الحوارنيوز – خاص
حتى ساعات الفجر الأولى لم يكن قد تبلغ لبنان أي رد رسمي بشأن موقف العدو من الورقة الأميركية المعدلة لوقف إطلاق النار والشروع في تطبيق القرا 1701، رغم التسريبات الإسرائيلية بأن قادة الاحتلال قد منحوا المبعوث الأميركي اموس هوكشتاين الضوء الخضر لمواصلة مساعيه وتنفيذ مضمون الورقة.
في موازاة ذلك شهد يوم أمس رداً نوعيا، في الشكل والمضمون للمقاومة على الجرائم والمجازر التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في مختلف المناطق اللبنانية..
مذا في تفاصيل افتتاحيات صحف لبنان؟
- صحيفة النهار عنونت: حرب الأعماق تستعرّ فهل انهارت المفاوضات؟ وصيّة بوريل: إضغطوا على إسرائيل و”حزب الله”
وكتبت تقول: بدت مخاوف جدية ساورت أوساطاً رسمية وسياسية وديبلوماسية لبنانية في الساعات الأخيرة من انهيار المفاوضات للتوصل الى وقف النار في لبنان في محلّها الموضوعي، بعد تصعيد وتيرة تبادل العمليات الميدانية الحربية والغارات الجوية وعمليات القصف الصاروخي بين إسرائيل و”حزب الله” إلى ذروة غير مسبوقة من دون اتضاح أي أفق لتحقيق وساطة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين اختراقا حقيقياً. ذلك أنه بالتزامن مع دخول الحرب التصعيدية شهرها الثالث، عكست وقائع اليومين الأخيرين انفجار الحرب على اقصى مدياتها في ثلاثة اتجاهات عبر تعمّق وتوسّع التوغل البري الإسرائيلي في جنوب الليطاني، واستشراس دموي في الغارات، على غرار مجزرة البسطا السبت الماضي، وتعميم المجازر الذي كانت حصيلته الشاملة 84 شهيداً، وتكثيف الهجمات الصاروخية بوتيرة عالية على شمال إسرائيل ووسطها واستهداف منطقة تل أبيب مرات بفاصل ساعات. مجمل هذه الوقائع تزامن مع عدم بلورة أي أفق عملي واضح بعد لمصير وساطة هوكشتاين على رغم المناورات التخديرية التي يتولاها الاعلام الإسرائيلي في ضخ معطيات متفائلة.
وبازاء ذلك، دعا وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو اللبنانيين والإسرائيليين إلى اغتنام “فرصة” سانحة من أجل التوصل إلى وقف النار في الحرب الدائرة بين إسرائيل و”حزب الله”. وقال بارو لقناة “فرانس 3”: “هناك فرصة سانحة وأدعو جميع الأطراف إلى اغتنامها”. وإذ أعرب عن “حذره”، أشار إلى أنه “من خلال الديبلوماسية والعمل مع الأطراف المعنية بشأن المعايير التي تتيح ضمان أمن إسرائيل وسلامة الأراضي اللبنانية، أعتقد أننا بصدد التوصل إلى حل قد يكون مقبولاً من جميع الأطراف الذين ينبغي عليهم اغتنامه للتوصل إلى وقف النيران ووقف الكارثة الإنسانية أيضاً”.
التوغّل البري
وتمثل التطور الميداني الأبرز في اشتداد المواجهات المباشرة بين “حزب الله” والقوات الإسرائيلية الساعية للتوغّل في عمق جنوب الليطاني وذلك في مدينة الخيام التي تشهد معارك ضارية منذ أيام، إضافة إلى معارك تدور عند محور شمع، طير حرفا، حيث يُكثّف الجيش الإسرائيلي قصفه المدفعي على هذه البلدات. وأفادت معلومات ميدانية أنّ القوات الإسرائيلية تندفع إلى مزيد من التوغّلات ومنذ ساعات الصباح، تعرضت الخيام إلى قصف مدفعي وجويّ ورمايات من الدبابات الإسرائيلية المتمركزة في بعض أحيائها.
