قالت الصحف :هوكشتاين يجمع الرؤساء في بعبدا ..والحسم اليوم لموضوع الترسيم والآفاق الحكومية
الحوار نيوز – خاص
يجتمع الرؤساء الثلاثة اليوم في قصر بعبدا بعد لقائهم في احتفال عيد الجيش ،والموضوع الرئيسي الترسيم البحري الذي يفترض أن تحسم قضيته اليوم من خلال لقائهم المشترك مع المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، على أن يناقش الرؤساء في اجتماعهم أيضا آفاق الوضع الحكومي .
هذه الأجواء تناولتها الصحف الصادرة اليوم على النحو الآتي:
- النهار عنونت: الحسم اليوم: تسوية هوكشتاين أم التهديد بالحرب؟
وكتبت “النهار” تقول: يمكن اختصار المعطيات البارزة التي واكبت وصول الوسيط الأميركي في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل آموس هوكشتاين الى بيروت امس، بانها تعتبر مقدمات لتطور هو الأبرز منذ اكثر من عشرة أعوام، أي ما بين الوسيطين الأميركي السابق فريدريك هوف والحالي هوكشتاين. ومع ان اركان الحكم كانوا وضعوا في أجواء أولية قبيل عودة هوكشتاين حيال “إيجابيات” في الرد الإسرائيلي الذي سينقله على الطرح اللبناني الذي تبلغه في زياره السابقة، فان الامر اكتسب صدقيته امس بعد ساعات قليلة من شروع الوسيط الأميركي في جولته على عدد من المسؤولين تمهيدا للقاءات التي سيجريها اليوم مع كل رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، علما ان هذه اللقاءات ستجرى تباعا في ساعات النهار عقب الاحتفال العسكري الذي سيحضره الرؤساء الثلاثة صباحا لمناسبة عيد الجيش. وإذ سادت انطباعات واسعة من دون تفاصيل كافية بعد، عن “مرونة” في الموقف الإسرائيلي سينقلها هوكشتاين الى الرؤساء، من شأنها ان تحيي الاتجاه الى إعادة استئناف مفاوضات الترسيم في الناقورة، بدا لافتا للغاية ان يستبق “حزب الله” وصول هوكشتاين وهذا التطور، الذي يفترض ان يكون مطلعا عليه بدقائقه، باستعراض القوة والتهديد بقصف منصات استخراج الغاز الإسرائيلية، الامر الذي رسم سؤالا عريضا عما اذا كان التطور الإيجابي الحاصل قد اثار قلق “حزب الله” وفزعه من حصول تسوية لا يريدها، ومن خلفه ايران، الامر الذي دفعه الى استباق الامر بعرض سيناريو حربي من شانه ان يحبط التطور الإيجابي في مهده. وما زاد الشكوك في “فزع” الحزب من احتمال حصول تقدم نحو تسوية للترسيم واستخراج الغاز والنفط، الموقف اللافت مجددا الذي اتخذه وزير الخارجية عبدالله بو حبيب من عرض “حزب الله” لفيديو التهديد بقصف المنصات الإسرائيلية، اذ اعلن انه لا يمثل موقف الدولة اللبنانية في تكرار لموقفه سابقا من ارسال “حزب الله” مسيرات فوق حقل كاريش. وهو الامر الذي يضيء على موقف العهد ورئيس الجمهورية شخصيا، المعني الأول بالتفاوض حول ملف الترسيم، وتاليا هل يشكل موقف وزير الخارجية تكريسا لتمايز بين موقفي الدولة و”حزب الله” سيظهر في الساعات المقبلة؟ وماذا سيكون عليه موقف الحزب اذا ظهرت معالم مرونة في موقف العهد وتاليا الرؤساء مما سيتبلغونه اليوم من الوسيط الأميركي؟ هل يمضي في التصعيد بما يؤشر الى خلفية موقف إيراني متصلب ومتخوف من سحب بساط نفوذ طهران او تخفيفه وتحجيمه من هذا الملف؟ ام يبدل مقاربته إيجابا تحت عنوان ان تهديده بالقوة وفّر للبنان بداية تحصيل حقه في توظيف ثروته المائية في المنطقة الاقتصادية الخالصة ؟
في انتظار ما ستحمله الساعات المقبلة من تطورات فاصلة في هذا الملف، واكب وصول هوكشتاين الى بيروت اتيا من أثينا ما نقلته “رويترز” عن مسؤول إسرائيلي من أنّ “المبعوث الأميركي في ملف ترسيم الحدود آموس هوكشتاين سيعرض إقتراحاً إسرائيلياً جديداً بشأن ترسيم الحدود البحرية مع لبنان”. واوضح المسؤول الإسرائيلي أنّ “مقترحنا الجديد يسمح للبنان باستخراج الغاز من المنطقة مع المحافظة على حقوقنا”.
في المقابل، كشف موقع “وللا” العبري أنّ المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين أرسلوا رسائل واضحة إلى لبنان عبر الأميركيين، مفادها أنه “إذا لم يقم حزب الله بوقف خطواته التصعيدية، فإن الجيش الإسرائيلي سيردّ على أي خرقٍ أمني جديد، ولن يكتفي بمجرد اعتراض الطائرات من دون طيار”.
واعلن المكتب الإعلامي لرئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي مساء امس ان ميقاتي تلقى اتصالا من رئيس الجمهورية دعاه خلاله الى عقد اجتماع ثلاثي يضمهما ورئيس مجلس النواب نبيه بري عند الحادية عشرة قبل ظهر اليوم في القصر الجمهوري للبحث في الموقف من ملف ترسيم الحدود البحرية.
