قراءة في رسالة العلامة الخطيب الى مؤتمر باريس (غازي قانصو)
بقلم: د.غَازِي قَانْصُو
*في رسالةٍ مفتوحةٍ وَجّهَها سماحةُ العلّامةِ الشيخِ علي الخطيب، (نائبُ رئيسِ المجلسِ الإسلاميِّ الشيعيِّ الأعلى)، إلى مؤتمرِ باريس، أبرزَ قضايا لبنان وغزة في ظلِّ العدوانِ الصهيونيِّ المستمر. تأتي الرسالةُ في سياقِ الوضعِ المتأزمِ في العالمِ وَالمنطقة، متضمنةً دعوةً صريحةً للمجتمعِ الدوليِّ لتحمُّلِ مسؤولياتِه الأخلاقيةِ والقانونية، كما تهدفُ الرسالةُ إلى تحفيزِهٍ لاتخاذِ مواقفَ أكثرَ جديةً وفعاليةً تجاهَ ما يحدثُ في لبنان وفلسطين، وإلى تجاوزِ الحيادِ السلبي عند الحياديين، والى التوقف الفوري عن المشاركة مع العدو الصهيوني في التسليح لدى المتحالفين.*
*رسالةُ سماحةِ العلّامةِ الشيخِ الخطيب تعتمدُ على لغةٍ قويةٍ ومباشرةٍ، تعبِّرُ عن نقدٍ شديدٍ للمواقفِ الدوليةِ المتراخيةِ تجاهَ العدوانِ الصهيوني لا سيما ما يتعلق” بأعتى الممارسات بحق المدنيين، والتدمير الممنهج للبلدات والمرسسات”.*
*الرسالةُ تسلِّطُ الضوءَ على فشلِ المجتمعِ الدوليِّ في اتخاذِ خطواتٍ ملموسةٍ لوقفِ الاعتداءات وًالانتهاكاتِ الإسرائيلية، سواءً في لبنانَ أو غزة*.
*العلّامةُ الخطيبُ يشيرُ إلى أنَّ الدولَ التي تزوِّدُ إسرائيلَ بالسلاحِ هي شريكةٌ ضمنياً في تصعيدِ هذا النزاع، الذين يبررون هذا التواطؤَ بحجةِ “حقِّ الدفاعِ عن النفس”. وإنّ التحليلَ العلميَّ لهذه الحُجَّةِ يُظهرُ تناقضاً أخلاقياً وقانونياً، حيث أنَّ حقَّ الدفاعِ عن النفسِ يجبُ أن يكونَ مُقيّداً بعدمِ تجاوزِ الحُدودِ الإنسانيةِ والقانونية، وليس مبرراً لشنِّ حربِ إبادةٍ جَماعِيٍة للبشرِ والحَجَر.*
*من ناحيةٍ أخرى، تحذِّرُ الرسالةُ من التداعياتِ المحتملةِ لهذه الممارساتِ الإسرائيليةِ على استقرارِ المنطقةِ ككل، بما في ذلك مصالحِ الدولِ الغربيةِ التي تدعمُ إسرائيل. هنا يشيرُ سماحةُ العلّامة الخطيبُ إلى أنَّ عدمَ التصدي لهذه الانتهاكاتِ والاعتداءاتِ المُستمرة لن يؤديَ فقط إلى زعزعةِ استقرارِ الشرق الأوسط، بل قد يمتدُّ أثرُ ذلك ليشملَ المصالحَ الاقتصاديةَ والسياسيةَ لهذه الدول نفسها.*
*هذا التحليلُ يبرزُ العلاقةَ المعقدةَ ما بينَ السياسةِ والمصالحِ الدوليين من جهة والقيم القانونية والاخلاقية الإنسانيّتين، حيث يكونُ منطقُ تأمينِ مصالحِ القوى العظمى في المنطقة، مدفوعًا بعداءٍ تاريخي استعماري كاد العالم أن ينساه ما بعد الحربين العالميتين في القرن الماضي، لولا الإستمراربنفس الممارسات العدائية ضد شعوب المنطقة.*
*كما أنَّ الرسالةَ تعتمدُ على إطارٍ أخلاقيٍّ، حيث يدعو سماحةُ العلّامة الخطيبُ إلى “تبنِّي نهجٍ إنسانيٍّ يحترمُ حقوقَ الشعوبِ في حياةٍ كريمةٍ بعيداً عن الثقافةِ الاستعماريةِ القديمة”، المُشار اليها.*
*الرسالةُ تعكسُ رغبةً في تغييرِ المعادلاتِ الدوليةِ الراهنةِ التي تركزُ على موازينِ القوى أكثرَ من تركيزِها على حمايةِ المدنيين وحقوقِ الإنسان.*
*خِتامًا، تعبِّرُ رسالةُ سماحةُ العلّامةٍ الشيخِ الخطيبِ عن إحباطٍعميق ، لدى شعوب المنطقة وسادتِها، تجاهَ عجزِ المجتمعِ الدوليِّ في التصدي للعدوانِ الإسرائيلي، بل اتجاه مشاركة هذا العدوان بالسلاح والإعلام، وتحذِّرُ من عواقبِ استمرارِ هذه السياساتِ على المنطقةِ والعالم.*
*إنَّ الرسالةَ تسعى لتوجيهِ الأنظارِ نحوَ الحُلولِ الجذريةِ للأزماتِ الإنسانيةِ والسياسيةِ في الشرقِ الأوسط، مؤكدةً أنَّ السلامَ والاستقرارَ لن يتحقَّقا إلا من خلالِ سيادةِ مًنطِقِ الحقوقِ وَالعدالةِ وإنهاءِ الاحتلال بكل أشكالة.*
بقلم: د.غَازِي قَانْصُو
*صباح الجمعة في٢٥ ت١ ٢٠٢٤*