قالت الصحف: مخارج على وقع الغضب والعصيان
الحوارنوز – خاص
هل تنتهي مهلة ال48 ساعة التي منحتها الأكثرية النيابية للرئيس المكلف حسان دياب الى حكومة يرضى عنها الحراك لشعبي الذي أعطى بدوره مهلة مماثلة للرئيس المكلف؟
إذا سارت الأمور بصورة إيجابية وتألفت الحكومة فإن ذلك لا يعني حل المعضلات الاقتصادية والمالية والمصرفية، فلا يبدو أن هذه السلطة مقتنعة بعد بوجوب تغيير السياسات، ما يعني أن الأزمة مستمرة…
صحيفة "النهار" عنونت:" الانتفاضة تتجدد بغضبها ودياب أمام فرصة أخيرة" وكتبت تقول:" في اليوم الـ90 تماماً لبدء انتفاضة 17 تشرين الاول 2019، كان الحدث الحقيقي أمس في تجدد الانتفاضة بزخم كبير فاق تقريباً الأيام الاولى من انطلاقتها بما اكسب يوم 14 كانون الثاني دلالة كبيرة لجهة ما مثله من محطة مفصلية ثانية في مسار الانتفاضة من جهة والاثر الذي ستتركه هذه الانطلاقة المتجددة على مجمل الواقع المأزوم بل الكارثي في البلاد من جهة أخرى. واذا كانت مظاهر تجدد الانتفاضة الشعبية عمت بيروت ومعظم المناطق تقريباً في انعكاس متجدد للاحوال الشديدة التأزم التي تتراكم اخطارها المالية والاقتصادية والاجتماعية، فان أبرز وأهم ما واكب هذا الحدث الداخلي على المستوى السياسي برز في طغيان الزخم الذي اتخذته التحركات الاحتجاجية على كل التحركات والمواقف السياسية بما فيها الخطاب الذي القاه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمام أعضاء السلك الديبلوماسي والذي، على رغم اعترافه فيه باخفاق محاولاته لاصلاح الوضع الاقتصادي والمالي ومسالة الفساد، بدا واضحاً ان ارتفاع صوت الانتفاضة والتصعيد الواسع الذي باشرته تحت عنوان "أسبوع الغضب" قد حجب الخطاب كما حجب لاحقاً التحركات والمواقف السياسية والحزبية التي تزامنت وتجدد الانتفاضة.
والحال ان التصعيد الواسع الذي طبع تحركات الانتفاضة رسم ملامح اندفاع قوية نحو ارغام السلطة والقوى الداعمة لتكليف حسان دياب تأليف الحكومة الجديدة على اجتراح محاولات جديدة للخروج من مأزق انقلابها على هذا التكليف، خصوصاً بعدما سقطت كل البدائل التي كان تحالف العهد وقوى 8 آذار يبحث عنها لاستبدال دياب برئيس مكلف آخر، وبدا واضحاً ان الدستور لا يلحظ أولاً مخرجاً متاحاً وسهلاً لتصرف مناوئ للاصول كهذا، كما ان أي اسم بديل من دياب ليس متوافراً حالياً وسط معطيات باتت تملكها قوى هذا التحالف من ان رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري اتخذ قراراً استراتيجياً ثابتاً بعدم القبول باي مفاوضات تهدف الى اعادة تكليفه وفق القواعد التي كان رفضها سابقاً. وفي ظل هذه المعطيات التي واكبت عودة الحريري من الخارج كما تزامنت مع مشهد حشود المتظاهرين تجتاح الطرق الرئيسية والساحات وتقيم مخيمات الاعتصامات وتقفل عشرات الطرق الرئيسية والفرعية وتتوعد بمزيد من التصعيد في "أسبوع الغضب"، بدأت قوى التحالف الذي دعم تكليف دياب بالقيام مرغمة بانعطافة سياسية مفاجئة تمثلت في قرار جرى التوافق عليه بين العهد و"التيار الوطني الحر" من جهة والثنائي الشيعي من جهة أخرى، بمنح الرئيس المكلف حسان دياب فرصة جديدة لاستكمال تأليف حكومته، الامر الذي تزامن أيضاً مع اعلان المجموعات التي شاركت في التظاهرة الحاشدة امام منزل دياب انها تمهله 48 ساعة لتشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين والا فعليه الاعتذار، في حين توعدت الانتفاضة بخطوات تصعيدية جديدة بعد هذه المهلة.
ومن هنا تسارعت المشاورات من أجل بلورة مخرج للقوى الداعمة أساساً لتكليف دياب. وحصل لهذه الغاية لقاء طويل بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الخارجية جبران باسيل في عين التينة واستمر نحو ساعتين وثلث ساعة واستبق اجتماع "تكتل لبنان القوي" الذي كان يفترض ان يعلن بعده باسيل موقفاً سلبياً من مسار تكليف دياب. وفي المعلومات ان بري وباسيل تناولا مسار التأليف. وعمل بري على تخفيف اندفاع باسيل. لذلك اطلق وزير الخارجية بعد اجتماع التكتل كلاماً قابلاً للتسييل في الايجابيات والعمل على امكان ترك فرصة جديدة لإنقاذ التأليف الذي وصل الى شفير الهاوية. وتفيد المعلومات ان مخارج يجري العمل عليها وتتطلب المزيد من المتابعة بدءاً من اليوم للخروج من مروحة الانسداد الحالية على خط دياب ومساعدته في تشكيل حكومة ترضي الاطراف. ولم يعلق بري على كل هذا التفاصيل من أجل انضاجها في الشكل المطلوب والمنتج و"عدم حرق هذه الاوراق الجديدة. وان شاء الله خير".
وكان لقاء جمع ايضاً دياب والمعاون السياسي للسيد حسن نصرالله حسين الخليل كان هدفه الاسراع في تشكيل الحكومة والمساعدة في تذليل بعض العقبات. كما جمع لقاء مطوّل دياب ووزير المال علي حسن خليل وكان الجو كان إيجابياً. ونقل عن أوساط الرئيس المكلف ان تشكيلته الوزارية باتت شبه جاهزة ولا ينقصها سوى اسمين أو ثلاثة لانجازها وربما التوجه بها الى قصر بعبدا غداً أو الجمعة اذا سارت الامور كما يجري التحضير لها. وقالت الأوساط ان التشكيلة ستكون من 18 وزيراً لا وزراء حزبيين بينهم ولا وزراء سابقين من حكومة تصريف الاعمال، كما يجري الحديث عن احتمال توسيعها الى 24 وزيراً بناء على رغبة رئيس الجمهورية وعندها يزاد عدد الوزراء الدروز الى اثنين. وقالت إن البيان الوزاري وضع في مسودة اولية ايضا.
وتحت عنوان:" مع السلامة … رياض" كتبت "الأخبار" تقول:" … وعاد المنتفضون إلى الشارع، بقوة. ما كان متوقعاً بسبب الأزمة الاقتصادية والمالية والنقدية الخانقة، كما بسبب غياب الرؤية السياسية للحل، صار واقعاً. المنتفضون الذين انتشروا في الطرقات، أمس، وحاول بعض السياسيين ركوب موجتهم لوضع برنامج أهداف لا صلة له بما يصيب الناس مباشرة، حلّوا أمس ضيوفاً على شارع الحمرا في بيروت، وتحديداً أمام مصرف لبنان، الذي يرون فيه أصل البلاء الحالي الواقع عليهم. سياسات "النظام" التي نفذها حاكمه رياض سلامة، والتي أوصلت معظم السكان إلى حدود الإفلاس، وتُضخّم يوماً بعد آخر عدد الفقراء في لبنان، لم تعد قادرة في زمن الأزمة على إقناع المنتفضين بأنها قادرة على إخراجهم من الواقع الذي وضعتهم فيه. ولأجل ذلك، لا يمكن تنفيذ أي حل لا يكون على رأس بنوده رحيل رياض سلامة، ومحاكمته، ومعه جمعية المصارف، بأعضائها كافةً، وتحرير الاقتصاد والموازنة العامة من هيمنة المصارف والسياسات النقدية. ورغم أن أي فريق سياسي لم يتبنّ بعد خيار إسقاط سلامة، فإن ما جرى أمس في شارع الحمرا يؤشر إلى مزاج عام يمكن أن يتصاعد في الأيام المقبلة. وخشية من ذلك، استخدمت السلطة، أمس، بشخص رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، ووزيرة الداخلية ريا الحسن، العنف المفرط ضد المتظاهرين، وأوقفت منهم نحو 51 شخصاً. كذلك جنّدت السلطة كل جماعتها من منتحلي صفة "ثوار"، من نواب وأصحاب شركات وإعلاميين وتلفزيونات وأعضاء جمعيات "غير حكومية" مموّلة من الغرب وناشطين في ما كان يُعرف سابقاً بـ"مستقلي 14 آذار"، للتفجّع على واجهات بعض المصارف التي تعرّض لها المنتفضون في شارع الحمرا، وتحميل حزب الله مسؤولية المواجهات التي جرت، ما دفع بالحزب إلى نفي أي صلة له بالمنتفضين.
حكومياً، لم تصِل المشاورات التي استؤنفت أمس الى تذليل العقبات القائمة أمام الحكومة على خلفية الصراع على الصلاحيات والحصص والأوزان. لكن تقدماً حصل في الساعات الماضية بعدَ اللقاءات التي عقدت، أولاً بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الخارجية جبران باسيل، كما بين وزير المالية علي حسن خليل والرئيس المكلف حسان دياب. هذا التقدم ينحصِر في إطار "فرملة" اندفاعة باسيل في اتجاه إعلان عدم المشاركة في الحكومة، وهو الموقف الذي كانَ ينوي اعلانه مساء أمس بعدَ اجتماع تكتل "لبنان القوي"، لكن ذلك لم يحصل، نتيجة مشاورات ساعتين ونصف ساعة في عين التينة. وتمّ الإتفاق على معادلة تنص على "الذهاب الى تأليف حكومة بالتشاور مع دياب، إذ لا بديل عنه في المدى المنظور". وقالت مصادر مطلعة أن "عون وباسيل كانا لا يزالان يُصران على استبدال دياب (بالنائب فؤاد مخزومي مثلاً)، لكن الخيارات المطروحة غير مقبولة بالنسبة الى حزب الله والرئيس بّري. وقد أُبلغ باسيل بهذا الأمر، كما جرى التأكيد أنهما لن يذهبا الى المجهول ويدخل البلد في أشهر إضافية من التعطيل لحين الإتفاق على بديل لدياب". وفيما جرى النقاش بإمكانية توسيع الحكومة الى 24 وزيراً، لا يزال دياب عند رأيه بتأليف حكومة من 18 وزيراً، لكن التقدم الذي حُكي عنه سيُترجم في الأيام المقبلة، إذ ستكثّف اللقاءات مع الرئيس المكلف، ومن المفترض أن يبدأ بها الرئيس برّي. علماً ان رئيس المجلس، بحسب مصادر "الأخبار"، كان يمتنع منذ نحو أسبوع عن تحديد موعد لدياب لزيارة عين التينة، تعبيراً عن استيائه من طريقة تعامل الأخير مع تأليف الحكومة، إلا ان موعداً حدّد للقاء بينهما هذا الأسبوع. وبالتزامن مع لقاء عين التينة، أجرى دياب لقاءات أخرى منها مع وزير المال والمعاون السياسي لحزب الله الحاج حسين الخليل اتفق خلالها على التسريع في تشكيل الحكومة.
صحيفة "الجمهورية" عنونت:" استنفار واسع لفريق التكليف لإنجازه خلال 48 ساعة" وكتبت تقول:" فيما تبدو السلطة تنتقل من مأزق الى آخر سياسي واقتصادي ومالي، أظهرت الإتصالات على خط التأليف الحكومي أمس أجواء تميل الى ايجابية محدودة، وشاعت ليلاً معلومات عن تكريس اتفاق على حكومة اختصاصيين تتكوّن من 18 وزيراً، على ان تصدر مراسيمها في الساعات الـ48 المقبلة بعد استكمال الاتصالات في شأنها. وبرز هذا التطور في ظل تصاعد الحراك الشعبي مجدداً طوال يوم أمس في "يوم غضب" تكررت فيه مشهدية إقفال الاوتوسترادات والطرق في بيروت وضواحيها وعدد من المناطق، واتّسعت معها رقعة معاناة الناس على الطرق المقفلة الى جانب المعاناة، بل الاذلال، الذي يتعرضون له يومياً في المصارف والاسواق وكل نواحي حياتهم. فيما استمعت لجنة الاقتصاد النيابية، في جلسة أمس برئاسة النائب نعمت افرام وحضور اعضائها المنتمين الى مختلف القوى السياسية، الى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي قدّم صورة سوداوية عن الوضع الاقتصادي والمالي، مُعدداً أسباب الازمة التي رَدّها الى أمور سياسية محلية واقليمية، لكنه أشار الى انّ احتياطي مصرف لبنان "إيجابي وليس سلبياً".
أكدت مصادر مطلعة على مفاوضات التشكيل الحكومي لـ"الجمهورية" انّ الحرارة عادت الى خطوط التواصل بين المعنيين بهذا الاستحقاق بزَخم كبير، إذ شهدت الساعات الماضية حراكاً كثيفاً أنتجَ تفاهمات بين الرئيس المكلف حسان دياب والافرقاء الاساسيين تنذر بولادة الحكومة خلال 48 ساعة او اكثر بقليل، ويسبقها بعض الاجتماعات التي سيعقدها دياب وأبرزها مع رئيس مجلس النواب نبيه بري والوزير جبران باسيل. واشارت المصادر الى أن لا تغييرات جوهرية طرأت على شكل الحكومة وتوزيع الحقائب والاسماء باستثناء امور تتعلق ببعض "الروتوش"، عازية الفرملة التي أصابت عملية التأليف في الايام السابقة الى "بعض الثرثرات وقلة النضج السياسي التي مارسها البعض".
وفي السياق نفسه علمت "الجمهورية" انّ المعنيين بالاستحقاق الحكومي بدأوا التفتيش عن حلحلة تُفضي الى إنجازه قريباً، حيث انّ الجميع باتوا محشورين في زاوية. في وقت أظهرَ الحراك في جولته هذه المرة انه مَرصوص وتديره غرف خبيرة في مجالات كهذه يساعدها استمرار التدهور في الاوضاع الاقتصادية والمالية. في حين بَدا فريق التكليف الحكومي المَحشور الأكبر لأنه من لون واحد ويفترض ان يشكّل حكومة من لون واحد، ولهذا هو يفتّش عن مخرج لحفظ ماء وجهه.