جولة هوكشتاين
وبدأ هوكشتاين ترافقه السفيرة الأميركية دوروثي شيا بعد وصوله الى بيروت لقاءاته مع المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم، ثم انتقل الى وزارة الطاقة واجتمع بالوزير وليد فياض قرابة ساعة. وأوضح فياض ان هوكشتاين “يحمل طرحاً جديداً إلى المسؤولين اللبنانيين، وقال لي إنّه إيجابي ونفى أي إشاعات عن التنقيب المشترك بين لبنان وإسرائيل”. ولفت إلى أن هوكشتاين أعلمه بأنّه سيفاوض مع البنك الدولي بشأن شروط السير بخطة الكهرباء التي نفذها لبنان”. وأضاف فياض: “الإدارة الأميركية اشترطت حصول لبنان على تمويل البنك الدولي لإعطائه ضمانات بعدم تعرضه لعقوبات قانون قيصر إذا ما استُجرّ الغاز من مصر”، كاشفاً عن وعد هوكشتاين له بالحصول على الضمانات الأميركية لعدم التعرض لعقوبات قانون قيصر نهاية هذا الصيف”. وأردف: “شرطان يضعهما البنك الدولي على لبنان هما زيادة التعرفة وبداية الإجراءات لتعيين الهيئة الناظمة”. وأشار فياض إلى أنّه تطرّق مع هوكشتاين على ملف الفيول الإيراني، موضحاً أنّه قال له “بصراحة أنا مع أن نأتي بالكهرباء للبنانيين ولا يُمكن أن أرفض أي هبة في هذا الموضوع إذا ما تبيّن أن الطرح رسمي وجدي وبات أمامنا على الورق”. وتابع: “هوكشتاين أجابني أن هذا الأمر يحتاج إلى مجلس وزراء”.
وكشفت معلومات ان هوكشتاين قال لفياض إن الفيديو الذي نشره “حزب الله” امس عن المسيّرات لا يُفيد ولا يُساعد في المفاوضات لأنّ هناك انتخابات في إسرائيل وهذا سيجعلها أكثر تشدّداً . وبعد الظهر استقبل قائد الجيش العماد جوزف عون في مكتبه في اليرزة هوكشتاين والسفيرة الأميركية، وتناول البحث موضوع ترسيم الحدود البحرية، وأطلع هوكشتاين العماد عون على آخر تطورات الملف. وجدد قائد الجيش “تأكيده التزام المؤسسة العسكرية اي قرار تتخذه السلطة السياسية في هذا الشأن، آملاً أن تصل المفاوضات إلى النتائج المرجوة لما في ذلك من مصلحة للبنان”. ومساء اجتمع الوسيط الأميركي والسفيرة شيا مع نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب في دارته .
وكانت وزارة الخارجية الأميركية أعلنت أنّه “بعد زيارات إلى باريس وبروكسل وأثينا لمناقشة أمن الطاقة الأوروبي، يسافر المنسق الرئاسي الخاص للشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار آموس هوكشتاين إلى بيروت في 31 تموز لمناقشة الحلول المستدامة لأزمة الطاقة في لبنان، بما في ذلك التزام إدارة بايدن بتسهيل المفاوضات بين لبنان وإسرائيل حول الحدود البحرية” . واضافت في بيان إنّ “التوصل إلى حل أمر ضروري وممكن، ولكن لا يمكن تحقيقه إلا من خلال المفاوضات والديبلوماسية”.
بوحبيب وفيديو “المقاومة”
في المقابل أشار وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال عبد الله بوحبيب الى ان ابرز لقاءات الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية أموس هوكشتاين ستكون مع الرئيس ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، و”هناك موقف واحد للمسؤولين اللبنانيين وهو العودة الى المفاوضات في الناقورة، وعون وبري وميقاتي يتفقون على ذلك”.
واكد ان “فيديو المسيرات الذي نشره “حزب الله” عن احداثيات منصات استخراج الغاز، لا يمثل موقف الدولة اللبنانية”، لافتاً الى “أن لا مشكلة مع المقاومة، الا ان القرار حول الترسيم هو قرار الحكومة اللبنانية”.
وكان الإعلام الحربي في “حزب الله” استبق وصول هوكشتاين صباح امس ببث فيديو تحت عنوان “اللعب بالوقت غير مفيد”، وهو فيديو نشره لأول مرة حول العمليات في حقل كاريش المتنازع عليه مع إسرائيل.
وأظهر الفيديو رصداً حديثاً للسفن الإسرائيلية في كاريش، وذلك تطبيقاً لحديث السيد حسن نصرلله حول أن “أهداف العدو تحت مراقبة المقاومة في حال قرّر العدو استخراج النفط أو المسّ به في الحقل”. وقال الإعلام الحربي للحزب ” بذلك، تكون قد فجّرت “المقاومة الإسلامية” المزيد من المفاجآت بهدف إرباك العدو الإسرائيلي، قبيل وصول هوكشتاين إلى لبنان، حاملاً معه “مقترحاً إسرائيلياً ملغوماً”، حسبما أُعلن في وقت سابق.
وربطت وسائل الإعلام الاسرائيلية بث “حزب الله” فيديو لإحداثيات المنصات الإسرائيلية للتنقيب عن الغاز بموعد وصول الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت، معتبرة أنه رسالة تحذير واضحة لإسرائيل.
