بقلم د.أحمد عياش
اسهل الأمور اشعال النار في الأحراش من اجل قليل من الفحم .
اسهل الامور، إضعاف القضاء و شحن النفوس بالكراهية لتتقاتل ولتثأر لنفسها.
من يستغرب احداث خلدة منسلخ عن الواقع المأزوم وعن احتقان اطراف ضد اطراف أخرى .
اغلب القيادات لا يسمعون الا رأيهم.
ماذا تنتظر القيادات من اناس محتقنة بالأزمات تلو الازمات وبالمآسي تلو المآسي وكل طرف يتّهم الآخر أنه سبب بؤسه. والمجرم الحقيقي هارب وغير مستهدف.
جريمة تتسبب بجريمة وتشييع قتيل يتسبب بمجزرة والنفوس تتوعد بعضها البعض بالاجرام.
احقر الميول الاجرامية ان تكمن لجنازة واتعس الإجراءات ان تشيع قتيلا بلا احتياطات امنية حزبية مدروسة بدقة ،واسوأ الاجراءات الوقائية الا تحتاط القوى الامنية الرسمية من إفراط في ردود الفعل…
سوء ادارة الجريمة وسوء ادارة ردات الفعل وسوء ادارة الازمات.
عند الغضب يتحوّل الجميع لمجرمين محتملين.
حتى بودا يغضب إن لاعبت لحيته ثلاث مرات …
تأخر انفجار الشارع كثيرا عن مواعيد مناسبة للاقتتال . الشارع ليس بحاجة لشرارة نار من اي طرف خارجي لَعين ،فإن في البلاد ما يكفي من لهيب لينفجر…
تأخر انفجار الشارع عن مواعيده المناسبة.
ماذا ينتظر كوادر الدولة والأحزاب الفاشلة بعد تدهور احوال الناس الى حد الفجيعة؟
لا احد يطلق النار على الدولة العميقة.
الشارع ليس بحاجة لثأر شخصي ليتحول لجحيم ، كل الدلالات تشير الى أن الشارع سينفجر من تلقاء نفسه .
انه انفجار طبيعي وسيتكرر هنا وهناك بسبب مباشر وبلا سبب.
عوامل الانفجار الذاتية للشارع تكفي لتتحول لانفجار تلقائي اوتوماتيكي.
اغلب الناس فقدت السيطرة على اعصابها لأن الوضع المعيشي تجاوز حدود الحيرة والاذلال الى حد الموت الارادي انتحارا، او الى حد قتل الآخر كتعبير عن تنفيس احتقان وكمحاولة رفض للموت قهرا قبل الانتقام.
توقعوا الأسوأ فقد اختفت الادوية المهدئة في الاسواق.
كثرت خطوط التماس بين الناس في الأحياء وفي القرى وتعددت اشكال الاجرام المقنّع.
منذ سنتين ونحن في حرب اهلية صامتة ،يبدو انها تحوّلت للعلعة رصاص وضجيج.
ما حصل في خلدة سيحصل اينما كان، ففتيل اشتعال البارود الاجتماعي ممتد لكل الأحياء.
المأساة الأجتماعية-المعيشية الغام مخبأة في جماجم الناس وقد بدأت بالانفجارات.
سوء ادارة الصراع السياسي والاقتصادي والمالي سيؤدي حتما الى حالات جنون في الشارع.
الشارع يعج بالشخصيات الشريرة والمضطربة والمعادية للمجتمع والمحدودة الذكاء وبالشخصيات المشبوهة لاجهزة مخابرات حقيرة تستهدف امن الناس، لتوقع بها في حرب دموية وفي حرب تصفيات طائفية وسياسية وفي حروب محاور.
مات الوطن منذ سنوات.
انفجار طبيعي لتراكم عوامل الاحتقان في النفوس الجائعة والمنهوبة والمتروكة لاقدارها.
كأن الاحزاب الحاكمة الفاشلة تنتظر من الناس ان تموت بلا احتجاج لان التعبير الاجرامي حرام وعيب.
التعبير الاجرامي حرام الا انه المتنفس الوحيد لمن خسر كل شيء كي لا ينتحر.
لا فرق بين من يقتل نفسه او يقتل غيره ففي كلتا الحالتين هناك نفس تموت من دون أذن من ربها…
جريمة ادت لجريمة ادت لمجزرة ،
فليتحرك الجيش والقضاء وليعتقل الجميع ،لكن من سيعتقل المتسببين باضطرابات انفس الناس كل الناس ، الدافعين بالابرياء وبالبسطاء الى الاجرام.
ما يحصل نتيجة طبيعية لعدم محاسبة فاسد واحد او ناهب مال واحد او مهمل واحد في عمله في مرفأ بيروت او محتالين في مصارف في دولة مفلسة.
الناس في حالة انهيار نفسي اعمق من انهيار الدولة اقتصاديا وما نراه ليس الا بدايات اولى للتناطح الجماعي و للجومسة..
جواميس تنتطح لبعضها ولا تقترب من التماسيح المجرمة الحقيقية والأصيلة.
انها الجومسلوجيا التي بشرناكم بها قبل اشهر فأبشروا…
والأتي اعظم…
زمن الجومسلوجيا والجومسة والجواميس.
زر الذهاب إلى الأعلى