قرارات قرارات… والعبرة في الخلاصات(حيّان حيدر)
بقلم د.حيان سليم حيدر – الحوارنيوز
مقدمة لازمة:
بعد إدانة العدو، المباشر وغير المباشر، وكلّ مَن دعمه ويدعمه، غربًا وشرقًا، بالسلاح، بالمال، بالموقف، بالصمت على وعن الجريمة، في أعماله الإجرامية الإبادية الإستعبادية ألّابشرية،
بعد إستنكار كلّ مَن سكت عن جرائم العدو ومعاونيه، المباشرين وغير المباشرين، في أعماله الإجرامية الإبادية الإستعبادية ألّابشرية،
بعد إستهجان تجاهل كلّ ساكت عن الحقّ مِمَّن غاب عن المشاركة فيما سبق ما ذُكِر من أعمال العدو الإجرامية الإبادية الإستعبادية ألّابشرية،
بعد ذلك وهو جزء مختصر جدًّا عمّا حصل ويحصل،
لنذهب إلى قراءة كلّ وجميع القرارات، أي القرارات كافة، لتأكيد أنّه لن يفلت، ولو لغويًّا، أيّ قرار من القرارات التي حدّدت مصير لبنان القانوني والسياسي والجغرافي والديمغرافي وبالتالي الوجودي.
هذا كلّه بعد أن صدر القرار 1701، المتجدّد، الملحق بثلاثة عشرة من النقاط اللصيقة، والذي قيل عنه “السيّء الضروري الأفضل” في تعبير جديد لعبارة “شرّ لا بدّ منه” وهو المُعبِّر المخفّف عن “ما كان بالإمكان أفضل ممّا كان”، ونسمع أنّ هناك تفسير خاص بالعدو للإتفاق، وفي مجال التلاعب والتحايل والمراوغة قد يكون لكلّ من أعضاء لجنة الرقابة الخماسية رأيه، الأمر الذي قد يبرّر كتابة مقال منفصل… وقد لا لعد جدواه، إذا إقتنع القارىء بالخلاصات الواردة في آخر هذه الورقة.
هذه دعوة لأهل القانون والسيادة و”الإجماع الوطني” المنشود إلى قراءة متأنّية ودقيقة، وأكرّر، متأنّية ودقيقة لتفاصيل كلّ من القرارات الأممية المعنية وتقارير مسؤولي ألأمم والإعتبار منها.
ونبدأ.
– القرار 181 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، وفيه أنّ لبنان معنيّ به لأنّه ينصّ على تقسيم مناطق بين السكان الأصليين العرب الفلسطينيين وبين اليهود (من لَمَم العالم) في دولة فلسطين، وذلك على حدود لبنان الجنوبية، وذلك قبل تصديق لبنان لإتفاقية ترسيم حدودوه فيما عُرِف بإتفاقية الهدنة الموقعة في العام 1949.
وفي متن هذا القرار نقرا التعابير: “القضية الفلسطينية”، “الحكومة الفلسطينية القادمة”، “مشكلة فلسطين”، “خطة التقسيم تطلب من سكّان فلسطين”، “خطة تقسيم تشمل إتحاد إقتصادي”، “دولة عربية ودولة يهودية” ولا ذكر لما يسمّى “إسرائيل”.
ومن البداية لم يحترم العدو القرار الأممي الذي أنشأه كيانًا، وذلك حتى قبل بلورة حدود كيانه، مستندًا إلى دعم دول “الأبيض الأوروبي”، المعروف بالغرب، الذي سيُعرف لاحقًا، زورًا، بمُسَمّى المجتمع الدولي، ومعهم سكوت سائر المستغربين من الدول.
ولبنان معني أكثر هنا لكون القرار مرفق بخريطة تقسيم للمنطقة وفيها أهم مفارقاتها، ما بات يعرف بأصبع الجليل الذي فيه أراض لبنانية ناهيكم عن القرى السبع الشهيرة التي هي فعليًا 14 بلدة وقرية وقد إعتدى عليها العدو، في زمن “لبنان قوي بضعفه”، كما واعتدى على أراضٍ كانت مخصّصة للفلسطينيين.
ويجب الملاحظة، ومن ثمّ تكرار التذكير، أنّ أصبع الجليل هذا يتضمّن، ما يجسّد الطمع الصهيوني الأساس، منابع المياه التي تصب في بحيرة طبريا، وأهمها نبع نهر الأردن. والأمر يذكّرنا أيضًا بمحاولات الوكالة الصهيونية وكلّ مَن عمل معها وبعدها، وما زال حتى تاريخه، لضم نهر الليطاني إلى هذه الحدود منذ، أقلّه، إجتماع مؤتمر السلام (المزعوم) الذي إنعقد في فرساي في العام 1919.
