سياسةمحليات لبنانية
قالت الصحف: مساعي ولادة الحكومة مكبّلة.. وجهود للتخفيف من حدة الأزمات الحياتية
الحوارنيوز – خاص
المساعي التي يبذلها الرئيس نبيه بري ووسطاء آخرون مستمرة، وإن كبلتها جزئيا سياسة العناد والشروط المتبادلة بين الرئيس ميشال عون وفريقه السياسي وبين الرئيس المكلف سعد الحريري.
وبموازاة ذلك يبذل العهد جهودا للتخفيف من حدة الازمات الحياتية من خلال إجراءات غير دستورية، كالموافقة الاستثنائية على سلفة لكهرباء لبنان من دون قانون سندا للقاعدة التي تقول:” الضرورات تبيح المحظورات”.
كيف عكست افتتاحيات الصحف آخر التطورات؟
-
صحيفة “النهار” عنونت:” تمويل قسري للكهرباء وولادة الكابيتال كونترول” وكتبت تقول:” إذا كانت الانفراجة الحاصلة في إعادة توفير تمويل حاجات الفيول لكهرباء لبنان شكلت امس عنواناً إيجابياً وسط الواقع المأزوم على مختلف المستويات المالية والخدماتية والإجتماعية، كما شكل الانجاز المتأخر جداً للنسخة الأولى لمشروع قانون “الكابيتال كونترول” مؤشراً إيجابياً آخر ولو ان رحلته لم تبلغ بعد محطتها التشريعية الأخيرة في مجلس النواب، فان ذلك لم يخفف وطأة الاختناقات الأخرى المتصلة بتفاقم الازمات الخدماتية والمالية الأخرى، ولا حجب بطبيعة الحال الدوران الفارغ في حلقة الانسداد الحكومي ولو بقيت بعض الرهانات عالقة على مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري.
ذلك انه فيما غابت كل معالم التحركات السياسية التي يمكن ان يعتد بها عن المشهد الحكومي مع مطلع الأسبوع، برزت في مواقف أفضى بها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لـ “النهار” عشية مغادرته بيروت في زيارة لموسكو معالم التشاؤم الواضحة حيال مجمل الأوضاع الداخلية. اذ لا يكف جنبلاط عن طرح الاسئلة عن السر الذي يمنع تأليف الحكومة طوال الاشهر الاخيرة في خضم كل هذا السيل الجارف من التحديات. ويسأل ”لماذا تضييع كل هذا الوقت وتكبد كل هذه الخسائر”. ويؤكد ان كل المطلوب هو تأليف حكومة مهمة مؤلفة من مجموعة من الاختصاصيين بحسب ما وضع اسسها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون. ويقول انه “في حال تشكلت الحكومة لا بد من توحيد أرقام العجز امام صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للحصول على قروض وعقد مؤتمرات من اجل لبنان فلن يحصل على أكثر من مليار ونصف مليار دولار وسط كل هذه الحاجة”. ولا يرى فائدة من التوجه الى تقديم استقالات من المجلس النيابي والتوجه الى انتخابات نيابية مبكرة. ولا يلتقي هنا مع دعوة ”القوات اللبنانية” للسير في هذه الخطوة. ويستغرب في الوقت نفسه تلويح العونيين وكتلة “المستقبل” بهذه الاستقالة.
اما رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل الذي تحدث الى “النهار” عبر برنامج “لحظات” فقال عن مسالة الحكومة والتعطيل انه “لا يهرب من مسؤوليته لو كان لا يوافق على سعد الحريري، واذا كان الرئيس المكلف لا يريد ان يؤلف حكومة فلا يمكننا ان نفعل شيئا”، وأشار الى ان “تفكيره وفريقه الان هو كيف يجب الضغط لكي يؤلف الرئيس المكلف الحكومة ونحن لا نريد ان نشارك في الحكومة لكن نحن لا نهرب من مسؤوليتنا مثلما فعل الاخرون لأن اسهل شيء الاستقالة والمعارضة وكسب الشعبية مثلما فعلت القوات ومثلما فعل النواب الذين استقالوا من المجلس”. ورأى باسيل أنّ “اتّفاق مار مخايل نجح في منع الفتنة وفشل في بناء الدولة”، مشيراً إلى أنّه “ليس طبيعياً وجود سلاح غير سلاح الجيش اللبناني”، باعتبار أنّ “هذا الوضع استثنائي ولا يجب أن يستمرّ”.
