قالت الصحف: وطن بلا حاكم.. ومصرف مركزي بلا حاكمية
الحوارنيوز – خاص
لا أصيل في لبنان: فإما بالوكالة أو بالإنابة أو بالفراغ.
لم تنجح كل الحوارات الطائرة في الوصول الى نهاية قانونية لملف حاكمية مصرف لبنان عشية انتهاء ولاية الحاكم رياض سلامة نهاية شهر تموز الحالي.
هذا الموضوع وغيره من المواضيع تناولته صحف اليوم على النحو الآتي:
- صحيفة النهار عنونت: “حاكمية تصريف أعمال” تلتحق بالحكومة؟ اقتراح الراعي: 3 دورات متعاقبة ثم حِوار
وكتبت تقول: مع ان قانون النقد والتسليف لا يلحظ أي نص يتصل بتحول افتراضي لاستقالة جماعية لنواب حاكم مصرف لبنان الأربعة عقب شغور منصب الحاكم الى ما يمكن تسميته “حاكمية تصريف الاعمال”، فإن وقائع الازمة المتدحرجة لحاكمية المصرف المركزي بدأت تتجه في هذا المنحى. واذا كان رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي اول من لوح بهذا الخيار مقارنا واقع نواب الحاكم ان هم ترجموا تهديدهم بالاستقالة بحالة الحكومة الحالية ووزرائها، فان أبرز التطورات التي حصلت خلال الساعات الثماني والأربعين الأخيرة في هذا الملف، تمثلت في عدم توافر غطاء مسيحي لأي امكان لتعيين حاكم اصيل لمصرف لبنان يخلف الحاكم الحالي رياض سلامة في نهاية تموز، الامر الذي استتبع سحب الرئيس ميقاتي نهائيا خياري تعيين حاكم جديد او التمديد للحاكم الحالي ورفع تاليا في وجه نواب الحاكم ورقة تحميلهم مسؤولية التخلف عن واجباتهم حتى في حالة الاستقالة.
وإذا كانت الأيام القليلة المقبلة ستكفل بلورة الاتجاهات الحاسمة لموقف نواب الحاكم وخطوتهم التالية بعدما نشأت مروحة واسعة من التحفظ والرفض والتحذيرات من التبعات الخطيرة للفراغ الشامل في حاكمية المصرف، فان ما يجدر التوقف عنده في تفاعلات هذه القضية هو انها حركت ركود الازمة الرئاسية بحيث راحت المواقف الرافضة للفراغ الجديد في مصرف لبنان تركز على الحل الاساسي بانتخاب رئيس الجمهورية قبل تمدد الفراغ المتدحرج الى المؤسسات الأساسية تباعا. واكتسب اخر الاقتراحات الذي أعلنه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بعدما تحفظ عن “تعيينات الضرورة” دلالات بارزة اذ طرح اجراء ثلاث دورات انتخابية متتابعة لانتخاب أحد “المرشحين المحترمين” سليمان فرنجية وجهاد ازعور. وفي حال عدم انتخاب أي منهما يجري الحوار للاتفاق على مرشح ثالث. ومع ان هذا الاقتراح لم يلق بعد أي أصداء بعد، فيبدو ان البطريرك الراعي اختار متعمدا توقيته وسط هذا التفاعل الحاد لملفات الشغور في المناصب الكبيرة العائدة للموارنة بما يوجب رصد ردود الفعل عليه في الاتي من الأيام.
واما في ملف حاكمية مصرف لبنان فبدا الرئيس ميقاتي حاسما أمس في التأكيد لـ”النهار” ان أي دعوة للتمديد للحاكم “لن تحصل بتاتا واصبحت نتيجة هذا الخيار تساوي صفرا”. لأن السير بالتمديد سيؤدي الى إطلاق جملة من الاتهامات والقول ان رئيس الحكومة يساهم في حماية المنظومة، وهذا الامر غير وارد عنده.
وحسم ميقاتي ايضا بأن “لا نية ولا استعداد عنده للتوجه الى دعوة مجلس الوزراء للانعقاد ووضع بند على جدول اعماله لتعيين حاكم جديد”. وردد بأنه لا يريد ولا يقبل بأحداث شرخ في البلد “وإذا كان المسيحي الماروني يعتبر التعيين الان ضرب لطائفته في غياب رئيس الجمهورية فأنا لا اقبل بهذا الاجراء وعلى الجميع ان يتحملوا مسؤولياتهم”.
الراعي واقتراحه
وفي موقف واضح في تحفظه عن أي تعيينات قبل انتخاب رئيس الجمهورية، اعتبر البطريرك الراعي “إنّ التعنّت في إبقاء الفراغ في سدّة الرئاسة، المقصود بكلّ أسف من أجل أهداف شخصيّة وفئويّة ومستقبليّة، قد أوصل إلى نتيجة حتميّة، تسمّى في المجلس النيابي المحوّل إلى هيئة ناخبة “تشريع الضرورة”، وفي حكومة تصريف الأعمال “تعيينات الضرورة”. ومثل هذا التصرّف يهدم المؤسّسات الدستوريّة والعامّة ويفقدها ثقة الشعب والدول بها. وهذه جريمة يرتكبها كلّ الذين يعطّلون عمليّة إنتخاب رئيس للجمهوريّة على الرغم من وجود مرشّحين قديرين”. وأشار الى ان “المصرف المركزيّ في أزمة كيانيّة، ويطالب نوّاب الحاكم “بضرورة تعيين” حاكم جديد لمدّة ستّ سنوات، ويرفضون السير في التعيين بالوكالة لفترةٍ تنتهي مع انتخاب رئيس جديد للجمهوريّة. وها الجيش اللبنانيّ يستدعي في حالة ظروفه الإستثنائيّة السير بتعيين “الضرورة”، حفاظًا على استمراريّة المؤسّسات الأمنيّة، لما في ذلك من ضرورة قصوى للإستقرار في لبنان والسلم الأهلي في ظلّ الأزمات المتلاحقة التي نعيشها”. وتوجه الى النواب: “يوجد لديكم مرشّحان مارونيّان محترمان لرئاسة الجمهوريّة، فادخلوا المجلس النيابيّ وانتخبوا واحدًا منهما رئيسًا وفقًا للدستور الذي ينصّ في مقدّمته على أنّ “لبنان جمهوريّة ديمقراطيّة برلمانيّة” فإذا لم يُتنخب أحد منهما بعد 3 دورات متتالية على الأقلّ، فاحترامًا لكرامتهما، عندئذ تتحاورون لإيجاد مرشح ثالث غيرهما. ويكفيكم إضاعة الوقت والمؤسّسات تتساقط الواحدة تلو الأخرى بانتظار الإلهام من الخارج كقاصرين”.
- صحيفة الأخبار عنونت: فشل خطة تهريب حاكم جديد
حزب الله والتيار يرفضان أيّ تعيينات تجريها حكومة تصريف الأعمال | ميقاتي: على منصوري تولّي مَهامّ سلامة
وكتبت تقول: فشل الرئيسان نبيه بري ونجيب ميقاتي في تمرير تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان خلفاً لرياض سلامة، كما أُجهضت فكرة الطلب من سلامة تصريف الأعمال إلى حين تعيين بديل منه. وأعلن ميقاتي أن نواب الحاكم ملزَمون بالقيام بدورهم في تسيير أمور المصرف حتى تعيين حاكم جديد. وتركّزت المساعي في اليومين الماضيين على إقناع النواب الأربعة بعدم تقديم استقالة متوقّعة منهم قريباً، فيما لم يتضح ما اذا كان مجلس النواب سيوفر لهم الغطاء القانوني للتصرّف في سوق الصرف.
وفي حديث لـ”الشرق الأوسط” السعودية، أكّد ميقاتي أنه “لن يغطي التمديد لسلامة لقطع الطريق على من يتهمه بأنه يوفر الغطاء السياسي له بذريعة أن لديه مصلحة شخصية في إبقائه على رأس حاكمية مصرف لبنان”. ولفت إلى أن “الحل لملء الشغور في حاكمية مصرف لبنان فور انتهاء ولاية سلامة يكمن في تطبيق القانون الذي يسمح لنائبه وسيم منصوري القيام بالمهام الموكلة إليه”، موضحاً أنه في حال استقالة نواب الحاكم فإن وزير المال “سيطلب منهم الاستمرار في تسيير المرفق العام، وهذا ما ينطبق على مصرف لبنان”.
وكانت الاتصالات التي أجراها بري وميقاتي مع القوى السياسية أفضت إلى عدم ممانعة البطريرك الماروني بشارة الراعي والقوات اللبنانية، إيجاد حل عبر مجلس الوزراء، قبل أن تعود القوات إلى إعلان معارضتها تعيين حكومة تصريف الأعمال حاكماً جديداً.
من جانبه، أبلغ حزب الله بري وميقاتي أنه يرفض أن تقوم حكومة تصريف الأعمال بأي تعيينات إدارية، لا في مصرف لبنان ولا في الجيش، وقال مسؤولون في الحزب إن القانون يجب أن يُطبق وأن يتولى نائب الحاكم الأول مسؤوليته في إدارة المصرف ريثما يتم تعيين حاكم بديل. فيما تمسّك التيار الوطني برفضه تعيين حاكم من قبل حكومة فاقدة للصلاحيات، وكرّر الدعوة إلى تعيين حارس قضائي. كما تبلّغت مصادر رسمية من رئيس التيار جبران باسيل رفض إجراء أي تعيينات إدارية في المؤسسات المالية أو العسكرية أيضاً.
وكانت مساعي بري وميقاتي انطلقت من إمكانية توفير غطاء مسيحي مع دعم خارجي، قيل إنه أميركي، خصوصاً أن النائب الأول للحاكم وسيم منصوري كان قد عاد من زيارته الأخيرة لواشنطن بموقف أميركي مزدوج: أهمية معالجة مسألة الشغور في المنصب في أسرع وقت، وعدم الاعتراض على تولّي منصوري مهام الحاكم في حالة الشغور المؤقّت.
وفي هذا السياق، ارتفعت الأصوات المستنكرة لخطوات نواب الحاكم، وشنّت عليهم حملة تحمّلهم مسؤولية الانهيار الذي قد يصيب القطاع النقدي والمالي في حالة الاستقالة. لكنّ مصادر النواب الأربعة تتحدث عن أن قرارهم مرتبط أساساً بعدم قدرتهم على تحمل المسؤولية من دون غطاء قانوني.
ورداً على الاتهامات لهم بأنهم كانوا شركاء للحاكم في كل ما قام به خلال السنوات الماضية، قال أحدهم إن محاضر المجلس المركزي تكشف عكس ذلك. وهو ما دفع بمراجع معنيين إلى السؤال عن إمكانية اطّلاع الرأي العام على هذه المحاضر رغم أنها تتخذ طابع السرية، لتوضيح حقيقة الأمر، وسط كثافة التسريبات في المصرف المركزي، عن أن سلامة كان قد حصل على تفويض المجلس المركزي ومن نوابه الأربعة للقيام بما يراه مناسباً في مسألة سعر الصرف، وهو ما ينفيه النواب الأربعة.
سلامة وقوانين الأزمة
في غضون ذلك، كشفت معلومات لـ”الأخبار” أن سلامة عقد اجتماعاً غير رسمي مع عدد من كبار الموظفين في مديريات مصرف لبنان قبل نهاية الأسبوع الماضي، وناقش معهم الوضع العام، وتصوّره لكيفية التعامل مع إدارة الوضع النقدي بعد مغادرته. وقال سلامة إن إدارة الأزمة في لبنان تتطلب أحياناً علاجات تبدو غير علمية أو غير متعارف عليها عالمياً، متحدثاً عن “قوانين الأزمة” التي تفرض نفسها في حالة لبنان. وتحدّث سلامة عن ارتفاع قيمة السيولة لدى المصرف المركزي بالعملات الصعبة إلى أكثر من عشرة مليارات دولار، دون أن يشرح توزّعها وطبيعتها، عازياً تعاظم قيمة السيولة إلى السياسة التي اتّبعها في إدارة السوق النقدي.
وقال سلامة إنّ أي حاكم يأتي من بعده، عليه التعامل وفق ما يقتضيه السوق، إذ إن المطلوب الآن هو منع الانهيار الكبير. وأضاف: “لست ممن يريدون حصول الانهيار للقول إنه لم يحصل في أيامي. وأعرف أنني كما الجميع سندفع ثمن أي انهيار كبير ما لم يجر اعتماد آليات دقيقة لإدارة السوق النقدي”. وتابع: “أنا لا أدعو من يخلفني إلى العمل بالتعاميم أو القرارات نفسها التي أصدرتها، لكن أنصح من سيتولّى الأمر من بعدي، بأن يعرف أن الهدف من وراء هذه التعاميم هو الذي يفترض المحافظة عليه، وعندها لا يهمّ بأي وسائل يمكن تنفيذ ذلك”.
- صحيفة الأنباء عنونت : جمودٌ محلي ومساعي الخارج بطيئة.. لا مناص من حوار لبناني لإنهاء الأزمات
وكتبت تقول: لا محاولات داخلية لحلّ الأزمات أو لإنهاء الشغور الرئاسي، والخارج يتحرك على إيقاع بطء لعبة الأمم التي لا تأبه لأزمات اللبنانيين. ووسط الجمود السياسي القائم الانتظار سيد الموقف حتى عودة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان الى لبنان بعد السابع عشر من الشهر الجاري، حيث ترى مصادر سياسية أن عودته تبقى رهن الاتصالات التي يجريها مع أكثر من طرف محلي وخارجي لحث القوى السياسية المعنية للتخلي عن شروطها التعجيزية والذهاب الى خيار جامع يساعد على إنهاء الشغور الرئاسي وحل كل المشاكل العالقة.
المصادر توقعت عبر “الأنباء” الإلكترونية أن “يضاعف لودريان جهوده الحثيثة بعد أن جرى تعيينه رئيس الوكالة الفرنسية لتطوير العلاقات في المملكة العربية السعودية خلفاً لجاك لانغ”، وأن “يتمكن لودريان الذي قد يتسلم مهامه الجديدة في أيلول المقبل من تزخيم حراكه اللبناني بناء على دوره الجديد”.
توازياً لا يرى عضو كتلة تجدد النائب أديب عبد المسيح حلاً “بدون حوار جدّي، وليس حواراً على طريقة الطرف الآخر الذي يصر على تمرير مرشحه سليمان فرنجية الذي يعتبره مرشحه الأول والثاني والثالث”.
وقال عبد المسيح لـ “الأنباء” الإلكترونية: “اذا كانوا فعلاً يصرّون على الحوار كما يدعون، فليعلنوا أنهم تخلوا عن مرشحهم ونحن جاهزون للتحاور على الرئيس الجديد، اما الذهاب الى حوار على طريقة أنا أو لا أحد، فهذا الأمر غير وارد بالنسبة لنا”، مؤكداً مقابل ذلك “استمرار دعم التكتل للوزير السابق جهاد ازعور”.
اما بالنسبة للجدال القائم حول حاكمية مصرف لبنان، فرأى عبد المسيح أن “حل هذا الامر بسيط جدًا، على ما يعتقد، وقال “فليتفضلوا ويحددوا جلسة انتخاب قريبة وليحضر النواب إلى المجلس ولا يغادرونه دون انتخاب رئيس جمهورية، وعلى الرئيس الجديد أن يعين حاكما لمصرف لبنان فتحل المشكلة”.
النائب السابق علي درويش أشار من جهته لجريدة الأنباء الالكترونية إلى أن “موضوع حاكم مصرف لبنان حساس ودقيق ولا يوجد مقاربة نهائية له”، معتبرا أن “الحل الأنسب ان يتسلم نائب الحاكم الأول الدكتور وسيم منصوري مهام سلامة بعد انتهاء ولايته آخر هذا الشهر وذلك بموجب قانون النقد والتسليف، وهو ما لفت إليه نواب الحاكم في بيانهم التحذيري لأن لا أحد يمكنه تحمل المسؤولية إلا بتعيين حاكم أصيل”، معرباً عن اعتقاده أن “رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يسعى لإنهاء هذه المسألة بالأطر القانونية، إما عن طريق تعيين حاكم أصيل أو بتسلم نائب الحاكم الأول مكانه”.
وعمّا يحكى عن إمكانية التمديد للحاكم ونوابه الأربعة بعد تقديم استقالاتهم، رأى درويش أنه في ظل الوضع المأزوم وفي ظل الشغور الرئاسي فإن هذا الأمر “مسألة دقيقة جدًا، إذ كل ما يجري يؤخذ بالسياسة أكثر من اي أمر آخر، فهل مَن يتحمل تبعات التمديد بالحاكمية؟”.
وعليه تستمر بالتالي عملية تراكم الأزمات واحدة تلو الأخرى منذ العام 2019، دون أن تستطيع قوى أصحاب الحل والربط التزحزح قيد انملة عن مصالحها الضيقة لوقف النزف الحاصل في معيشة وحياة اللبنانيين الاجتماعية والاقتصادية والمالية والصحية، وفي كل قطاعات الدولة التي باتت بانهيار شبه كامل. ولأنه لا مناص من تفاهم لبناني واضح ينهي كل ذلك، تبقى الدعوة إلى حوار صادق هي المخرج المتاح بأقل الخسائر، والرهان على اقتناع المعنيين قبل فوات الأوان.