قراءة في المصالحة بين القوات والمردة: ماذا بعد؟
لا شك أن المصالحة المتأخرة ستسهم بمزيد من خلق المناخات الإيجابية بين القاعدتين الشعبيتين لقطبي الموارنة في منطقة الشمال: القوات اللبنانية وتيار المردة.
ولا شك أيضا بأن للمصالحة بعدا وطنيا، إذ أنه يطوي صفحة جريمة نفذتها جهة سياسية لإعتبارات سياسية ،وتناقضا في الرؤى والتطلعات الوطنية والإقليمية. ففيما كان "القاتل" يجاهر في علاقاته مع العدو الإسرائيلي، كان تيار الرئيس سليمان فرنجية مؤمنا بأن إسرائيل هي عدو وأن خيارنا يجب أن يكون عروبيا من موقع المؤمن بذلك لا المهادن.
ولا شك أيضا بأن حرص الطرفين بأن تكون بكركي هي مظلة المصالحة يعني أن ما جرى لا يعدو كونه أكثر من مصالحة ذات بعد إنساني وإجتماعي، مع تأكيد الطرفين على الإنفتاح وإعتماد الحوار سبيلا لمقاربة المسائل الوطنية المختلف بشأنها وهي كثيرة.
ماذا بعد المصالحة؟
"صفحة طويت" لكن ماذا عن الصفحة المقبلة؟
تقول مصادر قريبة من مرجع رئاسي بأن "ما جرى تاريخي ولو أتى متأخرا، و
هو يشجع جميع القوى السياسية على تغليب القيم المشتركة على عناصر الخلافات.
وتضيف المصادر" أن مبدأ المصالحة أساسي في تكوين الأوطان ونظم الحكم بعد أي إحتراب أهلي، شرط أن تأتي الأنظمة الجديدة لتجاوز أسباب قيام الحروب الداخلية وتمنع تجددها، لكن ما حصل في لبنان أن أوقفنا الحرب بموجب إتفاق سياسي – دستوري لم نحترمه ولم ننفذه ما يعني أن بذار الإقتتالات لا زالت بذارا صالحة تحت تربة خصبة".
تتابع المصادر "أن ما حصل إيجابي ويستحق التنويه والرعاية، وهو درس لبعض القوى السياسية اللبنانية وللمحكمة الخاصة بلبنان المكلفة بقضية إغتيال الرئيس رفيق الحريري، فالمصلحة الوطنية قضت بحكم طي صفحة الماضي المؤلم والمجرم معروف، فيما المحكمة الخاصة قضت منذ اللحظة الأولى لنشأتها الدولية الملتبسة، بإنقسام اللبنانيين وتعميق الخلافات بينهم، على أسس من الإتهامات السياسية من قبل الجهات الدولية التي أنشأت المحكمة، وعلى أسس جنائية مشكوك بصدقيتها؟