وليس بريئًا أن تُذكر حدود نهر الليطاني في القرار 1701 وفي كلّ وقت ومناسبة !
في الخلاصة/النتيجة: لم يحترم العدو هذا القرار الأممي.
– القرار 194 – الجمعية العامة – ومحوره حقّ عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى بلادهم وأرضهم.
بعد الإشارة إلى محاولات العدو، ومنذ صدور هذا القرار ولتاريخه، لإلغائه كقرار بعد الحؤول فعليًّا وبجميع الوسائل دون تنفيذه على مدى ثلاثة أرباع قرن من الزمن، ولبنان أكثر المعنيين بمفاعيل هذا القرار إذا ما قيست الأمور بعدد اللاجئين وعدد اللبنانيين وبمساحة لبنان. فلبنان أول مَن عليه الإلحاح على تنفيذه.
في الخلاصة/النتيجة: لم يحترم العدو هذا القرار الأممي.
– القرار 242 – مجلس الأمن – لبنان معني به في ما خصّ مزارع شبعا والأحداث التي إقتضت صدور القرار اللاحق رقم 338 الذي أعاد التأكيد على حلّ عادل ودائم للسلام في الشرق الأوسط كما وعلى سيادة أراضي الدول، ومنها لبنان.
في الخلاصة/النتيجة: لم يحترم العدو هذين القرارين الأمميين.
– القرار 425 – مجلس الأمن – الذي نادى بسلامة أراضي وسيادة واستقلال سياسي للبنان ضمن حدوده المعترف بها دوليًّا وطالب “إسرائيل” بوقف فوري لعدوانها والإنسحاب من الأراضي اللبنانية. وفيه قرر تشكيل قوة دولية لحفظ السلام، ما بات يعرف بالـ”يونيفيل”، أمّا المُبكي في القرار هو أنّه طالب الأمين العام بتقديم تقريره بالموضوع خلال… إحذروا… خلال 24 ساعة (وقَهْقَه… وقَهْقَه… وقَهْقَه !)، وقد رشح أنّه تضمّن ثغرة بقيت بين دير ميماس وبلاط. ثمّ تلاه القرار 426 الذي اعتُبِرَ، إنتبه، إعتُبِرَ أنّه يصدر تحت الفصل السابع، وما أدراك ما مفعول السبعة وذمّتها على الشعوب الغلابة.
لقد بقي هذان القراران من دون تنفيذ ل”برهة” من الزمن إمتدّت لـ22 عامًا إلى أن فرض لبنان المقاوِم تنفيذه، وقد بقي منه بلدات ومناطق ونقاط تحت الإحتلال منذ أيار العام 2000.
في الخلاصة/النتيجة: لم يحترم العدو هذين القرارين الأمميين.
وتكرّ سبحة القرارات في تعاقب إذا دلّ على شيء فهو يدلّ على إستهتار العدو بالمؤسّسات والمنظمات الدولية كما وبمواثيقها وأنظمتها وقوانينها وإتفاقياتها ومعاهداتها وقراراتها.
وصورة مندوب العدو يَفْرم ميثاق الأمم من على أعلى منبر لها ما زالت شاخصة.
ويتبع.
– القرارات 520، 1515، 1559، 1655، 1680، 1697 وكلّها جيء على ذكرها في القرارات ذي الصلة المباشرة أي القرار 1701، مع ملاحظة أنّ هناك غيرها من القرارات معطوف عليها وغير مذكورة هنا.
في الخلاصة/النتيجة: لم يحترم العدو كلّ هذه القرارات الأمميية.
وفي موازاة هذه القرارات، هناك إشارات مكرّرة إلى تقارير رئاسة مجلس الأمن وأمانته العامة سيما في الأعوام 2000 و2004 و2005 و2006 والتي تؤكّد على سيادة الدول وتدعو إلى إحترام جميع القرارات.
في الخلاصة/النتيجة: هذه التقارير بقيت أيضًا من دون إحترام العدو لمضمونها.
هي إذن كما قال الشاعر:
” حقائقٌ، لا ريب، موثوقة
لكنّها، يا ناس، لا تُسْعِدُ !” (*)
أما القرار 1559، ذاك الحمّال الأوجه، فأهمّ ما ينصّ عليه كان إنسحاب الجيوش الأجنبية من لبنان، وقد تم إنسحاب الجيش السوري من لبنان في العام 2005 ولم ينسحب جيش العدو بل توغّل فيما بعد، وتمّ تسليم سلاح الميليشيات وفقًا لتصنيف الحكومة اللبنانية. وباختصار، فالدولة اللبنانية، ومن خلال بيانات الحكومات المتعاقبة منذ صدور القرار ولتاريخه، إعتبرت سلاح المقاومة سلاحًا شرعيًّا في الصراع مع العدو.
