سياسةمحليات لبنانية
قالت الصحف: مبادرة بكركي نجحت.. لم تنجح
الحوارنيوز – خاص
تباينت صحف اليوم في تقديرها لطبيعة مبادرة بكركي ونتائجها وما إذا كانت قد نجحت في تسويق تسوية لقضيتي التحقيق في جريمتي المرفأ وعين الرمانة – الطيونة.
كيف قرأت صحف اليوم المبادرة وإنعكاسها على الوضع الحكومي؟
-
صحيفة “النهار” عنونت:” تسوية الراعي – بري تسابق التأزم الكبير” وكتبت تقول:” إذا صح الكلام عن حلحلة إيجابية في ملف ما، وسط تفاقم التأزم الداخلي منذراً بتصعيد خطير على وقع تطورات استدعاء رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع للاستماع إلى افادته صباح اليوم في فرع التحقيق في مديرية مخابرات الجيش حول احداث الطيونة وعين الرمانة وقضية المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، فإن الحلحلة الوحيدة سجّلت في تعليق “يوم الغضب” النقابي الذي كان قطاع النقل والاتحاد العمالي العام يزمعان تنفيذه اليوم إلى اشعار اخر. أما ملف المواجهات السياسية – القضائية فظل متوهجاً ومنذراً بتفاقم التوترات لا سيما في موضوع استدعاء جعجع بحيث سجلت الساعات الأربع والعشرون الأخيرة تصاعد الاستنفارات القانونية الاعتراضية والتعبئة الحزبية والسياسية إلى ذروتها قبيل الموعد الذي حدد لحضور جعجع إلى اليرزة، فيما بات من المؤكد انه من غير الوارد ان يحضر جعجع لموانع دفع بها وكلاؤه قانونيا إلى المرجع القضائي المختص. ولكن العامل اللافت والطارئ الذي اخترق مشهد التأزيم تمثل في التحرك العاجل الذي قام به البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي بجولة على الرؤساء الثلاثة بما عكس في ذاته الطابع الاستثنائي لخطورة دوافع هذا التحرك. ومع ان البطريرك تعمد اظهار تفاؤل واسع بالتوصل إلى حل “سياسي دستوري” يخرج الوضع من إختناقاته، لم يتضح تحديداً ما الذي ركز عليه أكثر سواء في موضوع جعجع الذي بدا محورياً في مبادرة الراعي إلى التحرك نحو الرؤساء او في موضوع التحقيق العدلي ومعاودة جلسات مجلس الوزراء، علما ان موضوع جعجع بدا الملف الاشد سخونة في التحرك.
ذلك ان استدعاء جعجع للاستماع إليه أمام مخابرات الجيش اليوم، تقدم إلى واجهة الحدث الداخلي. وإذ بات بحكم المؤكد ألا يلبيّ جعجع الدعوة لاسباب سياسية وقانونية تشوبها، تقدم وكلاؤه بواسطة المحامية إيليان فخري بمذكرة إلى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية فادي عقيقي يظهرون فيها “بالحيثيات القانونية والوقائع الميدانية والمخالفات القانونية الجسيمة أن تبليغ الدكتور جعجع غير قانوني”. كما تقدم وكلاء عدد من الموقوفين بطلب تنحي عقيقي والذي رفض تسجيل طلب التنحي الأمر الذي يعد مخالفا للأصول القانونية مما دفع بوكلاء هؤلاء الموقوفين بطلب رد القاضي أمام محكمة استئناف بيروت التي ستنظر بالطلب خلال الأيام المقبلة.