تزامن ذلك مع تجدد الاستهدافات الإسرائيلية للجيش اللبناني الذي ارتفع عدد شهدائه منذ بداية الحرب ألى 41 أمس باستشهاد أحد العسكريين وأصابة 18 بينهم مصابون بجروح بليغة نتيجة استهداف إسرائيلي لمركز الجيش في العامرية على طريق القليلة- صور. وسارع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى اصدار بيان اعتبر فيه “أن استهداف العدو الإسرائيلي بشكل مباشر مركزاً للجيش في الجنوب وسقوط شهداء وجرحى يمثل رسالة دموية مباشرة برفض كل المساعي والاتصالات الجارية للتوصل إلى وقف النار وتعزيز حضور الجيش في الجنوب وتنفيذ القرار الدولي الرقم 1701. وهذا العدوان المباشر يضاف الى سلسلة الاعتداءات المتكررة للجيش وللمدنيين اللبنانيين وهو أمر برسم المجتمع الدولي الساكت على ما يجري في حق لبنان”. وقال إن “الحكومة تدعو دول العالم والمؤسسات الدولية المعنية الى تحمّل مسؤولياتها في هذا الصدد”.
في المقلب الثاني من المشهد كان “حزب الله” يشنّ أوسع هجماته ويطلق أكثر من 250 صاروخاً تجاه إسرائيل في رقم قياسي لعملياته. ووسط بلوغ صواريخه تل أبيب وحيفا ونهاريا، اعتبر الوزير السابق في حكومة بنيامين نتنياهو، بيني غانتس، أنّ “الحكومة اللبنانية تطلق يد “حزب الله” وحان الوقت للعمل بقوّة ضدّ أصولها”. وكشف الإعلام الإسرائيلي سقوط صواريخ في بتاح تكفا وهرتسليا وإصابة مباشرة لبيت في بتاح تكفا قرب تل ابيب. وأفيد عن ثلاث إصابات في منطقة تل أبيب نتيجة اندلاع حريق وتوقفت حركة الإقلاع في مطار بن غوريون. ووفقاً لوسائل إعلام إسرائيلية، أصيب 10 إسرائيليين إثر إطلاق صواريخ من لبنان.
وأفادت هيئة البث الإسرائيلية “كان” أنّه في أعقاب الرشقات الصاروخية الواسعة من لبنان، قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إجراء “مشاورات محدودة مهمة” مساء أمس بشأن التسوية في لبنان. وأشارت إلى أنّ “حزب الله يُظهر لأنصاره أن معادلة الأمين العام نعيم قاسم لا تزال قائمة، ضربة في قلب بيروت تعادل ضربة في تل أبيب”.
بوريل مودعاً
في غضون ذلك، قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل من بيروت التي زارها أمس مودعاً بعد نهاية ولايته أهمية بارزة: “في أيلول جئت الى لبنان وكنت ما زلت آملاً في أن نتمكن من منع وقوع حرب كاملة من خلال اعتداء إسرائيل على لبنان. بعد شهرين، لبنان على وشك الإنهيار مع الحرب… نحن بصفتنا الإتحاد الأوروبي ندعم الشعب اللبناني والجيش اللبناني والمؤسسات اللبنانية ومستعدون لتكريس 200 مليون يورو للجيش اللبناني، وقد أبلغت رئيس الحكومة عن كيفية وطريقة دعم الجيش اللبناني ليس فقط مالياً بل أيضاً تقنياً، وسنقوم بهذا الشيء”.
أضاف، “إن نجاح جهود الوصول الى وقف إطلاق النار ولحل مستدام طويل الأمد هو بين أيدي الأفرقاء، ومن أجل حلّ هذه الحرب، على الرؤساء والقادة اللبنانيين تحمل مسؤولياتهم السياسية من خلال انتخاب رئيس جمهورية ووضع حد لهذا الفراغ الطويل للسلطة الذي تخطى العامين، وإنني ادعو كل الأطراف السياسية لتحمل مسؤولياتهم أمام الشعب اللبناني”.
