قالت الصحف: نكسة أولى للأكثرية النيابية المفترضة.. ومسحة هوليودية رافقت حضور التغيريين
الحوارنيوز – خاص
أجمعت صحف اليوم على وصف ما جرى أمس في المجلس النيابي على كونه فشل أو نكسة للأكثرية النيابية الافتراضية، في وقت برز حضور ما يسمى النواب التغيريين على كونه حضورا هوليودياً.
ماذا في التفاصيل؟
- صحيفة النهار عنونت: نكسة أولى للأكثرية… وفوز باهت للأقلية
وكتبت تقول: لعلّها أغرب المفارقات التي واكبت الجلسة الأولى لمجلس النواب المنتخب ان تفضي الجلسة الى قلب المعادلة التي طالما فطرت عليها القوى السياسية والكتل النيابية بان الجميع يخرجون رابحين، فاذ هذه المرة، ومع المجلس الجديد، الرابح لا يخرج ظافرا بحق، فيما الخاسر يمنى بالخيبة وهو في موقع اكثري!
والحال ان المعادلة التي افضت اليها جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه وهيئة مكتب المجلس شكلت بما لا يقبل جدلا خيبة امل للأكثرية الجديدة، ليس بسبب إعادة انتخاب محسومة للرئيس نبيه بري للمرة السابعة، وانما بسبب خسارتها الموصوفة لمعركة كان يفصلها عن الفوز بها أربعة أصوات فقط لتأتي بالدكتور غسان سكاف نائبا للرئيس، ولكن الخسارة كانت مزدوجة معنويا وعدديا من خلال انتخاب بري بطبيعة الحال والنائب الياس بو صعب نائبا للرئيس، يضاف الى ذلك انتخاب الان عون أمين سر لهيئة مكتب المجلس بما أضفى اللون السياسي الواحد لتحالف 8 آذار القديم – الجديد على مجمل نتائج جلسة الانتخابات. وبدا واضحا ان الخاصرة الرخوة في واقع الأكثرية الجديدة تجسدت عبر الكتلة التغييرية الناشئة من رحم انتفاضة 17 تشرين بشكل محدد، لان الكتل والقوى الحزبية السيادية على رغم عدم انتظامها في اطار جبهوي واحد اتحدت تلقائيا في التصويت للنائب غسان سكاف لكي تحول دون تقديم الهدية الثانية للأقلية عبر انتخاب بو صعب نائبا للرئيس. ومع ذلك فان كتلة التغييرين لم تلتقط السانحة من خلال خلل في التنسيق جعل تصويتها بالأوراق البيضاء في الدورة الأولى لنائب الرئيس ومن ثم تجيير عدد غير كافٍ لسكاف في الدورة الثانية يوفر الفوز لمنافسه بو صعب بفارق أربعة أصوات كما ساعد بو صعب في الفوز حصوله على دعم عدد من المستقلين لا يقل عن سبعة.
ولكن في المقابل جاء فوز الرئيس بري كما بو صعب مشوبا بكثير من الضعف بما أفصح عن تركيبة مختلفة للمجلس لا يمكن الركون فيها الى ما جرى أمس كقاعدة ثابتة وهو ما دفع رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل الى الاعتراف بواقعية ملحوظة باننا لا نملك الأكثرية ولو فزنا. فالرئيس بري حقق عودته السابعة بشق النفس عبر أكثرية الصوت الواحد أي 65 صوتا فقط للمرة الأولى منذ ثلاثين عاما تربع فيها على أكثريات لم تهبط مرة دون سقف الثمانين صوتا الامر الذي ترددت دلالته العاصفة بقوة داخل المجلس وخارجه بما سيترك اثاره حتما على إدارة السنوات الأربع المقبلة من ولاية المجلس المنتخب. اما فوز بو صعب فلم يكن بدوره فوزا براقا بدليل الفارق الضيق الذي حققه مع منافسه النائب الجديد الذي لا يتمتع بشبكة علاقات واسعة كتلك التي يحظى بها بو صعب، ولكنه تمكن في الدورة الثانية من تقليص الفارق بينه وبين بو صعب الى أربعة بما يعني ان ترشحه كاد يحقق وحدة حال الأكثرية الجديدة لولا الثغرات التي تفلت منها فوز بو صعب مع ضرورة اخذ الأصوات التي نالها من مستقلين أيضا في الاعتبار.