-
صحيفة “الجمهورية” عنونت:” مبادرة بري تواجه بلعبة تضييع الوقت.. البنك الدولي: الفوا الحكومة نساعدكم فورا” وكتبت تقول:” بات من المسلّم به لدى الجميع في الداخل والخارج، أنّ أفق لعبة المصارعة السياسية والشخصيّة المحتدمة على حلبة التأليف مسدود بالكامل، وانّ كل الاسلحة السياسية والاتهامات والتهجّمات والإهانات الشخصية التي استخدمها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري ومن خلفهما “التيار الوطني الحر” و”تيار المستقبل”، في هذه اللعبة، لم تؤدِّ إلّا الى تهشيم صورتهما وهيبتهما، كما لم تمكّن، وبالتأكيد لن تمكّن، أياً منهما من أن يلوي ذراع الآخر، أو يخضعه لمشيئته ويرغمه على القبول بشروطه ومعاييره في تشكيل الحكومة.
استنفد الرئيسان الشريكان في تأليف الحكومة كلّ أسلحتهما في معركة محسومة النتائج سلفاً؛ خاسرة لكليهما، ولن تغيّر في واقع التأليف شيئاً، بل على العكس زادت من الاهتراء الداخلي، ودفعت الى مزيد من التشويه للحياة السياسية في لبنان. هذه الصورة المشوّهة باتت جلية امام الجميع، وباتت توجب بالحدّ الادنى ان يعترف الرئيسان بهذه الحقيقة، ولا يغطيانها بالإمعان في سياسة الهروب الى الامام وتقاذف مسؤولية تعطيل تأليف الحكومة، بل يتبعان هذا الاعتراف باعتماد الواقعية والتوجّه معاً ومن دون أي ابطاء، الى التفاهم على حكومة تنصرف الى وضع البلد على سكة الإنقاذ والانفراج.
المبادرة قائمة .. ولكن
وربطاً بانسداد افق صراع الرئيسين، جاءت مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري لتحدّد المسار الذي ينبغي سلوكه في اتجاه التفاهم بين عون والحريري، والشرط الاساس لهذا التفاهم، هو اقتناع الرئيسين بأنْ لا رابح بينهما من استمرار هذه اللعبة، بل ثمة خاسر وحيد هو البلد. وعلى قاعدة “كثر الدقّ يفك اللحام، وانّ الجهد المتواصل كفيل ببلورة حلول ومخارج وتذليل أيّ عقبات”، تكمّل مبادرة بري في الاتجاه الذي رسمه رئيس المجلس، وهو يعتبر أنّ فرصة بلوغ تفاهم بين عون والحريري لم تفت بعد، وليس امام الجميع سبيل سوى التفاهم.
على أنّ الصورة في مقابل الزخم الإضافي الذي أضفاه رئيس المجلس على مبادرته، ودفع الاتصالات التي يجريها بوتيرة سريعة والتي تكثفت في الساعات الاخيرة على خط عين التينة – بيت الوسط، وعلى خط الثنائي الشيعي والقصر الجمهوري ورئيس “التيار الوطني” جبران باسيل، لا تشي حتى الآن بتبدّل في مواقف الرئيسين عون والحريري، حيث لم يقدّم أي منهما ما يمكن اعتبارها استجابة جديّة لمبادرة رئيس المجلس، تترجم الرغبات التي يبديانها في المجالس المغلقة بالتفاعل الإيجابي معها.
تضييع وقت
الواضح، بحسب معلومات موثوقة لـ”الجمهورية”، انّ حركة الاتصالات ما زالت تدور في حلقة مفرغة، وعالقة عند الشروط ذاتها التي تعدم امكانية التفاهم. وعلى نحو يؤكّد وجود رغبة خفيّة في سدّ كل الابواب المؤدية الى انفراج، وبالتالي إبقاء الوضع الحكومي على ما هو عليه من توتر وتعطيل.
وفي هذا السياق، قالت مصادر مطلعة على أجواء الإتصالات الجارية لـ”الجمهورية”: “كل الطرق المؤدية الى صياغة تفاهم بين عون والحريري ما زالت مقفلة بالكامل، ويبدو ان لا نيّة لدى اي منهما في فتحها، والواضح امامنا الفرصة التي اتاحتها مبادرة الرئيس بري، تواجَه بلعبة تضييع وقت متعمّدة من قِبل الشريكين في تأليف الحكومة، في الوقت القاتل الذي لم يعد فيه البلد يملك ترف تضييع الوقت. وتبعاً لذلك، لسنا واثقين من إمكان إحداث ثغر في “الجدار العدائي” الفاصل بينهما، لا الآن ولا في أي وقت لاحق، إلّا اذا حصل طارئ ما يضغط على عون والحريري ويرغمهما على التفاهم مكرَهين”.
-
صحيفة “نداء الوطن” عنونت:” باسيل يستبق اطلالة نصرالله برسائل تحت الزنار” وكتبت تقول: لعلها مصادفة بالغة الدلالة في عمق معانيها، أن تقرّ لجنة المال والموازنة اقتراح قانون ”كابيتال كونترول”، بالتزامن مع توقيع رئيسي الجمهورية والحكومة على تمويل شراء الفيول من الاحتياطي الإلزامي في مصرف لبنان… فبين إقرار قانون يحاكي الحرص على أموال المودعين، وبين الاستمرار في سياسة “صرف السلف” من جيوب المودعين، مشهدية توثّق بالمشهود حجم الانفصام والازدواجية في أداء السلطة الحاكمة والمتحكمة بمصير و”مصاري” الناس حتى آخر سنت من حساباتهم المنهوبة.
باختصار، ما أقرته اللجنة النيابية أمس هو أشبه بـ”قانون تأميم للودائع” أكثر منه قانوناً لحمايتها، كما وصفته مصادر قانونية، مستغربةً أن ينبري مجلس النواب لمهمة تشريع فرض ”الكابيتال كونترول” بقوة الأمر الواقع على الودائع في المصارف اللبنانية، بدل أن يلعب دوره الأساس في حماية أموال الشعب الذي تنبثق منه سلطة المجلس، والعمل تالياً على ملاحقة المصارف ومصرف لبنان الناظم لعمل القطاع المصرفي، تحت طائل تطبيق قانون النقد والتسليف الكفيل بحفظ حقوق المودعين وتجريم كل من استولى عليها، لافتةً الانتباه في الوقت عينه إلى أنّ أي قانون “كابيتال كونترول” لن يكون ذا جدوى ما لم يكن مقروناً بإصلاحات جذرية واتفاق مسبق على برنامج عمل مع صندوق النقد الدولي.
أضافت “نداء الوطن”:”غير أنّ رئيس لجنة الرقابة على المصارف السابق سمير حمود استغرب وضع قيود على الرساميل “من دون تحديدها أولاً، وحماية أموال المودعين”، وقال لـ”نداء الوطن”: “اذا اعتبروا أن المال الموجود حالياً في جعبة مصرف لبنان ولدى المصارف في الخارج هو مصدر التحاويل وتمويل السحوبات بالعملة الأجنبية، فيجب توزيع هذه المبالغ على مجموع الودائع وإنشاء “كابيتال” لكل حساب يكون هو القابل لوضع “الكونترول” عليه، على ألّا يستعمل هذا “الكابيتال” الناشئ إلا وفقاً للقانون ومتطلبات واستثناءات القانون وبنوده”. ومن وجهة نظر حمود “لا تحدث العدالة في التوزيع إلا من خلال تحرير 15 في المئة من حساب كل وديعة وإخضاع المبلغ الذي ينتج عنها لـ”الكونترول”، وإلا فإنّ القانون سيكون بمثابة وضع اليد على هذه الودائع وحرمان المودعين من حفظ حقوقهم بما تبقى من رساميل”.
أما نقطة الضعف في القانون بحسب الخبير المصرفي ميشال قزح فهي عدم لحظه قيوداً على التحويلات الخارجية بالعملة الاجنبية كما فعلت اليونان على سبيل المثال، لا سيما وأنه في ظل توقع انفلاش هائل بالكتلة النقدية بالليرة اللبنانية قد يصل إلى 26 ألف مليار ليرة ستتحول مبالغ كثيرة إلى الدولار وستخرج من لبنان، وهذا سينعكس بطبيعة الحال نقصاً في الدولار وارتفاعاً بسعر الصرف، محذراً من أنّ اعتماد إجراءات مطلوبة من صندوق النقد على ”الطريقة اللبنانية” تحرم لبنان من مساعدات الصندوق والمعونات المالية الدولية بخلاف ما سيكون عليه الوضع فيما لو التزمت الدولة اللبنانية الإصلاحات وفق برنامج منظّم مع صندوق النقد.
أما حكومياً، فتتجه الأنظار اليوم إلى إطلالة الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله لتلمّس رسائله في أكثر من اتجاه لا سيما باتجاه “التيار الوطني الحر” بعد وضع رئيسه جبران باسيل العصيّ في دواليب مبادرة “عين التينة”. لكن وعشية كلمة نصرالله، استرعت الانتباه ”رسائل نارية” استباقية من باسيل، سددت ضربات “تحت الزنار” لـ”حزب الله” من خلال إضاءتها على عدم جواز بقاء سلاحه خارجاً عن المؤسسات الشرعية، وذلك بالتزامن مع تصويب القيادي في “التيار الوطني الحر” ناجي حايك على الحزب واصفاً إياه بأنه “شيطان أخرس” يقف إلى جانب رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس المكلف سعد الحريري على حساب تحالفه مع “التيار الوطني”.