الحكومة والاستحقاق
وسط هذه الأجواء ترصد الأوساط السياسية مجريات الحركة الداخلية اليوم في مناسبة اجتماع الرؤساء الثلاثة بعد احتفال الجيش بتخريج دورة ضباط جدد، وما اذا كان الاجتماع سينهي القطيعة القائمة بين رئيسي الجمهورية والحكومة ويعيد البحث في ملف تشكيل الحكومة الجديدة. وفي هذا السياق اعلن امس البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي امس انه : “لا يمكن أن نسلّم بإغلاقِ مَلفِّ تشكيلِ حكومةٍ جديدة، كأنَّ الحكومةَ مجرّد تفصيل في بُنيانِ نظامِ الدولةِ اللبنانيّة، مع العلمِ أنَّ اتفاقَ الطائف جعلَ مجلسَ الوزراء، إلى جانب رئاسةِ الجمهوريّةِ، الركيزةَ المحوريّةَ ومركزَ السلطةَ التنفيذيّة. فلا قيمةَ للتكليفِ ما لم يَستَتبِعُه التأليف. ونَستغرِبُ أن يكونَ المعنيّون بتأليفِ الحكومة يُسخِّفون هذا الأمر، خلافًا للدستور واتفاق الطائف”. وأشار الى ان “تشكيل حكومةٍ جديدة، علامة ناطقة لاحترامِ النظامِ الديمقراطيّ والتوقّف عن الانقلابِ المستمِرِّ عليه، وضمان اكتمالِ عقدِ المؤسّساتِ الدستوريّة وسيرِ الحوكمةِ والفصلِ بين السلطات، واستمرارِ الشرعيّةِ من خلال حكومة كاملةِ الصلاحيّات في حال تعثّرَ، لا سمح الله، انتخاب رئيسٍ جديدٍ للجمهوريّة. إنّ وجود حكومة شرعيّة يولي الدولة القدرةَ على مفاوضةِ المجتمعَين العربيِّ والدُوَليّ وعلى اتّخاذِ القراراتِ وتوقيعِ المعاهدات .وما نَخشاه هو أنَّ القوى السياسيّة إذا عجزت اليومَ عن تشكيلِ حكومةٍ، تَعجَز بالتالي غدًا عن انتخابِ رئيسٍ جديدٍ للجُمهوريّة. ويكون السقوطُ العظيم”.
- الأخبار عنونت: هوكشتين يجمع الرؤساء: العرض الحاسم
التفاؤل الحذر يشمل أميركا وإسرائيل وبعض اللبنانيين
وكتبت “الأخبار” تقول: “جدية يجب التوقف عندها”. هذا ما لخّصه مسؤول بارز اطلع على جولة الوسيط الأميركي عاموس هوكشتين أمس، والتي اختتمت ليلاً بتلبيته دعوة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى عشاء حرص الأخير على أن يحضره نائب رئيس المجلس النيابي الياس بو صعب بصفته ممثلاً للرئيس ميشال عون والتيار الوطني الحر، والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم بصفته ممثلاً لثنائي أمل وحزب الله. وقد نوقش ملف الترسيم خلال اللقاء، وطلب هوكشتين أن يكون اجتماعه غداً في قصر بعبدا مع الرؤساء الثلاثة معاً. وفي هذا الإطار جاءت دعوة الرئيس ميشال عون الرئيسين نبيه بري وميقاتي، ليلاً، إلى لقاء في قصر بعبدا بعد احتفال عيد الجيش، على أن يعقدوا لقاء تشاورياً قبل وصول الوسيط الذي سيعرض الاقتراح الجديد الذي يحمله من إسرائيل.
وعشية الاجتماع، كانت الأجواء مليئة بالعناصر الجديدة، وأبرزها شريط فيديو وزعه الإعلام الحربي في المقاومة الإسلامية تضمن معلومات وصوراً من كاميرا حرارية متطورة لموقع “كاريش” والسفن العاملة حوله بالإضافة إلى معلومات عن السفن نفسها وعن إحداثيات تموضعها بالقرب من الحقل، مع تمرير صور لجزء من أسلحة صواريخ بر – بحر التي سبق للمقاومة أن كشفت عن حيازتها لها. وقد أثار الشريط حفيظة الجانب الإسرائيلي وأشعر هوكشتين بالقلق، فدعا إلى عدم القيام بخطوات تهدد المفاوضات التي تبقى السبيل الوحيد للوصول إلى اتفاق.
وإلى التسريبات المحدودة عن عرض إسرائيلي يقوم على فكرة التنازل للبنان عن كامل حقل قانا، لكن ضمن إطار اتفاق لا ينعكس سلباً على الحملة الانتخابية لفريق الحكومة الحالية في إسرائيل، فإن الوسيط الأميركي بعث إلى لبنان برسائل عبر دول أوروبية قبل وصوله، داعياً المسؤولين اللبنانيين إلى “التصرف بمسؤولية”، وأنه لن يعود مجدداً إذا لم يكن هناك ما يشير إلى استعداد لبنان لاتفاق قبل أيلول المقبل. فيما سمع الأوروبيون والأميركيون كلاماً أكثر وضوحاً حول جدية المقاومة في خيار الذهاب إلى حرب ما لم يتم تحقيق مطالب لبنان، مع الإشارة إلى أن فرنسا أبلغت حزب الله والتيار الوطني الحر والرؤساء الثلاثة بأن شركة “توتال” ستكون جاهزة لبدء العمل عند توقيع الاتفاق، وأنها تفاهمت على ذلك مع الجانب الأميركي.
وكان هوكشتين زار لدى وصوله إلى بيروت اللواء إبراهيم ثم وزير الطاقة وليد فياض فقائد الجيش العماد جوزيف عون قبل أن يلبي مساء دعوة ميقاتي إلى العشاء في السراي الحكومي.
وفيما كررت وسائل إعلام إسرائيلية بأن الاقتراح الجديد يشتمل على فكرة “تقاسم الأرباح في الحقول المشتركة بعد الاتفاق على شركة تنقيب واحدة”، كان لافتاً نفي هوكشتين الأمر أمام من زارهم في بيروت، وقال: “أحمل معي مقترحاً مختلفاً عن السابق، وآمل بأن يفتح الباب أمام مفاوضات تقود إلى حل قبل نهاية الصيف”. وأضاف: “ليس لدينا، نحن أو الإسرائيليين، أي طرح بالمشاركة في أعمال التنقيب أو الاستخراج أو حتى صندوق استثمار مشترك. المقترحات لا تربط البلدين بأي عمل تقني أو مالي من الاستخراج. وليس هناك أي مقترح من قبلنا أو من قبل إسرائيل بتقاسم أي حقل”.