في غضون ذلك، حمل البطريرك الراعي قضية استدعاء جعجع وجال بها على عين التينة فالسرايا فبعبدا، رافضا الاستنسابية وسياسة الكيل بمكيالين في حوادث الطيونة. واتخذت زيارة الراعي لرئيس مجلس النواب نبيه بري دلالة خاصة اذ أقام الرئيس بري مأدبة غداء على شرفه واتسم اللقاء بدفء وتوافق تام في الآراء حول سبل الخروج من المآزق القائمة بالانطلاق من مخرج عبر مجلس النواب لقضية التحقيق العدلي في انفجار مرفأ بيروت. ويبدو ان الراعي ابلغ إلى بري موافقته على ان يعمد مجلس النواب إلى الادعاء على النواب والوزراء السابقين المدعى عليهم من المحقق العدلي بإحالتهم على المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء فيما يبقى المحقق العدلي في مهمته لملاحقة الاخرين، وهذا أساساً موقف بري. وذكر انه وعد الراعي بإمكان طرحه في جلسة الخميس للمجلس. وهذا الحل يضع البيطار امام احتمال رفضه، والتمسك بصلاحياته، واعتبار ملاحقة النواب من صلاحياته حصراً. كما اثار الراعي مع بري تسييس القضاء في إشارته إلى طلب استدعاء جعجع. وأوضح الراعي ان “لدى الرئيس بري اقتراحات وحلول مهمة وسأعمل مع المراجع عليها لأن الوضع لا يمكنه الاستمرار على النحو نفسه فيما لبنان وشعبه يموتان والمؤسسات تتحلل”. وأضاف: “نريد أن يكون القضاء حراً ومستقلاً لا قضاءً مسيّراً تحت الضغط الحزبي والطائفي”. واكد انه “يستهجن استدعاء جعجع لان هناك أشخاصا تابعين لحزب هو مسؤول عنه“.
-
صحيفة “الجمهورية” نقلت عن مصادر وزارية تابعَت جولة الراعي قولها ان جولة الراعي احيت اقتراحا تقدم به بري لجهة المخرج الذي يمكن اللجوء اليه للتخفيف من حدة ردات الفعل على قرار المحقق العدلي في انفجار المرفأ طارق البيطار، لا سيما منها مذكرتا التوقيف المرجّح ان تصدرا في حق النائبين الحاليين والوزيرين السابقين نهاد المشنوق وغازي زعيتر في حال رفضا المثول أمامه بعد غد الجمعة.
وقالت هذه المصادر ان الصيغة تقضي بأن يستعيد مجلس النواب المبادرة فيشكل لجنة تحقيق برلمانية للتحقيق مع المتهمين المطلوب حضورهم امام البيطار في جلسة الغد. لكن ذلك يحول دونه عقبات يجري البحث عن الآلية التي يمكن اللجوء اليها لتجاوزها بغية تأمين انتقال دستوري وسلس من المهمة القضائية عند محاكمة الرئيس السابق للحكومة حسان دياب والنواب والوزراء الحاليين والسابقين الاخرين الى المحاكمة النيابية. فتشكيل لجنة التحقيق يستدعي تشكيل المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، في وقت يستكمل قاضي التحقيق العدلي مسار تحقيقاته مع المتهمين الإداريين وفي الجمارك وبقية الموقوفين ومَن تشملهم الملاحقة بموجب التحقيق العدلي.
وقالت مصادر بعبدا لـ”الجمهورية” ليلاً، ان عون لمّا اطلع على ما نقله اليه البطريرك الراعي ابدى ارتياحه للتوصل الى الحل الذي يضمنه الدستور ولا يخرج عن العمل في إطار المؤسسات الدستورية، مجدداً رفضه المطلق ان تعتدي أي سلطة على سلطة أخرى.
وقال عون امام زواره امس ان “تداعيات الاحداث الأمنية الأخيرة قد طويت، ولا عودة إلى الحرب الأهلية في لبنان، برغم وجود تعكير دائم للجو العام في البلاد”.
بري
وفي هذه الاثناء نقل زوار عين التينة عن بري ارتياحه الى لقائه مع البطريرك الراعي، مشددا على “أن الحل لأزمة القاضي طارق البيطار تكون بالدستور”، وموضحا انه “كان هناك توافق” بينه وبين البطريرك الماروني حول ذلك.
وفيما بدا ان جولة الراعي على المرجعيات الرئاسية أعطت قوة دفع لمخرج دستوري حظي بموافقة الرؤساء الثلاثة، فإنّ اوساطا سياسية أكدت لـ”الجمهورية” خشيتها من ان تكون التسوية التي تحاك خيوطها ”مجرد حراثة في البحر”، متسائلة عن الموقف الدولي حيال هذا الأمر، ”خصوصاً ان المجتمع الدولي وفي طليعته واشنطن وباريس يدعم القاضي البيطار بقوة، ويعتبر ان التجاوب مع اجراءاته هو معيار اساسي لقياس سلوك الطبقة الحاكمة”.