الجلسة
اذاً عاد الرئيس بري الى سدة الرئاسة الثانية وفاز عضو تكتل لبنان القوي النائب الياس بوصعب بنيابة الرئاسة في اتفاق بين حركة “امل” و”التيار الوطني الحر” رعاه “حزب الله”. انتُخب بري لولاية سابعة بـ65 صوتا وتم إحصاء 40 ورقة ملغاة منها 19 وضعتها “القوات اللبنانية” تحمل عبارة “الجمهورية القوية”، وأخرى وضعها النواب التغييريون تحمل عبارات “العدالة” لشهداء المرفأ والمودعين وضحايا حرس المجلس. وسجلت ايضا 23 ورقة بيضاء، علما ان بري كان حاول بداية عدم تلاوة ما كتب على الاوراق الملغاة ما دفع النواب الذين وضعوها الى رفع الصوت، فرضخ بري.
وألقى رئيس المجلس كلمة بعد إنتخابه قال فيها “سنلاقي الورقة البيضاء بقلب أبيض، طوينا صفحة الإنتخابات النيابية وفاز من فاز وبعيداً عن إحتساب الأكثرية لهذا الطرف أو ذاك لنكن 128 “نعم” لمجلس نيابي يرسخ مناخات السلم الأهلي والوحدة الوطنية، و128 “لا” لمجلس يعمق الإنقسام بين اللبنانيين ويعيد إنتاج مناخات الإحتراب الداخلي ويوزعهم على محاور الإنقسام الطائفي والمذهبي و 128.
نعم” صريحة وقوية ضد أي تفريط بحقوق لبنان السيادية في ثرواته المائية والنفطية”.ودعا الى “الإحتكام للإرادة الوطنية الجامعة المتمثلة بقلق الناس وآلامهم وتطلعاتهم وآمالهم بالقدرة على الإنقاذ والتغيير”، معتبراً أنَّ “أي خطط ووعود وبرامج لا تقدم الحلول للأزمات على إختلافها وكثرتها هو كلام وخطط خارج السياق”. وخاطب النواب بالقول: “لنكن 128 “نعم” لإنجاز الإستحقاقات الدستورية في موعدها و128 “لا” للفراغ في أي سلطة”.
- صحيفة الاخبار عنونت: فشل أول لخصوم المقاومة… والقوات وحيدة
وكتبت تقول: أربع خلاصات أساسية يمكن الخروج بها من مشهد الأمس الفولكلوري:
الأولى، وكما كان واضحاً منذ اليوم الأول، أن المجلس النيابي بعد الانتخابات منقسم بين كتلة صلبة تضم حزب الله وحلفاءه قادرة، رغم الخلافات التكتيكية بينهم، على التوحد في الاستحقاقات الكبرى. وفي المقابل شظايا كتل من مشارب مختلفة غير قادرة على الاتفاق على تفصيل تسمية عضو في هيئة مكتب مجلس النواب، ناهيك عن إمكان اتفاقها على ورقة اقتصادية أو على استراتيجية دفاعية أو على شكل النظام. النتيجة المباشرة لذلك، فوز حلفاء حزب الله برئاسة المجلس وموقع نائب الرئيس وهيئة مكتبه. بهذا المعنى، أمس كان الإعلان الفعلي عن نتيجة الانتخابات، بعد حفلة تبنّي الأكثريات في 16 أيار.
الثانية، فشل القوات اللبنانية التي سارعت إلى “تكبير الحجر” غداة الانتخابات وانشغلت بعدّاد الأكثرية، في تقريش “أكثريتها”. فلا هي تمكّنت من قيادة “المعارضة” وجرّ “نواب التغيير” وراءها، ولا هي تجرّأت حتى على ترشيح غسان حاصباني لموقع نائب رئيس المجلس. وحسناً فعلت، إذ أن “فضيحة حاصباني” ما كانت لتقلّ دويّاً عن “فضيحة حواط”. كما لم ينفع معراب “التنازل” لـ”الحليف” الاشتراكي الذي لم يسايرها في عدم التصويت لنبيه بري فسايرته في ترشيح غسان سكاف، لتخرج من “المولد” التشريعي “بلا حمص”، قبل أن تتلقّى “الضربة القاضية” بالأصوات الـ 38 التي حازها مرشحها لأمانة سر المجلس زياد حواط. “فضيحة حواط” كشفت عري القوات من الحلفاء، وعدم قدرتها على عقد أي “ديل” مع أي طرف للتسويق لأي من مرشحيها.
الثالثة، هي الحضور العشوائي وغير المنظم لمن يسمّون “نواب التغيير”. بعيداً عن الاستعراض والمزايدات والخفّة ومحاولات بعض قدامى “المنظومة” احتكار النطق باسمهم، وبمعزل عن بعض الأصوات العاقلة، كان حضور هؤلاء شديد الهزال. فهم لم يجمعوا حتى على مرشح منهم لموقع أمين السر. هكذا لم ينل النائب “التغييري” ميشال الدويهي الذي ترشح لموقع أحد أميني السر سوى أربعة أصوات. أما بعض من أرادوا، فور فوزهم، انتخاب غير شيعي لرئاسة المجلس كسراً للأعراف الطائفية، فسرعان ما أذعنوا لهذه الأعراف في مواقع أدنى بكثير، وارتضوا التزكية في مواقع مفوضي مكتب المجلس. ومن يفترض أنهم ثاروا ضد المنظومة، لم يجرؤ مرشحهم “التغييري” فراس حمدان على الاستمرار في ترشيحه في وجه مرشح المختارة لأمانة السر هادي أبو الحسن. سريعاً خضع هؤلاء للعبة “المنظومة” التي يفترض أنهم انتخبوا لمقارعتها في عقر مجلسها.
الرابعة، ولعلها أسوأ ما في مشهد الأمس، أنه بروفا لما هو آت، حيث لن يكون هذا المجلس الشديد الانقسام على نفسه قادراً على تمرير قانون أو إصلاح، ناهيك عن الاتفاق على أي من الاستحقاقات الكبرى المقبلة. وعليه سنكون، على الأرجح، أمام أربع سنوات من الاستعراض والعقم التشريعي.
- صحيفة الأنباء عنونت:” جلسة المجلس تكشف الاتفاق المستور.. ومخاض التشكيل ينطلق
وكتبت تقول: مرّ استحقاق انتخابات رئيس مجلس النواب ونائبه وهيئة المكتب على وقع معارك احتدمت قبل وأثناء الجلسة، ونقاشات دستورية حول عملية الاقتراع، لكن في المحصلة تم انتخاب الرئيس نبيه بري لموقع رئاسة مجلس النواب، ليخوض الأخير ولاية سابعة، والياس بو صعب لموقع نائب الرئيس بعد منافسة شرسة مع النائب غسان سكاف.
في لغة الأرقام، حاز كل من بري وبو صعب على 65 صوتاً من أصل 128، وهي أرقام متواضعة، تشير إلى أن نصف المجلس في موقع المعارضة، إلّا أن المفارقة الأكبر كانت حصول سكاف على 60 صوتاً، في أول ولاية برلمانية له، ما أشار إلى أن لا اكثرية فعلية لفريق 8 آذار والتيار الوطني الحر، وقد كشف مسار التصويت اتفاقا مستوراً بين افرقاء 8 آذار، شمل تبادل الأصوات “على القد” بين كتل التيار الوطني الحر وحركة أمل لضمان وصول كل من بري وبوصعب.
لكن، على المقلب الآخر، بدت الكتلة السيادية مشتّتة نسبياً رغم حصولها على أكثرية مقاعد مجلس النواب، وذلك لأن عدداً من النواب المستقلين اختاروا الانكفاء عن دعم سكاف، ما أدى إلى خسارته في المنافسة. هذا التوجّه ينعكس سلباً على هذه الكتلة كما البلد في حال استمر التشتّت، في ظل وقوف لبنان على مشارك استحقاقات عديدة مهمّة ستشكّل وجه لبنان الجديد بعد تكوّن السلطة من جديد.
عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب فادي كرم أشار إلى أن “التكتّل ترك للنواب المستقلين حرية الاتفاق على شخصية لموقع نائب رئيس المجلس، على أن تدعم الكتلة هذا التوجّه، فتم الاتفاق على تسمية غسان سكاف”.
لكنه في حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، كشف أن “الكتلة تفاجأت اليوم بتشتّت مجموعة التغييريين غير المترابطة والمتفاهمة، وبدا واضحاً وجود مشكلات واختلافات داخلها، الأمر الذي انعكس سلباً على قدرة إيصال سكاف، وبالتالي كانت نتيجة هذا الضعف تمديد معاناة الشعب اللبناني عبر التمديد للسلطة الحاكمة”.
ومع الإشارة إلى أن استحقاقات عديدة تنتظر المجلس النيابي الجديد، لا سيما تسمية رئيس للحكومة وانتخاب رئيس للجمهورية، فقد شدّد كرم على وجوب أن “يتحلّى النواب المستقلون الجدد بالواقعية، وفهم أهمية الملفات الأساسية الواجب التركيز عليها، وذلك بهدف الانطلاق نحو تحرير لبنان من السلطة الحالية”. وختم حديثه لافتاً إلى أن هذه المجموعة تفتقد للبرنامج والرؤية، لكن التواصل معها قائم للاتفاق على العناوين العريضة.
من جهتها، حاولت النائبة المستقلة نجاة عون صليبا النفي أن يكون النواب المستقلين مشتتون، وقالت إنهم “على العكس، متحالفون ومتفقون، وهذا تُرجم بالورقة البيضاء على صعيد انتخابات رئيس المجلس، والاقتراع لسكاف على صعيد موقع نيابة الرئيس”.
وفي اتصال مع “الأنباء”، شدّدت صليبا على أن “المستقلين يتطلّعون إلى البرامج وليس الأشخاص، وهم يحاولون إرساء نهج جديد، يقوم على ديمقراطية الانتخابات داخل مجلس النواب، وليس التحالفات المركبة في وقت مسبق خارج أسوار المجلس”. وعن ترشيح سكاف، أشارت صليبا إلى أنه “تم الإطلاع على برنامج الأول، وكان منطقياً، وبالتالي اخترنا التصويت له”.
بكل الأحوال، ورغم أن أولى الجلسات للمجلس الجديد جاءت مخيبة للآمال، تتجه الأنظار الآن الى استحقاق تشكيل الحكومة وموعد الاستشارات النيابية الملزمة التي سيكون رئيس الجمهورية ميشال عون ملزماً بالدعوة اليها، وهنا يكمن التحدي المقبل ومدى قدرة هذا المجلس على تسمية رئيس للحكومة العتيدة ومنحها الثقة للنهوض بالبلد.. لقد بدأ هذا المخاض على أمل ان لا يكون عسيراً.
- الجمهورية عنونت: سقطت العباءات وبانت الأحجام .. وتجمُّع كتل وتشظّي أخرى
وكتبت “الجمهورية” تقول: عاد الرئيس نبيه بري رئيساً لمجلس النواب لولاية سابعة، واكتملت عدة هيئة مكتب المجلس الجديد على ان تتشكّل لجانه الثلاثاء المقبل، فيما انطلق العد العكسي للاستحقاق الحكومي تكليفاً ثم تأليفاً، والانتقال من تصريف الاعمال الى الافعال وما اكثرها، لنقل لبنان من حال الانهيار الى حال التعافي، وتحريراللبنانيين من نير الدولار وجنون الاسعار الذي يقضّ مضاجعهم ليلاً ونهاراً.