من جهته، أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في كلمته العاشورائية أمس أنّ “قيادة حزب الله تناقشت بعد حضور منصة الاستخراج إلى شواطئ فلسطين المحتلة، درسنا الخيارات، ووضعنا أنفسنا أمام خيارين: إما بحل الأمور بإيجابية لصالح لبنان وإما الذهاب إلى حرب”. وأضاف: “كل نيتنا أن نساعد الناس ونعطي الدولة عنصر قوة بالتفاوض. وغداً الصباح رباح. لكننا لسنا جانباً بالتفاوض ولم نكلف أحداً وليست مسؤوليتنا بل مسؤولية الدولة بقيادة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ولن نتدخل على الإطلاق بقرار الدولة، بل نحن عنصر قوة لموقف الدولة”.
وفي إسرائيل، أجّل المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر مناقشة ملف ترسيم الحدود إلى ما بعد انتهاء زيارة الوسيط الأميركي إلى لبنان. لكن الأمر جرى نقاشه على مستوى رفيع، وقالت وسائل إعلام العدو نقلاً عن مسؤولين رسميين إن الأمر طرح “خلال الحديث الذي جرى أمس بين وزير الأمن غانتس مع وزير الخارجية الأميركي بلينكن”.
لكن الوفد الإسرائيلي المعني بالملف، عقد اجتماعاً عبر تطبيق “زوم” مع هوكشتين وأسمعه ثلاثة عناوين:
الأول، أن الطلبات اللبنانية غير واقعية وغير قابلة للشروع في مفاوضات من أجل اتفاق، وأن إسرائيل جاهزة للعودة إلى مفاوضات الناقورة.
الثاني، أن لدى إسرائيل اقتراحاً جديداً يسمح للبنان باستخراج الغاز والحصول على حقوقه من دون المس بالحقوق الإسرائيلية، وأن على هوكشتين إبلاغ اللبنانيين بأن العرض هو فرصة كبيرة لنقل لبنان من وضع الدولة المنهارة إلى وضع الدولة القادرة على إنتاج الغاز وتحسين أمورها، ولدى لبنان فرصة إذا قبل بالمقترح وعدم ترك الأمور لحزب الله.
الثالث، نقل رسالة تهديد من مسؤولين في المؤسستين الأمنية والعسكرية في إسرائيل بضرورة أن يبادر المسؤولون في لبنان إلى إقناع حزب الله بكبح جماح نفسه، وأن إسرائيل ستتصرف بطريقة مختلفة في حال حصل خرق جديد، والجيش سيرد على الخرق ولن يكتفي فقط باعتراض الطائرات المسيرة.
وبحسب تقارير إسرائيلية تضمنت آراء لخبراء ومسؤولين سابقين في الجيش والأمن، فإن إسرائيل “معنية بالوصول إلى حل سريع، ولكن في إسرائيل من يشك في أن حزب الله سيسمح للحكومة اللبنانية بالعودة إلى مفاوضات الناقورة”. وأشارت التقارير إلى أن في إسرائيل مسؤولين يقولون إن “هناك خطوطاً حمراً مثل عدم السماح بالحديث عن المنطقة خارج منطقة الخلاف. ولكن هناك أموراً صغيرة يمكن لإسرائيل أن تعطيها للبنان، فإسرائيل لديها مصلحة كبيرة جداً في إنهاء الصفقة، وهي تفضل أن ينتج لبنان الغاز بنفسه لأنه حينها سيكون أقل ارتباطاً بإيران من ناحية الغاز أو سوق الطاقة. وفي حال لم ينجز ذلك ربما سنرى انفجاراً إقليمياً متجدداً”.
وفي السياق نفسه، أوردت القناة 14 العبرية ليل أمس أن “الوفد الأميركي في بيروت متفائل جداً وقد وصف المقترح الإسرائيلي بالإيجابي”. ونقلت عن مصادر في تل أبيب أنه “في حال فشل الأميركيون بالتوصل إلى اتفاق قبل أيلول المقبل، فإن إسرائيل ستلجأ إلى تقييم للوضع الأمني وسيصار إلى رفع مستوى التأهب في المنطقة الشمالية”.
- الجمهورية عنونت: لقاء رئاسي ثلاثي مع هوكشتاين اليوم… ونصرالله: على ضوء النتائج سنتصرف
وكتبت “الجمهورية” تقول: يُنتظر ان تنصّب الاهتمامات والانظار اليوم على اللقاء الرئاسي الثلاثي في القصر الجمهوري، بعد انتهاء الاحتفال بعيد الجيش في الفياضية، والذي يبحث في الموقف من ترسيم الحدود البحرية في ضوء الردّ الاسرائيلي الذي حمله أمس الوسيط الاميركي في ترسيم الحدود عاموس هوكشتاين، حيث يُتوقع انضمامه إلى هذا اللقاء، فيما سيكون ما يحمله في دائرة الرصد والاهتمام، ليبني على الشيء مقتضاه من اليوم حتى مطلع ايلول، حيث تنتهي المهلة المحدّدة للوصول إلى اتفاق على الترسيم من عدمه، كذلك حيث تبدأ المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جمهورية جديد، سواء تمّ تشكيل حكومة جديدة قبل هذه المهلة ام خلالها، خصوصاً انّ اللقاء الرئاسي قد يتطرّق إلى هذا الملف اليوم.
فقد اعلن المكتب الاعلامي لرئيس حكومة تصريف الاعمال مساء أمس، انّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تلقّى اتصالاً من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، دعاه خلاله إلى عقد اجتماع ثلاثي يضمّهما ورئيس مجلس النواب نبيه بري عند الحادية عشرة قبل ظهر اليوم في القصر الجمهوري، للبحث في الموقف من ملف ترسيم الحدود البحرية.
