قانون العفو بين هيبة القضاء والبازار السياسي
المحامي عبد الكريم حجازي – الحوارنيوز خاص
عادت قضية قانون العفو العام لتطرح مجددا بعد ان حوَلتها السياسة عندنا الى قضية موسمية وظرفية، فهي ما تلبث ان تخبو لبعض الوقت حتى تعود لتطل من جديد مع كل موسم انتخابي او ظرف طائفي او توقيت ابتزازي أراده هذا الزعيم او ذاك ضد خصومه السياسيين او الطائفيين وحتى المذهبيين.
وبعد ان انتهت المهلة التي حددها السجناء للحكام لاقرار هذا القانون في أسرع وقت ممكن تلافيا للكوارث التي تتهددهم داخل زنزاناتهم بعد اجتياح وباء الكورونا لها حيث اعلن وزير الصحة حمد حسن ان سجن روميه لوحده سجل اكثر من مئتي اصابة حتى الاسبوع الماضي، فإنه بات على هؤلاء الحكّام المسارعة الى عمل ما يلزم بدل التلهي بالمناكفات السياسية والطائفية، وما اذا كان "اتفاق الطائف" قد حصر تلك الوزارة أو ذلك المنصب بهذه الطائفة او تلك بينما البلد الى زوال بكل مكوناته وطوائفه ووزاراته ومناصبه.
وعليه، ولأن جائحة كورونا تهدد بالفتك، لا بل تفتك بالفعل بالعشرات يوميا ممن هم خارج السجون بالرغم من تلقيهم العلاج اللازم داخل بيوتهم وفي المستشفيات، فكيف بالحري ستفعل بهؤلاء المساجين الذين تكتظ بهم الزنازين وبعضهم يرفض ان يجري اية فحوصات او حتى يتناول اية علاجات اما عن جهل وتجاهل لمرض الكورونا او عنوة لتشكيل نوع من الضغط على السلطة لتلبية مطالبهم .
ولأن العديد من المساجين انهوا فترة محكوميتهم لكنهم غير قادرين على دفع الغرامات المفروضة عليهم بالرغم من الجهود المبذولة من قبل نقابتي المحامين في بيروت والشمال وعدد من الجمعيات والتي أدت الى إخراج العديد منهم من سجونهم حتى تاريخه .
ولأن قانون العفو ليس من شأنه في هذا الوقت بالذات ان يضرب هيبة السلطة القضائية ويذهب عمل القضاة مصدّري الاحكام بحق السجناء سدى كما يعتقد بعض ممن في القضاء .
ولأن الضرورة، والظروف الاستثنائية القاهرة التي أوجدها وباء الكورونا القاتل تحتم على كل من في السلطة المسارعة اليوم قبل الغد الى إنقاذ المساجين وتحريرهم سيما أولئك الذين اوقفوا منذ سنوات ولم يحاكموا بعد.
فإنه يقتضي اقرار قانون العفو العام وفق شروط ومعايير يحددها المجلس النيابي بعيدا عن البازارات السياسية والحسابات الحزبية والمناطقية والطائفية البغيضة لأن صحة المساجين وحياتهم ينبغي ان تكون فوق كل اعتبار. علما ان هذا القانون ليس الاول ولن يكون الاخير باعتبار ان المجالس النيابية المتعاقبة اقرت العديد من قوانين العفو اعتبارا من العام 1949 وانتهاء في العام 2005 حيث أقر عفو عام في ملف احداث الضنية ومجدل عنجر في 19 تموز 2005.