قالت الصحف: 15 آب مناورة جديدة أم بداية الحلول؟
الحوارنيوز – خاص
لا توحي المعطيات بأن العدو جدي وصادق في تعامله مع المفاوضات المقررة في 15 آب بالدوحة. فالأهداف المعلنة هي هي والجرائم والمجازر تتواصل، والعجز الدولي صار مفضوحاً وتواطؤ الأنظمة العربية صار علناً ومكشوفاً… فأي رهان على 15 آب؟
المشهد كما رسمته افتتاحيات صحف اليوم؟
- صحيفة النهار عنونت: ترقّبٌ قلقٌ للخميس بعد المجزرة والتصعيد جنوباً
وكتبت تقول: بدا واضحاً بعد مرور نحو 48 ساعة على ارتكاب إسرائيل مجزرة مدرسة التابعين في غزة التي أودت بأكثر من مئة ضحية وعشرات الجرحى، أن مضاعفات وتداعيات هذه المجزرة لن تمرّ مروراً عابراً، خصوصاً أنها أثارت موجة إدانات عربية ودولية كثيفة وجاءت قبل أقل من أسبوع من موعد عقد المفاوضات التي دعا اليها البيان الثلاثي لكل من الولايات المتحدة ومصر وقطر الخميس المقبل في الخامس عشر من آب (أغسطس) الحالي في الدوحة.
ولذا راقبت الأوساط الديبلوماسية الخارجية والأوساط اللبنانية المنحى الميداني الذي اتجهت عبره التطورات يومي السبت والأحد الماضيين من زاوية الرصد والتدقيق عما إذا كانت تشكل طلائع ردّ “حزب الله” على اغتيال القائد العسكري في الحزب فؤاد شكر باعتبار أن الاحتقان الهائل الذي خلفته ترددات مجزرة حي الدرج في غزة عمّمت المخاوف من انفجار الاحتقانات وبدء دورة تصعيد غير محسوبة، على رغم أن “تأخر” ردّ الحزب وإيران على إسرائيل كشف حجم الضغوط الدولية المتنوعة التي تسابق شرارة أي ردّ لحصر الأمور ضمن خطوط حمراء تحول دون اشتعال حرب إقليمية.
وما ساهم في تصاعد المخاوف للوهلة الأولى، أن “حزب الله” بلغ في هجمات مسيّراته مساء السبت الماضي على شمال إسرائيل عمقاً غير مسبوق منذ بداية المواجهات، ولكن الأمور عادت إلى مسارها الميداني السابق بعد ذلك، الأمر الذي أعاد الواقع الميداني والديبلوماسي إلى دائرة الترقّب والانتظار القلق. ولكن البارز في هذا الواقع أن أوساطا لبنانية مطلعة ومواكبة للاتصالات الجارية على مختلف المستويات اللبنانية والإقليمية والدولية لم تخفِ أن حالة الترقّب تصاعدت بدءاً من الساعات الأخيرة وامتداداً حتى يوم الخميس المقبل انطلاقاً من معطيات ومؤشرات لا تستبعد أي شيء بما فيه احتمال حصول ردّ كل من “حزب الله” أو إيران أو كلاهما معاً على إسرائيل قبل موعد المفاوضات في الدوحة ولو نفى كل منهما وجود أي موعد محدد للرد، هذا إذا انعقدت المفاوضات باعتبار أن حركة “حماس” لم توافق بعد على المشاركة فيها.
وتلفت الأوساط في هذا السياق إلى أن كلاً من “حزب الله” وطهران فصلا موقفهما المتمسك بالرد على إسرائيل عن موضوع المفاوضات، الأمر الذي يستتبع بعد مجزرة حي الدرج إما سقوط المحاولة الثلاثية الأميركية- المصرية- القطرية لإحياء “الفرصة الأخيرة” التي يراد لها أن تبرّد احتمالات الحرب الواسعة في المنطقة، وإما حصول رد من دون إمكان الجزم مسبقاً بموعده وبحجمه وما يمكن أن يكون عليه الردّ والرد المضاد.