وفيما ترددت معلومات حول مخرج لقضية القاضي البيطار تم تسويقه بين عين التينة والسراي الحكومي والقصر الجمهوري في خلال جولة البطريرك الراعي على المقار الثلاثة، علمت “الجمهورية” من مصادر قريبة من عين التينة ان “ما تم تداوله غير صحيح وان الرئيس بري عرض للبطريرك الراعي وجهة نظره التي لا تقبل الجدل من ان هناك ازمة دستورية في اداء البيطار، مفنّداً الشوائب القانونية التي علمت “الجمهورية” ان البطريرك الماروني “اقتنع بها وسلّم جدلاً في ان اداء البيطار يختزن خرقاً فاضحاً للقواعد الدستورية فضلاً عن خروقات بالقوانين المرعية الاجراء والمسلك القويم الذي يجب ان يتسم به اداء القاضي”.
-
صحيفة “الاخبار” عنونت:” البطريرك يكسر الجمود السياسي والقضائي: الراعي يقايض البيطار بجعجع” وكتبت تقول:” … بحسب ما رشح من اللقاءات البطريركية، فإن الفكرة المقترحة تتمحور حول مبادرة مجلس النواب إلى تحريك دعوى الحق العام في وجه رؤساء حكومات ووزراء، في جريمة المرفأ، على ان يبقى سائر المدعى عليهم ملاحقين من قبل المحقق المحقق العدلي.
جولة الراعي وتصريحاته أمس فتحت الباب واسعاً أمام الحديث عن تسوية ما يجري طبخها، سواء كمقايضة بين الطيونة والمرفأ، بحسب ما يروّج له مقربون من البطريرك، او لحل معضلة قرارات القاضي البيطار، لإعادة إطلاق العمل الحكومي. في الاولى، يجزم المعنيون بأن المقايضة غير مطروحة، فيما المسألة الثانية تواجهها عقبات شتى:
- أولاً، لا يزال أي حل لأزمة البيطار بحاجة إلى غطاء من رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر. وأداء القضاة المحسوبين على التيار في مجلس القضاء الاعلى يوحي بأن عون والنائب جبران باسيل لن يخوضا في معركة لتنحية البيطار. ويبقى اي تغيير في الموقف رهن تبدل الوقائع السياسية او القضائية.
- ثانياً، تواجِه مبادرة الراعي اعتراضاً على مستوى فريق الادعاء السياسي – الإعلامي المواكب لعمل البيطار، والذي يحظى بدعم غير مسبوق اميركياً وأوروبياً. وحيث يرجح ان تصدر ردود فعل رافضة لهذه التسوية حتى ولو تمت بمباركة بكركي.
- ثالثاً، لا يوجد اي مؤشر يقول بان مجلس القضاء الاعلى في صدد اتخاذ أي إجراء بحق البيطار، إلا في حال طلب وزير العدل، عملاً بمبدأ “توازي الصيغ”، اي الدعوة الى إلغاء تعيين المحقق العدلي واختيار بديل عنه.
- رابعاً، يجزم عارفو البيطار بأنه سيستمر بعمله، من دون أي تغيير، وسيلاحق وزراء ورؤساء حكومات، حتى لو اتخذ مجلس النواب قرار محاكمتهم أمام المجلس الأعلى، ليخلق بذلك تنازعاً “إيجابياً” على الصلاحية. وحتى لو كانت قرارات البيطار، في هذه الحالة، من دون أي نتيجة قانونية أو إجرائية، فإنه سيتصرّف كما لو أن شيئاً لم يكن. وسيكون المحقق العدلي، في اليومين المقبلين، أمام اختبار التعامل مع كل من رئيس الحكومة السابق حسان دياب، ثم الوزيرين السابقين النائبين نهاد المشنوق وغازي زعيتر اللذين سيتقدّمان بمذكرتي دفوع شكلية، علماً بأنه سبق أن رفض طلب وكيل النائب علي حسن خليل المحامي محمد مغربي الاستمهال لتقديم الدفوع.