وقال: “أغادر تفويضي ومهمتي بحزن مع رؤيتي هذا العذاب والحزن الذي يزداد. يجب أن نختم هذه المأساة التي حصلت في غزة ولبنان لتفادي المزيد من العذاب لشعوب المنطقة، علينا أن نمارس الضغط على الحكومة الإسرائيلية وأيضاً ممارسة الضغط على “حزب الله” للموافقة على العرض الأميركي لوقف إطلاق النار، وهذا تم الإتفاق عليه. إن هذا الإتفاق ينتظر الموافقة العالقة مع الحكومة الإسرائيلية”.
- صحيفة الأخبار عنونت: تسريبات أميركية وإسرائيلية حول اتفاق وشيك
لبنان يرفض التكهنات وينتظر الجواب الرسمي
وكتبت تقول: تتأرجح تسوية وقف إطلاق النار بين «هبّة» باردة وأخرى ساخنة، وتسريبات متناقضة، تارة حول قرب التوصل إلى اتفاق، وأخرى حول عراقيل لا تزال تعترضه، وهو ما دفع المسؤولين اللبنانيين إلى التعاطي بحذر مع كل هذه التسريبات، نظراً إلى «سوابق» كل من رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو و«الوسيط» الأميركي عاموس هوكشتين. وهو ما دفع الرئيس نجيب ميقاتي، أمس، إلى الذهاب إلى حافة نعي التسوية، معتبراً أن «استهداف العدو الإسرائيلي بشكل مباشر مركزاً للجيش في الجنوب، وسقوط شهداء وجرحى، يمثّل رسالة دمويّة مباشرة برفض كلّ المساعي والاتصالات الجارية للتّوصّل إلى وقف لإطلاق النّار، وتعزيز حضور الجيش في الجنوب، وتنفيذ القرار الدّولي الرّقم 1701»، مذكّراً بـ«انقلاب العدو على النّداء الأميركي – الفرنسي لوقف إطلاق النّار في أيلول الفائت».
مصادر رسمية قالت إن التخوف اللبناني من انهيار مهمة هوكشتين يعود إلى أن الأخير الذي اتصل بعد زيارته إلى تل أبيب متحدثاً عن إيجابيات لم يعد بـ«ورقة الملاحظات» التي كان قد أشار إليها. وأضافت أن إصرار العدو على توجيه ضربات مباشرة إلى الجيش اللبناني والقوات الدولية، وتوسيع دائرة التدمير، لا يوحي بأنه راغب بالوصول إلى حل. ولفتت المصادر إلى أن هوكشتين سمع خلال زيارته الأخيرة لبيروت «هواجس لبنان حيال سلوك إسرائيل»، كما سمع تحذيراً مسبقاً بأن ما وافق عليه لبنان هو «الحد الأقصى من التنازلات، وفشل الولايات المتحدة في الوصول إلى تسوية سيقفل باب التفاوض، ويُترك الأمر كاملاً للميدان». وأضافت أن مسؤولاً لبنانياً بارزاً كان صريحاً مع هوكشتين بالقول: «لدينا خبرة طويلة في التعامل مع إسرائيل، سواء في الميدان العسكري أو التفاوضي، وهم يعرفون أننا خبراء بهم، وبالتالي، ليس عليهم توقّع أي تنازل من لبنان مهما بلغت حدة العدوان».