وعلمت “الجمهورية”، انّ اقتراحاً طُرح على هوكشتاين ليلاً، يقضي بانضمامه إلى اللقاء الرئاسي في بعبدا، طالما انّ موعد لقائه مع رئيس الجمهورية محدّد عند الثانية عشرة ظهراً، وقد رحّب هوكشتاين بالفكرة ، وانّ انضمامه إلى هذا اللقاء لن يكون مفاجئاً.
الحكومة وهوكشتاين
وتوقعت المصادر، ان يؤدي هذا اللقاء في جانب منه إلى ترطيب الأجواء وتبادل الملاحظات والعتاب بين عون وميقاتي في حضور بري، قبل ان يتناولوا البحث في المساعي الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة والعقبات التي تعترضها. والأهم، انّ هذا اللقاء سيُعقد قبل جولة هوكشتاين على الرؤساء الثلاثة، وسيشكّل مناسبة لتنسيق الموقف من الطرح الذي يحمله الوسيط الاميركي من الجانب الاسرائيلي، بعد ان تسلّموا تقريراً مفصّلاً حول ما حملته إليهم التقارير التفصيلية التي نقلها إليهم المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الذي التقاه هوكشتاين فور وصوله.
عند ميقاتي
وقد تناول هوكشتاين طعام العشاء إلى مائدة ميقاتي مساء امس في حضور نائب رئيس مجلس النواب النائب الياس بوصعب واللواء ابراهيم، وبعد العشاء انتقل هوكشتاين مع بوصعب إلى منزل الاخير في الرابية. ويُنتظر ان يختم هوكشتاين جولته بعد ظهر اليوم بلقاء مع وزير الخارجية عبدالله بوحبيب.
طرح جديد
وكان هوكشتاين وصل إلى بيروت ظهر امس من طريق اثينا، وعلى الفور زار اللواء إبراهيم قبل ان يلتقي وزيرالطاقة وليد فياض الذي “دردش” مع اعلاميين، مؤكّداً أنّ “هوكشتاين يحمل طرحاً جديداً إلى المسؤولين اللبنانيين، وقال لي إنّه إيجابي، ونفى أي شائعات عن التنقيب المشترك بين لبنان وإسرائيل”. وأضاف: “هوكشتاين قال لي إنّه سيتفاوض مع البنك الدولي في شأن شروط السير بخطة الكهرباء التي نفّذها لبنان”. وأضاف: “شرطان يضعهما البنك الدولي على لبنان هما زيادة التعرفة وبداية الإجراءات لتعيين الهيئة الناظمة”. ولفت إلى انّ “الإدارة الأميركية اشترطت حصول لبنان على تمويل البنك الدولي لإعطائه ضمانات بعدم تعرّضه لعقوبات “قانون قيصر” إذا ما استُجرّ الغاز من مصر”. وأشار فياض إلى أنّه تطرّق مع هوكشتاين إلى ملف الفيول الإيراني، قائلاً: “بصراحة أنا مع أن نأتي بالكهرباء للبنانيين، ولا يُمكن أن أرفض أي هبة في هذا الموضوع إذا ما تبيّن أنّ الطرح رسمي وجدّي وبات أمامنا على الورق”. وتابع: “هوكشتاين أجابني أنّ هذا الأمر يحتاج إلى مجلس وزراء”.
طرح معدل
وقالت اوساط واسعة الاطلاع لـ”الجمهورية”، انّ الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين أبلغ إلى بعض من التقاهم امس في بيروت، انّه يحمل طرحاً جديداً في شأن ترسيم الحدود البحرية، يختلف عمّا سبقه، مشيراً إلى انّ “من المفروض ان يضعنا الطرح المعدل على السكة الصحيحة، وان يحقق تقدّماً نحو الحل”. وتوقف هوكشتاين عند رسائل “حزب الله” الأخيرة عبر عملية المسيّرات او الفيديو المصور، معتبراً “انّ هذه التصرفات تزيد الاسرائيليين تشبثاً بمواقفهم ولا تساعد في دفع الملف إلى الامام”.
وتعليقاً على موقف هوكشتاين من رسائل “الحزب”، عُلم انّ وزير الطاقة وليد فياض لفت انتباهه إلى انّ هناك رأيين حيال هذه المسألة في البلد، “والرأي الآخر لديه مقاربة مختلفة”.
وبالنسبة إلى الفيول الإيراني وأزمة الكهرباء، أوضحت مصادر مطلعة، انّ فياض شرح لهوكشتاين انّه ينتظر منذ سنة المعالجة بلا طائل، “وإذا وصلنا رسمياً اقتراحٌ بمنحنا هبة فيول إيراني فأنا انطلاقاً من موقعي وواجبي حيال الشعب اللبناني سأقبلها، خصوصاً انّ الهبة لا تخضع إلى العقوبات”، فأجابه هوكشتاين بأنّ القرار في هذه المسألة يعود إلى مجلس الوزراء، ما دفع فياض الى ان يؤكّد له أنّ الفيول الإيراني إذا كان مجانياً يفيد الشعب اللبناني في هذا الوضع، “وانا كوزير للطاقة يجب أن اتحمّل مسؤوليتي وأؤدي واجبي تجاهه”.
وأكّد هوكشتاين لفياض انّه يُفترض قبل نهاية الصيف ان تُعالَج المشكلات التي لا تزال تعترض استجرار الغاز المصري عبر سوريا، مشيراً الى انّه سيسعى مجدداً مع البنك الدولي ليبدي مرونة في تمويل المشروع، “وآمل في أن تساعدنا من جهتك عبر اتخاذ قرارات تتعلق بزيادة التعرفة ومباشرة الإجراءات المتصلة بتشكيل الهيئة الناظمة”.
