قالت الصحف: ما بعد صراع المصارف – غادة عون؟
الحوارنيوز – خاص
مع تدخل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مباشرة بالإجراءات التي تتخذها القاضية غادة عون بحق عدد من المصارف، تتخذ هذه المواجهة ابعادا جديدة ،ويتكشف من خلف ذلك حقيقة الصراع بين القضاء والمصارف.
ماذا في تفاصيل الصحف لهذه الناحية؟
- صحيفة النهار عنونت: المواجهة تتفجر قضائياً بين ميقاتي والتيار العوني
وكتبت تقول: لم يكن غريبا ان تتصاعد تداعيات الاشتباك المصرفي – القضائي الى ما يتجاوز الشلل المصرفي المستمر مع اضراب المصارف، فيفجر البارحة فصولا غير مسبوقة في تاريخ التشابك والتعقيدات بين السلطتين التنفيذية والقضائية وما بينهما القطاع المصرفي. ذلك ان الخطوة التي أقدم عليها رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي بالطلب من القوى الأمنية الامتناع عن تنفيذ المذكرات والإجراءات التي تصدرها وتطلبها النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون، اكتسبت طابعا استثنائيا لجهة تفجير مفاجأة في اقدام رئيس للحكومة على خطوة كهذه يفترض انها مناطة بالجهات القضائية العليا، ولا سيما منها النيابة العامة التمييزية، لمنع تفجر تداعيات “الرعونة القضائية” المفرطة من التسبب بمزيد من النتائج الكارثية. هذه الخطوة اثارت لغطا واسعا لجهة ما اوحته من تداخل في الصلاحيات التنفيذية والقضائية ولكنها كشفت حقيقيتين لم يعد ممكنا التستر عليهما: الأولى ان التزام الجهات القضائية العليا والمعنية حصرا واساسا باحتواء “تمرد” القاضية عون على الانتظام القضائي واصوله، التفرج، وعدم مبادرة النيابة العامة التمييزية والتفتيش القضائي الى معالجة الازمة في فصولها الأخيرة، اخرج الازمة العاصفة من الضوابط وجعلها تتفلت على نحو خطير في اتجاهات عدة علما ان هذا الامر اثبت تكرارا مدى انصياع جهات قضائية للفريق العوني. والثانية ان الانجراف الذي طبع مضي القاضية عون في حربها المفرطة في الرعونة على المصارف أدى الى عكس كل المزاعم التي رمتها لتبرير التداعيات الخطيرة الناشئة عنها والتي لن توفر إعادة دولار واحد لأي مودع في ظل التفجر الحاصل. هذه التداعيات توجها اقدام الرئيس ميقاتي أمس على خطوته التي قيل انها كانت نتيجة حتمية لاستدراج القاضية عون لهذه السابقة التي اثارت جدلا قانونيا حول مدى طبيعتها او امكان تجاوزها لحدود السلطة، ولكن المعنيين أبرزوا المعطيات القانونية التي تسوغ لميقاتي هذه الإجراءات وكشفوا انه سيدعي على غادة عون.
وفي المقلب السياسي يمكن القول ان اشتعال اعنف السجالات بين ميقاتي و”التيار الوطني الحر” نتيجة لإجراءات القاضية عون من جهة، والهجوم الحاد الذي كان ميقاتي شنه في حديثه التلفزيوني ليل الثلثاء على رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل من جهة ثانية، أديا واقعيا الى انكشاف التدخل والغطاء السياسي اللذين يظللان القاضية غادة عون انكشافا تاما بما يسم إجراءاتها تكرارا بسمة الشكوك المتعاظمة حولها. بذلك يتضح ان المواجهة القضائية – المصرفية باتت اشبه بعاصفة سياسية ضخمة وسط استحالة فصل التدخلات السياسية فيها عن الطابعين المصرفي والقضائي بحيث تزداد تداعياتها وافاقها قتامة.
كتاب ميقاتي
إذا، وغداة اعلان الرئيس ميقاتي سعيه الى انهاء ازمة المصارف في غضون 48 ساعة، عمد امس الى توجيه كتاب الى وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي طلب فيه “عدم تأمين المؤازرة أو تنفيذ اي اشارة او قرار يصدر عن القاضية غادة عون في اي ملف يثبت انه قد جرى تقديم طلب مداعاة الدولة بشأن المسؤولية الناجمة عن اعمال عون، وذلك الى حين بت المرجع القضائي بهذا الطلب”. وإستناداً الى كتاب ميقاتي الذي طلب فيه “إتخاذ ما يلزم من تدابير وإجراءات تجيزها القوانين والأنظمة المرعية الإجراء في سبيل تطبيق أحكام القانون ولمنع تجاوزه والمحافظة على حسن سير العدالة”، وبهدف منع تجاوزات القاضية عون للقانون أصدر مولوي كتاباً وجهه الى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي والى المديرية العامة للأمن العام، وطلب “ضرورة التقيد بكتاب رئيس مجلس الوزراء المذكور آنفاً.”
على الاثر، ردت القاضية غادة عون بتغريدة طالبت فيها “السلطات الدولية في البرلمان الأوروبي للمساعدة في الدفاع عن سيادة القانون”، مشيرة الى ان “رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يتدخل بشكل فاضح في العدالة من أجل وقف التحقيقات التي أجريها في قضية المصارف وتبييض الأموال، من خلال مطالبة وزير الداخلية بسام مولوي بعدم تنفيذ أوامر مدعي عام جبل لبنان”.
- صحيفة الأخبار عنونت: ميقاتي يأتمر بصفير: ممنوع ملاحقة المصارف
وكتبت تقول: بدل وضع حد لتمرّد المصارف ومساءلتها حول إقفالها في وجه المودعين والموظفين خلافاً للقانون، قرر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وضع حد للقاضية غادة عون التي تلاحق المصارف على مخالفاتها. وفي تدخل واضح في عمل القضاء يطيح بمبدأ فصل السلطات، طلب ميقاتي من السلطات القضائية ممثلة بوزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى وهيئة التفتيش القضائي والنيابة العامة التمييزية اتخاذ الإجراءات اللازمة «التي يجيزها القانون والأنظمة المرعية الإجراء في سبيل تطبيق أحكام القانون ومنع تجاوزه وحسن سير العدالة». كتاب ميقاتي الذي حوله أيضاً إلى جهاز أمن الدولة، وهو الوحيد المؤازر لقرارات القاضية عون، أتى عقب تلقيه كتابين من مصرفين يطلبان فيه من رأس السلطة التنفيذية الإيعاز للضابطة العدلية بكافة فروعها بعدم تنفيذ القرارات الصادرة عنها في ملف التحقيق بتهريب المصارف 9 مليارات دولار بعد 17 تشرين الأول 2019. وهنا ثمة شقان لما حصل: الأول أن المصرفين يطلبان من رئيس الحكومة التدخل في عمل الضابطة العدلية لوقف التحقيق حول تهريبهما ودائع المودعين رغم إقفال المصارف. والثاني أن ميقاتي الذي يفترض أن يحث القضاء على القيام بواجباته، نفذ أوامر المصارف بوقف عمل القضاء في أحد أهم الملفات التي أدت إلى تسارع الانهيار. فيما لم يحرك ساكناً منذ أسبوعين لمساءلة المصارف حول إقفال أبوابها من دون وجه حق والإضرار بالمودعين والتلاعب بسعر الصرف، معلناً جهاراً أنه عضو في منظومة المصارف غير القابلة للمس والتي أسماها في كتابه بأنها «أحد مقومات الاقتصاد الوطني».
لم يطل جواب وزير الداخلية بسام مولوي كثيراً. على الأثر طلب من المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي والمديرية العامة للأمن العام التقيّد بمضمون ما جاء في كتاب ميقاتي وعدم تأمين المؤازرة أو تنفيذ أي إشارة أو قرار يصدر عن عون في أي ملف يثبت أنه قد جرى تقديم طلب مداعاة الدولة. رد القاضي مولوي عزز كتاب ميقاتي بضرب عمل القضاء وكل قاض يتجرأ على الوقوف في وجه المصارف. علماً أن البطريرك بشارة الراعي، أيضاً، أجرى اتصالات بكل من رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود وميقاتي للضغط عليهما لاتخاذ قرار واضح بكف يد عون التي أصدرت أمس قراراً بختم «سيرفر» بنك بيروت في منطقة المنصورية بالشمع الأحمر «كي لا يتم التلاعب بالداتا داخله، في انتظار عودة رئيس مجلس إدارة البنك سليم صفير من الخارج»، قبل أن يتبين أن الـ«سيرفر» موجود في مقر الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية!