إنكشَف مجلس النواب الجديد في استحقاقه الأول على وقائع عدة تحتاج إلى مراجعات دقيقة وعميقة وسقطت عنه العباءات لتظهر الأجسام الحقيقية لكل فريق… وعلى سخونة المعركة التي تدخل للمرة الاولى بعد «إتفاق الطائف» في لعبة حسابات هَزّت كل القوى السياسية القديمة والجديدة فمن وَقعَ منها هو من لم يحسب حساباً للطرف الآخر، ومن لم يقع هو مَن فهم انّ المرحلة تقتضي التعالي والتحالف حتى لا يسقط الهيكل.
وقال مصدر سياسي رفيع لـ»لجمهورية»، في قراءة أولية لما حصل في مجلس النواب، «انّ «المَي كذّبت الغطاس و»الغالبية» اثبتت انها لا تزال تتحكّم بخيوط اللعبة على رغم من الجهد غير العادي لإضعاف رئيس المجلس معنوياً من خلال منع انتخابه من الدورة الاولى، امّا الواقع السياسي المُستجِد فكرّسته عملية انتخاب الياس بوصعب الذي أرسى تَموضعاً جديداً سمحَ بجلاء النتائج الفعلية للانتخابات لأنّ «المومينتوم» الحالي سيفرض توازنات مختلفة استفادت من جلسة الأمس للانطلاق في مقاربة الاستحقاقات المقبلة». وتخوّف المصدر من «ان يلجأ من لن يستطيع أن يصنع فارقاً، الى التعطيل… كمَن يُطلق الرصاص على رجله».
وعلمت «الجمهورية» انّ اجتماعات جانبية حصلت بعد الدورة الاولى لانتخاب بو صعب، وحصل فيها تواصل مع جهة خارجية أوعَزت لـ«نواب الثورة» لانتخاب سكاف بعد صدور نتيجة التصويت الاولى.
قراءات متنوعة
تنوعت القراءات والتحليلات لجلسة الاستحقاق النيابي امس وما دار خلالها من وقائع عكست طبيعة الكتل النيابية واحجامها والتوازنات، فقال فريق من السياسيين لـ»الجمهورية» انّ انتخابات رئيس المجلس ونائبه واميني السر والمستشارين «كانت يوماً ملحمياً بثلاثية نظيفة ثَبّتت الاكثرية النيابية، او أظهَرت من يملك ناصية هذه الاكثرية في المجلس النيابي الجديد، وكان يمكن لهذه الثلاثية ان تكون رباعية لو لم يفز امين السر الثاني والمستشارين الثلاثة بالتزكية».
واضاف هذا الفريق القريب من هذه «الثلاثية» أنّ «بقية الكتل النيابية وبينها كتلة التغييريين خسرت اولاً في رهانها على أن لا يفوز بري من الدورة الاولى، وخسرت ثانياً في معركة مرشحها غسان سكاف لمنصب نائب رئيس المجلس لأنّ الاكثرية التي أوصلت بري الى رئاسة المجلس جَيّرها بري لمرشح «التيار الوطني الحر» الياس بو صعب الذي فاز بمنصب نائب الرئيس. امّا الخسارة الثالثة فكانت بتكرار المشهد بفوز النائب ألان عون بمنصب الامين السر الاول بالاكثرية المطلقة، فيما كانت الخسارة الرابعة عندما اضطرّ التغييريون» الى سحب مرشحهم فراس حمدان لمصلحة امين السر الثاني هادي ابو الحسن الذي فاز بالتزكية، ثم امتنعوا عن ترشيح ايّ من المستشارين الثلاثة الذين فازوا بالتزكية ايضاً وصودِف انهم من لون واحد.
وعَلّق هذا الفريق على ما حصل لكتلة التغيريين قائلاً: «يبدو انّ هذه الكتلة ذهبت الى صَيفِيّتها باكراً». وتوقّف عند ما كتبوه من شعارات على الأوراق التي اقترعوا بها قائلين: «أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله»، فشعار الشارع للشارع لكن في المجلس «في حَكي قَرايا وحَكي سرايا، وحكي القرايا غير حكي السرايا».
واضاف اصحاب هذه القراءة قائلين: «انّ النتائج اظهرت انّ اول تَشظّ في هؤلاء التغييريين اصاب النائب ملحم خلف حيث انهم لم يرشّحوه لنيابة رئاسة المجلس ولم يعتبروه ممثلاً لهم أصلاً، ولذلك لم يُسمع صوته خلال الجلسة. في وقت شعر بعض هؤلاء انهم يقفون على الضفة الخطأ من موضوع استحقاق رئاسة الحكومة».
وفي قراءة ثانية قال فريق من السياسيين انّ ما حصل في جلسة الامس اظهَر انّ موازين القوى خالفت كل الصراخ والهمروجة التي صاحَبت التحضير لهذا الاستحقاق، الى درجة انطبقَ عليها القول «ذهب الثلج وبَان المَرج».
واضاف هؤلاء «انّ التصويت عكس موازين القوى في وقت بَدت «القوات اللبنانية» منكفئة عن المشهد، فحاولت مع الآخرين القيام بانقلاب عبر التصويت لغسان سكاف ولكنهم فشلوا. لذلك فإنّ ما حصل قد لا يوفر لهؤلاء اي مكان في أي تسوية سواء حول اختيار رئيس الحكومة الجديدة أو في انتخاب رئيس الجمهورية».
ويعتبر اصحاب هذه القراءة «انّ «حزب الله» كان الرابح الأكبر في ما حصل امس بحيث انه أوصَل حليفيه الشيعي الى رئاسة المجلس والمسيحي الى نيابة الرئيس، فخاض المعركة بهدوء بعيداً عن «البروباغندا» التي أثيرت ضده داخلياً وخارجياً تحت عنوان انه مُني بهزيمة مدوية في الانتخابات النيابية الاخيرة». ولذلك يعتقد هؤلاء انّ نتيجة يوم امس وكذك نتائج الانتخابات النيابية كانت أكثر راحة للحزب من النتيجة التي حققها في انتخابات 2018».
وفي رأي هؤلاء «انّ الاكثرية النيابية صارت اكثرية غب الطلب حين تدعو الحاجة اليها ولم يعد هناك من ضرورة لأكثريات موصوفة، بل اكثرية تتوافَر حين يقتضي الامر بتوافرها مع فارق ما يؤمّن اسلوباً أكثر مرونة للتعاطي مع الاستحقاقات المقبلة من دون ان يكون اي فريق في موقع حَرج».
لكنّ قراءة المُحايدين لِما حصل تقول ان استحقاق الامس «أظهرَ فعلياً ان لا احد من القوى السياسية يمتلك اكثرية مطلقة او موصوفة في المجلس الجديد، وانّ الاكثرية ستتشكّل تبعاً للتوافق بين الكتل النيابية المختلفة على القضايا التي سيتصدى لها المجلس النيابي في جلساته العامة، ما يعني ان هذه الاكثرية ستكون «على القطعة». ورأى هؤلاء ان «الاكثرية التي توافَرت في جلسة الامس لانتخاب رئيس المجلس ونائبه ولأحد اميني السر كانت اكثرية مركّبة تكوّنت بناء على توافق الافرقاء السياسيين وكتلهم النيابية حول هذا الامر. وهذا المشهد سيتكرر في الاستحقاقات المقبلة».
التفصيل المُمل
وأكدت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انّ المسعى الدؤوب الذي بَذله «حزب الله» على خط حَليفيه حركة «امل» و«التيار الوطني الحر» كان له التأثير الكبير في تَظهير النتيجة التي انتهت اليها جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه، مشيرة الى انّ الحصيلة النهائية كانت محسوبة بالتفصيل المُملّ ولم يكن هناك من مجال لأي خَلل.