الجيش واليونيفيل
وسط هذه الأجواء، بدا لافتاً تعمّد “اليونيفيل” والجيش اللبناني التأكيد والتشديد على التنسيق بينهما بعد تجاوز حادث تشابك في الصلاحيات الميدانية بين الجيش ودورية فرنسية قبل أيام تجنباً لأي انطباعات سلبية في غير موقتها الآن وسط الرهانات المتعاظمة على دور محوري للجيش واليونيفيل في إعادة تطبيع الأوضاع على الحدود انطلاقاً من تنفيذ القرار 1701 كأساس لأي تسوية لدى وقف النار في الجنوب وغزة. وأكد المتحدث الرسمي باسم “اليونيفيل” أندريا تيننتي، في تصريح، أن “اليونيفيل تواصل عملها وتنفيذ أنشطتها، بالتنسيق مع السلطات اللبنانية بما في ذلك الدوريات المشتركة مع القوات المسلحة اللبنانية. لم يتغير شيء في هذا الصدد”. وقال: “ملتزمون العمل بشكل وثيق مع القوات المسلحة اللبنانية لتهدئة المواقف والحد من التوترات على الأرض”.
وبدورها أكدت مصادر عسكرية أن الجيش اللبناني يواصل المهمات المنوطة به جنوباً بالتنسيق التام مع قوات الطوارئ الدولية العاملة هناك، ويسَيّران معاً دوريات مشتركة لحفظ الأمن حيث تدعو الحاجة. وأشارت أوساط معنية إلى أن ما تردّد عن إيقاف الدوريات المشتركة، على خلفية حادثة في كفرحمام، لا يمت الى الحقيقة بصلة، موضحة أن تباينات تحصل من حين لآخر، وهو شأن طبيعي في مطلق عمل مشترك بين طرفين، إلا أن الأمور تعالج سريعاً وتعود الى طبيعتها.
وكانت هذه التطورات محور زيارة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي سابقاً وليد جنبلاط لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي مساء أمس في دارته.
· صحيفة اللواء عنونت: «دراما الردَّين» بين لهيب النار ومخاوف الإنفجار!
وكتبت تقول: تزايد الرهان على مفاوضات وقف النار، وترجيح تقدم مسار صفقة «تبادل الأسرى» على الرغم من تزايد الهجمات، وتوسُّع دائرة الاغتيالات في عموم المنطقة، اضافة الى المجازر الفائقة البشاعة، وغير المسبوقة في تاريخ الحروب القديمة والحديثة.
فبدءًا من هذا الاسبوع، تتكثف الاتصالات، لا سيما تلك التي يجريها الرئيس نجيب ميقاتي مع الخارج والداخل لترجيح حماية ممكنة للبلد من استهدافاته من قِبل اسرائيل، اذا ما حدث على صعيد رد حزب الله وايران، ما لم يكن بالحسبان.
وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» أن الورقة المعدة من قبل الحكومة بشأن تثبيت الاستقرار في الجنوب والتهدئة لا تزال تخضع لتقييم من قبل الفرقاء السياسيين في الواقع الذي لا تزال المعارضة تقرُّ بأن الحكومة مغلوب على أمرها وأن حزب الله هو الآمر والناهي في الملف برمته.
وأوضحت المصادر نفسها أن ما صدر في هذا الصدد يعكس بوضوح العمل على التزام القرارات الدولية والسعي وراء التهدئة قبل أي أمر، معربة عن اعتقادها أن الانتظار سيد الموقف في ما خص المفاوضات بشأن التهدئة المنشودة.
وعليه، يعيش البلد أياماً يمكن وصفها، في نظر مراقبين، «بدراما الردّين» اللبناني والايراني (حزب الله والحرس الثوري)، على وقع تصاعد لهيب النار عبر الضربات الانقضاضية، او الاغتيالات المتفاقمة، فيما الدوائر الرسمية والديبلوماسية الاقليمية والدولية والمحلية، تتخوف من الانفجار الواسع.
وعلى طريقة من المرجَّح، هدّد وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت ايران وحزب الله امام جنود جدد التحقوا بالخدمة قائلاً: من يلحق بنا الاذى بطريقة لم يفعلها في الماضي، فمن المرجح ان يتلقّى ضربة بطريقة لم نتصرف فيها في الماضي.