وقال مصدر سياسي مواكب، ان المناقشات السياسية الجانبية اشارت الى احتمال تسريع القاضي البيطار في اصدار قراره الظني واحالة الملف الى المجلس العدلي، الذي يجري البحث في امكانية ان يقبل بطعن مجلس النواب في اختصاصاته محاكمة الوزراء والنواب، وعندها يكون الفصل من جانب المجلس العدلي نفسه.
-
صحيفة “الانباء” عنونت:” بوادر حل لأزمة الحكومة تقابلها بوادر أزمة دبلوماسية” وكتبت تقول:” لا تكاد تخرج نفحة أمل على اللبنانيين بانتهاء أزمةٍ، حتى تعاجلهم أزمة أخرى من حيث لا يدرون. فبعد جولة مكوكية قام بها البطريرك مار بشارة الراعي على الرؤساء الثلاثة، كاشفاً عن التوصل إلى حل يقضي بإنهاء الأزمة السياسية التي شلّت البلد بسبب ملف تحقيقات انفجار مرفأ بيروت وما تلاها من أحداث في الطيونة، حتى فجّرت تصريحات وزير الإعلام امتعاضاً دبلوماسيا في دول الخليج العربي عكستها أجواء المصادر العربية التي تحدثت عن أزمة دبلوماسية.
وفي حركة البطريرك الراعي تبلورت تسوية أفضت إلى الوصول لاتفاق يقضي بألا يخرج أحد منكسراً بعدما تم رفع السقوف إلى أعلى الحدود ووصل الجميع إلى نقاط اللاعودة. الراعي أعلن عن عودة اجتماعات الحكومة بضوء الحل المذكور، في حين كان رئيس الجمهورية ميشال عون قال إن لا انعقاد للجلسات الحكومية قبل التوصل إلى حل، وبالتالي، فإن جلسات مجلس الوزراء ستكون رهن الحل الوحيد الموجود حالياً والذي يتضمن الاستعانة بمجلس النواب ومجلس محاكمة الرؤساء والوزراء، على أن يبقى المحقق العدلي القاضي طارق البيطار في موقعه، ويحقق مع الجميع باستثناء الوزراء.
هو طرح قديم جديد كان قد تقدم به رئيس مجلس النواب نبيه بري وطالب فيه الوزراء المعنيون بالملف، إلّا أنه اصطدم حينها برفض القاضي طارق البيطار للطرح وإصراره على استدعاء الوزراء الأربعة السابقين، كما وبرفض عدد من الكتل النيابية التي تعتبر أن التوجه نحو مجلس محاكمة الرؤساء والوزراء هو هروب من التحقيق، كما وبرفض أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت الذين يصرون على أن يأخذ التحقيق العدلي مجراه. وعليه لا يُمكن الحديث بعد عن أن حلاً كاملاً قد أُنجز، بانتظار ما سيقرره مجلس النواب لجهة انشاء هيئة اتهامية أو إحالة المعنيين إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وبانتظار مواقف الكتل النيابية، والقاضي البيطار والأهالي.
مصادر حركة أمل علّقت على جولة الراعي، بالإشارة إلى أن “الأمور لا زالت في مرحلة تلمّس أول الطريق، فالمطلوب كخطوة أولى كسر الجليد الحاصل منذ أسبوعين، إذ إن الاتصالات كانت معطلة، ولم يكن هناك أي بوادر حل أو نوافذ أفق، والحراك الحالي قد يتمكن من إزالة بعض الجليد الذي تكوّن بين مختلف الأطراف“.
وقالت المصادر لجريدة “الأنباء” الالكترونية إن “ما من حل يحظى بإجماع، ولكن هناك حل يمثل الحد الأدنى من اعتبارات كل طرف، ونتمنى أن يكون الحل سريع “مبارح قبل اليوم”، ومن المؤكّد أن أحداً لا يعترض على الحل الذي يحمي البلد ويحفظ كرامات الناس ويمنع الانزلاق نحو المخاطر“.