ورغم التصعيد الكبير الذي شهده يوم أمس، وسجّلت خلاله المقاومة أكبر عدد من العمليات وتوجيه أكبر عدد من الصواريخ إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة في يوم واحد، في مقابل قصف عنيف تعرّضت له الضاحية الجنوبية لبيروت ليلاً، أصرّت الأوساط الأميركية على تسريبات تؤكد أن «الأجواء إيجابية». فبعدما أسهبت وسائل إعلام عبرية في الحديث عن توجيه هوكشتين «تهديداً» إلى الإسرائيليين بالانسحاب من الوساطة «إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق خلال أيام»، حرصت مصادر أميركية على التسريب عبر قناة «الجديد» ليلاً بـ«أننا دخلنا ربع الساعة الأخير وأن اتفاق وقف إطلاق النار أصبح شبه مكتمل وإعلانه ربما خلال أيام أو أسبوعين كأقصى حد»، نافية أن يكون هوكشتين انسحب من الوساطة أو هدّد بالانسحاب. ونقل موقع «أكسيوس» عن مسؤول أميركي قوله إن «اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان يقترب ولا يزال هناك بعض العمل يتعيّن القيام به». وأُعلن عن توجّه مساعد وزير الدفاع الأميركي لشؤون الشرق الأوسط دانيال شابيرو إلى إسرائيل اليوم لإنهاء تفاصيل التسوية. وفي كيان العدو، جارت وسائل الإعلام «الإيجابية» الأميركية، إذ نقلت القناة 14 عن مصدر إسرائيلي رفيع «أننا نتجه إلى إنهاء الحرب على لبنان، ربما خلال أيام»، موضحاً «أننا سنوقّع الاتفاق مع الولايات المتحدة وسيكون مؤقتاً قبل الانتقال إلى اتفاق دائم مع لبنان». وليلاً، نقل المعلق السياسي في صحيفة «يديعوت أحرونوت» نداف أيال عن «مصادر في لبنان والولايات المتحدة وإسرائيل» أن «إسرائيل أعطت ضوءاً أخضر انسجاماً مع قرار نهائي للمجلس الوزاري المصغّر، للتوقيع على اتفاق مع لبنان. وأبلغ هوكشتين لبنان بذلك هذا المساء». كما نقلت هيئة البث الإسرائيلية أن «إسرائيل أعطت الضوء الأخضر لهوكشتين للمضي قدماً نحو الاتفاق مع لبنان».
غير أن هيئة البث الإسرائيلية عادت لتنقل عن مصدر مطّلع «نفيه بشدة إعطاء الضوء الأخضر للتوصل إلى تسوية»، مشيراً إلى أن «واشنطن تنتظر إجابات وتحديثات من الأطراف وحل قضايا صغيرة تحتاج إلى تسوية».
وفي بيروت، وضعت مصادر مطّلعة التصعيد الإسرائيلي في إطار سعي رئيس حكومة العدو إلى الاستفادة القصوى من «فترة السماح» التي طلبها في محاولة لتحقيق تقدم يضمن له اتفاقاً بشروطه. ورغم أنه منذ عودة هوكشتين إلى واشنطن، قبل يومين، لم تتلقَّ بيروت منه أي اتصال، إلا أن «آخر ما نقله إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي هو أننا ذاهبون إلى توقيع الاتفاق قريباً، لكن إسرائيل طلبت بعض الوقت من دون تحديد مهلة» وفق ما أكّدت مصادر بارزة، مؤكداً أن «الأجواء إيجابية، رغم إصرار تل أبيب على استبعاد فرنسا من لجنة الإشراف على وقف إطلاق النار». وقالت المصادر إن «موقف إسرائيل من الفرنسيين مرتبط بملف المحكمة الجنائية، لكن ما يُطمئن في هذا الإطار هو أن الولايات المتحدة تُصر على إشراك باريس باعتبارها الطرف الأوروبي الوحيد الذي يتواصل مع حزب الله».