ومع اكتفاء لبنان الرسمي بورقة الحكومة التي عممتها على البعثات الدبلوماسية في انحاء العالم، وتتضمن رؤية لبنان لوقف اطلاق النار وتحقيق السلام والتعهد بنشر مزيد من عديد الجيش في الجنوب لضمان تنفيذ القرار 1701 ومطالبة المجتمع الدولي بالضغط على اسرائيل لوقف عدوانها، بقيت اسئلة كثيرة تحوم حول موعد رد «محور المقاومة» على اغتيال اسرائيل لرئيس المكتب السياسي اسماعيل هنية في طهران والقائد العسكري في حزب الله فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية، بغضّ النظر عن طبيعته وحجمه واستهدافاته، ذلك ان الرد تأخّر اكثر من عشرة ايام، شهدت خلالها المنطقة ولبنان بشكل خاص تطورات متسارعة، منها استهداف مسؤول في حركة «حماس» في مدينة صيدا، وهي المرة الاولى التي يستهدف فيه العدو الاسرائيلي بإغتيالاته عاصمة الجنوب وبوابته، عدا عن تنفيذ اكثر من عملية اغتيال اخرى لكوادر في المقاومة في قرى الجنوب الحدودية مؤخراً.
ومع ان المقاومة ردت على استهداف صيدا واغتيال أحد كوادر حماس فيها بهجوم مساء السبت بأسراب مسيَّرات على قاعدة «محفاه آلون» غربي طبريا في العمق الفلسطيني وهي تُستهدف للمرة الاولى، فإنه كان رداً من ضمن المواجهات اليومية في جبهة الجنوب، ما يعني ان الرد على إغتيال شكر لم يحن اوانه بعد ولم تُعرف طبيعته. لكن البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة اعلنت بعد الاعلان عن المبادرة الثلاثية الجديدة، «أن إيران ستسعى للرد على اغتيال العدو الاسرائيلي لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، بشكل لا يضر بوقف إطلاق النار المحتمل في غزة».
وأفادت البعثة في بيان لها، يوم الجمعة وتم نشره السبت (بسبب فارق التوقيت بين بيروت ونيويورك): أن أولويتها إحلال نظام ثابت لوقف إطلاق النار في غزة، وإن أي اتفاق تقبله حماس، سنعترف به نحن أيضاً.
قد يكون طرح هذه المبادرة في هذا التوقيت أربك الى حدٍّ ما المخططين في غرفة عمليات محور المقاومة المشتركة لتوقيت الرد وبغض النظرعن حجمه وطبيعته واهدافه، وقد يؤخر الرد قليلاً لتبيان نوايا العدو من المبادرة، وهل سيلتزم بها ويطبقها ام يُفشلها بمجازر جديدة وشروط غير قابلة للتنفيذ؟ إذ قد يختلف الرد في حال نجحت المبادرة فيبقى محصوراً ومدروساً بدقة باختيار أهداف منتقاة بعناية، ولو انه سيكون «قوياً وموجعاً ومؤثراً» كما قال السيد حسن نصر الله. اما إذا أفشل العدو المبادرة فثمة سيناريوهات اخرى سيجري بحثها للرد على كل الاعتداءات التي ارتكبها من طهران الى الضاحية الى مدرسة «التابعين». وقد يتزامن أو لا يتزامن رد ايران مع رد حزب الله في لبنان او الحوثيين في اليمن او فصائل المقاومة في العراق، تبعاً لما تقتضيه طبيعة الرد وحجمه وظروف كل فصيل، وكم سيربك جيش الاحتلال والجيش الاميركي الداعم له في البحر والجو وربما في البر ايضاً.
- صحيفة الأنباء عنونت: عقارب المنطقة مضبوطة على مصير المفاوضات… وسيناريوهان متوقعان
وكتبت تقول: بعدما كانت عقارب الساعة في المنطقة مضبوطة على توقيتي رد “حزب الله” وإيران على اغتيال القياديين فؤاد شكر واسماعيل هنية، باتت العقارب مضبوطة على موعد مفاوضات وقف إطلاق النار في غزّة، والتي في حال نجحت قد تعفي المنطقة من حرب الردود والردود المضادة.
حسب معلومات مهمّة نقلتها شبكة “سي إن إن” الأميركية عن مصادر إسرائيلية، فإن رئيس “حماس” الجديد يحيى السنوار جدّي في التوصّل إلى اتفاق وقف إطلاق نار، وقد نقل الوسطاء المصريون والقطريون هذه الأجواء إلى إسرائيل، التي لم تقرّر بعد موقفها.
التوصّل المفترض إلى هدنة في غزّة سيعني التهدئة في المنطقة بشكل عام، وهذا الأمر سينسحب على ردّي إيران و”حزب الله”، وهنا، ثمّة سيناريوهان مرجّحان، إما أن يرد الطرفان على اغتيال هنية وشكر شكلاً دون أذى فعلي فلا يستدرجان إسرائيل لإطالة أمد الاشتباك الإقليمي، أو لا يردان بالمطلق حفاظاً على الاتفاق.
