قالت الصحف: مخاوف من الفلتان المتعمّد بحجة الثأر
الحوارنيوز – خاص
عكست صحف اليوم مخاوف اللبنانيين من الفلتان المتعمد في بعض المناطق بحجة الثأر لمقتل باسكال سليمان، وأبرزت في افتتاحياتها الدعوات للتهدئة ووقف الممارسات الدموية بحق الأبرياء من النازحين، ووقف خطاب الكراهية بحق النازحين وأطراف لبنانية المؤسس لفتنة داخلية تعيدنا الى مناخات الحرب الأهلية البغيضة!
ماذا في التفاصيل؟
- صحيفة النهار عنونت: دعوات اليوم إلى التهدئة… وملف النازحين لن يُقفَل مجدداً
وكتبت تقول: من المتوقّع، وفق مصادر سياسية متابعة، أن تتميّز كلمة البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي اليوم في تشييع منسق منطقة جبيل في “القوات اللبنانية” المغدور باسكال سليمان، بالدعوة إلى تحكيم العقل وتبريد العواطف وردّات الفعل، وعدم الانجرار إلى الفتنة التي يعمل لها البعض، وفق ما أشارت إليه “النهار” قبل يومين. بدوره التقط رئيس حزب”القوات اللبنانية” سمير جعجع الإشارات التي وصلته في اليومين الماضيين من فريق الممانعة الذي يريد تبديل وجهة اهتمامات الرأي العام الداخلي والخارجي، وحشر “القوات” في زوايا الفوضى والفتنة وردات الفعل؛ فمن المتوقع أن يدعو إلى تفعيل مؤسسات الدولة، ويؤكّد ثوابت حزبه من موضوع السلاح، مسلّماً للقضاء والأجهزة الأمنية بدورها، من دون أن يؤثر على عزيمة مناصريه، بتأكيده مجدّداً استمرار المقاومة والتصدي لمنطق الدويلة من دون الوقوع في فخ ربما ينصب له ولحزبه.
واذا كانت المعطيات المتوافرة حتى الساعة تشير إلى حصر أسباب الجريمة بفعل السرقة، فإنّ الحادث يعيد فتح ملف النازحين السوريين، ويعطي دفعاً جديداً لمعالجته في ظلّ تفاقم خطره على لبنان.
وكان وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين فجّر قنبلة كلامية قبل يومين، إذ قال إنّ “الأمن في لبنان غير ممسوك، وهناك 20 ألف مسلّح داخل المخيمات “بينطلبوا” عند ساعة الصفر”.
وقد رفع منسوب الخوف من ازدياد ردود الفعل التي حصلت على الأرض إثر العثور على جثة باسكال سليمان في سوريا ومقتله على يد عصابة سرقة سورية.
وإذا كان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي قدم التعازي أمس بسليمان، تحدث عن حلّ لملف النزوح سيكشف عنه في آخر نيسان الجاري، ربما يكون ولد من محادثاته مع الرئيس القبرصي بعدما اتّفقا على أن يثير الثاني الملف أمام الاتحاد الأوروبي لاتخاذ إجراءات جديدة تسهّل العودة، وحذّر من أنّ هناك أيادٍ خبيثة تعمل على نشر الفتنة، كشف الوزير شرف الدين أمس عن “خطة لإعادة النازحين السوريين بانتظار وضع الآلية لها”، مشيراً إلى أنّ “القافلة ستنطلق باتجاه سوريا بعد عيد الفطر”.
وأكّد شرف الدين، مسؤولياته تجاه هذا الوطن، والعمل على إعادة مليون و500 ألف نازح سوري إلى بلادهم، غير آبه لقرارات الاتحاد الأوروبي أو للمفوضية ولا للدول المانحة أو أميركا”، معتبراً أنّ “ضميره يملي عليه فعل هذا”.
ودعا عبر “صوت لبنان” الدولة اللبنانية والمعارضة السورية إلى “التواصل مع الدولة السورية المعنية بهذا الملف، للتوصل إلى اتفاق حول آلية عودة النازحين إلى مناطق آمنة”. ولفت إلى ضرورة “العمل على تشيكل لوبي بالتنسيق مع الدول المضيفة للنازحين كتركيا والأردن للضغط باتجاه إيجاد حلّ مناسب لهذا الملف”.
وأشار إلى أنّ “المؤتمر الخاص بالنازحين السوريين الشهر المقبل سيتضمّن مطالب لبنان التي لن تقتصر على المساعدات المالية بل بالمطالبة بعودة النازحين، لما يمثلونه من خطر على الكيان اللبناني”. وحذّر من “خطورة العصابات المنظّمة، ومن نحو عشرين ألف مقاتل، بانتظار تنفيذ القرار الأميركي المتضمن أعمال قتالية وعنفيّة”، مشيراً إلى “الأسلحة المخبأة تحت مخيمات النازحين”.
في المقابل أكّد وزير الداخلية بسام مولوي أننا “لا نحرض على اللاجئين السوريين ولكن ندعو لتطبيق القانون على كلّ المقيمين على الأراضي اللبنانية”. وأشار إلى أنّ “لبنان ملتزم حقوق الإنسان ونحمي كل من هو على الأراضي اللبنانية بطريقة شرعية”. وأضاف: “لبنان ليس بلداً يتحمل اللجوء وهناك مناطق في سوريا أصبحت آمنة”. ودعا الجميع إلى التهدئة وعدم التعدي على الغير.
كلام مولوي جاء ردّاً على تصاعد الأعمال العنفية التي طاولت سوريين في غير منطقة، وإذا كانت هذه التعديات فردية الطابع، فإنّ “طابوراً خامساً” عمل على إشعال نيران الفتنة عبر بيانات مشبوهة وزّعت باسم شباب القرى والمدن والأحياء تدعو إلى ترحيل السوريين والاعتداء عليهم، من دون أن تجد أيّ جهة تتبناها.
- صحيفة الأنباء عنونت: من نيسان 1975 إلى 2024.. لغة العقل والتمسك بالدولة تمنع حرباً جديدة
وكتبت تقول: غدًا يكون قد مرّ على حادثة ١٣ نيسان المشؤومة 49 سنة. ذكرى حرب قيل إنها أهلية ليتفرع عنها حروب، فيما الأحداث والأيام على عتبة الذكرى الأليمة تستحضرها بكل ما فيها من فوضى وفتنة تلوح في أفق البلاد المثقل بالمخاطر.
وبين محاولات مكشوفة لإثارة القلاقل والفتن كما حدث بالأمس في بيصور وقبلها في جديتا ومثلها الكثير من المحاولات في غير منطقة، وعبر إشاعات أو بيانات مجهولة يسعى مروجوها لضرب السلم الأهلي خدمة لأهداف الآخرين، وبين عدوان إسرائيلي مستمر على لبنان، تبدو كل هذه المجريات أشبه بما حصل عشية ١٣ نيسان ١٩٧٥، لكن العبرة تبقى لمن اعتبر، وتبصّر في التجارب، ومارس أعلى درجات الوعي والتضامن والتكاتف لمنع أي إخلال بالأمن وبالسلم الأهلي.
وفي الوقت الذي تشيع فيه اليوم القوات اللبنانية باسكال سليمان الى مثواه الأخير بعد القداس الذي سيقام لراحة نفسه في كنيسة مار جرجس جبيل، ما زال التضارب في المعلومات حول الجريمة مصدر قلق لعائلته وأصدقائه ولحزب القوات الذي يصر على اعتبار الجريمة “سياسية حتى يثبت التحقيق العكس”.
مصادر متابعة تخوفت عبر “الأنباء” الإلكترونية من التفلت الأمني ولجوء المتربصين بالبلد شرًا الى استخدام ملف النازحين السوريين لتنفيذ مخططاتهم المشبوهة لتعكير الأمن في البلد وانتشار الفوضى.
المصادر رأت أن “الشغور في رئاسة الجمهورية وعدم توافق الكتل النيابية على الانتخاب، والحرب في الجنوب، وتخبط المؤسسات، كلها من الأسباب التي اوصلت البلد الى هذه الفوضى”.
من جهته، اعتبر النائب بلال الحشيمي في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية أن “غياب الدولة بشكل كلي هو وراء كل ما يحصل من فوضى ومشاكل متنقلة، لأن كل فريق “فاتح على حسابه””، واصفاً المشهد بـ”فيلم أميركي طويل”.
الحشيمي الذي دان جريمة اغتيال باسكال سليمان، استغرب “تضارب المعلومات حول الجريمة ومحاولة إلصاقها بالسوريين وتشريع الاعتداء عليهم بذنب أو بدون ذنب”، وقال: “كل يوم يطالعنا البعض بأخبار لا يصدقها العقل”، وسأل: “من المسؤول عن إطلاق هذه الأخبار؟”.
الحشيمي اعتبر أن “المعارضة وحدها هي مع قيام الدولة واستعادة هيبتها وبسط سيادتها على الأراضي اللبنانية ومنع السلاح المتفلت، أما القوى الأخرى فقد اعتادت على العيش مع الفوضى، وهذا واضح من بيناتهم ومواقفهم. وبتنا نعيش في بلد تحكمه شريعة الغاب”.
وفي ظل كل ذلك وما يشهده البلد، سوف تتجه الانظار اليوم الى المواقف التي ستصدر في تشييع باسكال سليمان، وتبقى الأهمية القصوى بمكان في تغليب لغة العقل وخيار التمسك بالدولة ومؤسساتها هي الأساس لتفويت الفرصة على من يريدها حرباً جديدة.
الشرق الأوسط عنونت :تفكّك الدولة يعزز استباحة «الموساد» للساحة اللبنانية
تحقيقات محلية باغتيال «صرّاف» متهم بتحويل الأموال لـ«حماس»
تحت هذا العنوان كتب يوسف دياب في الشرق الأوسط يقول:
يبدو أن ترهل مؤسسات الدولة فتح أكثر من ثغرة سمحت لجهاز الموساد الإسرائيلي باستباحته للساحة اللبنانية، مستفيداً من تراجع قدرة الأجهزة الأمنية على مواجهته، خصوصاً أن هذه المؤسسات تدفع الثمن الأغلى لفاتورة الانهيار الاقتصادي والمالي.
وبدا لافتاً تمكّن الموساد في السنتين الأخيرتين من اختراق البيئة المحسوبة على «حزب الله»، ما سهّل عليه تنفيذ عمليات اغتيال عشرات القادة الميدانيين والكوادر منذ اشتعال الجبهة الجنوبية في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عندما قرر الحزب تحويلها إلى جبهة «مساندة» لغزة، وكان أبرزها اغتيال القيادي البارز في حركة «حماس» صالح العاروري في عمق الضاحية الجنوبية لبيروت.
وأخيراً، طرحت الجريمة الغامضة التي أودت بحياة الصرّاف محمد سرور داخل فيلا في منطقة بيت مري (المتن الشمالي) فرضيّة تصفيته على يد المخابرات الإسرائيلية، وهو ما أشارت إليه الصحافة الإسرائيلية أيضاً، ويتقاطع مع ترجيحات مصادر قضائية لبنانية لهذه الفرضية، بالنظر لـ«المعلومات التي تتحدث عن دوره في نقل الأموال من إيران إلى (حزب الله) وحركة (حماس) في لبنان، ولكونه مدرجاً على قائمة العقوبات الأميركية».
وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن التحقيقات القضائية والأمنية «تضع فرضيات متعددة»، لافتة إلى أن «البحث عن أدلة تبيّن ما إذا كانت جهات خارجية تقف وراء الجريمة التي نفّذت بتخطيط واحتراف عاليين»، مشيرة إلى «تركيز الأجهزة على (داتا) الاتصالات، سواء التي تلقاها الضحية على هاتفه الخاص، أو حركة الاتصالات التي جرت في الموقع الجغرافي للمكان الذي عثر فيه على جثته».
تفكك الدولة
ويعزو كثيرون تنامي هذه الاختراقات إلى تفكّك الدولة وإضعاف مناعتها، ويعدّ الوزير السابق رشيد درباس أن جريمة بيت مري «حصلت بتوقيع من الموساد، وأن أي جريمة تقع في لبنان هي جريمة سياسية ونتاج طبيعي لتداعي الدولة وانهيار بنيتها».
ويؤكد درباس لـ«الشرق الأوسط» أنه «عندما يتفسّخ المنزل وتزيد تشققاته، لا يمكننا أن نستغرب كيف تعصف به الريح». ويقول: «لا يمكن لأي حزب أو كيان أو ميليشيات أن تحلّ مكان الدولة مهما قويت شوكتها»، معدّاً أن «تفكك الدولة سببه ازدواجية السلطة وسيطرة (حزب الله) عليها»، مضيفاً: «عندما حكم الفلسطينيون لبنان، تفككت الدولة وانهارت، واليوم مع تحكّم (حزب الله) بها نشهد على تمزيق شبكة الأمان المتمثلة بالوحدة الداخلية واتفاق الطائف والحماية العربية والدولية للبنان».
واللافت أن شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي تمكنت في السنتين الأخيرتين، من القبض على ما يقارب 20 عميلاً إسرائيلياً بينهم من ينضوي في صفوف «حزب الله»، وبعضهم مسؤولون سابقون وأبناء مسؤولين حاليين وسابقين، وكشفت المعلومات أن جهاز الموساد «كان يغري هؤلاء بالأموال ويتواصل معهم عبر شبكة اتصالات غير مراقبة، ويعقد اجتماعات معهم في دول مثل تركيا واليونان وقبرص وأفريقيا، ويكلّفهم بالمهمات الأمنية المطلوبة منهم».
هذا الاختراق له مبرراته، بحسب الوزير درباس وهو نقيب المحامين الأسبق في طرابلس، ويرى أن لبنان «تحوّل إلى ساحة مستباحة، والمؤسف أن الحزب وبدل أن يشكّل مصدر قلق لإسرائيل، بات حملاً ثقيلاً على الدولة، بدليل أن رئيس الحكومة (نجيب ميقاتي) أعلن مؤخراً أن قرار الحرب والسلم لم يعد بيد الدولة، وهذا يعني تلاشي النظام».
حرب أمنية
بعد انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان صيف عام 2000، تحوّل الصراع معها إلى حربٍ أمنية وبدأت مطاردة شبكات العملاء. ويشير رئيس المحكمة العسكرية السابق العميد خليل إبراهيم، الذي سبق له وحاكم المئات من هؤلاء العملاء، إلى أن «النشاط الأمني للموساد في لبنان لم يتوقّف أبداً، لكن انحساره لفترة كان بسبب يقظة الأجهزة الأمنية وقدرتها على تفكيك عشرات الشبكات». ويوضح أن إسرائيل «لديها شبكات تجسس تنشط في بلدٍ مفتوح أمنياً، ومشرّعة أبوابه إلى حدّ كبير، خصوصاً بعد الأزمة الاقتصادية وانعكاساتها السلبية جداً على المؤسسات العسكرية والأمنية وقدرتها الفنية والعملانية والاستخباراتية».
ويؤكد إبراهيم لـ«الشرق الأوسط» أن «العدو الإسرائيلي عزّر قدراته التجسسية، فبات يملك قاعدة معلومات متطوّرة ومتقدمة جداً في استخدام واستثمار الذكاء الاصطناعي إلى الحدّ الأقصى، بالإضافة إلى استثماره في قطاع الاتصالات ووسائل التواصل الاجتماعي والبصمات الصوتية وتحديد المواقع والأشخاص بدقّة عالية»، معدّاً أن ذلك كلّه «ترافق مع ضعف لبناني في الوحدة الوطنية وانقسام عمودي وأفقي غير مسبوق».
تجنيد مقابل بدل مالي
وتعاني الأجهزة الأمنية أوضاعاً صعبة، ما انعكس سلباً على أدائها في مكافحة الجريمة وتعقّب عملاء إسرائيل، حيث تمكّنت إسرائيل من تجنيدهم لقاء مبالغ مالية. ويقول العميد إبراهيم: «لا شكّ أن انهيار الوضع الاقتصادي سهّل على إسرائيل تجنيد العملاء بإغراءات مالية، كما أن الموساد استخدم برامج إلكترونية معقدة وغير معروفة حتى تاريخه، مما يصعّب على الدولة اللبنانية عمليتي المراقبة والاختراق».
وعن إمكانية وقوف إسرائيل خلف جريمة قتل الصرّاف محمد سرور، رأى العميد إبراهيم، أنه «من المبكر الحكم على هذه الحادثة، قبل إجراء تحقيق جدّي، وتوفّر معلومات قاطعة عن هوية منفذيها وأسبابها».