق نار دائم” ! ولكن ، مَنْ ذا الذي يضمنُ وقف إطلاق نار شامل ، والجميع يعلم ارداة الكيان المحتل بالاستمرار بالقتل والتجويع و أمله بتهجير سكان غزّة ؟.
القرار بحق لا يُعّبرُ عن اي مطلب من مطالب المقاومة في غزّة ،والتي عرَفَتها كافة الأطراف التي رعت المفاوضات غير المباشرة بين الكيان والمقاومة . امريكا و الوسطاء في المفاوضات ( قطر ،مصر ) يعرفون جيداً مطالب المقاومة الفلسطينية و حماس ، للإفراج عن الاسرى الاسرائيلين .
للأسف ، القرار هو لذر الرماد في العيون ،كما يقولون ، ولإرضاء الرأي العام الأمريكي واسرائيل ، و لتطويق التداعيات السلبية للحرب ،للإبادة ،على الحملة الانتخابية للرئيس بايدن . وقد صرّحَ للتو المتحدث الرسمي للبيت الأبيض ،و تعليقاً على القرار وعن موقف امريكا بالقول” بأن موقف امريكا من القرار لا يعبر عن تغيير في السياسة الأمريكية ” . ومعنى ما يقوله هو الاستمرار في نهج السياسة الأمريكية الداعمة لإسرائيل ،وان عدم استخدام حق النقض لا يعني تغيرا في الموقف الأمريكي .
وهذا التصريح هو ايضاً توضيح للذين يأملون بقراءة ايجابية عن القرار .
* سفير عراقي سابق .رئيس المركز العربي الأوربي للسياسات وتعزيز القدرات / بروكسل في ٢٠٢٤/٣/٢٥ .