ونقلت صحيفة «إسرائيل اليوم» أنه لا تزال هناك نقطتان خلافيتان رئيسيتان تعيقان التسوية، الأولى تتعلق بمشاركة فرنسا في آلية الإشراف على تنفيذ الاتفاق، مشيرة إلى أن «إسرائيل تعارض منح الفرنسيين دوراً على خلفية تصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون ضد إسرائيل، ورد فعل فرنسا على أوامر الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية ضد نتنياهو وغانتس». ونقلت الصحيفة عن مصادر أن «إسرائيل مستعدة لإدخال جنود فرنسيين في مرحلة التنفيذ فقط، بينما يطالب لبنان بمشاركة أكبر، لكن الحل المتوقّع هو آلية إشراف مشتركة بين الولايات المتحدة ودولة عربية لم يتم اختيارها بعد».
أما النقطة الخلافية الثانية، فتتعلق بالمطالبة الأميركية – اللبنانية بإدراج بند في الاتفاق يلزم بإجراء مناقشة فورية بشأن 13 نقطة خلافية على الحدود البرية، فيما تفضّل إسرائيل صياغة غامضة تسمح لها بتحديد توقيت بدء المناقشات. وتوقّعت الصحيفة أن «تستمر المحادثات هذا الأسبوع في محاولة لتقليص الفجوات، وسط حديث عن تقدّم بشكل إيجابي نحو حسم نقاط الخلاف، وصولاً إلى الاتفاق». وأضافت أن هوكشتين «سينقل قريباً إلى لبنان التحفظات الإسرائيلية، وسط ترجيح إسرائيلي، بالتوصل إلى اتفاق في غضون أسابيع قليلة، وربما أقل»، مشيرة إلى أنه «يُفترض أن تصل قوة أميركية إلى لبنان قريباً للإشراف على تنفيذ الاتفاق»، وأن «انسحاب الجيش الإسرائيلي سيحصل خلال 60 يوماً مع انتشار الجيش اللبناني على طول الحدود».
في هذه الأثناء، يتحضّر مجلس النواب لإقرار التمديد الثاني لقائد الجيش العماد جوزف عون في جلسة قد تُعقد الخميس المقبل، سيدعو إليها بري بعد اجتماع هيئة مكتب المجلس اليوم.
- صحيفة الأنباء عنونت: التمديد للقادة الأمنيين في المطبخ التشريعي… تحذير أوروبي من “الإنهيار” وأجواء تفاؤلية رغم التصعيد
وكتبت تقول: ليس هناك من حدود للجنون الإسرائيلي في حربه المتوحشة التي يشنّها على لبنان، خصوصاً في الساعات التي أعقبت جولة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين من أجل التوصل إلى اتفاق على وقف إطلاق النار، ما يشي بأنّ إنجاز هذا الاتفاق لا يزال بعيداً رغم الأجواء الإيجابية التي لا زالت تصدر وتسوّق إلى أنّ الاتفاق سوف يُعلَن خلال أيام أو أسبوع.
لكن التصعيد الإسرائيلي غير المسبوق يحمل مؤشرات خطيرة جداً لما قد تؤول إليه الأمور في الأيام المقبلة.
ففي أحدث التسريبات الإعلامية المتعلقة بالاتفاق على وقف إطلاق النار، عادت لتنتشر أجواء إيجابية حول احتمال إنجاز الاتفاق في فترة قريبة وفقاً لما أفادت مصادر معنيّة لجريدة الأنباء الإلكترونية.
وقد أشارت المصادر إلى أنّ الاتفاق أصبح شبه منجز باستثناء بعض التفاصيل الصغيرة التي يمكن تجاوزها، غير أنّ “الشيطان الذي يكمن في التفاصيل” لا يزال بإمكانه أن يفرمل كل الخطوات الكبيرة التي تُبذل من أجل إنهاء الحرب الدائرة.