في الخلاصة/النتيجة: لم يحترم العدو هذا القرار الأممي الذي ينصّ على الإنسحاب من الأراضي اللبنانية.
وليس أخيرًا القرار 1701 – مجلس الأمن –
إذا أردنا أن نحترم القرار 1701، علينا أن نحترم أولًا ما جاء في إتفاقية الهدنة الموقعة في 23 آذار 1949 وبخاصة إلى المادة 5 منها التي تكرّرت في المادة 5 في القرار 1701، ويا للصدف.
ونلاحظ حرص البعض على إلصاق كلمة “ومندرجاته” بالقرارا رغبة منهم تضمينها، إنتقائيًّا، كلّ عناصر الخلاف في البلاد والوطن، مع التذكير أنّ ليس هناك من إجماع وطني على أيّ شيء مصيري في لبنان. وقد باتت كلمة مندرجات تعني ما تعنيه كلمة “فذلكة” في تقديم موازنة الدولة العامة، وهي مجال “مفتوح” لإدخال التسريبات، أللاقانونية، المُرادة، وتمرير التهريبات أللادستورية المرغوبة، وما إلى ذلك من مخالفات مدجّجة بالتبريرات.
فالمندرجات فعليًّا هي كلّ وجميع القرارات، أي القرارات كافة، بأدقّ تفاصيلها، اللاحقة للقرارين الأساسيين رقم 181 و194 ومعهما القراررات 242 و338 و425 و426 و520 … إلى آخر الرقمنة الأممية.
من ناحية ثانية، وفي السياق، لقد سجّلت أجهزة القوات الأممية 39،000 خرقًا، جوّيًّا وبحريًّا وبرّيًّا، للعدو على لبنان منذ صدور القرار 1701 وحتى بداية الهجوم الحربي الأخير. وقد يجدر التذكير بمزارع شبعا وتلال كفرشوبا والشمال الغجري التي أعاد العدو إحتلالها بعد صدور القرار 1701، ربما لأنّهم غجر، ومعها رأس الناقورة.
والعبرة في الخلاصات: لم يحترم العدو أيّ من هذه القرارات الأممية.
وخلاصة الخلاصات هي أنّ، يا ناس، يا أمم، عندما لا تنفّذ القرارين الأساسيين رقم 181 و194 فأنت تمهّد الطريق للأحداث التي أودت إلى إصدار القرار242. وعندما لم تصرّ على تنفيذه فأنت أمسيت تتباكى على الوقائع التي يتحدّث عنها القرار 338. وهكذا دواليك مع سائر القرارات مع تصاعد أرقامها.
لقد بات واضحًا، أيها القارئ المتابع الحريص، أنّ القرارات بالنسبة إلى العدو هي مجرّد أرقام بدأت بالرقم 181 ولن تنتهي بالرقم 1701. ولتأكيد هذا الرأي، أحيلكم على التصريحات المصورة لرئيس وزراء العدو ولوزرائه، الحاليين والسابقين، كما ولأبرز مسؤوليه الذين يتجولون على شاشات العالم “الحرّ” يتباهون مشوشحين بخرائط تحاكي دولة لهم تشمل كل لبنان وجلّ أوطان العرب وغيرهم من البشر، وها هو وزير ماليتهم يعلن البارحة أنّ “أيّ إتفاق مع لبنان لا قيمة له”…
وفي الختام وحسمًا لهذه الأمور نقول: الحلّ يبقى بالعودة إلى تطبيق القرارات بالتسلسل، وفقًا لتاريخ صدورها، كما يحكم المنطق العام، وبحذافيرها، فهي كفيلة، أيها اللبنانيون، هي كفيلة بحلّ مشاكلنا مع العدو وملخّصها قراران وإتفاقية: القراران 181 و194 وإتفاقية عام 1949 لترسيم الحدود البرية اللبنانية.
وبالمحكية، خلّينا نعود إلى القرارين 181 و194… ويا دار ما دخلك شرّ !
بيروت، في 30 تشرين الثاني 2024م.
حيّان سليم حيدر
“قبضت على شكوكي باليمين وباليسرى أهوّل باليقين”
سليم حيدر
___________________________________________________
(*) سليم حيدر – ديوان “آفاق” – قصيدة “سراب” – 1944 – شركة المطبوعات للتوزيع والنشر – 2016.