ولفتت المصادر أنّ جلسة امس، وعلى كل تعقيداتها، هي السهل الذي تم تجاوزه اما الأصعب فهو التصدي للأزمات الحادة وإثبات أهلية المجلس الجديد لمواجهتها. واعتبرت أن عودة الدولار الى الارتفاع هو تنبيه متجدّد الى خطورة الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية والمعيشية التي تَستوجِب معالجة جذرية عبر استكمال الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، مع ما يستوجبه ذلك من تعجيل في اختيار رئيس مكلف وتشكيل حكومة جديدة، محذّرة من انّ الترقيع لتمرير هذا الاستحقاق او ذاك لا يمكنه ضبط الدولار الّا لوقت قصير.
في القصر الجمهوري
وفي اول زيارة بروتوكولية له بعد انتخابه رئيسا لمجلس النواب للدورة السابعة على التوالي، زار بري رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا يرافقه نائب الرئيس المنتخب النائب الياس بوصعب وأعضاء هيئة مكتب المجلس السادة: احد أميني السر النائب الان عون والمفوضين الثلاثة ميشال موسى، هاغوب بقرادونيان، كريم كبارة، وذلك وفقاً للتقليد المتّبع. ولوحِظ غياب أمين السر الثاني عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب هادي ابو الحسن عن الزيارة. وقالت مصادر نيابية عليمة لـ«الجمهورية» انه «تَقصّد التغيّب من دون الكشف صراحة عن السبب الذي بقي ملكاً للرئيس بري الذي تبلّغ اعتذاراً منه».
خلوة نادرة
وفور وصول بري الى بعبدا عقدت خلوة ثنائية بينه وبين عون وصَفتها مصادر مطلعة بأنها «نادرة» لأنها تحصل بعد طول غياب، اذ انّ بري لم يَزر عون منذ 10 أيلول تاريخ اللقاء الذي جمعهما عند صدور مراسيم تشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، ولم يسجل اي لقاء بينهما منذ ذلك التاريخ.
وبعدما استعرضَ بري ثلة من لواء الحرس الجمهوري في الباحة الخارجية، توجّه الى مكتب عون الذي استقبله عند المدخل وعقد معه خلوة هنّأه في خلالها على انتخابه متمنياً له التوفيق. وتناول البحث مواضيع تتعلق بالاستحقاقات الدستورية المرتقبة وسبل معالجة القضايا المختلفة العالقة. وبعد ذلك، توالى وصول أعضاء هيئة مكتب المجلس الذين انضمّوا الى اللقاء الذي تمنى رئيس الجمهورية خلاله ان يتمكن مجلس النواب الجديد من مواجهة التحديات الراهنة على مختلف الصعد والمساهمة في انقاذ لبنان من الازمة الاقتصادية والاجتماعية عبر سن التشريعات والقوانين اللازمة بما يحقق النهوض الاقتصادي الضروري للبلاد.
وبعد التقاط الصورة التذكارية، غادر بري وأعضاء هيئة مكتب المجلس مكتب رئيس الجمهورية. ورداً عما اذا كان الحديث مع عون تناول الاستشارات النيابية الملزمة، اكتفى بري بالقول: «من دون شك».
وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» ان اللقاء «كان ايجابيا وانّ الصور والمداولات عبّرت عن جَو ودي بين عون وبري بعد طول غياب، وشكلت مناسبة لمناقشة المحطات المقبلة ولا سيما منها ما يتعلق بتحديد رئيس الجمهورية موعداً للاستشارات النيابية الملزمة لتسمية من سيكلّفه تشكيل الحكومة الجديدة.
واضافت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» ان عون ينتظر من الامانة العامة لمجلس النواب جدولا نهائيا بالكتل النيابية وأسماء النواب المستقلين التي ستعتمد عند تحديد المواعيد الخاصة بهذه الاستشارات.