قراءة في خطاب ليلة العاشر : تحويل الناس الى إستشهاديين…
تميّز خطاب ليلة العاشر من محرّم بمحاولة القائد السيّد حسن نصرلله مقارنة وتشبيه ما حصل بين ما سبق في آخر مشهد من معركة كربلاء، بما يحصل حاليا في المرحلة التي قد تسبق الهجوم الأميركي-الإسرائيلي-الخليجي على الجمهورية الاسلامية وعلى حزب لله. وقد نجح بتحفيز وعي الجماهير لما يخطط له من معركة جوع ومال واعلام وتواصل إجتماعي، داعيا الجماهير للصمود من جهة وللإستعداد لحرب من نوع جديد أبرز وأشرس ما فيها الحرب النفسية-الاقتصادية.
عندما تحدث عن ردّ اخوة وأهل وأصحاب الإمام الحسين على طلبه أن يتخذوا الليل جملاً وان يرحلوا في عتمة الصحراء وأن يتركوه طالما هوالهدف لتلك السيوف والرماح والنبال والنوايا الشريرة، ارتفع صوت القائد السيد وهو يردّد ما قالوه بصوت عال وعدة مرّات ،بما معناه انهم لو ماتوا و من ثم عادوا الى الحياة فإنهم لن يتركوا الحسين، بما معناه أنه لا يدعوهم فقط للصمود مع المقاومة بل يطلب منهم أن يستعدوا ليكونوا استشهاديين بالآلاف ،اي حوّل الحضور والمشاهدين والمستمعين الى كاميكازيين محتملين ليس لديهم من مفرّ غير الشهادة أو النصر، وكأنها الحرب الفيصل والأخيرة لمشهد إلهي موعود وكأن الدلالات توحي بخروج المخلص قريبا.
خطاب قائد تاريخي يشدّ فيه من عزيمة الفرسان وينعش النفوس المتعبة من توالي ويلات المعارك العسكرية ومعارك الاقتصاد واعباء الحياة اليومية، لا يمكن لأي قائد أن يدعو المقهورين للاستعداد للموت وأن تلبيه الجماهير بصوت واحد ب "لبيك ياحسين"، ثم وهنا الأهم ان يرددوا من خلفه ما يعادل ويشابه القسم ب"ما تركتك يا حسين" أي ما تركتك يا مقاومة …
وحده السيد حسن قادر ان يخاطب الجماهير وان يطلب منها ان تقدم أعز ما لديها وهي راضية ومسرورة بطلبه، لا يمكن لاي شخصية أخرى من خارج او من داخل حزب لله نفسه أن تمون على الجماهير للاستعداد بحرفية عالية لتقديم أرواحها كقرابين من أجل ان يرضى لله…
لولا صدقية و حُسن الخلق و السيرة السياسية-العسكرية الناجحة-الاجتماعية-الدينية للقائد لما مشت الجماهير من خلفه والى جانبه ومن امامه في طريق الموت او الاستشهاد او وعد الانتصار.
عقل الجماهير لا يتحكم به الإيحاء والسحر والرشوة والمراوغة ،بل عقل تلك الجماهير المرتدية الليلة اللون الأسود بقناعة واعية، سترتدي في الغد لون الأكفان ان احتاجت له ،لأنها ترى المشهد تماما كما يراه القائد ولا تختلف عنه بالتفكير لأنهم تلامذته بالوعي الحزبي-العقائدي، ولأنها أيضا تثق به ،وهذا هو المهم، تثق بانّ قائدها صادق وشريف في زمن يتخبط فيه القادة الآخرون وعائلاتهم وحاشيتهم بفضائح مالية-تجارية-سلطوية-تبعية مشبوهة.
شخصية القائد السيد حسن نصرلله تسكن قلوب جماهير شريفة،(ليست بالضرورة فقط جماهير الحزب) و ما زالت تعتقد وتؤمن أن الأقصى سيتحرّر في زمن اصبح فيه الحلم بذلك حماقة ووهم ، وان الولايات المتحدة الأميركية واسرائيل سيهزمان رغم ان اي مقارنة مادية بين الأطراف توحي بان النصر إفراط في الخيال، و أيضا بأن المخلص آت وقريب من مساكنهم ومضاربهم ، رغم ان اليأس والإحباط والاستسلام يعم شعوبا وأمما بأكملها .و في كل حال إن ما يفصل الحقيقة عن الوهم ليس الا موعد ساعة وهذه الساعة باتت قريبة جدا.
*طبيب نفسي