قالت الصحف: مفاوضات الليل يمحوها النهار والبلاد دخلت مرحلة الانهيار
الحوارنيوز – خاص
صحيفة النهار عنونت: " حكومة إنقاذية في أسرع وقت تجنبا للإنهيار" وكتبت تقول:" لم تعد الدعوات الداخلية والخارجية الى استعجال تأليف حكومة انقاذية تحول دون السرعة المخيفة للتدهور المالي والاقتصادي الذي بات يضع لبنان أمام انهيار لم يعرف مثيلاً له في ذروة حُقب الحرب، مجرد شعار أو نشيد لفظي وكلامي، بل اتخذت في الساعات الاخيرة طابعا بالغ الجدية والخطورة في ظل تعاقب الازمات والاضطرابات الناشئة عن أزمة السيولة والاجراءات المتشددة والتقشفية التي تتخذها المصارف. واذا كانت ازمات المستشفيات والمحروقات واستيراد الكثير من السلع وتفاقم المخاوف، من انهيارات واسعة في مؤسسات القطاع الخاص تقدمت الواقع المثير للمخاوف فان وتيرة الاتصالات السياسية الجارية في الكواليس بعيداً من الاضواء لم تتكشف عن أي تطور ايجابي بعد في شأن شق النفق المقفل امام انطلاق الاستحقاق الحكومي في مسار سريع تحتمه خطورة الاوضاع.
ولكن بدا من خلال المعلومات التي توافرت لـ"النهار" ان الساعات الثماني والاربعين المقبلة قد تكون ساعات مفصلية حاسمة بالنسبة الى نقطة الانطلاق الجوهرية لمسار الاستشارات النيابية الملزمة التي يتعين على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تحديد موعدها حال اتمام التوافق التي تتسارع الجهود لاتمامه حول التكليف علما ان العقبة التي تعترض هذا التوافق تتصل بالشروط المسبقة لتأليف الحكومة وهو السبب الرئيسي على ما يبدو الذي جعل رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري يصر على رغبته في عدم اعادة تكليفه تأليف الحكومة الجديدة. إلا أن معلومات تقاطعت من جهات سياسية عدة، أشارت الى ان عطلة الاسبوع قد تشكل موعداً مفصلياً لبت مصير اعادة تكليف الحريري ايجاباً أو سلباً بما يوحي بان الاتصالات تسارعت غداة اخفاق لقاء الرئيسين عون والحريري في قصر بعبدا حول الحكومة الجديدة. وقالت أوساط سياسية بارزة لـ"النهار" إن الوضع المالي والاقتصادي في البلاد بلغ درجات من الخطورة تنذر باوخم العواقب وان الوسيلة الاخيرة والوحيدة لتلافي بلوغ ما بات يشكل هاجساً وطنياً ساحقاً، أي الانهيار، هي المسارعة فوراً (ويستحسن ان يكون ذلك مطلع الاسبوع المقبل) في إضاءة الاشارات الخضراء الى انطلاق المسار الحكومي بدءاً بتحديد موعد الاستشارات النيابية في قصر بعبدا، وان الاتصالات التي أجريت في اليومين الاخيرين بلورت درجات الخطورة التي ستنجم عن كل يوم تأخير في اطلاق اشارة الحل السياسي الذي سيكون وحده العامل المفرمل للاندفاعات نحو الانهيار والا انزلقت البلاد نحو متاهات مخيفة.
وقد دفع هذا الواقع البنك الدولي أمس الى دق جرس الانذار مجدداً وبعد أقل من ثلاثة أيام من تحذير أولي من خطورة الاوضاع المالية والاقتصادية في لبنان، لدى زيارة وفد منه قصر بعبدا. وحض البنك الدولي أمس لبنان على تشكيل حكومة في غضون اسبوع تلافياً لفقدان الثقة في اقتصاده، محذراً من اخطار جدية على استقرار لبنان جراء الازمة المالية والاقتصادية.
ولم يكن موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري بعيداً من هذا التحذير اذ صرح مساء أمس لـ"النهار" إن "الوضع خطير وخطير جداً ويجب تشكيل الحكومة أمس قبل الغد لان الحكومة هي الخرطوشة الاخيرة للانقاذ ". وشدد تكراراً على تمسكه باعادة تكليف الرئيس الحريري قائلا انه لن يكف عن المطالبة باعادة تكليفه، كما شدد على ضرورة تمثيل الحراك المدني في الحكومة.
