من هنا نبدأ

سوريالية لبنانية أقرب إلى الجنون (حسن علوش)

 

حسن علوش – الحوارنيوز – خاص

 

بإستثناء حركة حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري بإتجاه المؤسسات المالية الدولية وبعض الدول العربية كالسعودية، المترافقة مع سلسلة إجراءات مصرفية توحي بالجدية والثقة، فإن المشهد اللبناني سوريالي معطوف على جنونٍ مألوفٍ في لبنان.

يأخذ هذا الجنون طابع المغامرات الإنتحارية ،ولو أدى ذلك إلى الإحتراب الأهلي مرة، ويأخذ طابع الإشتباك غير المعلن والذي تذهب ضحيته المؤسسات الدستورية مرة أخرى، قبل أن يستفيق المغامرون من جنون رهاناتهم ويفكّون أسر الوطن العجوز!

لا نص ولا عرف يتقدم على النص الدستوري. في الحالات الطبيعية هذا الأمر طبيعي. أما في الظروف الإستثنائية فعلى اللاعبين أن يلجأوا الى اجتراح حلول استثنائية. لا مفر من حوار إيجابي تتقدم فيه الحلول على ألا يكون على حساب الدستور والقيم الأساسية اللبنانية.

لنعترف جميعاً، أن النظام القائم على ديمقراطية – طائفية – توافقية مركبة إحتاج سابقاً إلى مايسترو ناظم لخلافات الأحزاب وطوائفها… وبعد أن خرج المايسترو السوري من لبنان وفشل الإنقلاب السياسي للإتيان بمايسترو إقليمي أو دولي، عادت الطوائف الى مربعاتها والهواجس والهواجس المضادة، وصارت الطوائف أشبه بفرقة موسيقية يعزف كل عضو فيها على موال ونوتات مختلفة عن زميله الآخر.

وما زاد الأزمة عمقاً وخطورة، أن البعض لم يتعلم من تجاربنا السابقة، وأن لبنان بلد الحوار ولا شيء غير الحوار، طالما أن نظامه السياسي قائم على التعايش الطائفي.

من يرفض الحوار ولا يريد تطبيق النص الدستوري ووثيقة الوفاق الوطني وبنودها الإصلاحية هو هو. محترف مغامرات ورهانات خارجية.

لو كنا في وطن سوي لوجب تطبيق الدستور دون مواربة… هل نحن في بلد سوي؟

شكرا لصوت العقل الآتي من الصرح البطريركي، عسى أن يؤسس ذلك إلى مرحلة تفتح فيها أفق الحل اللبناني اللبناني.

وشكرا لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي تيمور جنبلاط الذي كتب أمس عبر صفحته على احد مواقع التواصل الاجتماعي: “طالما أن الأفق السياسي مقفل ولا حلول، وطالما أن أي خيار صدامي سيأخذنا إلى مآس جديدة، وبعدها سنعود إلى الحوار الذي لا بديل عنه، الأفضل إذا وقف تضييع الوقت وتراكم المآسي، وأن نذهب إلى حوار جاد للخروج من الأزمة”. وأضاف: “تحية للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على موقفه الحكيم، معه نؤكد الحوار والمصالحة”.

ويشار في هذا السياق الى ان الاستعدادات جارية لقيام البطريرك الراعي بزيارة لمنطقة الشوف في الثامن من أيلول لتأكيد المصالحة التاريخية.

أما باقي المشهد فسوريالية أقرب الى الجنون: مع الحوار وضده. مع الوحدة الوطنية وضدها. مع البطريرك وضده. مع فرنسا وضدها. مع السعودية وضدها.

أي لعب بنار البلاد وهي تحترق؟

سفراء يجولون ويصولون بين أركان النظام السياسين والروحيين، بعضهم صريح وبعضهم ما يزال يستخدم لغة غامضة لا توحي بقرب إنتهاء الأزمة المستعصية!

الرهان على العقلاء وأهل الحكمة في تجاوز هذه المحنة، أما الحل النهائي كان وما يزال الدولة المدنية، دولة المواطنة، فهل سنقترب منها ذات يوم؟

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى