سياسةصحفمحليات لبنانية

قالت الصحف: مشهد داخلي متوتر وسط غليان إقليمي

 

الحوارنيوز – خاص

فيما يواصل العدو اعتداءاته المتنقلة ورغم ما تشهده المنطقة من غليان، لا زال رئيس الحكومة على اعتكافه غير المعلن، في وقت عطلت بعض الكتل النيابية النصاب القانوني لإستكمال جلسة مجلس النواب على خلفية رفض الرئيس نبيه بري ادراج اقتراح قانون تعديلات على قانون انتخاب مجلس النواب من خارج الآليات الدستورية المتبعة.

ماذا في التفاصيل؟

 

  • صحيفة النهار عنونت: التواصل عاد “فاتراً” بين عون وسلام… تصعيد نيابي يستحضر النصاب والاجتهادات

وكتبت تقول: على إيجابية عودة التواصل المباشر بين أركان السلطة ولا سيما منهم رئيس الجمهورية جوزف عون ورئيس الحكومة نواف سلام بعد الهزّات والتداعيات السلبية التي أثارتها تظاهرة “حزب الله” في منطقة الروشة الأسبوع الماضي، لم يبدّد لقاء الرئيسين أمس في قصر بعبدا تماماً ظلال ما تصاعد من تباين وفتور بينهما، كما أن الجانب “المكمل” لمعالم المشهد المتأزم شهدت فصلها الثاني في ساحة النجمة مع إسقاط نصاب الجلسة التشريعية في يومها الثاني.

ولعل المفارقة السلبية الجديدة أو الإضافية بالأحرى التي برزت أمس، تمثلت في أن الانقسام النيابي المتفجر حول مسألة تصويت المغتربين الذي أسقط نصاب الجلسة في يومها الأول بعد إقرار سبعة مشاريع قوانين لم يقف أمس عند تطيير الجلسة من أساسها، بل تمددت معالم التصعيد من خلال افتعال مشكلة تفسير قانونية حول المشاريع التي أُقرت في جلسة الاثنين و”الاجتهاد” بتجميدها.

تولى تصعيد هذا الجانب المستجد من الخلاف نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، في ما يرجح أنه ردّ بالوكالة عن رئيس المجلس نبيه بري على الكتل المعارضة والمستقلة التي فتحت مواجهة قاسية وربما ضارية معه من خلال خوض معركة النصاب في وجهه مباشرة، وهو الأمر الذي يضع ملف الاستحقاق الانتخابي فوق نار حامية ومسار تصعيدي خطير، علماً أن الحكومة دلّلت على مضيها في الاستعداد لإجراء الانتخابات في موعدها من خلال إعلان وزارتي الداخلية والخارجية أمس إطلاق عملية تسجيل المغتربين ابتداءً من الثاني من تشرين الأول.

في أي حال، كانت الأنظار مشدودة أولاً إلى اللقاء الأول الذي جمع أمس الرئيس عون مع الرئيس سلام بعد تطورات الأسبوع الماضي، وأعلن رسمياً من بعبدا أن الرئيس عون عرض خلال استقباله لسلام الأوضاع العامة في البلاد ونتائج اللقاءات التي عقدها في نيويورك خلال مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. كما تطرّق البحث إلى الوضع الداخلي وسبل معالجة ما حصل في منطقة الروشة قبل أيام.

ولم يدلِ الرئيس سلام بأي تصريح لدى مغادرته قصر بعبدا متوجهاً إلى مجلس النواب. ورغم انتفاء التسريبات حول اللقاء تحدثت معلومات عن أنه كان عبارة عن “جلسة مكاشفة ومصارحة” على خلفية حادثة الروشة، حيث عرض كل من الرئيسين عون وسلام وجهة نظره. وأفادت هذه المعلومات أنّ رئيس الجمهورية اعتبر أن “المسّ بالجيش خط أحمر، ولا يجوز بتاتاً التطاول على موقع رئاسة الحكومة”، ولكنه أشار إلى أنه “كان من الممكن تلافي المشكلة بالتشاور”. وفي المقابل اعتبر سلام أن “ما حصل شكل مسّاً بهيبة الدولة، وكان عليه أن يتصرف بناء على ضوئه”.