وفي السياق، قلّلت مصادر مواكبة للتطورات الأمنية في اتّصال مع الأنباء الإلكترونية من إمكانية التوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بسبب التعنّت الإسرائيلي، وإصراره على أن يكون له دور في مراقبة المواقع التي قد ينسحب إليها حزب الله، مع التشديد على عدم السماح له بإعادة بناء ترسانته الدفاعية. المصادر توقفت عند التسريبات التي تحدثت عن سيناريوهين، الأول يقول إن نتنياهو وافق من حيث الشكل على المقترحات التي ناقشها مع هوكشتاين الخميس الفائت، وهو طالبه بإعطائه مهلة لمناقشة بنود الاتفاق في “الكابينت”. أمّا الثاني فيتلخص برفض نتنياهو المطلق إعطاء فرنسا أي دور في لجنة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار المقترح تشكيلها من الولايات المتحدة الأميركية، وفرنسا، وبريطانيا، وألمانيا. وفي المقابل يرفض لبنان مشاركة ألمانيا في هذه اللجنة. هذا، وهناك مقترح على بقاء فرنسا وألمانيا من ضمن هذه اللجنة. لكن نتنياهو لم يعطٍ هوكشتاين جواباً واضحاً بهذا الخصوص فبقي الأمر معلّقاً.
المصادر رأت في عودة نتنياهو إلى الحديث عن إمكانية التوصّل إلى هدنة مع “حماس”، وتحرير الأسرى بأنّه هروب من التزاماته تجاه الاتفاق على وقف النار مع لبنان، وعدم الرغبة في العودة إلى القرار 1701.
المصادر تخوّفت من المزيد من تدهور الوضع الأمني في الجنوب نتيجة إصرار العدو على التوغّل في عدد من المحاور في الجنوب بهدف تحسين شروطه التفاوضية من جهة، والخوف من استمرار حزب الله بقصف شمال إسرائيل بالصواريخ والمسيّرات الذكية من جهة ثانية، وكما جرى بالأمس، فقد أدّت هذه الصواريخ البعيدة المدى إلى وقوع إصابات مباشرة بين عسكريين ومدنيين، إضافة إلى الأضرار الجسيمة التي لحقت بالمباني والممتلكات التي استهدفتها.
ورأت المصادر أنّ يوم أمس كان الأكثر كثافة لجهة عدد الصواريخ التي أُطلقت على إسرائيل منذ توسيع الحرب على لبنان في 23 أيلول الماضي، وأدّت إلى أضرار جسيمة في مستعمرات معالوت، وترشيحا، وكفارة بلوم، وبرؤون، وثكنة دوفيف، والمطلة، وكريات شمونة، وحيفا، وضواحي تل أبيب. وقد بلغ مجموع الصواريخ التي أطلقت أمس على إسرائيل 340 صاروخاً، ومعظمها حقّق أهدافه، بحسب بيانات حزب الله.
ميدانياً، وفيما عادت وتيرة الغارات على الضاحية الجنوبية إلى الارتفاع، ما تزال جبهة الخيام – دير ميماس – برج الملوك، وبعد عشرة أيام من محاولة العدو التوغّل إلى قلب مدينة الخيام بعد محاصرتها من جهاتها الأربع على اشتعالها. وما زالت الاشتباكات بين جيش الاحتلال وحزب الله دائرة على مختلف المحاور رغم ادّعاءات إسرائيل إحكام السيطرة عليها. والأمر نفسه بالنسبة للمواجهات التي تدور في القطاع الغربي على محاور الناقورة- البياضة – طيرحرفا – برعشيت – شمع. أمّا المعلومات التي تتحدث عن سيطرة جيش العدو على هذه المحاور فهي غير مؤكدة، لأنّ المنطقة ما تزال تشهد اشتباكات عنيفة من قِبل مقاتلي حزب الله.
الجيش يدفع ضريبة الدم مجدداً
من جهة ثانية، وفي اعتداء مقصود على مواقع الجيش اللبناني المنتشر في الجنوب، استهدف العدو الإسرائيلي موقع الجيش في العامرية إلى الشرق من صور ما أسفر عن سقوط شهيدين من الجيش وإصابة 18 عنصراً، حالة 4 منهم خطيرة بحسب البيانات الصادرة عن قيادة الجيش.