أما الاوضاع المالية، فكانت محور لقاء الرئيس الحريري أمس في "بيت الوسط" حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في ظل خطورة الازمة التي تمر بها البلاد والاجراءات التي تتخذها المصارف. وفي المعلومات، ان الاجتماع الذي عقده سلامة مع الحريري كان صريحاً للغاية، إذ فنّد حاكم مصرف لبنان بالارقام والوقائع الاجراءات الموقتة والاحترازية التي تتخذها المصارف، وشدد على ضرورة الاسراع في تشكيل حكومة تعيد بناء الثقة وتساهم في إعادة الامور الى نصابها الصحيح بما يخفف الضغوط النقدية والمصرفية، معتبراً ان كل ما يحصل هو حالة إرباك ناتجة من فقدان الثقة ومخاوف من تطور الامور السياسية أكثر وصولاً الى اضطرابات واسعة. وأكدت أوساط سلامة ان الاجراءات التي تعتمدها المصارف ستنخفض حكما وتباعا مع عودة الاستقرار السياسي الى البلاد وتراجع التظاهرات والقلق لدى المواطنين، وان هذه الاجراءات تأتي لحماية المودعين واموالهم والمحافظة على استقرار سعر صرف الليرة اللبنانية الثابت بدعم من الإمكانات الكبيرة التي يمتلكها مصرف لبنان.
وعنونت صحيفة الأخبار لموضوع الغلاف:" صدام بين سلامة والمصارف وكتب الزميل محمد وهبة يقول :"ما الذي يفعله رياض سلامة وأصحاب المصارف؟ لماذا يتفرّجون على الأزمة، ويتقاذفون في ما بينهم ومع القوى السياسية مسؤولية الأزمة المستفحلة؟ هل هو العجز عن إيجاد حلول، أم أنّ ثمّة من يلعب لعبة «حافة الهاوية» لتحقيق أهداف سياسية، أو لتحصيل صلاحيات استثنائية؟
لم يكن قرار إغلاق مصرف لبنان والمصارف السبت (اليوم) من دون أي مبرّر، إلا مؤشّراً سلبياً جداً على ما حصل خلال الأسبوع الماضي وما سيحصل تالياً، إذ إنه يأتي بعد جفاف سيولة المصارف النقدية بالدولار، وبعد اجتماع عاصف عقد أول من أمس بين جمعية المصارف وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة لمناقشة رغبة المصارف في إعلان رسمي لإجراءات تقييد عمليات السحب والتحويل (كابيتال كونترول)، ومدى كفاية سيولتها في مواجهة هلع الزبائن. ورغم أن المؤشرات تنذر بأن الأسوأ قادم وسط تخبّط سلامة والمصارف والقوى السياسية، إلا أن ثمة ما هو مريب في ردود فعلهم، مع احتمال أن يكون التوتير جزءاً من عملية الضغط لتأليف حكومة تتعهد مسبقاً بتنفيذ ورقة الرئيس سعد الحريري، الذي أبلغ المعنيين أن المانحين يهدّدون بوقف «سيدر». فهل هناك من يدفع في اتجاه إعادة ترميم بنية نظام الفساد عبر منح سلامة صلاحيات استثنائية بتشريع يصدر عن مجلس النواب، وفرض مسار الخصخصة سياسياً كشرط لإعادة إحياء «سيدر»؟
ثمة من يقول إنه رغم ما تردّد عن رفض رئيس مجلس النواب نبيه برّي طلب المصارف الرامي إلى تشريع مسألة تقييد عمليات السحب والتحويل بقانون، إلا أن النقاش الجديّ بينهم يكمن في إمكان إصدار تشريع يمنح سلامة "صلاحيات استثنائية» في المجال المالي والنقدي. مشكلة هذا الاقتراح أنه مطاط بما فيه الكفاية ليشمل سلّة واسعة من الإجراءات والاتصالات في لبنان والخارج والقيام بإجراءات نقدية واقتصادية، وكل ما يمكن أن يندرج في إطار «إدارة الأزمة» والضغط في اتجاه تشكيل حكومة توقّع تنفيذ ورقة الحريري «على بياض".