دعوة إيرانية
وفي هذا السياق، اعلنت ايران انّها “مستعدة لاستضافة الاخوة اللبنانيين للتباحث في شأن المحروقات التي يحتاجها بلدهم الشقيق”.
وقال مساعد وزير الخارجية والمدير العام لغرب آسيا وشمال افريقيا في وزارة الخارجية الايرانية محمد صادق الفضلي عبر “تويتر”، انّ “الجمهورية الاسلامية الايرانية هي احد اكبر مصدّري الطاقة في المنطقة، وقد اعلنت مراراً انّها تقف إلى جانب الشعب اللبناني داعمة. طهران مستعدة لإستضافة الاخوة اللبنانيين للتباحث في شأن المحروقات التي يحتاجها بلدهم الشقيق. نحن لسنا من الذين يتخلّون عن اصدقائهم في الأيام الصعبة”.
إلى اليرزة
ومن وزارة الطاقة توجّه هوكشتاين الى اليرزة، حيث التقى قائد الجيش العماد جوزف عون في مكتبه في حضور السفيرة الأميركية. وقال بيان لمديرية التوجيه انّ اللقاء “تناول البحث بموضوع ترسيم الحدود البحرية، وأطلع هوكشتاين العماد عون على آخر تطورات الملف”. وكرّر قائد الجيش تأكيده “التزام المؤسسة العسكرية بأي قرار تتخذه السلطة السياسية في هذا الشأن”، آملاً في أن “تصل المفاوضات إلى النتائج المرجوة لما في ذلك من مصلحة للبنان”.
الخارجية الاميركية
وقبل وصول هوكشتاين امس إلى بيروت بساعات قليلة، أكّدت وزارة الخارجية الأميركية في بيان لها امس، أنّه “بعد زيارات إلى باريس وبروكسل وأثينا لمناقشة أمن الطاقة الأوروبي، سيسافر المنسق الرئاسي الخاص للشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار آموس هوكشتاين إلى بيروت اليوم (أمس) لمناقشة الحلول المستدامة لأزمة الطاقة في لبنان، بما في ذلك التزام إدارة الرئيس جو بايدن بتسهيل المفاوضات بين لبنان وإسرائيل حول الحدود البحرية”. وأشارت إلى أنّ “التوصل إلى حل أمر ضروري وممكن، ولكن لا يمكن تحقيقه إلّا من خلال المفاوضات والديبلوماسية”.
موقف إسرائيلي
وفي غضون ذلك، أعلن مسؤول إسرائيلي عبر وكالة “رويترز”، أنّ “المبعوث الأميركي سيعرض اقتراحاً إسرائيلياً جديداً في شأن ترسيم الحدود البحرية مع لبنان”. وقال: “مقترحنا الجديد يسمح للبنان باستخراج الغاز من المنطقة، مع الحفاظ على حقوقنا”.
صور وإحداثيات
وتزامن وصول هوكشتاين مع نشر جهاز “الإعلام الحربي” في “المقاومة الإسلامية فيديو بعنوان”في المرمى” و”اللعب بالوقت غير مفيد”، تضمن مشاهد لمنصّة “كاريش” وإحداثياتها، وذلك في رسالة واضحة إلى اسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية. واستعرض المقطع المصوّر سفينتي الحفر والإنتاج ومنصة عائمة، مع معلومات خاصة بها، سواء لجهة بلد المنشأ أو المميزات أو الإحداثيات الجغرافية، وبعدها عن الشواطئ اللبنانية. كذلك، استعرض الفيديو صواريخ بحرية للمقاومة.
وفيما اعتبرت وسائل إعلام اسرائيلية انّ الفيديو “موجّه أولاً إلينا وهذا تجسيد لتهديدات نصرالله”، قال وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال عبدالله بوحبيب: “فيديو المسيّرات عن إحداثيات منصات استخراج الغاز لا يمثل موقف الدولة اللبنانية”. واكّد انّه “لا توجد مشكلة مع المقاومة الّا انّ القرار حول الترسيم هو قرار الحكومة اللبنانية”.
وأشار الى انّ أبرز لقاءات هوكشتاين ستكون مع الرؤساء الثلاثة “وهناك موقف واحد للمسؤولين اللبنانيين وهو العودة الى المفاوضات في الناقورة، وعون وبري وميقاتي يتفقون على ذلك”.
نصرالله
في هذه الاثناء، تطرق الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله في المجلس العاشورائي المركزي في الضاحية الجنوبية لبيروت مساء أمس، الى ملف النفط والغاز في المياه اللبنانية، فقال: “هذا الكنز في البحر. ولدينا هذه الفرصة التاريخية، وقد وضعنا انفسنا في مكان بالحدّ الادنى 50 في المئة للذهاب إلى الحرب و50 في المئة أن لا نذهب إلى الحرب، واليوم بتنا في وضع افضل”. واضاف: “كل ما نريده في هذا الملف اننا نساعد بلدنا ونعطي الدولة عناصر قوة في المفاوضات، في الصباح سيكون للوسيط الاميركي لقاءات مع الرؤساء، والآن أعيد، نحن لسنا طرفاً في التفاوض ولم نكلّف احداً بذلك وليست مسؤوليتنا ذلك”، وقال: “على ضوء النتائج سنحدّد كيف نتصرّف في الآونة المقبلة، ولا نريد أي جزاء او شكر من الناس، وما يهمّنا النفط والغاز ونجاة البلد”، وشدّد على انّ “حق الشهداء يصل عندما نصل الى الهدف”.
الاستحقاق الرئاسي
وعلى جبهة الاستحقاق الرئاسي، قالت أوساط سياسية متابعة لـ”الجمهورية”، انّ هذا الاستحقاق “فرض نفسه أولوية الأولويات في هذه المرحلة الفاصلة عن بداية المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد في مطلع أيلول المقبل. وانّ معظم المواقف والتحركات السياسية أصبحت تندرج في السياق الرئاسي، ولو انّ ظاهرها لا يشي بذلك، حيث انّ القوى المؤثرة تعوِّل على هذا الاستحقاق، إما من أجل إبقاء القديم على قِدَمه، وإما بغية إحداث التغيير في الرئاسة الأولى، بهدف إحداثه في تكليف رئيس حكومة وتأليف حكومة جديدة، تقطع في طريقة تشكيلها مع الحكومات السابقة”.
وفي الإطار نفسه، قالت مصادر قريبة من المعارضة لـ”الجمهورية”، انّ “الانتخابات الرئاسية تشكّل مدخلاً لإعادة التوازن إلى داخل المؤسسات الدستورية، والذي إفتُقِد في ظل أكثرية نيابية لفريق 8 آذار وأكثرية وزارية ورئيس للجمهورية في ظل رئاسة العماد ميشال عون، ومع خسارة هذا الفريق أكثريته في الانتخابات الأخيرة لم يعد قادراً على التحكُّم بالمسارات الدستورية بالسهولة التي اعتاد عليها، وهذا المعطى لا يجب التعامل معه وكأنّه لم يحصل لمجرّد انّ مكونات المعارضة لم تنجح في توحيد صفوفها، إنما البناء عليه والدفع من أجل وحدة صف على موقف موحّد وتحديداً في الاستحقاق الرئاسي.
وأكّدت المصادر نفسها، “انّ التغيير لا يحصل في كبسة زر ولا بواسطة عصا سحرية، إنما من خلال العمل التراكمي والجهد المتواصل والنضال المستمر واعتماد سياسة كل جولة بجولتها من دون تكبير الحجر، والفوز بكل جولة قادر على تحسين شروط المواجهة برمتها. ومن هنا من الخطأ التعامل مع الاستحقاق الرئاسي وكأنّ ما بعده غير ما قبله، سوى في حال نجح فريق 8 آذار في ان يمدِّد لنفسه رئاسياً عن طريق شخصية من لونه السياسي. فيما نجاح مكونات المعارضة في انتخاب الرئيس المؤمن بالسيادة والإصلاح، والذي لا يتأثّر بممارسته بالسلاح وسياسات النفوذ، لا بدّ من ان يقود مسار الدولة إلى التغيير المنشود أقله في ثلاثة جوانب أساسية:
– الجانب الأول، يتعلّق بإدارة الدولة لناحية تمسّك رئيس الجمهورية بتطبيق الدستور ورفضه منطق المقايضات والصفقات والمساومات وغض النظر. وان يكون القدوة في القرارات التي يتخذها والتعيينات التي يعتمدها بعيداً من المحسوبيات والزبائنيات، وعلى أساس معياري الكفاية والجدارة. فالدولة على صورة رئيسها، ولا يستطيع الرئيس ان يدين غيره إذا كان يعتمد في ممارسته سياسة الصيف والشتاء على سطح واحد، ويبدّي مصالحه الشخصية ومصالح المحيطين به، فيما يستطيع ان يشكّل العدوى الإيجابية وان يُحرج غيره في تفانيه وشفافيته ورفضه أي شيء لنفسه.
– الجانب الثاني، يرتبط بموقفه الصارم لجهة انّ ما للدولة هو للدولة، وهي صاحبة القرار ولها وحدها الكلمة الفصل، ويرفض أي شراكة لأي فريق معها من دون الحاجة إلى الصدام معه، وأن لا يسمح بالخلط بين ما هو شرعي وما هو غير شرعي، لأنّ الانحدار والانهيار الفعليين بدأا عندما سقط “زيح” الفصل بين الدولة والدويلة.
– الجانب الثالث، يتصلّ بتمسكه بأفضل العلاقات مع المجتمعين الدولي والعربي وتحديداً الخليجي، وان يرفض استمرار لبنان منصّة لاستهداف هذه الدول إن سياسياً أو أمنياً أو عن طريق تصدير المخدرات، وان يحرص على إدانة أي اعتداء سياسي او غيره ضد هذه الدول التي عليها ان تتفهّم بدورها انّ لبنان الرسمي ملتزم بأفضل العلاقات معها، ولكن ما في اليد حيلة في ظل حالة الأمر الواقع القائمة، والتي تشكّل معالجتها مسؤولية دولية وعربية ولبنانية، اي انّ على هذه الدول ان تميِّز بين لبنان الدولة ولبنان الدويلة”.
وأضافت المصادر: “يخطئ من يعتبر انّ الفرصة غير متاحة، وان يستسلم للإحباط والأمر الواقع. فالفريق الآخر في أضعف مراحله ولحظاته بسبب فشله وانكشاف مشروعه أمام الرأي العام، بأنّه قاد البلد إلى الانهيار، فيما لا حلّ سوى في دولة المؤسسات، والانتخابات الرئاسية تشكّل مدخلاً فعلياً لإعادة إنتاج سلطة تشبه الناس وتحكم باسم الشعب اللبناني، وتحدّ من تمدُّد الفريق غير الشرعي داخل المؤسسات الشرعية، وتعمل في المقابل على تمدُّد مشروع الدولة على الحدود وداخل المؤسسات، وتنتهج نهجاً إصلاحياً وشفافاً يوقف الهدر والفساد، ويقرّ القوانين الإصلاحية التي تبدأ باستقلالية القضاء ولا تنتهي بقانون التعيينات، وتعطي لكل صاحب حقّ حقه على قاعدة الكفاية لا المحسوبية”..