ووفق المعلومات نفسها، فإن جلسة المصارحة بين الرئيسين انتهت إلى الاتفاق على التنسيق، ولكنها لم تنتهِ بالإيجابية المطلوبة، بل بقيت ترسبات ما حصل راسخة على جو العلاقة بين الرئاستين. وعلى رغم هذه الأجواء، إلا أن الاتفاق على التنسيق سيبقى قائماً بين عون وسلام، وكذلك التنسيق في ما يختص بالعمل الحكومي.

وأما على الجبهة النيابية، فلم يكتمل نصاب الجلسة التشريعية التي دعا إليها رئيس المجلس نبيه بري استكمالاً لجلسة الاثنين وحضر 48 نائباً، وبعد انتظار أعلن إرجاء الجلسة إلى موعد لم يحدد.

وعقب الجلسة طرأ “تطور اجتهادي” على لسان نائب رئيس مجلس النواب إلياس بوصعب رفضت كتل المعارضة الأخذ به، إذ قال: “إذا لم يحصل النصاب، معنى ذلك أن الجلسة التي بدأناها بالأمس معطلة.

وبالأمس طار النصاب قبل انتهاء الجلسة، يعني لم تتم تلاوة محضر الجلسة كما يحصل في العادة من أجل القوانين السبعة التي أقرت. نستطيع أن نرسلهم في الأطر القانونية والدستورية وتنشر في الجريدة الرسمية، وبالتالي إذا لم تحصل الجلسة، كل القوانين التي أقرت بالأمس تبقى محفوظة لعقد جلسة أخرى، وعندما تحصل الجلسة الثانية عندها سيقفل المحضر”. وأضاف بو صعب: “وعندما يقفل المحضر تصبح القوانين سالكة بطرقها القانونية، يعني كل ما أقر بالأمس إذا لم يحصل النصاب اليوم يعتبر مجمدا”. وذهب أبعد إلى القول إن “تعطيل مجلس النواب يعني تعطيل إقرار القوانين الإصلاحية التي نعمل عليها، وبالتالي الأزمة ستتفاقم وستتطلب حلاً سياسياً”.

وسرعان ما ردّ عليه نائب رئيس حزب “القوات اللبنانية” النائب جورج عدوان الذي حضر إلى المجلس، ليعلن أن “خطوة اليوم ليست لتعطيل عمل المجلس إطلاقاً بل هي خطوة لوضع عمل المجلس في المسار الذي يجب أن يعتمده، وهو إدراج القانون المعجل المكرّر على جدول أعمال الجلسة”. ثم أعلن أن “القوانين التي أقرت بالأمس هي قوانين مقرة ونافذة، إلا إذا أردنا أن نقوم باجتهاد جديد”.

وحمّل رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الرئيس بري مباشرة مسؤولية تعطيل الجلسة التشريعية، وسأل: “كيف يجوز أن يكون 67 نائباً قد تقدّموا منذ أشهر، وليس البارحة، باقتراح قانون معجّل مكرّر لإدخال تعديلات على قانون الانتخاب النافذ تحضيراً لإجراء الاستحقاق في مواعيده، ومع ذلك تجاهل رئيس المجلس هذا الاقتراح، وضرب عرض الحائط بطلب 67 نائباً، متجاوزاً النظام الداخلي لمجلس النواب الأعراف كلها التي اعتمدت في التعاطي مع اقتراحات القوانين المعجّلة المكرّرة منذ نشأة المجلس النيابي وحتى اليوم؟”.

واعتبر أن رفض رئيس المجلس طرح اقتراح القانون المعجّل المكرّر على الهيئة العامة يشكّل خرقاً فاضحاً للنظام الداخلي وللأعراف البرلمانية المرعية منذ عقود، والأهم أنه يشكّل انتقاصاً واضحاً من مقام وكرامة 67 نائباً يشكّلون أكثرية المجلس النيابي، وقد انتخبتهم شرائح واسعة من المجتمع اللبناني. إن الحل بيد الرئيس بري وحده، عبر تحمّله مسؤولياته كرئيس للمجلس، والدعوة إلى جلسة تشريعية اليوم قبل الغد وعلى رأس جدول أعمالها اقتراح القانون المعجّل المكرّر المقدَّم من 67 نائباً، خصوصاً مع بدء تسجيل المغتربين في الخارج. وإلا فإن رئيس المجلس يكون، من دون أي مبرّر، يعمل على تعطيل الانتخابات النيابية”.