وتعليقاً على هذا الحادث المقصود، اعتبر رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، أنّ استهداف العدو الإسرائيلي مركزاً للجيش في الجنوب، وسقوط شهداء وجرحى، يمثّل رسالة دموية برفض كل المساعي والاتصالات الجارية للتوصل إلى وقف إطلاق النار، وتعزيز حضور الجيش في الجنوب، وتنفيذ القرار الدولي رقم 1701. ورأى أنّ هذا العدوان المباشر يضاف إلى سلسلة الاعتداءات المتكررة على الجيش والمدنيين اللبنانيين، واضعاً هذا العدوان برسم المجتمع الدولي الساكت عن كل ما يجري في لبنان. وقال إنّ رسائل العدو الإسرائيلي الرافض لأي حل مستمرة. وكما انقلب على النداء الفرنسي ـ الأميركي لوقف اطلاق النار في أيلول الفائت، هو اليوم مجدداً يكتب بالدم اللبناني رفضاً وقحاً للحل الذي يجري التداول فيه، مؤكّداً التزام الحكومة بالقرار 1701، وتعزيز حضور الجيش في الجنوب.
في السياق، أشار النائب السابق شامل روكز في حديث لجريدة الأنباء الإلكترونية إلى أنّ الأسباب الكامنة التي أدّت إلى استهداف العدو مراكز الجيش المنتشرة في الجنوب تنطلق من دوره الوطني في حماية السلم الأهلي بعد أن تحوّلت بعض القوى السياسية إلى محميات طائفية ومذهبية. كما أنّه بدأ يتحضّر لدور وطني في الجنوب مدعوماً من كل الشعب اللبناني. وقد ميّزه بذلك أنّ عقيدته وطنية بامتياز.
وأضاف، “هذه الصفة أدّت إلى رفض إسرائيل وقف إطلاق النار حتى لا ينتشر الجيش في الجنوب لما يتحلّى به من ثقة محلية، وعربية، ودولية”.
وعن الأسباب التي أدّت إلى تعثّر التوصل إلى وقف إطلاق النار، رأى روكز أنّ النقاط التي اتُّفق عليها في لبنان مع الموفد الأميركي لم تناسب إسرائيل، ولهذا فضّلت الذهاب إلى خيار الحرب.
وكانت إسرائيل قد أعربت في اعتذارٍ سخيف لا يحمل أية مصداقية، عن أسفها للتعرّض لموقع الجيش أثناء اشتباكها مع حزب الله.
بوريل
إلى ذلك، وفي زيارة وداعية لمسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزف بوريل، التقى خلالها عدداً من المسؤولين، حذّر من أنّ لبنان بات على شفير الانهيار، داعياً القيادات اللبنانية إلى تحمّل مسؤولياتها وانتخاب رئيس جمهورية. وشدّد بوريل من عين التينة على أنّ الطريق إلى الحل يكون في وقف إطلاق النار فوراً من قِبل كل الأطراف وتطبيق القرار 1701. وجدّد بوريل دعم الاتحاد الأوروبي للجيش اللبناني والمؤسّسات اللبنانية. وقال: إنّنا جاهزون لتخصيص مبلغ 200 مليون يورو للقوات اللبنانية المسلّحة، معتبراً الهجوم على اليونيفل بأنه من غير المقبول.
مكتب المجلس
وفي إطار تعزيز القوى الأمنية، لا سيّما الجيش، وجّه رئيس مجلس النواب، نبيه بري، دعوة إلى اجتماع لهيئة مكتب المجلس لمناقشة موضوع دعوة مجلس النواب لعقد جلسة نيابية ومن أهم بنودها، كما علمت الأنباء الإلكترونية، التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عثمان، واللواء الياس البيسري، المدير العام للامن العام بالوكالة، على أن تحدّد هيئة المجلس موعداً لهذه الجلسة قبل منتصف شهر كانون الأول المقبل.