قراءة دستورية لطعن رئيس الجمهورية بقانون التعيينات
اقر المجلس النيابي القانون رقم ٢٠٢٠/٧ المتعلق بتحديد الية التعيين في مراكز الفئة الاولى في الادارات العامة وفي المراكز العليا، لكن رئيس الجمهورية لم ينشر هذا القانون ولم يرده الى المجلس النيابي، خلال المهلة الممنوحة له لنشره او رده ،وهي عبارة عن ثلاثين يوما، وبالتالي اعتبر هذا القانون نافذا حكما، ونشر في الجريدة الرسمية العدد ٢٨ تاريخ ٢٠٢٠/٧/٣.
وتبعا لذلك تقدم رئيس الجمهورية بطعن ضد القانون المذكور معتبرا اياه مخالفا للدستور. والمجلس الدستوري قبِل مراجعة رئيس الجمهورية ضد القانون المذكور لأنه قدمها خلال المهلة الدستورية وهي ١٥ يوما من تاريخ نشر القانون في الجريدة الرسمية(القانون قد نشر بتاريخ ٢٠٢٠/٧/٣)، وتبعا لذلك قرر المجلس في جلسته المنعقدة بتاريخ ٢٠٢٠/٧/٩ تعليق مفعول القانون لحين البت بالمراجعة، اي عدم انتاج القانون لاي مفاعيل او اثار قانونية، وبالتالي فان هذا القرار لا يعني قبول المراجعة من حيث المضمون، بل يعني انه تدبير مؤقت واحترازي حتى صدور القرار النهائي بشان الطعن.وقد تم ابلاغ قرار المجلس الى رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي ورئيس الحكومة، ويُنشر في الجريدة الرسمية.
لقد ورد الحديث عن المجلس الدستوري في اتفاق الطائف الذي نص على انشاء هذا المجلس للنظر في دستورية القوانين وسائر النصوص التي لها قوة القانون، وكذلك للنظر في طعون الانتخابات النيابية العادية وطعون الانتخابات الرئاسية(اي رئاسة الجمهورية ورئاسة المجلس النيابي) كما اعطي صلاحية تفسير الدستور.الا انه عندما تم تعديل الدستور اللبناني في العام ١٩٩٠ استنادا الى وثيقة الطائف لم تتضمن المادة ١٩ من الدستور اعطاء المجلس الدستوري صلاحية تفسير الدستور، وانما بقيت هذه الصلاحية من اختصاص المجلس النيابي حصرا. فالمادة ١٩ من الدستور اللبناني نصت على انه ينشأ مجلس دستوري لمراقبة دستورية القوانين وسائر النصوص التي لها قوة القانون، وللنظر في الطعون الانتخابية النيابية والطعون الانتخابية الرئاسية، ويعود حق مراجعة هذا المجلس في ما يتعلق بمراقبة دستورية القوانين الى كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة و١٠ نواب على الاقل، والى رؤساء الطوائف المعترف بها قانونا (حصرا) في ما يتعلق بالاحوال الشخصية وحرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية وحرية التعليم الديني، وبالتالي فقد حددت المادة ١٩ من الدستور اختصاصات المجلس الدستوري ومن هي الجهات التي يحق لها مراجعته، وتكفل القانون رقم ١٩٩٣/٢٥٠(قانون انشاء المجلس الدستوري) بتحديد اجراءات تقديم الطعن، والمهلة الزمنية، والخطوات التي يتبعها المجلس منذ تقديم الطعن الى حين صدور القرار عنه.
فالمجلس الدستوري هو هيئة دستورية ذات طبيعة قضائية، يتألف من ١٠ اعضاء، خمسة منهم ينتخبهم المجلس النيابي وخمسة يعينهم مجلس الوزراء باكثرية ثلثي اعضائه، وحتى ينعقد بشكل قانوني يجب ان يحضر على الاقل ثمانية اعضاء، ويتخذ المجلس قراره بشان المراجعة المتعلقة بالرقابة على دستورية القوانين باكثرية سبعة اعضاء على الاقل.وفي هذا السياق ووفقا للاجراءات المتبعة امام المجلس عندما يتم تقديم طعن ضد دستورية قانون ما، يفترض ان يكون رئيس المجلس الدستوري(وهو الرئيس طنوس مشلب) قد عيّن مقررا من بين اعضاء المجلس كي يدرس الطعن ويضع تقريرا ويرفعه الى المجلس خلال ١٠ ايام، بعد ذلك يعقد المجلس جلسة خلال ٥ ايام تلي تاريخ تقديم التقرير من قبل العضو المقرر، ويبقي المجلس جلساته مفتوحة حتى صدور القرار النهائي بشأن المراجعة، وذلك في مهلة ١٥ يوما من تاريخ الجلسة الاولى، اما اذا انقضت المهلة دون ان يكون المجلس قد اصدر قراره بالموضوع فيعتبر الطعن مردودا والنص القانوني المطعون فيه مقبولا.والمجلس الدستوري عندما سينظر في الطعن فانه سوف يتخذ قرارا من اثنين: اما يعتبر القانون المطعون فيه متطابقا مع الدستور ولا يخالفه، او يقرر ابطال القانون كليا اوجزئيا لمخالفته الدستور، ويعتبر عندها النص الذي قرر المجلس ابطاله كأنه لم يكن ولا يجوز لاي كان التذرع به. ونشير هنا الى ان قرارات المجلس الدستوري مبرمة اي انها لا تقبل اي طريق من طرق المراجعة وهي ملزمة لكافة السلطات اللبنانية.