ورغم الاجواء التصعيدية، بادرت وزارتا الداخلية والبلديات والخارجية والمغتربين، إلى الإعلان في بيان مشترك “عملاً بأحكام المادة 113 من القانون رقم 44/2017 (قانون انتخاب أعضاء مجلس النواب)، وبعد التنسيق بين وزيري الداخلية والبلديات والخارجية والمغتربين والتزامًا بالمهل القانونية، تم تحديد 2 تشرين الأول تاريخ البدء بتسجيل اللبنانيين غير المقيمين على الأراضي اللبنانية للمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة، على أن تنتهي المهلة في 20 تشرين الثاني من العام 2025. وياتي هذا الإعلان ثمرة التعاون والتنسيق المستمر بين الوزارتين، حيث يعمل وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار ووزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي بشكل شبه يومي على متابعة كل التفاصيل المتعلقة بهذا الاستحقاق الوطني، من أجل تأمين أفضل الظروف الإدارية والفنية لضمان مشاركة اللبنانيين المنتشرين في هذا الاستحقاق الدستوري”.

  • صحيفة الاخبار عنونت: عون – سلام: صراع «الأمر لِمَنْ»

وكتبت ميسم رزق تحت هذا العنوان تقول: يبدو أن ثمّة من همس في أذن نواف سلام بضرورة زيارة قصر بعبدا. قد يكون أحد المحرّكين الخارجيين، أو بعض المستشارين الذين ورّطوه في «معركة الصخرة» قبل أن تنقلب نتائجها عليهم. فمن يعرف سلام عن قرب، بعيداً عن الأفكار المعلّبة والأحكام المُسبقة، يدرك أنّه لم يكن ليُقدِم على هذه الخطوة منفرداً؛ فالرجل شديد الحساسية، مفرط الشعور بالأهمية الذاتية، ويحوّل أي تفصيل سطحي إلى مشكلة شخصية.

لكن، بمعزل عن الجهة التي أقنعته بجرعة «تواضع»، لا التباس في أن الفكرة انطلقت أساساً من عقل «المتورّطين» أنفسهم، الذين أرادوا لـ«معركة الصخرة» أن تكون فتيل تفجير بين الجيش وجمهور المقاومة، قبل أن يحيد المخطّط عن سكّته، ويتحوّل إلى اشتباك بين سلام ورئيس الجمهورية جوزيف عون الذي بات في الأيام الأخيرة شخصية منبوذة على المنابر الإعلامية للفريق المعادي للمقاومة، ورقاً وشاشات، إلى حدّ المطالبة برحيله بدعوى أنّه خيّب آمال اللبنانيين برفضه زجّ الجيش في معارك الزواريب الداخلية… قبل أن يتدارك هؤلاء الأمر، ويُدركوا أنهم جميعاً ينتمون إلى سلطة وصاية واحدة، مرجعيتها النهائية أميركية – سعودية، وأنّ إظهار هذا الانقسام لا يخدم مشروعهم.

في هذا السياق، جاءت زيارة سلام إلى بعبدا. لكنّ الصورة الثنائية للرجلين لم تُخفِ عمق خلافهما الذي لا يزال حديث الساعة في الصالونات السياسية، علماً أن كلّ من له صلة بهما يدرك نظرة عون إلى سلام، حتى قبل أن يُفرض الأخير في المعادلة الداخلية، استناداً إلى آراء سابقة سمعها من مقرّبين منه عن شخصية الرجل. وبما أن عون كان قد أعدّ جدول أعماله على أساس شراكته مع الرئيس نجيب ميقاتي، لم يتردّد سلام في إظهار رغبته بالظهور كصاحب الحلّ وربط الأمور.

ومن هنا يُفهم صراع «الأمر لِمن» الذي انفجر أخيراً على خلفية معركة الروشة، وظهر أنه يتمحور حول من يمتلك الصلاحية الفعلية في إدارة دفّة البلاد.

رئيس الحكومة «حردان» ويرفض دعوة الحكومة إلى الاجتماع

بحسب معلومات «الأخبار» حمل سلام إلى قصر بعبدا عتباً كبيراً، وعُلم أنّه حتى يوم أمس كان لا يزال يرفض الدعوة إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء بسبب حرده من «كسر» كلمته وقراره في قضية الروشة. من جهته، وفيما أكّد الرئيس عون أنّ «المسّ بالجيش خط أحمر»، مشيراً إلى أنّ المشكلة كان يمكن تلافيها عبر التشاور، اعتبر سلام أنّ ما حصل «مسّ بهيبة الدولة، وكان عليّ التصرف في ضوء ذلك»، قبل أن يغادر القصر دون التوصّل إلى اتفاق مع رئيس الجمهورية لحلّ الإشكال.

هذه التطورات تستدعي متابعة دقيقة لمسار يشير إلى أزمة متمادية بين رئيسَي الجمهورية والحكومة، وأبرز مؤشّراتها: أولاً، السقف الذي وضعه عون بأنه «ممنوع على أحد الاقتراب من الجيش أو الأجهزة الأمنية»، وثانياً، تقليده قائد الجيش رودولف هيكل وسام الأرز الوطني من رتبة الوشاح الأكبر «تقديراً لعطاءاته وللمهام القيادية التي يتولّاها».

والسؤال المطروح يتعلق بالمدى الذي يُمكن أن تصل إليه هذه الأزمة النابعة من تقاطع مصالح بين «القوات اللبنانية» والرئيس سلام في لحظة اشتباك داخلي، إذ يسعى رئيس الحكومة إلى بناء زعامة سُنّية بديلة عن الحريرية السياسية، وسط اعتقاد بقدرته على تحقيق ذلك من خلال الاشتباك مع حزب الله، ما يتيح له العودة إلى رئاسة الحكومة مجدّداً، في حين يسعى قائد «القوات» سمير جعجع إلى تكريس زعامته المسيحية عبر التصادم مع الفريق الشيعي قبيل الانتخابات.

هذا التقاطع أنتج بدوره حياداً بين عون والثنائي حزب الله وحركة أمل، وتجسّد ذلك في موقف رئيس الجمهورية من نيويورك، حيث شدّد على أن «نزع السلاح لا يمكن أن يتم بالقوة»، ثم في لقائه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري.

ومن هنا، يتضح أن الغطاء والاحتضان اللذيْن يحظى بهما سلام من معراب، لا ينبعان من حرص على صلاحياته أو موقعه في السلطة التنفيذية، بل هما انعكاس طبيعي لموقف «القوات» من حزب الله ومن الرئيس عون نفسه، إذ يجد جعجع في هذه المرحلة فرصة للتصويب على العهد وعزل رئيس الجمهورية، مستخدماً سلام أداةً لذلك، بعدما اضطر سابقاً إلى انتخاب عون نزولاً عند أوامر يزيد بن فرحان.

  • صحيفة الديار عنونت: من غزة الى بيروت… خرائط اشتباك جديدة ترسم؟

سلام في بعبدا «دون تصريح»: مقاربة الرئيسين مختلفة
الخلافات السياسية تُسقط النصاب وتعطل التشريع

وكتبت تقول: وسط أجواء إقليمية متوترة، جاءت موافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإدارة قطاع غزة، لتفتح فصلاً جديداً من التحديات أمام لبنان. فالقرار الإسرائيلي، الذي يقترح ترتيبات أمنية وإدارية في غزة، مع الحفاظ على التفوق العسكري لإسرائيل، في حال تطبيقه، سيعيد رسم خريطة التحالفات والتوازنات على الحدود الشمالية مع لبنان.

من هنا، يرى المراقبون في هذه الخطوة، عامل ضغط مزدوج على كل من الحكومة اللبنانية وحزب الله، الذي سيجد نفسه مضطر إلى إعادة تقييم استراتيجيته في ظل معادلة دقيقة، بين الحفاظ على دعمه المبدئي لقضية فلسطين، وبين تجنّب الانجرار إلى مواجهة عسكرية مباشرة، حيث يمكن ان يؤدي أي خطأ تكتيكي أو تصعيد محدود على الحدود، الى خلق موجة ردود متبادلة، ما يجعل الوضع شديد الحساسية.

بين غزة وبيروت

في الوقت ذاته، تواجه الحكومة اللبنانية ضغوطاً متزايدة من المجتمع الدولي لضبط الحدود وتعزيز حضور الدولة، في ظل هشاشة الوضع الداخلي وتصاعد الانقسامات السياسية، فيما يضيف استمرار الأزمة الإنسانية لللاجئين الفلسطينيين بعدا إضافيا من التعقيد.

عليه، فان موافقة إسرائيل على خطة ترامب، التي تعزز الدور الأميركي والغربي في إدارة «ما بعد الحرب» في غزة، تعزز المخاطر على لبنان، بقدر ما تعيد ترتيب الأولويات الاستراتيجية للفاعلين المحليين والإقليميين، ما يضع بيروت تحت ضغط إضافي للتنسيق مع المجتمع الدولي وتبني إجراءات قد لا تتوافق مع مصالحها الداخلية بالكامل، حيث تقف على مفترق طرق بين إدارة أمنها الداخلي ومواجهة تحديات إقليمية تتغير بسرعة، مع بقاء السؤال الأبرز: هل سيتمكن لبنان من الحفاظ على التوازن، أم أن أي شرارة صغيرة قد تتحول إلى مواجهة واسعة على حدوده الجنوبية؟

العقوبات على ايران

غير ان هذا الحدث، لم يكن الامر الاقليمي الوحيد المؤثر، اذ جاء قرار المجتمع الدولي بإعادة فرض العقوبات على ايران، التي تشمل القيود المالية والمصرفية وحظر السلاح والطاقة، مستهدفا بالدرجة الأولى الحدّ من قدراتها الاقتصادية والعسكرية، ليشكل تحوّلاً استراتيجياً اضافيا في المنطقة، ملقيا في الوقت نفسه بظلاله على الساحات الإقليمية حيث لدى إيران نفوذ مباشر أو غير مباشر، من ابرزها الساحة اللبنانية.

الازمة النيابية

غير ان لبنان الذي ما كاد يلملم ازمة صخرة الروشة وما خلفته من انشقاق داخل السلطة التنفيذية، وجد نفسه عالقا بالامس امام ازمة دستورية خلفها انفجار لغم قانون الانتخابات، وتطيير الجلسة النيابية، وما رافق ذلك من «اجتهاد»، أعاد من خلاله رئيس المجلس الكرة إلى ملعب المقاطعين في خطوة لم تخطر في بالهم، فتح الباب أمام سجال داخل مجلس النواب المنقسم على نفسه، ما جعل مصير التشريع رهينة اتفاق سياسي متعذّر.

فبين تصريح نائب رئيس المجلس الياس بو صعب الذي اعتبر ان «كل القوانين التي أقررناها في جلسة الاثنين، ستبقى محفوظة بانتظار جلسة ثانية لإقفال المحضر»، ورد رئيس لجنة الادارة والعدل، النائب جورج عدوان بان «القوانين التي أُقرّت هي قوانين مقرّة ونافذة، إلا إذا أردنا أن نقوم باجتهاد جديد»، دخلت البلاد مدار سجال انتخابي مفتوح على كل الاحتمالات، بما فيها «تعطيل المجلس والتشريع».

مصادر دستورية

في كل الاحوال، تشير أوساط دستورية، الى أنّ «فشل انعقاد جلسة مجلس النواب بسبب فقدان النصاب، لا يعني مطلقًا تعطيل أو تجميد القوانين التي تم إقرارها في جلسة سابقة»، موضحة أنّه «حتى مع الجدل القانوني القائم حول مفاعيل التصديق على خلاصة المحضر، فإن صلاحية التصديق تنتقل وجوبًا إلى هيئة مكتب المجلس، استنادًا إلى المادة 60 من النظام الداخلي، التي تنص حرفيا على انه «إذا لم يحصل التصديق على خلاصة المحضر (…) تجتمع هيئة مكتب المجلس وفق الأصول وتصدق على المحضر»، من دون الحاجة إلى انتظار جلسة لاحقة»، داعية، إلى الإسراع في دعوة هيئة المكتب للاجتماع والتصديق على خلاصة المحضر، بما يتيح للقوانين التي جرى التصويت عليها أن تسلك مسارها الدستوري الطبيعي.

بدء التسجيل

وكان صدر امس بيان مشترك عن وزارتي الداخلية والبلديات والخارجية والمغتربين وجاء فيه: عملاً بأحكام المادة 113 من القانون رقم 44/2017 (قانون انتخاب أعضاء مجلس النواب)، وبعد التنسيق بين وزيري الداخلية والبلديات والخارجية والمغتربين والتزاماً بالمهل القانونية، تم تحديد 2 تشرين الأول تاريخ البدء بتسجيل اللبنانيين غير المقيمين على الأراضي اللبنانية للمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة، على أن تنتهي المهلة في 20 تشرين الثاني من العام 2025.

مشهد يطرح، في كل الاحوال، تساؤلات أساسية: ماذا بعد المقاطعة؟ هل سينجح الأطراف في الوصول إلى تسوية وسطية حول التعديلات؟ أم أنّ الخلاف سيؤدي إلى تعطيل كامل للمسار، وإجراء الانتخابات المقبلة وفق القانون الحالي؟ وما هي انعكاسات هذه المقاطعة على الاستقرار السياسي والاقتصادي وعلى صورة لبنان أمام المجتمع الدولي؟

لقاء عون – سلام

وسط هذا المناخ المأزوم، جاء اللقاء بين الرئيسين عون وسلام كخطوة بالغة الدلالة، فهو من جهة، أتى في توقيت حساس لامتصاص ارتدادات الحادثة، ومن جهة ثانية، عكس حاجة المؤسستين، التنفيذية والعسكرية، إلى تأكيد وحدة الموقف في مواجهة التحديات، فالجيش هو الضامن الأول للأمن، فيما الحكومة هي المرجعية السياسية والدستورية، وأي تصدّع في العلاقة بينهما قد يفسر كإشارة ضعف أو تفكك داخلي، على ما تقول مصادر مواكبة للاتصالات الجارية.

وإلى جانب هذا البعد المباشر، اكتسب اللقاء بعدًا استراتيجيًا إضافيًا، إذ جمع شخصيتين لطالما ارتبط اسماهما بحسابات الاستحقاقات الكبرى في لبنان، على مستوى التوازنات السياسية المقبلة، من هنا، تحوّل اجتماع بعبدا من مجرد إجراء بروتوكولي إلى حدث سياسي مفتوح على تفسيرات وتأويلات تتصل بمستقبل العلاقة بين الرجلين، وبكيفية إدارة المرحلة المقبلة في ظل انسداد الأفق السياسي والاقتصادي الذي يرزح تحته لبنان.

اجواء الاجتماع

ففيما يبقى الملف الاسرائيلي متفجرا لبنانيا وسط مخاوف من احتمالات زيادة منسوب التصعيد العسكري، استمرت امس عملية «تبريد» الاجواء، وترميم العلاقات بين أهل الحكم في الداخل دون المستوى الكفيل بعودتها الى ما كانت عليه قبل واقعة «صخرة الروشة» وما اعقبها من مواقف، على خط بعبدا – السراي، بعد نجاح مساعي رئيس المجلس النيابي، في احداث خرق وانقاذ البلاد من ازمة سياسية وحكومية، قادت رئيس الحكومة الى زيارة القصر الجمهوري، وسط التساؤلات عن موعد الاجتماع المقبل للحكومة.

لقاء رئاسي، وصفته مصادر متابعة، بانه كان عبارة عن «جلسة مكاشفة ومصارحة» على خلفية «فعالية الروشة» وتداعياتها، حيث عرض كل من الرئيسين وجهة نظره، مصرا عليها، لجهة تصرف الجيش والاجهزة الامنية، وما رافق الاحداث من تطاول على رئاسة الحكومة، ومس بهيبة الدولة، مشيرة الى ان عون اطلع سلام على نتائج زيارته إلى نيويورك، وانعكاسها على الوضع في لبنان، لا سيما من الناحية العسكرية، إن من حيث دعم الجيش اللبناني أو تطبيق وقف إطلاق النار، على خلفية اللقاء الذي جمعه بوزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، في حضور الموفدين الأميركيين توماس برّاك ومورغان أورتاغوس، ورسائل الدعم الأميركية التي أفضى إليها الاجتماع.