وختمت المصادر: “انّ المعارضة مدعوة إلى وضع كل جهودها لتوحيد صفوفها والفوز في الاستحقاق الرئاسي الذي يأتي مرة كل 6 سنوات، فضلاً عن انّ الفوز في هذا الاستحقاق يدفع في اتجاه ترجمة التغيير الذي اقترعت الناس من أجله في الانتخابات النيابية الأخيرة، فيما تفويت هذه الفرصة يعني تمديداً للأزمة لولاية رئاسية جديدة”.
في بكركي
من جهة ثانية، وفي خطوة مفاجئة، عاد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي امس من فاريا إلى بكركي، وأرجأ عودته الى الديمان لساعات من اجل عقد بعض اللقاءات السياسية اليوم، وأبرز زواره الرئيس فؤاد السنيورة، بهدف التشاور في كل التطورات الجديدة والاستحقاقات المقبلة ولا سيما منها الاستحقاق الرئاسي، في ضوء المواقف التي أطلقها البطريرك تجاه التحضيرات القريبة للاستحقاقين الرئاسي والحكومي، لجهة تحديده للمواصفات للرئيس العتيد وردّات الفعل التي انتهت إليها هذه المواقف. كما سيكون اللقاء مناسبة لتقييم التطورات في لبنان والمنطقة.
مواقف
وكان الراعي قال في عظة الاحد أمس: “لا يمكن أن نسلّم بإغلاق ملف تشكيل حكومة جديدة، كأنّ الحكومة مجرد تفصيل في بنيان نظام الدولة اللبنانية، مع العلم أنّ اتفاق الطائف جعل مجلس الوزراء، إلى جانب رئاسة الجمهورية، الركيزة المحورية ومركز السلطة التنفيذية. فلا قيمة للتكليف ما لم يستتبعه التأليف”. واستغرب “أن يكون المعنيون بتأليف الحكومة يسخّفون هذا الأمر، خلافاً للدستور واتفاق الطائف”. واعتبر “انّ وجود حكومة شرعية يولي الدولة القدرة على مفاوضة المجتمعين العربي والدولي وعلى اتخاذ القرارات وتوقيع المعاهدات”.
وتطرّق الراعي إلى حادثة المطران موسى الحاج، فطالب المسؤولين عنها بما يلي: “أن يعيدوا إليه جواز سفره اللبناني وهاتفه، وأن يسلّموه الأمانات من مال وأدوية كان يحملها إسمياً لأشخاص ولمؤسسات، لأنّها أمانة في عنقه، وأن يؤمّن له العبور من الناقورة، ككل الذين سبقوه، إلى أبرشيته ذهاباً وإياباً من دون توقيف أو تفتيش. وأن يكفوا عن تسمية المواطنين اللبنانيين المتواجدين في فلسطين المحتلة “بعملاء”.
عوده
وقال متروبويت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عوده، خلال قداس في كاتدرائية مار جاورجيوس في بيروت: “بعد مرور سنتين على أحد أضخم التفجيرات العالمية، لا يزال اللبنانيون عموماً، وذوو الضحايا وجميع المتضررين خصوصاً، ينتظرون انتهاء التحقيق وصدور نتائجه. سنتان من الوعود الواهية، ومن القهر والفقر والذلّ والعتمة الشاملة. سنتان من الجدالات العقيمة، آخرها ما شهدناه في الجلسة التشريعية الأولى للمجلس النيابي الجديد، التي كنا نتوقع أن تكون جلسة إقرار مشاريع إصلاحية ضرورية، فإذا بها تقف شاهداً على أنّ المسؤولين في هذا البلد لا يهتمون بالإصلاح، ولا يعرفون التكاتف، لكنهم يمتهنون التناكف”. وطالب باسم “جميع أبناء بيروت المنكوبة”، بـ”بذل أقصى الجهود من أجل استكمال التحقيق وإظهار الحقيقة كاملة، وتطبيق القانون على كل من يظهرهم التحقيق على صلة قريبة أو بعيدة بتفجير المرفأ”.
قبلان
وتحدث المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خلال إحياء ليالي عاشوراء، عن إطار وطني مركزي للقضايا الوطنية فقال، انّ “الإنقاذ فقط بالنفط البحري جنوباً والحل بإذعان تل أبيب أو الحرب، والإحداثيات التي مرّرتها المقاومة اليوم (أمس) دليل حاسم وعلامة مجد لبناني كبير”. واضاف ان “تقسيم لبنان ليس ممنوعاً فحسب بل مستحيل، حتى لو أدّى ذلك إلى حرب عالمية. وليس لأحد مصلحة في الفراغين الحكومي والرئاسي، وواشنطن مصلحتها في الفراغ المسرطن، وحسم وضعية لبنان يتوقف على انتخاب رئيس جمهورية وطني وقوي وجامع بعيداً من التوابل السياسية”.
الإهراءات
وعلى صعيد آخر، سقط جزء متصدّع من إهراءات مرفأ بيروت امس بعدما تكرّر اندلاع النيران فيه، وذلك قبل أيام من إحياء لبنان الذكرى السنوية الثانية للانفجار المروع في 4 آب 2020، وفور الانهيار غطى غبار كثيف أجواء مرفأ بيروت، ليتبين بعد انقشاعه أنّ صومعتين سقطتا حتى الآن.
وقد حصل هذا الانهيار في الاهراءات بعد أسبوعين من اندلاع حريق في القسم الشمالي منها، نتج من تخمّر مخزون الحبوب مع ارتفاع درجات الحرارة ونسبة الرطوبة.
وأصدرت إدارة مرفأ بيروت بياناً نفت فيه توقف المرفأ عن استقبال البواخر “خوفاً من انهيارات اضافية في صوامع القمح، وذلك بعد انهيار جزئي حصل اليوم (أمس) في الجانب الشمالي من الإهراءات”. وأكّدت أنّ سير العمل في المرفأ لم ولن يتوقف، وأنّ الإحتياطات والإجراءات متخذة منذ مدة زمنية تحسباً لأي طارئ”.