من غير المستبعد أن تقبل إيران باتفاق غير مُعلن يقضي بوقف إطلاق النار مقابل ثنيها عن رد قوي ضد إسرائيل لجملة من الأسباب، أولاً ستكون إيران قد رفعت الضغط عن حليفيها “حماس” و”حزب الله”، وستكون قد تجنّبت اشتباكاً مع إسرائيل غير مضمون النتائج في ظل التصعيد الإسرائيلي.
الكرة في ملعب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يتعرّض لضغوط كبيرة داخلية وخارجية، ومنها أميركية، للتوصّل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، وسيكون أمامه مهلة ثلاثة أيام حتى يوم الخميس المقبل، الموعد المنتظر لاستكمال مفاوضات الهدنة.
لكن بموازاة الضغوط المكثّفة على نتنياهو للقبول بصفقة مع “حماس”، فإن ثمّة ضغوطاً معاكسة مصدرها بعض أطراف ائتلافه الحاكم وبعض وزراء اليمين المتطرّف كوزيري الأمن القومي والمالية الإسرائيليين، إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموترتيش، اللذين يرفضان أي اتفاق لا بل يرغبون في توسيع الحرب.
مسؤول الإعلام في حركة “حماس” في لبنان وليد كيلاني يتحدّث عن مفاوضات الهدنة، ويُشير إلى أن الحركة قدّمت مقترحاتها للوسطاء قبل 40 يوماً وأبدت تجاوباً ومرونة عالية بخصوص الملفات العالقة، ولكن حتى هذه اللحظة العدو الإسرائيلي لم يرد على المقترحات”.
وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، يفلت كيلاني إلى أن رد العدو الإسرائيلي على مرونة الحركة وتقدّم المفاوضات كان بارتكاب المجازر تلو المجازر، فبعد أن أبدينا مرونة قبل أكثر من شهرين، اقتحم رفح، وبعد البيان الأميركي المصري القطري قصف مدرسة التابعين، كما اغتال هنية رأس الديبلوماسية والمفاوضات، فمن يُريد هدنة هل يرتكب كل هذه المجازر؟
وبرأي كيلاني، “لا إرادة سياسية لرئيس وزراء العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للوصول إلى هدنة، لأن نتنياهو يغلّب مصلحته الشخصية على المصلحة العامة، وهذا لا يوصلنا إلى هدنة بهذه العقلية وهذه التصرفات، وبالتالي لن ننخدع بمسار المفاوضات”.
ويُضيف كيلاني: “لا علاقة للرد الإيراني بملف المفاوضات، لأن الرد الإيراني هو رد على اعتداء على العاصمة طهران وعلى أمنها وشرفها، المقايضة ليس لها علاقة، من سرّب هذا الكلام صحف ومسؤولون أميركيون، لا بل إن رد إيران وحزب الله قد يكون مدعاة لضغط أميركي من أجل منع حرب إقليمية”.
في لبنان، تستمر إسرائيل بتطبيق سياسة الاغتيالات، وقد استهدفت دراجة في الطيبة ما أدّى إلى استشهاد عنصرين في “حزب الله”، في حين استمر الأخير بقصف المواقع الإسرائيلية العسكرية على المقلب الآخر من الحدود، وذلك بعد يوم من التصعيد الذي وصل إلى صيدا شمالاً وصفد جنوباً.
“حزب الله” بدوره لم يرد بعد، وينتظر نتيجة مفاوضات وقف إطلاق النار، ومن المتوقع أن يحذو حذو إيران، وفي حال كانت النتائج إيجابية، سيقلّل من قوّة الرد أو يتراجع عنه، لكن وفي حال كانت النتائج سلبية، فإن الأبواب حينها ستكون مفتوحة على مصراعيها.
فشل المفاوضات سيعني صراحة نيّة نتنياهو التصعيد في المنطقة، لأن رفضه الصفقة سيعني رفضه ثني إيران و”حزب الله” عن الرد، وسيعني أن إيران ملزمة بالرد ومعها الحزب، ما سيضع إسرائيل في موقع الرد المضاد، وبالتالي توسيع الاشتباك الإقليمي.
إذاً، فإن المنطقة على كف عفريت نتنياهو، فإذا وافق على الاتفاق، ستتجنّب المنطقة المزيد من حمامات الدماء، لكن الخوف من عدم موافقته وتطيير كافة الجهود الديبلوماسية، ونقل المنطقة إلى مستوى اشتباك آخر وأخطر.