قرار عون أثار جنون رئيس جمعية المصارف الذي حاول في الأيام الماضية التصعيد والتهديد من دون أن يتمكن من وقف التحقيق. فقرر العبور من النافذة الأسهل، نافذة ميقاتي، علماً أن ما تفعله عون ليس سوى تطبيق لقانون السرية المصرفية الذي أقر تعديلاته مجلس النواب بحضور رئيس الحكومة والوزراء. وعلمت «الأخبار» أن الختم بالشمع الأحمر كان أساساً أحد اقتراحات وكيل صفير، المحامي أكرم عازوري على عون. إذ عند طلبه استمهال الرد على طلبها يومين، عارضت القاضية خشية التلاعب بالداتا، فطرح عليها الاقتراح لطمأنتها! يبقى أن السؤال هنا: هل يخضع جهاز أمن الدولة لأوامر ميقاتي كونه تابعاً لرئاسة الحكومة وليس لوزارة الداخلية، وسط الحديث عن خلاف حاد بين اللواء طوني صليبا وعون وقطع الأول وعداً للبطريرك بعدم التجاوب مع مطالبها.
عون ناشدت السلطات الدولية في البرلمان الأوروبي المساعدة في الدفاع عن سيادة القانون، مشيرة إلى أن «رئيس الحكومة يتدخل بشكل فاضح في العدالة لوقف التحقيقات التي أجريها في قضية البنوك وتبييض الأموال». فيما استنكر المجلس السياسي للتيّار الوطنيّ الحرّ استغلال ميقاتي «فترة الفراغ للإمعان في ضرب الشراكة والميثاق وهو يتصرّف كأن المنظومة الدستورية للحكم مكتملة في غياب رئيس الجمهورية وفي ظل حكومة تصريف أعمال»، واعتبر رسالته إلى مولوي «ضربة قاضية للقضاء وفي إطار تخوف ميقاتي من أن تطاوله التحقيقات».
- صحيفة الأنباء عنونت: بكركي تستطلع رئاسياً.. والعين على اجراءات “المركزي” بعد فكّ اضراب المصارف
وكتبت تقول: في ظل الجمود السياسي واستمرار القلق من تفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية، برزت المساعي التي أعلن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أنه يقوم بها لمعالجة الأزمة القائمة. وكان جلياً تشديد ميقاتي على انهاء الشغور الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية وتهيئة الاجواء للذهاب الى صندوق النقد الدولي لمساعدة لبنان ووقف الانهيار، علماً أنَ هذه الجهود تتلاقى والحراك السياسي الذي يقوم به رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط منذ مدة بانفتاحه على القوى السياسية كافة من أجل الحوار والتوافق لاختيار رئيس للجمهورية لا يشكل تحدياً لأحد.
وفي المقابل، كشفت أوساط بكركي في اتصال مع “الأنباء” الالكترونية ان البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وعقبَ اجتماع مجلس المطارنة الموارنة كلّف راعي ابرشية انطلياس المارونية المطران انطوان بو نجم للتواصل مع القيادات المارونية لاستمزاج رأيهم حول كيفية الخروج من المأزق الرئاسي، وان بو نجم قامَ بسلسلة لقاءات تشاورية مع كلاً من رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل والنائب ميشال معوّض بانتظار ان يلتقي رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ورئيس حزب الوطنيين الاحرار كميل شمعون.
وفي السياق، رأت اوساط بكركي ان المواقف التي خلص اليها بو نجم ما تزال متباعدة، خاصةً مع التباين الحاصل، إذ إن جعجع يشدّد على أن تأخذ اللعبة الديمقراطية مداها، بينما يشترط باسيل مواصفات الرئيس المقبل ويعطيها الأولوية على حساب اللعبة الديمقراطية، مع قطع الطريق على منافسيه وأبرزهم فرنجية وقائد الجيش جوزف عون، وتمسكه بهذا الشرط قد يعقّد الأمور بدلاً من حلّها.
وعلى صعيد الوضع الإقتصادي واستمرار إضراب المصارف، وما انتشرَ من أخبار عن امكانية انهائه في مدّة لا تتجاوز الـ 48 ساعة، أشار الخبير المالي والاقتصادي الدكتور جاسم عجاقة الى أن اضراب المصارف أصبحَ بحكم المنتهي بعد البيان الصادر عن رئيس الحكومة الى المصارف بضرورة عدم تنفيذ القرارات التي تصدر عن القاضية غادة عون وهو ما يمكن وصفه بربط النزاع، بغض النظر عن قانونية تصرّف القاضية عون وكلام ميقاتي عن كف يدها، إذ إن هذا الامر يتطلب قراراً من محكمة الاستئناف لتحديد قانونيته.
عجاقة وفي حديث مع “الانباء” الالكترونية رأى أنَّ مسألة الاضراب قد حُلّت بالشكل، أمّا في المضمون فيجب النظر الى مضمون الرسالة الموجهة من وزير الداخلية بسام مولوي الى جهازَي الأمن العام وقوى الامن الداخلي وعدم الاشارة الى أمن الدولة باعتبار أنَّ هذا الجهاز تابع لمجلس الدفاع الاعلى ولرئيس الجمهورية، وهو ما قد يدفع باسيل لتسجيل اعتراضٍ حول هذه النقطة، على اعتبار ان مخاطبة أمن الدولة تتطلب أن تكون الحكومة مجتمعة.
وإذ أكّد عجاقة انتهاء اضراب المصارف بنسبة 95%، اعتبرَ أنَّ قدرة المصرف المركزي ضئيلة من حيث تنفيذ سياساته المالية التي تريح الناس، وذلك لأنَّ المصارف بالنسبة اليه هي اداة التنفيذ، لافتاً الى تمديد مصرف لبنان للتعميم رقم161 بما يعزّز الاعتقاد أن المصارف ستبدأ بتنفيذه والاعتماد على المصرف المركزي باتخاذ القرارات للجم تدهور الوضع لكن عامل الثقة بالمصارف هو الكفيل باعادة ضخ الدولارات اليها.
ولفتَ عجاقة الى ثلاثة أمور قد تساعد على حل الأزمة، عبر إشارة سياسية تعيدنا الى التفاوض مع صندوق النقد الدولي، أو كلام وزير المال يوسف خليل المتعلق بدفع 75 % من الضرائب نقداً و25% شيكات مصرفية، معتبراً أنَّ المهم ان تبدأ وزارة المال بتطبيق هذا القرار على ان يكون الدفع نقداً وبنسبة مئة في المئة، وأخيراً، توّقف تطبيقات تحديد سعر الدولار، خصوصاً بعد توقيف الصرافين غير الشرعيين، إمّا بواسطة وزارة الاتصالات او بواسطة الملاحقات القضائية وذلك للحدّ من عمل هذه التطبيقات وتحديد المصادر التي تحدّد سعر الدولار الموجودة خارج لبنان، لأن سعره يجب ان يتلاءم مع سعر منصة صيرفة، بالإضافة إلى العمل على لجم التجار الذين يهربون الدولار والسلع الاستهلاكية الى الخارج المحروقات والدواء وما شابها وطريقة قبض ثمنها، متسائلاً ما إذا كان يتم استلامها باليد او بواسطة عملاء معينين يحضرون شخصياً، أم أنها تتحول الى حسابات في دول اخرى، فضلاً عن التجار الذين يقومون بتهريب الكاش دولار من السوق اللبناني الى الخارج من دون استيراد بضائع بقيمتها.
اما في موضوع اقفال الحدود، لفت عجاقة الى استحالة تنفيذ هذا الأمر لانه يتطلب قراراً سياسياً، مؤكداً أنَّ ملاحقة التجار تبقى من مسؤولية الحكومة والجيش والاجهزة الامنية.
وختاماً، اشارَ عجاقة الى ما تناقلته بعض وسائل الاعلام مساء امس ومفاده ان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وعد بأنه وبعد تعليق اضراب المصارف بساعات قليلة سوف يقوم بإصدار تعاميم باتت جاهزة وتحتاج الى التوقيع والاعلان عنها للجم الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار في السوق السوداء خصوصاً وان مصرف لبنان بات قادراً على التحكم بالسوق بعد توقيف المضاربين والصرافين غير الشرعيين.
وعليه، باتَ التشتت متفشياً على المستويات كافة، في ظلّ تمدّد الفراغ في الدولة وخشية اللّبنانيين من تدهور الأوضاع أكثر، بانتظار ما ستؤول إليه اللقاءات والمبادرات على المستوى السياسي للحدّ من الإنهيار ومنع حدوث الأسوأ.