كما تطرّق اللقاء، وفقا للمصادر، إلى ما جرى في ساحة النجمة، وكيف يمكن أن يؤثر ذلك في الاستحقاق الانتخابي المقبل، وسط تشدد من الطرفين على ضرورة إجراء الانتخابات النيابية في مواعيدها، خاتمة، بان «الاجتماع انتهى الى اتفاق على استمرار التنسيق والتعاون، تحديدا في ما يخص العمل الحكومي، ملمحة الى ان ترسبات ما حصل بقيت مسيطرة على جو العلاقة بين الرئاستين».

وختمت المصادر، بانه بعد لقاء بعبدا، يمكن القول إن العلاقة بين عون وسلام دخلت مرحلة اختبار حقيقي، فإما أن تتحول إلى شِرْكة عملية تعزز الاستقرار وتفتح الباب أمام تفاهمات سياسية أبعد، وإما أن تبقى في إطار بروتوكولي ظرفي لا يُغيّر في طبيعة الأزمات البنيوية التي يعيشها لبنان، الا ان المؤكد أنّ اللقاء وضع الرجلين في موقع محوري، وأرسى معادلة جديدة تجعل أي تطور أمني أو سياسي مقبل، مرهوناً بدرجة التنسيق بينهما.

رسالة قطرية

وفي توقيت لافت، تسلّم الرئيس عون من السفير القطري في لبنان الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، رسالةً من أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أكد فيها تقديره للدور الوطني الذي يضطلع به الجيش اللبناني في حفظ الأمن والاستقرار، مؤكدا دعم المؤسسات الوطنية اللبنانية، وفي طليعتها الجيش والمهام التي يقوم بها، لا سيما تلك التي تساهم في تنفيذ القرار 1701، الذي يشكل أساساً لحفظ الاستقرار في لبنان والمنطقة.

الى السعودية

على خط مواز، يشارك وزير الدفاع ميشال منسى ومدير المخابرات العميد طوني قهوجي، في «المنتدى الدولي للامن السيبراني 2015» في الرياض، حيث اشارت المعلومات الى ان هدف الزيارة يكمن حصرا في حضور فعاليات المؤتمر، اذ لا يتضمن جدول اعمالهما اي لقاءات سياسية وامنية، كاشفة ان السفير الفرنسي في بيروت، كان اكد على هامش مناسبة اجتماعية في قصر الصنوبر، نهاية الاسبوع، ردا على سؤال حول مؤتمر دعم الجيش الذي يفترض ان تستضيفه الرياض، كما سرب، بالقول: «لا استطيع تحديد موعد او مكان المؤتمر، الا ان الاتصالات مع السعودية حققت تقدما ملموسا»، ملمحا، الى ان تاخير الحسم مرتبط على ما يبدو بتقرير الجيش المتوقع عرضه على الحكومة، وبمدى «الجدية» التي سيتصف بها.

هيكل في بعلبك

وكان تفقد، امس، قائد الجيش العماد رودولف هيكل، قيادة لواء المشاة السادس في ثكنة محمد مكي – بعلبك، حيث اطلع على الأوضاع العملانية في قطاع مسؤولية اللواء، واستمع إلى إيجاز عن المهمات والصعوبات التي يواجهها، مثنيا على «جهود عناصره». كما زار عددا من المراكز، والتقى الضباط والعسكريين، مشيدا بـ «أدائهم لملاحقة المطلوبين والمخلين بالأمن، ومكافحة العصابات الإجرامية على أنواعها، خصوصا التي تعمل على الاتّجار بالمخدرات وترويجها».

واعتبر هيكل أن «نجاح الجيش في مهماته يعود إلى تحليه بالحكمة والاحتراف، وولائه الثابت للبنان، وثقة اللبنانيين به»، لافتا إلى أن «المتورطين في الجريمة لا يمثلون إلا أنفسهم، وأن أفعالهم مرفوضة تماما من قبل جميع اللبنانيين»، مضيفا، «أمن الوطن أمانة في أعناقنا، وقيادة الجيش ملتزمة قدسية مهمتها، وحريصة على المصلحة الوطنية وأمن جميع اللبنانيين، والجيش مستمر في تحمل مسؤولياته، في ظل المرحلة الاستثنائية الراهنة، وسط ما تمر به البلاد من ظروف، لا سيما الاعتداءات المستمرة من جانب العدو الإسرائيلي، والتحديات الأمنية الكبيرة».

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى