العلامة الخطيب ينبّه في خطبة الجمعة من مخطط “إسرائيل الكبرى”.. ويشدد على وحدة الموقف الوطني ومنع الفتنة

الحوارنيوز – محليات
دعا نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب إلى “ضرورة الحفاظ على وحدة الموقف الوطني والحرص على منع الفتنة اللبنانيين،وتدارك الخطأ الذي حصل باتخاذ مجلس الوزراء قرارا بوضع جدول زمني لحصرية السلاح”.
ونبه العلامة الخطيب في خطبة الجمعة من المخطط الإسرائيلي الرامي إلى تحقيق إسرائيل الكبرى بضم أراض من لبنان والدول المجاورة ،مؤكدا على مواجهة هذا المخطط.
أدى العلامة الخطيب صلاة الجمعة في مقر المجلس على طريق المطار وألقى خطبة الجمعة ،وتناول فيها ذكرى أربعين استشهاد الإمام الحسين التي تصادف اليوم فقال:
ايها الاخوة المؤمنون
اعظم الله لكم الاجر بشهادة ابي عبدالله الحسين سيد الشهداء في يوم الاربعين من شهادته وابنائه وانصاره، رزقنا الله تعالى شفاعته وشفاعة امه واخيه وجده وابيه والتسعة المعصومين من بنيه، وبالاخص الى القائم من ال محمد صلوات الله عليهم اجمعين، المعزون بهذه الفجعة العظمى والمصيبة الكبرى التي لا تنطفئ حرارتها من قلوب المؤمنين الى ان يأخذ الله بثاره من الظالمين ويقيم حكومة العدل الالهي على يد الحجة ابن الحسن صلوات الله عليه وعلى ابائه الطاهرين، وعجل الله تعالى فرجه الشريف وجعلنا من اعوانه وانصاره الذابين عنه والمستشهدين بين يديه .
كما في الحديث عن حماد بن إسحاق الأنصاري، عن ابن سنان، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام)، قال: نظر النبي (صلى الله عليه وآله) إلى الحسين بن علي (عليهما السلام) وهو مقبل، فأجلسه في حجره وقال: إن لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبدا. ثم قال (عليه السلام) بأبي قتيل كل عبرة، قيل: وما قتيل كل عبرة يا بن رسول الله؟ قال: لا يذكره مؤمن إلا بكى.
ولهذا ايها الاخوة، فله منذ ان استشهد في كل بيت من بيوت المؤمنين مأتم، وفي كل دار ناعية تمضي السنون والاعوام وتتجدد معها الاحزان ويلبس السواد ويعزي المؤمنون بعضهم بعضا كأن الحسين ع قد استشهد حديثا، فهي حادثة لا ينسيها، ليس فقط مضي الأعوام، بل الدهور والاحقاب كما قال الشاعر:
كذب الموت فالحسين مخلد
كلما اخلق الزمان تجدد
والواقع يصدق هذه المقولة، بل هي ليست الا حكاية للواقع العملي، وها هي كربلاء التي لا تخلو من جموع الزائرين بمناسبة وغير مناسبة وخصوصا بمناسبة عاشوراء ذكرى شهادته س ويوم الأربعين، وها هي جموع المؤمنين اليوم تزحف سيرا على الاقدام من كل الانحاء متوجهة بما يشبه السيل العرم نحو مقام سيد الشهداء في مدينة كربلاء التي تقدست بشهادته، وارتوت ارضها بدمائه بعد ان شهدت اعظم البطولات في حادثة لم يشهد التاريخ لها مثيلا، وكأن التاريخ وقف عندها واصبح الحسين مثلا يضرب به الأمثال ويستشهد به عند ذكر كل بطولة ومظلومية كبرى، يتأسى به العظماء الذين يصنعون التاريخ في طلب العدالة ومواجهة الظالمين والطواغيت والجبابرة، وفي الصبر والتضحية، بينما اصبح يزيد لعنة التاريخ يشبه به واتباعه كل ظالم وحقير، فردا او نظاما تسافلت قيمه وصنائعه وابدع في النذالة والانحدار الاخلاقي . فالاخلاق والقيم والحسين صنوان لا ينفصلان، حتى اذا ذكر احدهما تبادر الى الذهن الاخر، والعكس صحيح، والخسة والسفالة بيزيد فكأنهما مترادفان.
وكانت معركة كربلاء معركة تقابل فيها الحق والباطل فانتصر الحق مع القلة وانهزم الباطل مع الكثرة ،وتراجع الجبناء امام جحافل الباطل وثبت المخلصون في طريق الحق مع قلة سالكيه ولم يرهبهم كثرة الباطل، عملا بالقاعدة التي ارساها امير المؤمنين علي ابن ابي طالب ع : “لا تستوحشوا في طريق الحق لقلة سالكيه، فليست القلة والكثرة هي المعيار في صحة الاختيار، بل المعيار هو الحق، والحق فقط، ولو ادى الى التضحية والشهادة شهادة بالدم للحق”.
وخلد التاريخ انصار الحسين كعنوان للتضحية والفداء والبطولة والشجاعة والثبات على الحق، انتصارا له حتى الشهادة، بينما اصبح الذين خذلوه عنوانا للجبن ولعنة للتاريخ. وهي معركة مستمرة مع الزمان يثبت فيها الصادقون ويتخاذل فيها الجبناء عندما تحق الحقيقة:
أيها الأخوة
ان وقائع التاريخ الكبرى تتشابه وتتكرر، وما نحن فيه واحدة من هذه الوقائع التي ابتلى الله فيها امتنا بعدوان من الغرب ،استخدم فيها كل وسائل التضليل والخداع والفتن. ومن المؤسف انه استطاع بما امتلكه من وسائل اعلامية ان يقلب الحقائق ويشوهها وان يحول المعركة الى معارك داخلية انطلت على الكثيرين، ليحقق اهدافه الخبيثة، ليس بما امتلكه من قدرات عسكرية لم تكن يوما العامل الحاسم في المعركة، وانما بالتأثير في وعي الأمة واستخدام العامل المذهبي الى اداة للفتنة الداخلية، بدل ان تكون وحدة صلبة في مواجهة اطماعه ودفع خطره، وتحقق فيها قول الله تعالى “ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم”.
لقد اخفقت الامة حكاما وحركات، والتي ارادت مواجهة الخطر، ليس في فهم اهداف العدو، وانما في تحديد الاولويات وايجاد استراتيجية مشتركة لمواجهة العدو المشترك كأولوية أولى، بدل ان تذهب الى المواجهة الداخلية في ما بينها، وأفسحت للغرب في النفوذ الى ساحتها والعبث فيها لاسقاطها من الداخل.
ولذلك فإن المعركة التي تخوضها المقاومة اليوم في لبنان ضد العدو الاسرائيلي والانقسام الداخلي اللبناني، ليست منفصلة عن هذا الواقع، وليست سوى جزء من هذه الصورة المؤسفة للواقع العربي والإسلامي، وان التآمر على المقاومة وبيئتها في لبنان ليس الا نتيجة للفهم الخاطيء لهذه المقاومة ولهذه البيئة التي عمم عليها هذا التصور من انها جزء من الصراع الداخلي الدائر بين بعض الحركات الايديولجية وبين الانظمة العربية والإسلامية.
اننا ندعو الى مراجعة الحسابات واعادة ترتيب العلاقات بين المقاومة، وخصوصا في لبنان، مع بعض الدول العربية الشقيقة بالحوار الصادق بما يضمن الوحدة الداخلية لكل بلد عربي، وفي نفس الوقت بما يحقق الاهداف المشتركة في دفع الاخطار الخارجية ويحقق مصالح الجميع، وعدم الاستمرار في سياسة الانتقام واستغلال الواقع الذي تعيشه الساحة نتيجة الصراع مع العدو، لأن هذا لن يكون الا لمصلحة العدو الواحد الذي لا يخفي اهدافه العدوانية واطماعه في تحقيق مشروعه التوسعي على حساب الدول العربية الشقيقة، بما فيها المملكة العربية السعودية،وقد دعونا دائما الى التعاون بينها وبين الدول الاسلامية الاقليمية في ايجاد استراتيجية لحماية المصالح العربية والاسلامية والوقوف، أمام خطر المشروع الصهيوني الداهم والذي يكرر الاعلان عنه رئيس وزراء هذا الكيان بكل صلافة، وكان أخر تصريح صريح له بهذا الصدد قبل يومين.
ايها الاخوة
لقد استمعنا بالامس الى رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو يتحدث عن إسرائيل الكبرى بصريح اللسان ،وهذا يعني بحسب الاوساط الصهيونية ضم اراض جديدة من لبنان وسوريا والاردن ومصر الى الكيان الصهيوني ، فضلا عن الضفة الغربية التي يصرح المسؤولون الإسرائيليون بأن ذلك يحظى بدعم الادارة الاميركية .
ان هذه النوايا الإسرائيلية واضحة تمام الوضوح وهي لم تعد مجرد شكوك تاريخية ،وهذا يعني ان جنوب لبنان بات تحت دائرة الخطر اضافة الى الاراضي السورية والاردنية والمصرية والفلسطينية. كما يعني اننا لسنا وحدنا مهددون ،بل كل الدول المحيطة بفلسطين .ولم نسمع حتى الان اي موقف لبناني اوعربي في وجه هذا المخطط ،في حين يطالبنا البعض بنزع سلاح المقاومة وتجريدنا من كل عناصر القوة التي يمكن ان تواجه المخطط الصهيوني.
نعم ايها اللبنانيون.. جنوب لبنان تحت دائرة الضم الى الكيان الصهيوني ،فماذا انتم فاعلون ؟ وما هو الموقف العملي للسلطة اللبنانية غير نزع سلاح المقاومة؟ وماهو موقف المرجعيات الروحية ،خاصة وان جنوب لبنان يحتضن كل الطوائف اللبنانية ولا يعني طائفة واحدة بعينها؟
اننا نعلن صراحة في ضوء هذا المخطط ،اننا سنواجهه بكل ما اوتينا من قوة ،ونطالب بموقف وطني جامع لمواجهة هذا المخطط. لم يعد ممكنا السكوت وتحييد الانفس في ظل هذا الواقع،فنندم جميعا عندما لا ينفع الندم.
كما ندعو القوى اللبنانية الى التنبه من اخطار الانقسام في الوقت الذي ما زال العدو يحتل ارضنا ويستمر في حربه العدوانية واعتداءاته المستمرة في الاغتيال والتدمير، مستفيدا من الانقسام الداخلي للوصول الى ما لم يتمكن منه بالآلة العسكرية، ان يتمكن منه بقرارات الحكومة اللبنانية بنزع اوراق القوة بالتفريط بالوحدة الداخلية وسلاح المقاومة وعدم وعي المخاطر التي ستؤدي اليها. ولهذا فإننا نؤكد على:
أولا :ضرورة الحفاظ على وحدة الموقف الوطني والحرص على منع الفتنة اللبنانيين.
ثانيا: تدارك الخطأ الذي حصل باتخاذ مجلس الوزراء قرارا بوضع جدول زمني لحصرية السلاح وعدم حشر الجيش اللبناني ووضعه في مواجهة المقاومة، مع قناعتنا بأن قيادة الجيش تمتلك من الوعي وتقدير الموقف والوطنية، ما يمكنها من اخذ الموقف الذي يجنب البلد ما يسعى اليه أعداء لبنان.