هذا التطوّر يأتي بعد مضيّ سبعة أيام عمل على فتح المصارف أبوابها. اللافت أن المصارف تقفل اليوم (السبت) والاثنين أيضاً بذريعة «عيد المولد النبوي الشريف». يوما إقفال على هذا العيد، سابقةٌ لم تحصل قبلاً في قطاع يدار من طبقة تستغل موظفيها منذ سنوات، وزادت ساعات عملهم بذريعة «الإنتاجية». اليوم مطلبها خفض ساعات العمل. فهناك عدد من المصارف أصدر قرارات قضت بخفض عدد ساعات العمل للموظفين وتقليص أجورهم بما يوازي الثلث.
بدورها عنونت صحيفة الجمهورية:" الأزمة: لعب على حافة الهاوية … العقد مستعصية والحريري على رفضه" وكتبت تقول:" لعلّ التوصيف الموضوعي لواقع الازمة الحالية التي يعيشها لبنان هو اللعب على خافة الهاوية؛ فالسياسة في أعلى درجات الارباك، والطاقم السياسي مصطدم بعدم القدرة على تشكيل حكومة، وبحراك شعبي ضاغط يتزايد يوماً بعد يوم. أما في الاقتصاد فإنّ الجامع المشترك بين كل اللبنانيين، هو قلقهم المتزايد من أنهم صاروا على مسافة خطوات قليلة تفصلهم عن الانهيار المريع على كل المستويات. واللافت في هذا الواقع المسدود موقف واشنطن المتجدّد على لسان وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو، الذي أكد "انّ علينا مساعدة شعوب العراق ولبنان على التخلّص من النفوذ الايراني وتحقيق تطلعاتهم".
في السياسة، تبدو استشارات التكليف مؤجلة الى أمد طويل، هذا ما تؤكده أطراف الأزمة الحكومية على اختلافها، حيث لم تعد أزمة تكليف بقدر ما هي أزمة إقناع الحريري بترؤس الحكومة الجديدة.
حتى الآن ما زالت الأمور تراوح في دائرة الفشل، الّا انّ ما يحصل في المشهد الحكومي هو تمويه الفشل في صياغة حلول للأزمة الحكومية الراهنة بعنوان عريض مفاده انّ المشاورات مستمرة، فيما الحقيقة خلاف ذلك، لأنّ ما يجري من اتصالات لم يلامس الايجابية ولو بشكل طفيف، وما زال يدور في حلقة مفرغة، على حد ما أكدت مصادر معنية بحركة الاتصالات لـ"الجمهورية".
وعلمت "الجمهورية" انّ الامور ما زالت متوقفة عند رفض رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري العودة الى رئاسة الحكومة، حيث لم تنجح الاتصالات معه لثَنيه عن هذا الرفض، وخصوصاً من قبل رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي عاد وأرسل له أكثر من رسالة مع الوزير علي حسن خليل تؤكّد عليه العودة الى تحمّل المسؤولية.
وأكد مطلعون على هذه المشاورات انّ ما قبل استقالة الحريري لم يُوح الرئيس المستقيل بوجود اسباب تمنعه من العودة الى رئاسة الحكومة الجديدة، والأمر المستغرب لدى من يحاول ثَني الحريري عن هذا الرفض، هو أنه يرد على هذه المحاولات بالتذرّع بألف سبب وسبب لكي يهرب من تحمّل المسؤولية والعودة الى رئاسة الحكومة، والإصرار على أنه على استعداد لتسمية شخصية بديلة عنه لتشكيل الحكومة. علماً انّ الطريق امام الحكومة الجديدة قد تكون أسهل من طريق أي حكومة سابقة، ذلك انها ستكون الشهر المقبل أمام استحقاق التنقيب عن النفط والغاز في البحر، فضلاً عن وعد فرنسي تحدّثَ عنه مسؤول كبير في مجلس خاص، حول وديعة بنحو 3 مليارات دولار، إذا تم تشكيل حكومة في لبنان في وقت قريب.